الكشف عن قاتل طفل بعد 38 عام من ارتكاب الجريمة

عربي بوست
تم النشر: 2019/03/13 الساعة 18:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/13 الساعة 19:40 بتوقيت غرينتش
جثة طفل عُثر عليها عام 1981، والحمض النووي كلمة السر

قصة ذات تفاصيل مؤلمة، وغريبة ومرعبة، تخص مقتل أحد الأطفال حديثي الولادة، والذي وُجدت جثته في إحدى قنوات الصرف الصحي بالقرب من حقل ذرة في مدينة سو فولز بولاية داكوتا الجنوبية الأمريكية. وكان الطفل ملفوفاً ببطانية، ودموعه متجمدة على خديه، وذلك في أحد أيام شتاء 1981.

صحيفة The New York Times الأمريكية سردت التفاصيل العجيبة، لمقتل هذا الطفل، الذي لم يُستدل له على أُمٍّ في وقتها، لذا أطلق الأهالي الذين وجدوا جثته، عليه اسم أندرو جون دو، ثم دفنوه في مقبرة محلية، حيث بقي مجهول الهوية، لكنَّه لم يُنسَ طوال 4 عقود.

مفاجأة في قصة مقتل طفل منذ 1981

السلطات تعتقد الآن أنها قد حلَّت القضية، إذ ذكرت شرطة سو فولز، الجمعة 8 مارس/آذار 2019، أنَّ المحققين تمكَّنوا أخيراً من التوصُّل إلى والدة الطفل، وهي امرأة تبلغ من العمر 57 عاماً، تعيش في مدينة سو فولز، وتُدعى تيريزا بنتاس، باستخدام قواعد بيانات تحاليل الحمض النووي والأنساب.

وأعلنت الشرطة في مؤتمرٍ صحفي، أنَّ تيريزا اعتُقِلَت في ذلك اليوم، ووُجِّهَت إليها تهمة القتل.

وقال مات بيرنز قائد شرطة المدينة، إن الاعتقال جاء نتيجة سنوات من المثابرة. وذكر أنَّه حتى في ظل عدم توصُّلهم إلى شيء من المعلومات التي كانوا يحصلون عليها ووصول التحقيقات إلى طرقٍ مسدودة، فإنَّ المحققين واصلوا عملهم على القضية؛ "أملاً في حثّ أحد الأشخاص على تقديم معلوماتٍ جديدة أو تذكير أحدهم بشيءٍ متعلق بالقضية أو إثقال ضميرٍ وحمله على الاعتراف".

فبعد استخدام المحققين تقنية الحمض النووي كانت المفاجأة

وقال بيرنز إنَّ نقطة التحول في القضية، التي تسلط الضوء على استخدام تقنية الحمض النووي على نحوٍ متزايد في حل جرائم القتل التي وقعت قديماً، جاءت في عام 2009. وكان ذلك حين بدأ مايكل ويب، وهو محقق في القسم، متابعة التحقيق باستخدام التكنولوجيا وقواعد البيانات التي لم تكن متاحة لسابقيه.

وذكر المحقق ويب في المؤتمر الصحفي، أنَّ القضية كانت "مُعلَّقة"، لكنَّها لم "تُغلَق" قط.

وقال: "لا نتجاهل هذا النوع من القضايا أبداً، بل نعمل بجدٍّ كبير حين تكون القضية متعلقة بطفل".

والدة الطفل هي القاتلة

قالت كريستال جونسون، وهي ممثلة الادِّعاء التي تعمل على القضية، في لقاء صحفي يوم الثلاثاء 12 مارس/آذار 2019، إنَّ بنتاس محتجزة بتهمتي القتل العمد والقتل غير العمد، لكنَّ التهم النهائية ستحددها هيئة محلفين كبرى، أو ستُحدَّد في جلسةٍ أولية ستُعقَد يوم 26 مارس/آذار 2019.

ووفقاً لسجلات مكتب قائد شرطة مقاطعة مينيهاها، فإنَّ بنتاس محتجزة حالياً في سجن المقاطعة، بكفالة قدرها 250 ألف دولار.

وقالت جونسون إنَّ بنتاس مثلت مثولاً أولياً أمام أحد القضاة يوم الإثنين 11 مارس/آذار 2019.

من جانبها رفضت رولي هانسمان، محامية بنتاس، التعليق ولم يردَّ أفراد عائلة المتهمة على المكالمات الموجهة إليهم.  

جديرٌ بالذكر أنَّ التطورات الحديثة في تكنولوجيا الحمض النووي وقواعد بيانات الأنساب ساعدت السلطات في العثور على المشتبه فيهم في بعض جرائم القتل التي وقعت قديماً، وضمن ذلك البحثُ عن سفَّاح الولاية الذهبية في كاليفورنيا. وقال المحقق ويب إنَّ بعض هذه الجرائم، مثل جريمة سو فولز، تضمَّنت تحديد هوية رفاتٍ مجهولة.

