كيف قادت الصدفة كيتي بومان لتصبح أيقونة مشروع الثقب الأسود؟

مع إزاحة الستار، خلال الأسبوع الجاري، عن أول صورة من نوعها لثقبٍ أسود، بدأت صورة أخرى تشق طريقها للانتشار على صفحات الإنترنت؛ وهي صورة لعالمة شابة، تقبض بيديها على وجهها الذي عَلَتْه السعادة، رداً على صورة لحلقة من الضوء البرتقالي تَلُفُ هُوَّة سوداء عميقة، نقلاً عن صحيفةThe New York Times الأمريكية.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/04/12 الساعة 17:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/04/12 الساعة 18:22 بتوقيت غرينتش
عالمة التصوير الأمريكية كاتي بومان/ مواقع التواصل

مع إزاحة الستار، خلال الأسبوع الجاري، عن أول صورة من نوعها لثقبٍ أسود، بدأت صورة أخرى تشق طريقها للانتشار على صفحات الإنترنت؛ وهي صورة لعالمة شابة، تقبض بيديها على وجهها الذي عَلَتْه السعادة، رداً على صورة لحلقة من الضوء البرتقالي تَلُفُ هُوَّة سوداء عميقة، نقلاً عن صحيفة The New York Times الأمريكية.

وكانت الصورة أروع من أن يستطيع أحدٌ مقاومة نشرها. وأصبحت على الفور العالمة كيتي بومان، الحاصلة على زمالة أبحاث ما بعد الدكتوراه والتي شاركت في المشروع، بطلة للسيدات والفتيات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (المنحى التعليمي المعروف باسم "ستيم" أو STEM)، ورمزاً مشجعاً في عالمٍ متعطش إلى أن يحظى بتمثيل كافٍ على هذا الصعيد.      

تلقت الدعم من الجميع

وانتشر اسم بومان  بين الشخصيات العامة بدايةً من واشنطن وحتى هوليوود. وسارع بعض المدافعين، الذين يعرفون كيف يمكن أن يتغاضى التاريخ عن إسهامات النساء، لتأكيد ضرورة أن تلقى هذه الشابة التقدير الذي تستحقه.

ومع ذلك، ففي غَمرة حماستهم للاحتفاء بها، بالغ كثيرٌ من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين لا ينتمون إلى المجتمع العلمي في الحديث عن الدور الذي أدته بين جهد جماعي لمئات الأشخاص؛ وهو ما أعطى انطباعاً مبالغاً فيه في الوقت الذي تُتداول فيه صورتها مرات عديدة.

فكتب مثلاً حساب على "تويتر" باسم تامي إيما بيبين، تغريدة تقول: "تهانينا لكيتي بومان، التي ندين لها بأول صورة على الإطلاق للثقب الأسود. لا نرى اسمها يُتَداول بما يكفي في الصحافة. عمل رائع. وتحية أيضاً لمزيد من النساء في مجال العلوم (ولحصولهن على التقدير الذي يستحققنه ويتذكرهن التاريخ).     

الاكتشاف كان نتاج إسهامات علماء من أنحاء العالم

من جانبها، سارعت الدكتورة بومان لتوضيح أنها لم تكن بأية حال، المسؤولة الوحيدة عن هذا الاكتشاف، الذي كان نتاج إسهامات من علماء من أنحاء العالم عملوا جنباً إلى جنب، وصولاً إلى هذه الصورة من خلال  شبكة من هوائيات الراديو.

وكان المشروع، الذي قاده شيبرد دويلمان عالِم الفلك في مركز هارفارد-سميثونيان للفيزياء الفلكية، ثمرة عمل ما يزيد على 200 باحث، 40 منهم سيدات، حسبما ذكرت مبادرة جامعة هارفارد للثقب الأسود.

في حين قالت سارة عيسوون، التي تخرجت في جامعة رادبود النيوزيلندية وشاركت في البحث: "هناك نساء شاركن في كل خطوة من هذا المشروع الرائع. باعتباري سيدة في مجال (ستيم)، من الجيد أن تكون هناك نماذج تحتذي بها الفتيات الصغيرات والصبيان".           

إلا أنَّ عيسوون حذرت من رواية "النجاح الفردي"، وقالت: "أعتقد أن الجهد الجماعي والمتنوع وعمق التعاون الذي تم بيننا يستحقان الاحتفاء بهما".   

وكان للدكتورة بومان، التي ستصبح قريباً أستاذة جامعية مساعدة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، دور بارز -بلا شك- في عملية معالجة الصور، التي تضمنت أيضاً تقسيم الباحثين إلى فرق لربط البيانات ومقارنة الصور التي بنوها واختبارها.

