وزارة النقل البريطانية جعلته بطلاً في فيديو عن السائق المثالي.. هذا المغربي «ألطف سائق» بلندن

تم النشر: 2019/02/17 الساعة 06:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/03/31 الساعة 11:37 بتوقيت غرينتش

لم يكن أحمد سرحاني يعلم أنه  سيكون أول مغربي ألطف سائق في لندن وسيفوز بهذه الجائزة ، حتى نُودي اسمه وسط تصفيقات الحاضرين وتنويه رؤسائه ممن حرصوا على دعوته إلى أرفع احتفال يقام على شرف سائقي الحافلات في المملكة المتحدة، دون أن يشيروا -ولو بالتلميح- إلى تتويجه.

لم تفارق الابتسامة محيّاه ليلتها، كما لم يفعل طوال 15 سنة من العمل بالشركة البريطانية، حيث اعتاد أن يستقبل الركاب بملامح هادئة وابتسامة عريضة تنقشع بها رتابة صباحات مدينة الضباب.

مخطئٌ من يظن أن المغربي أحمد سرحاني يفوز بالجائزة أول مرة في مساره المهني الممتد، فقد سبق أن حاز الجائزة نفسها عام 2007، بعد سنتين فقط من اشتغاله سائقاً، بسبب حسن استقباله الركاب وعدم التأخر في مد يد المساعدة للمحتاجين منهم.

في حين جاءت الجائزة الثانية خلال ديسمبر/كانون الأول 2018، بفضل أحد الطلبة البريطانيين، جعل من حسن تعامل أحمد سرحاني مع الزبائن موضوعاً لمشروع نهاية دراسته، في حين اعتمدت وزارة النقل البريطانية مقطع الفيديو المنجز مرجعاً للسائق المثالي.

قلب كبير وابتسامة عريضة

سرُّ كل هذا الحب والنجاح لخَّصه سرحاني، قائلاً لـ "عربي بوست": "كل موظف يجتهد ويعمل المستحيل حتى يثير إعجاب مديره، أما أنا فأسعى لأنال رضا الله"، مستطرداً بالقول: "الدين المعاملة، وأعتبر عملي أفضل مهنة في العالم".

لا يتعامل السائق المغربي اللطيف مع زبنائه بالطريقة الرسمية الصِّرفة، وهي عادة أغلب سائقي لندن ممن يتعاملون بجدية كبيرة، إلا أن أحمد، الذي تجاوز الـ 50 بقليل، يفضل إضفاء حس إنساني على علاقاته بركابه، فلا يتوانى عن الابتسام لكل الصاعدين إلى الباص بلا استثناء، وإلقاء التحية في كل حين.

يوضح سرحاني بهذا الخصوص، قائلاً: "أريد لكل راكب أن يعيش برفقتي تجربة إنسانية جديدة وفريدة وغير متوقعة".

لطالما أصابت الدهشة بعض الركاب، من بشاشة أحمد الدائمة وسؤاله عن أحوالهم وكيف مر يومهم، رغم أنه يُقلُّهم أول مرة، وهو ما يجعلهم يشعرون بنوع من الغرابة بداية، قبل أن يستأنسوا بتعامل السائق المغربي ذي اللحية المُرسلة والطاقية البيضاء، ويفضل كثير منهم انتظار حافلته خصوصاً دون الأخريات.

يسألون مغربي ألطف سائق في لندن: هل أنت مسلم؟

15 عاماً من الاشتغال سائقاً محترفاً بباصات لندن، جعلت أحمد سرحاني صديقاً لركابه، يسأل عن أحوال الكبار ويمنح الحلوى والهدايا الرمزية للصغار، يقول سرحاني لـ "عربي بوست": "قمت بمبادرات غير مألوفة في لندن، إلا أننا تربينا عليها باعتبارنا مغاربة".

يحكي "ألطف سائق في لندن" عن زبون أُصيب بكسر في رِجله، وبعد شهور عديدة صعد الشخص نفسه إلى حافلة أحمد، فما كان من هذا الأخير إلا أن سأله عن أحواله الصحية وعن الكسر في ساقه، وهو ما جعل مشاعره تتأثر كثيراً، واستمر في شكر السائق على اهتمامه وكيف استطاع تذكُّره.

هكذا يحاول السائق المغربي، الذي هاجر من المغرب نحو بريطانيا لدراسة القانون قبل أن يترك الجامعة، أن يرسخ انطباعاً طيباً عن الإنسان المسلم والمهاجر، في بلاد تنظر إلى المسلمين عموماً بنظرة نمطية وتمثُّلات سيئة، "أريدهم أن يطرحوا الأسئلة، أن يغيروا نظرتهم تجاه المسلمين، أن يسألوني عند نزولهم من الباص: هل أنت مسلم؟".

لا شك في أن المغربي أحمد سرحاني نجح في كسب هذا التحدي، إذ بات صديقاً لأغلب زبنائه، يسأل عنهم إن غابوا، ويسألون عن أحواله عند سفره إلى بلده الأم، ويبادلونه مشاعر التقدير والاحترام. كما أنه بات ينال جوائر تجعل منه سائقاً فوق العادة.

علامات:
تحميل المزيد