لم يكن عبدالمولى إبراهيم تجاوز العام السادس عشر من عمره عندما تسلل إليه إحساس بأن حياته انتهت، وكانت سيارته تجتاز نقطة تفتيش في شمالي سوريا عندما اخترقت رصاصة طائشة ساقه اليسرى وكسرت عظامها، واضطر الأطباء لبترها من فوق الركبة، وكانت أسرته معه بنفس السيارة.
حياة جديدة رغم الألم: قال إبراهيم، الذي أصبح الآن شاباً في الرابعة والعشرين، إنه أحسّ في تلك اللحظة بأنه "كرهان حالي وحياتي"، لكن نظرته للحياة تغيرت بعد تركيب ساق صناعية له.
كان ذلك التطور مصدر إلهام للشاب، الذي يعيش في مدينة الباب قرب حلب، للحصول على شهادة أخصائي علاج طبيعي متخصص في الأطراف الصناعية.
يعمل إبراهيم الآن في مركز الباب للأطراف الصناعية، الذي تموله جمعية (يد في يد من أجل المساعدة والتنمية)، وهي جمعية خيرية مسجلة في المملكة المتحدة، وتقدم المساعدات الطبية في جميع أنحاء سوريا.
نموذج للنجاح: يصمم إبراهيم الأطراف الصناعية ويطورها، معتمداً على رصيد تجربته الخاصة، ويقدم العلاج الطبيعي ويجري الحوارات والأحاديث بهدف تشجيع مبتوري الأطراف الآخرين الذين يزورون المركز.
قال "صار لي سبع سنين بشتغل بهاد المجال، قدرت إني أخدم عدد كتير كبير من الناس، من خلال تجربتي، من خلال خبرتي بهاد المجال كمصاب وكمعالج لهذا الأمر. الحمد لله كان كتير في حالات تجاوب معي بسبب إنه أنا مريت بالحالات والصعوبات اللي مروا فيها الأشخاص اللي متلي".
قال إبراهيم، الذي تزوج مؤخراً، إنه يحلم الآن بمواصلة تعليمه في الخارج لاكتساب المزيد من المعرفة لمساعدة مبتوري الأطراف الآخرين.
عشرات الآلاف فقدوا أطرافهم: قال عبدالرحيم خلوف، رئيس مركز الباب، إن عشرات الآلاف فقدوا أطرافهم في شمالي البلاد، بسبب الحرب متعددة الأطراف المستمرة منذ تسع سنوات.
يشير تقرير نشره صندوق الطوارئ الدولي للطفولة التابع للأمم المتحدة في عام 2018، إلى أن أكثر من 1.5 مليون سوري يعيشون الآن بإعاقات دائمة، سببها الصراع، بما في ذلك 86 ألفاً فقدوا أطرافهم.
يضيف التقرير أن هناك كثيرين يتألمون لعجزهم عن الحصول على الرعاية الطبية أو الدعم النفسي، ويتعرض كثيرون منهم للإقصاء من مجتمعاتهم.