انفجاراتٌ نووية وتلوثٌ إشعاعي وجبالٌ من النفايات، ثم هدوءٌ وتحسنٌ للبيئة.. هذا ما سيحدث لو انقرض البشر

عندما توقفت عجلة الحياة عن الدوران منذ فترة وجيزة بسبب تفشي فيروس كورونا في العالم، اضطر الناس للبقاء في منازلهم، فتوقفت المعامل، وأغلقت المتاجر، وباتت المدن وكأنها مهجورة، فكان ذلك كفيلاً بتشجيع الحيوانات في العودة إلى بيئتنا الحضرية التي أصبحت هادئة وكذلك انغلق أكبر ثقب أوزون فوق القطب الشمالي.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/08/18 الساعة 14:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/18 الساعة 14:49 بتوقيت غرينتش
iStock/ ماذا لو انقرض البشر من الأرض؟

عندما توقفت عجلة الحياة عن الدوران منذ فترة وجيزة بسبب تفشي فيروس كورونا في العالم، اضطر الناس للبقاء في منازلهم، فتوقفت المعامل، وأغلقت المتاجر، وباتت المدن وكأنها مهجورة، فكان ذلك كفيلاً بتشجيع الحيوانات في العودة إلى بيئتنا الحضرية التي أصبحت هادئة وكذلك انغلق أكبر ثقب أوزون فوق القطب الشمالي.

كل ذلك حدث بسبب تواري البشر عن الأنظار لفترة قصيرة، فماذا لو انقرض البشر تماماً، ما الذي سيحدث لكوكب الأرض؟

ماذا لو انقرض البشر من الأرض؟

بداية فإن تخيّل الحياة بدون العمال الذين يشغِّلون المضخات التي تصرف مياه الأمطار والمياه الجوفية المتزايدة، سوف تغرق مدناً عملاقة مثل لندن ونيويورك في غضون ساعات بعد اختفائنا، وذلك بحسب ما قاله المؤلف والصحفي الأمريكي آلان فايسمان لموقع Live Science الأمريكي.

وأضاف أنّ الأمر لن يستغرق أكثر من 36 ساعة حتى تُغمر ممرات مترو الأنفاق بشكل كامل.

ومع غياب الإشراف البشري سوف تستمر الأعطاب في مصافي النفط والمنشآت النووية دون وجود من يتصدى لها، وهو ما قد يؤدي إلى اندلاع حرائق هائلة، وتفجيرات نووية، كما سيكون هناك تدفق إشعاعي إذا اختفينا فجأة.

وعلى نحو مماثل، سوف يترك زوالنا جبالاً من النفايات البلاستيكية التي من المرجح أن تدوم لآلاف السنوات، مع ما قد يترتب على ذلك من تأثيرات على الحياة البرية التي لم نبدأ في إدراكها سوى الآن.

ومن ناحية أخرى، سوف تتحلل النفايات النفطية التي تنسكب أو تتسرب إلى الأرض في المواقع والمصانع الصناعية ثم تعيد الميكروبات والنباتات استخدامها، وهي عملية قد تستغرق عقوداً من الزمان.

وبعض هذه الملوثات العضوية الثابتة قد تظل موجودة حتى نهاية الزمان على كوكب الأرض.

iStock/ سوف تغرق مدناً عملاقة مثل لندن ونيويورك في غضون ساعات بعد اختفائنا
iStock/ سوف تغرق مدناً عملاقة مثل لندن ونيويورك في غضون ساعات بعد اختفائنا

تحول الشوارع إلى أنهار جارية!

كما أن المياه الجارية تحت الأرض في المدن يمكن أن تؤدي إلى تآكل الهياكل المعدنية التي تثبّت الشوارع فوق شبكات النقل تحت الأرض وقد تنهار طرق كاملة، فتتحول فجأة إلى أنهار في وسط المدينة.

على مدار فصول الشتاء المتتالية، وبدون وجود أشخاص يزيلون الجليد بانتظام، سوف تتصدع الأرصفة، مما يوفر بيئات جديدة للبذور لترسخ جذورها -تأتي مع الرياح أو في براز الطيور التي تحلق فوق الأرض- وتنمو إلى أشجار فوق الأرصفة والطرق.

