في خريف 1917 فاجأ اليهود حلفاءهم الأوروبيين بطلب غريب
كانت فلسطين هي الأرض التي اختاروها لإقامة دولة يهودية
وقبل صدور وعد بلفور بأسابيع
التفت أحدهم فجأة إلى خريطة الجزيرة العربية
ووضع إصبعه على البحرين ومنطقة الأحساء
وكتب في رسالة رسمية إلى بريطانيا:
هنا ستكون دولتنا أجمل
وأكثر أماناً
لم تقُم دولتهم الموعودة في الخليج
لكن “شعب إسرائيل حيّ”.. في البحرين
الرسالة المطبوعة على الآلة الكاتبة باللغة الإنجليزية
يطلب فيها الطبيب اليهودي روتشتين من بريطانيا
إنشاء دولة قومية لليهود في البحرين والأحساء
ووعداً بجمع قوة مقاتلة يهودية من 120 ألف رجل
لاحتلال البحرين وغزو الأحساء بعد ذلك
تم صرف النظر عن المقترح بحسب رد الحكومة البريطانية:
المواقع المختارة لتمركز الكتائب اليهودية غير ملائمة
بسبب تحالفات بريطانيا مع شيوخ البحرين وآل سعود حكام الأحساء
لكن اليهود لم يغادروا الحلم البحريني بعد ذلك أبداً
البحرين هي البلد الخليجي الوحيد الذي تعيش فيه جالية يهودية
تحظى بدعم الملك
ويتقلد بعض أفرادها مناصب رفيعة في الدولة
رغم أن عددهم لا يتجاوز أربعين شخصاً
منذ عام 1862 جاؤوا من العراق وجنوب إيران
وعاشوا في العوضية والحطب والحورة
استأجروا مساكن في أحياء المنامة عاصمة البلاد
في بنايات “راشد الزياني” و”هلال المطيري” قرب باب البحرين
بعض القادمين دخل في مشاريع تجارية
تراوحت أعمالهم بين التجارة والتدريس والتصوير
وفي القطاع الاقتصادي ركّزوا على البنوك والمصارف وتجارة العملات
إلى جانب العمل في الشركات الإنجليزية مثل بابكو
وعملت بعض السيدات اليهوديات في التمريض
بُني المعبد اليهودي في البحرين في ثلاثينيات القرن الماضي
الجدران المطلية بالأصفر الباهت لا تدل على أنه بيت للعبادة
وتم إغلاقه عام 1948 بعد تعرضه للاعتداء
أثناء تظاهرات عنيفة تحتج على قرار تقسيم فلسطين
بعدها هاجر معظم اليهود إلى فلسطين
وبدا كأن البحرين نسيت وجود من بقي منهم على أراضيها
حتى صحا أبناء البحرين على قرار ملكي في 2008
بتعيين اليهودية هدى عزرا نونو سفيرة في واشنطن
كانت المرة الأولى والوحيدة
التي يصبح فيها شخص يهودي سفيراً لدولة عربية
في التاريخ الحديث
أدَّت هدى نونو في واشنطن دوراً فاعِلاً
لتعبيد الطريق بين البحرين واللوبي اليهودي في واشنطن
وترتيب لقاءات بين مسؤولين في البحرين وإسرائيل
كان التطبيع قد بدأ قبل “مهمة” نونو بسنوات
في كل القنوات السرية والعلنية الممكنة
في 1994
وصل أول وفد رسمي إسرائيلي إلى البحرين
حين شارك الوزير الإسرائيلي يوسي سريد في مُناقشات بشأن البيئية
والتقى بوزير الخارجية البحريني
في 2000
التقى ولي عهد البحرين في دافوس بالرئيس الإسرائيلي وقتها شمعون بيريز
في 2007
التقى وزير الخارجية البحريني مع الوزيرة الإسرائيلية تسيبي ليفني
في 2008
اجتمع الملك بالجالية اليهودية من أصولٍ بحرينيةٍ في لندن
في 2009
التقى ملك البحرين مع رئيس إسرائيل شمعون بيريز ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني سراً في نيويورك
قبل عدوان “الرصاص المصبوب” على غزة بعشرة أيام
وفي 2009 أيضاً
تمنح “اللجنة اليهودية الأمريكية” ملك البحرين وساماً تقديرياً
في 2014
يكشف الجيش الإسرائيلي عن تعاون استخباراتي بين البحرين والموساد
في 2019
تنعقد ورشة المنامة التطبيعية تمهيداً للشق السياسي من “صفقة القرن” الأمريكية
ووسائل إعلام إسرائيلية تتلقى دعوات رسمية لتغطية الورشة
في 2020
تعلن البحرين التطبيع مع إسرائيل
في فصل من عملية تغيير كبيرة تجري في العالم العربي
تقودها الإمارات والسعودية
تغيير وصفه الإعلام الغربي بأنه زلزال جيوسياسي ممتد المفعول
حالياً تعيش في البحرين 7 عائلات يهودية
في المعبد الصغير وسط الحي التجاري بالمنامة لا يوجد حاخام
وتتم الاستعانة بحاخام الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز قبالة البحرين
ومن الصعب اكتمال النصاب الديني لإحياء الصلوات
وهو عشرة رجال
لكن النصاب اكتمل بوجود الوفد الإسرائيليّ المشارك في ورشة المنامة 2019
بحضور مساعد ترامب ومبعوثه للمفاوضات الدولية جيسون غرينبلات
الذي غنّى مع الحاضرين ترنيمة شعب إسرائيل حيّ!