وبينما قادت هي فريق تطوير مجموعة خوارزمية لالتقاط صورة للثقب الأسود، وهو الجهد الذي كان موضوع محاضرة ألقتها في منصة TED Talk عام 2016، قال زملاؤها إنَّ هذه التقنية لم تُستخدَم في النهاية لبناء هذه الصورة تحديداً.

صورة بومان التي أثارت إعجاب الآلاف

وعقب الموجة الدعائية التي نشرت صورة لوجهها المبتسم على صفحات تويتر وفيسبوك وريديت ومواقع إخبارية في أنحاء العالم، لم تردَّ الدكتورة بومان في البداية على طلبات للتعليق، الخميس 11 أبريل/نيسان 2019. إلا أنها كتبت، في منشور على فيسبوك، تقول: "لم تصنع خوارزمية واحدة ولا شخص واحدٌ هذه الصورة. إذ تطلب ذلك المهارة الرائعة لفريق من العلماء من أنحاء العالم".                                  

وأضافت: "كان شرفاً لي حقاً، وأنا محظوظة جداً، لأنه سنحت لي فرصة العمل معهم جميعاً".  

وفي رسالة نصية مساء الخميس، قالت بومان إنها اضطرت إلى إغلاق هاتفها من كثرة الرسائل التي تلقتها. وكتبت: "أنا سعيدة جداً، لأن الجميع على القدر نفسه من الحماسة التي نشعر بها ويرى الناس أن قصتنا مُلهِمة. ومع ذلك، ينبغي أن يُسلَط الضوء على الفريق وليس على شخص واحد. فالتركيز بهذا الشكل على شخص واحد لا يساعد أي أحد، ولا حتى أنا".   

إضافة إلى ذلك، احتفلت سيدات أخريات عضوات في الفريق البحثي هذا الأسبوع، لأنَّ سنوات من العام الشاق خرجت أخيراً إلى العلن.

ففي مقابلة هذا الأسبوع، قالت ساندرا بوستامنتي، مُشَغِّلة تلسكوب شاركت في المشروع: "بصراحة، كان الأمر مثل حلم يصبح حقيقة".   

في حين وصفت فريال أوزيل، أستاذة في علوم الفلك والفيزياء الفلكية بجامعة أريزونا الأمريكية، والتي كانت من بين أعضاء المجلس العلمي للمشروع، هذا الكشف بانه "لحظة جميلة كانت طور التكوين فترة طويلة". ونشرت أوزيل أول ورقة بحثية عن تصوير الثقب الأسود في عام 2000.

بومان أيقونة للفتيات الطالبات في مجال العلوم والتكنولوجيا

وفي مقابلة الخميس 11 أبريل/ نيسان 2019، قالت أوزيل إنه لمن المثير رؤية الناس مهتمين بدور السيدات في العلوم، لكنها لفتت إلى إسهامات الرجال والسيدات الآخريات؛ من بينهم أحد طلابها الخريجين والذي أجرى رحلات عديدة إلى القطب الجنوبي، حيث يوجد أحد التلسكوبات المستخدمة في المشروع.

وأضافت: "أعتقد أنَّ نسب الفضل إلى فردٍ واحدٍ بعينه، سواء كان رجلاً أو امرأة، كبيراً أو صغيراً، يضر التعاون".

وفي هذا الصدد، علَّقت بِين شيبرد، التي تعمل مع منظمة .Girls Inc، المعنية بتمكين الشابات وتوفر لهن برامج ما بعد المدرسة لدعم الفتيات الطالبات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، على ما حدث.

فقالت إنَّ قصة الدكتورة بومان تردَّد صداها في صناعة لا تشهد تمثيلاً كافياً للنساء، وكذلك في عالَم لم يُعتَرف فيه بإسهاماتهن التاريخية.                            

وأضافت: "كانت هذه فرصة لرؤية سيدة بارعة تضطلع بدور بارز، بل يُعترف بهذا الدور. ويعد هذا أمراً بارزاً، لأنَّ الفتيات والفتيان بدأوا يشاهدون علماء سيدات، ليس فقط لأنَّ بإمكانهن أن يصبحن عالمات، بل لأنهن فعلاً كذلك".        

من جانبها، أعربت عيسوون عن رغبتها هي أيضاً في الاحتفال بالتعاون بين علماء مختلفين، لكنها قالت إنها تتفهم السبب الذي جعل صورة الدكتورة بومان تنتشر على نحو واسع.

وأوضحت عيسوون، التي قالت إنَّ الرجفة سرت في جسدها حين رأت صورة الثقب الأسود: "نحن أيضاً نحب هذه الصورة، لأنها تبدو فيها سعيدة. أعتقد أنَّ تعابير وجهها تجسد فعلياً المشاعر التي انتابتنا جميعاً حين رأيناها لأول مرة".  

علامات:
تحميل المزيد