وسوف يحدث الشيء ذاته للجسور، إذ إنه بدون وجود أشخاص يقتلعون الشجيرات الضارة التي تضرب بجذورها بين مسامير الصلب، مصحوبة بحالة التدهور العام، قد يؤدي هذا إلى تفكيك هذه المنشآت في غضون بضع مئات من الأعوام.

كما أنّ المباني سوف تتحلل نظراً لتعرضها لأضرار مستمرة بفعل التآكل، وأول ما يسقط سوف يكون الزجاج العصري الذي سيتهشم والهياكل المعدنية العصرية التي سوف تصدأ.

أمّا المباني التي ستدوم لفترة أطول هي المباني التي صنعت من الأرض نفسها، مثل المباني الحجرية.

ماذا عن الحيوانات المعرضة للانقراض؟

نعلم جميعاً أنّ الحيوانات الضخمة -مثل الأسود والأفيال والنمور والدببة- هي من الأنواع المعرضة للانقراض بسبب الانتشار الكبير والسريع للبشر في الكوكب، الذين يصطادونها ويهجرونها من أماكن سكنها.

لذلك فإن انقراض البشر سيعيد هذا التنوع بالنسبة للحيوانات ولكن ليس سريعاً إذ سيحتاج الأمر ملايين الأعوام قبل أن يتعافى كوكب الأرض من حالات الانقراض التي حدثت في الماضي.

ووفقاً لأستاذ علم البيئة الكلي والجغرافيا الحيوية بجامعة آرهوس في الدنمارك، فإن الأمر قد يستغرق "ما بين 3 إلى 7 ملايين عام أو أكثر للعودة إلى خط الأساس قبل الانقراض".

iStock/ الحيوانات المعرضة للانقراض
iStock/ الحيوانات المعرضة للانقراض

التحديات التي ستواجه الطبيعة

قد ينعم الكوكب في النهاية بخصوبة وتنوع أكبر، ولكننا لا يمكننا استبعاد التأثيرات المترتبة على تغير المناخ، والتي نستطيع القول إنها أكثر التأثيرات التي تخلفها البشرية ولا يمكن محوها على كوكب الأرض.

على سبيل المثال، إذا حدثت انفجارات في منشآت صناعية، أو استمرت آبار النفط أو الغاز في الاحتراق لفترة طويلة بعد انقراض البشر، سيستمر إطلاق كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون الحابس للحرارة في الغلاف الجوي.

لا يظل ثاني أكسيد الكربون معلقاً في الغلاف الجوي إلى الأبد؛ إذ تؤدي محيطاتنا دوراً أساسياً في امتصاص كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

لكن لا تزال هناك حدود لمقدار ما يمكن للمحيط تحمله دون أن تصبح مياهه حمضية إلى مستويات غير صحية، وقد يكون هذا على حساب الآلاف من الأنواع البحرية. هناك أيضاً حد أقصى لمقدار ما يمكن للبحر امتصاصه فعلياً، بمعنى أنه ليس مجرد بالوعة الكربون التي لا قاع لها كما يُعتقد غالباً.

وكما هو الحال، سوف تستغرق المستويات الحالية من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بالفعل آلاف السنوات قبل أن تزول بالكامل عن الغلاف الجوي.

وإذا بلغ البحر الحد الأقصى وما زالت المزيد من الغازات الدفيئة معلقة في الغلاف الجوي، سوف يؤدي الاحتباس الحراري المستمر الناتج عن ذلك إلى المزيد من ذوبان الغطاء الجليدي القطبي، وإطلاق المزيد من الغازات الدفيئة نتيجةً لتليين التربة الصقيعية.

كل هذا يعني أنه يمكننا أن نفترض بثقة أن تأثيرات تغير المناخ سوف تستمر لفترة طويلة بعد اختفائنا.

iStock/ التحديات التي ستواجه الطبيعة
iStock/ التحديات التي ستواجه الطبيعة

الخلاصة

ما هو المغزى من تفكيرنا في كوكب الأرض بعد انقراضنا؟ حقيقة فإن السبب الأول هو أن نتأكد بأن الكوكب سيكون على ما يرام وهو خال من البشر، والسبب الثاني وهو الأهم فإن إلقاء نظرة على المستقبل سيجعلنا أكثر إدراكاً لسلوكياتنا في محاولة للحفاظ على مكاننا على كوكب الأرض أيضاً.

تحميل المزيد