شرق أوسط

في ليبيا.. أبوظبي تدفع وروسيا تحصد

تم النشر: 2020/06/16 الساعة 10:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/16 الساعة 10:04 بتوقيت غرينتش

الفرصة التي تسمح اليوم بإقامة الإمبراطورية الروسية الكبرى

لن تتوفّر مرة أخرى بهذه السهولة

الإمبراطورية الجديدة يجب أن تقام دفعة واحدة

وعلى هذه الأرض

في ليبيا.. أبوظبي تدفع وروسيا تحصد

يجب الانفتاح على البحار الدافئة في الجنوب والغرب

في هذه الحالة فقط تصبح روسيا “مكتملة”

صاحب هذه النظرية هو “عقل بوتين” وذراعه الاستراتيجية اليمنى

البروفيسور ألكسندر دوغين عالِم الاجتماعِ والمؤرِّخ الروسي

بوتين كذلك متحمسّ بشدّة لهذه الفرصة التاريخية 

التي مكّنت موسكو من بسط نفوذها في سوريا

والآن في ليبيا

الدور الروسي في ليبيا كان يتم بشكل غير رسمي

عبر مرتزقة شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة

لكنه يتم الآن بشكل رسمي 

بإرسال طائرات سوخوي وميغ للقتال في ليبيا

بدأ التدخل الروسي في ليبيا منذ 2016

وساهم الدعم الروسي لخليفة حفتر بمزيد من الانسداد السياسي للأزمة

ذلك أنه وجد أن لا حاجة إلى التفاوض مع حكومة الوفاق الوطني

لكن ماذا يريد بوتين من ليبيا؟

المزيد من الوصول للمياه الدافئة 

ومحاصرة أوروبا من خاصرتها الجنوبية

ويريد تعويض صفقات السلاح التي عقدها مع حليفه السابق القذافي

وبالتحديد صفقة سلاح مع ليبيا بنحو 2 مليار دولار عام 2008

وعقود أخرى ركزت على النفط والغاز والأسلحة والسكك الحديدية

كما منح القذّافي للأسطول الروسي إمكانية الوصول إلى ميناء بنغازي

كل ذلك مقابل إلغاء معظم ديون ليبيا البالغة 5 مليارات دولار وقتها

يريد بوتين أيضاً الإجهاز على فكرة الربيع العربي في ليبيا كما فعل في سوريا

فقد ورث عن القياصرة والبلاشفة العداء للإسلام السياسي وللديمقراطية

حفتر ببعده العسكري المعادي للإسلاميين 

هو النموذج المفضل للعقيدة العسكرية الروسية 

المعادية للثورات

تبنّته موسكو الجنرال واستقبلته أكثر من مرة

وطبعت له 4 مليارات دينار من العملة الليبية لحل مشكلة السيولة

وهنا جاء دور الإمارات

الموقف المشترك في العداء للثورات العربية 

وضع أبو ظبي وموسكو في مربع واحد من الملف الليبي

البراغماتية الروسية تعاملت مع الإمارة الصغيرة

الثرية والطموحة

على أنّها رافعة مالية مؤقتة لتمويل 3 عمليات كبرى 

  1. تمويل وتسليح مرتزقة فاغنر وعددهم يزيد على ألف مسلّح
  2. توفير السيولة للمشير وميليشياته  
  3. شراء الأسلحة

وحقق الرجلان ما ظنّا أنه انتصار قاب قوسين أو أدنى 

غير أن شهراً واحداً من الحرب على أبواب طرابلس قلب الأمور تماماً لصالح حكومة الوفاق

ومع غياب الدعم العسكري الروسي خسر حفتر المدعوم علناً من عدة دول كل معاركه في أسابيع قليلة

لكن تعالوا لنتساءل: 

هل كانت روسيا عاجزة عن دعم حفتر للصمود على الأقل؟

الإجابة تكمن فيما تريده روسيا.. 

لدى روسيا المناورة السياسية اللازمة للتعامل مع كلا الغريمين.. وهو الأسلوب الروسي المفضّل

لكن الخاسر الأكبر في المعركة هو الإمارات..

فالهزائم الميدانية الكبيرة لقوات الجنرال قد تنهي الشراكة الاستراتيجية مع روسيا

والأشد وطأة أن دور أبو ظبي الذي لعبته طيلة سنوات الثورات المضادة قد ينتهي “إكلينيكياً”

ليبرز دور أطراف أخرى مثل تركيا والولايات المتحدة وفرنسا

لكن حفتر يبقى “حليفاً” لموسكو مع تغيير في الدرجة والأهداف

وبوتين ما زال بحاجة إليه

للسيطرة على ثروات الليبيين

والبحث عن نظام عسكري ديكتاتوري

لاستعمال الأراضي الليبية ورقة ضغط على أوروبا 

في ملفي الهجرة 

وإمدادات الغاز والنفط

والإمارات التي قادت تحالفاً لدعم حفتر

ستتعرض لأكبر خدعة استراتيجية في المنطقة

لأن موسكو تتطلع إلى المزيد من النفوذ 

بما يهدد المصالح الإماراتية هناك

تهدف موسكو أيضاً إلى إدارة الصراع بدلاً من وضع نهاية له

لأن بوتين يحتاج إلى بعض الوقت 

لاحتكار السلطة في ليبيا بالكامل

كما يحلم!

تحميل المزيد