وأضاف: "مثل هذه القضايا مُحبِطة ومُخيِّبة للآمال، إذ ترى حينئذ أنَّ إخفاقاتك أكثر من نجاحاتك. لكننا واصلنا العمل عليها".

كان الطفل ملفوفاً في بطانية وملقى بأحد المصارف

يُذكَر أنَّ قصة الطفل دو بدأت في 28 فبراير/شباط من عام 1981، حين كان لي ليتز، وهو رجل من سو فولز، يُجرِّب إحدى السيارات ولاحظ كومة من البطانيات "ذات لونٍ خمري" بالقرب من الطريق، وفقاً لما ذكره في مقابلةٍ أجراها مؤخراً مع صحيفة The Argus Leader المحلية التي تصدر في مدينة سو فولز. وقال إنَّه توقف ونزل من السيارة، لفحص البطانيات بدافع الفضول، لأنها كانت تبدو جديدة.

وكانت هذه البطانيات تحتوي بداخلها على الطفل الميت، في حين كانت المشيمة ما زالت متصلةً به. وقد عُثِر على ملابس مُلطَّخة بآثار دماء بالقرب من مكان الجثة، وفقاً لما جاء في محضر ضبط بنتاس.

وقال ليتز: "تمنيت لو أنني قد عثرت عليه في وقتٍ مبكر حين كان على قيد الحياة".

وأفاد تشريح الجثة بأنَّ الطفل وُلِد حياً في يوم 27 فبراير/شباط على الأرجح، وتوفي على الأرجح بسبب التعرض للظروف الجوية في العراء، وفقاً لما جاء في محضر الشرطة.

وظلت القضية معلَّقة منذ 1981

لم يتمكن المحققون آنذاك من تحديد موقع أُمّ الطفل أو أفراد أسرته، وأصبحت القضية مُعلَّقة. وذُكِر في محضر الشرطة أنَّ الطفل دُفن في مقبرة القديس مايكل الكاثوليكية، وقد وقف نحو 50 شخصاً من سكان المدينة عند المقبرة آنذاك، لتقديم التعازي في وفاة الطفل.

وحين تولَّى المحقق ويب مسؤولية التحقيق بالقضية في عام 2009، حصل على أمرٍ من المحكمة باستخراج الجثة من أجل تحليل الحمض النووي، وبالفعل نُقِلَ الرفات إلى مركز العلوم الصحية بجامعة شمال تكساس، حيث أُجري تحليل الحمض النووي وأنُشِئ ملفٌ خاص بالطفل، وفقاً لما جاء في المحضر.

ثم أُعيد دفن رفات الطفل في 17 يونيو/حزيران من عام 2010.

حتى توصل المحققون في البداية إلى بعض أقاربه

وأُرسِلَ الحمض النووي إلى شركة Parabon NanoLabs، التي عملت مع وكالات إنفاذ القانون، للمساعدة في تحديد المشتبه فيهم والأقرباء المحتملين. وقد ساعدت النتائج المحققين في اكتشاف بعض أقربائه، بمساعدة مواقع GEDMatch.com وAncestry.com وfindagrave.com، وفقاً لما ذكره المحقق ويب وما جاء في محضر الشرطة.

ثم توصلوا إلى والدته

وفي نهاية المطاف، قادت النتائج السلطات إلى منزلٍ في سو فولز حيث تعيش بنتاس. ففحصوا سلة القمامة، وعُثِر على غلاف طردٍ بريدي مُرسل إليها، وكذلك زجاجة مياه وأعقاب سجائر وعبوة جعة كانت تحمل حمضاً نووياً أنثوياً، "تمكَّنت السلطات من مطابقته بنسبة كبيرة" مع الحمض الموجود في الملف التعريفي للأم البيولوجية للطفل، وفقًا لما جاء في المحضر.

وذُكِر في المحضر أنَّ والد الطفل لم يكن على علمٍ بالحمل، ولم تُوجَّه إليه أي تهمة.

وقد تحدثت بنتاس إلى المحققين في 27 فبراير/شباط 2019، وهي الذكرى السنوية لليوم الذي يُعتقد أنَّ الطفل قد وُلِدَ فيه.

"كانت صغيرة وغبية"

قالت إنَّها في عام 1981 كانت "صغيرة وغبية"، كما جاء في المحضر. وأضافت أنَّها أخفت حملها عن أفراد عائلتها وأصدقائها، وأنجبت بمفردها في شقتها، ثم أخذت الطفل في سيارتها ووضعته بالمكان الذي عُثِر عليه فيه لاحقاً.

وجاء في المحضر أنَّها ذكرت أنَّها كانت "حزينة" و"خائفة" حين كانت تقود سيارتها بعيداً عن الطفل بعدما وضعته هناك. وحين سُئِلَت عمَّا إذا كانت تُفكِّر فيما فعلته حين تمر على المكان نفسه حالياً، قالت: "نعم بالطبع".

علامات:
تحميل المزيد