فيديو

كُل كلَّ ما يليك! واترك بالطاولة “طبق نظيف”.. رئيس الصين يتدخل في موائد مواطنيه!

تم النشر: 2020/10/21 الساعة 14:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/11/03 الساعة 09:03 بتوقيت غرينتش

كُل كلَّ ما يليك!

واترك المائدة بـ”طبق نظيف”

حملة صينية للرئيس شي جين بينغ لتجنّب هدر الطعام

بدأها ببيت شعر من عهد أسرة تانغ يناشد الناس “أن يعرفوا أن كل حبة في طبق الطعام تأتي من عمل الفلاحين”

والصين أمة طالما عانت المجاعات

فتعلم أبناؤها أكل الحشرات والقوارض وكل شيء يمشي أو يدبّ أو يزحف على سطح الأرض

وهي أمة تريد الآن إنتاج كل طعامها وشرابها وتحقيق أمنها الغذائي الكامل

الأجهزة الإعلامية الضخمة التي تديرها الدولة بدأت بالتحرك لتطبيق رؤية الرئيس

فالبلاد تضم حوالي 20% من سكان العالم، ولكنها لا تملك سوى 10% من الأراضي القابلة للزراعة، وأقل من 6% من موارد المياه العذبة

والبلاد تستورد زيتاً ولحوماً وحبوباً والعديد من السلع الغذائية الأخرى.. بالرغم من أنها تعمل منذ 1996 على تحقيق الاكتفاء الذاتي.. غير أن الأمور تدهورت مع الكوارث الطبيعية

والآن يأتي “تشي” ليعيد تأكيد الهدف.. 

فما الذي يخشاه؟

لأن للصين تاريخاً طويلاً مع المجاعات

يقول عالم الأنثروبولوجيا والكاتب الأمريكي براين بالمر: إن الصين عانت من مجاعةٍ واحدة تقريباً بشكلٍ سنويّ على مدى الألفي عام الماضية

بسبب كثرة الفيضانات والزلازل أو الأوبئة أو بسبب سوء تقدير الحكومات

ومات ملايين البشر وتبدّلت سلالات الحكم

وانتقلت الأمراض من الصين إلى قارات العالم

عبر سلسلة طويلة من الجوع

يؤرخ لها منذ مجاعة ثورة هوانغ تشاو 875 – 884

حتى مجاعة الصين الكبرى ما بين عامي 1958 و1962

ولأن الصين تمتلك أكبر عدد من البدناء في العالم منذ عام 2016

متجاوزة الولايات المتحدة الأمريكية 

يقول المحللون إن ذلك يعود لطبيعة الأعمال المكتبية وساعات العمل والدراسة الطويلة فضلاً عن العادات الغذائية السيئة

والكوارث الطبيعية تُثبت مجدداً أن طبق الطعام الصيني في خطر وجودي

لقد عانت البلاد في السنوات الأخيرة من الفيضانات الشديدة والعديد من أسراب الجراد التي تأكل كل شيء

ما أصاب معظم مناطق الزراعة الرئيسية بضرر كبير

لترتفع بذلك أسعار المواد الغذائية المحلية بنحو 10% بشكل سنوي

وتزيد تكلفة لحم الخنزير بنحو 86%

ولأن الحرب التجارية مع أمريكا تخيف الصين من فكرة الاعتماد على الآخرين ولو بمثقال حبة من صويا

فول الصويا على سبيل المثال لا أمان له

صحيح أن الصين اشترته من البرازيل بدل المزارعين الأمريكيين في 2018 

لكنها تريد أن تزرعه وتؤمن حاجات البلاد المحلية منه

ويعتقد شي أن خطة تحقيق الأمن الغذائي من السلع التي لا تُنتج محلياً بكميات كبيرة 

يمكن تسريعها عبر ضخ الأموال في عمليات إنتاجها محلياً من جهة

وعبر إيقاف الهدر وتغيير ثقافة الإسراف من جهة أخرى

ولأن الرئيس يعرّف نفسه بأنه مقاتل للإفراط والشراهة

في صحيفة الشعب اليومية كتب: “في البيئة الاجتماعية يجب أن يكون الهدر شيئاً مخزياً والادخار أمراً يستحق الثناء”

والتاريخ الصيني يحكي أن الأباطرة القدماء في الصين طالما ربطوا شرعيتهم السياسية باستباق حقبة نقص الغذاء، تمهيداً لوقوعها.. وإلقاء المسؤولية على الناس مع حدوث الكارثة

ولأن كورونا علّم الصين ما كانت تعلم

وكلنا يعلم أن فيروس كوفيد 19 جاء من أحد أسواق الصين الرطبة حيث تُباع الحيوانات البرية الحية والميتة

فيروس كورونا عزل البلاد، ثم عزل دول العالم تدريجياً.. ما أعطى رسالة واضحة: على الجميع أن يستعد لأيام قد تحتاج الاكتفاء الغذائي الكامل.. ذلك عندما تقع أي جائحة مفاجئة أو أي حرب طارئة

قبل حملة “طبق نظيف” الجديدة

وبعد عام واحد فقط من وصول تشي جين بينغ للسلطة

أطلق حملة “إفراغ الأطباق”

وحققت نجاحاً واسعاً

لكن الصينيين ما زالوا يهدرون 17-18 مليون طن من الغذاء، وهو ما يكفي لإطعام 50 مليون إنسان سنوياً

وفي 2019 أقرّت شنغهاي لوائح صارمة تجبر الأفراد والشركات على تدوير نفايات طعامهم

والآن يأتي الدور على كل الصينيين

سيخضعون لحملة دعائية منظمة لإقناعهم بأن تصغير حجم الطبق ليس عيباً

وأن إنهاء طبق الضيف ليس شرهاً منه أو بخلاً من مضيفه

وتلك ستكون مواجهة مباشرة وصعبة مع الثقافة الصينية التقليدية

التلفزيون الحكومي الصيني انتقد من يصورون أنفسهم وهم يأكلون كميات كبيرة من الطعام

لذلك من المتوقع أن يكون مشاهير تجارب الطعام على مواقع الإنترنت تحت الرقابة وأول المستهدفين

ويُتوقع أن تقرّ قوانين صارمة تفرض غرامات على المطاعم التي تقدّم وجبات غذائية “أكبر من اللازم”

ووصل الأمر برابطة صناعة الطاعم في ووهان إلى حث المطاعم على تقديم عدد أطباق أقل من عدد الزبائن.. وفق مبدأ N-1 

بمعنى: لو زار الطاولة 10 أشخاص يحق لهم 9 أطباق فقط!

كبار السن في الصين سيتقبلون حملة شي 

فهؤلاء خبروا المجاعات بشكل مباشر أو عرفوها من آبائهم

الشباب يجدون في الأمر مبالغة

ويتساءل بعضهم: هل ستنطبق القاعدة على أطباق المسؤولين؟

والصينيون يعرفون الرقابة جيداً.. وقد خبروا تدخل الحزب في أبسط تفاصيل الحياة 

لكنها المرة الأولى التي يتدخل بها الحزب الشيوعي في طبق طعام المواطن منذ أيام ماو تسي تونغ الذي نصح المواطنين يوماً من الأيام بـ”تناول وجبتين فقط، ويجب أن تكون إحداهما طرية وسائلة”!

علامات:
تحميل المزيد