امرأة تنهار باكية أثناء حديثها للقاضي عن أسوأ ليلةٍ في حياتها بعد اعتداء جنسي عليها من شرطيين في باريس

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/19 الساعة 16:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/19 الساعة 17:18 بتوقيت غرينتش

نشأت إميلي سبانتون وسط ضباط الشرطة -كان والدها شرطياً رفيع الرتبة في مدينة تورونتو الكندية- لذلك حينما دعاها شرطيان فرنسيان قابلتهما أثناء تناول المشروبات بإحدى حانات باريس لكي ترى مقرهم الرئيسي الشهير، وافقت.

تقول إميلي حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية إنها كانت ثملةً وعاجزةً عن الوقوف بثباتٍ. وأضافت الكندية: "كنت أعرف أنني لم أكن بحالةٍ تسمح لي بالعثور على فندقي. وارتأيت أن الذهاب إلى قسم شرطةٍ من شأنه أن يفيقني لوجود كثيرٍ من الأضواء والناس".

ولكن بعد أن صعدت سلم الطابق الخامس في القسم السادس والثلاثين الشهير ودخلت الغرفة رقم 461، قالت إميلي إنها دلفت إلى "أسوأ ليلةٍ في حياتي".

ما زُعِمَ حدوثه خلال الثمانين دقيقةً التالية في الساعات الأولى من الثالث والعشرين من أبريل/نيسان 2014 هو بؤرة محاكمةٍ جاريةٍ في القاعة الثالثة من محكمة الجنايات بقصر العدل المهيب في باريس، وقد ترك فرنسا في حالة صدمةٍ.

بَكَت إميلي سبانتون، 39 عاماً، أثناء روايتها أمام القضاة

يوم الأربعاء الماضي الموافق 16 يناير/كانون الثاني 2019، بَكَت إميلي سبانتون، 39 عاماً، أثناء روايتها لما تعرَّضَت له من اغتصابٍ جماعي على يد رجُلين على الأقل، أمام القضاة الثلاثة وأعضاء هيئة المحلفين التسعة. وادَّعت أنه عند محاولتها مغادرة المكان، جُرجِرَت إلى مكتبٍ آخر واغتُصِبَت مرةً أخرى.

المتهمان هما عضوان من فرقة البحث والتدخُّل (BRI)، وهي وحدةٌ نخبويةٌ تختص بتقفي آثار أفراد العصابات والإرهابيين. الرائد نيكولاس ر، 49 عاماً، والنقيب أنطوان ك، 40 عاماً (يمنع القانون الفرنسي الكشف عن أسماء ضباط الشرطة) ينكران التهم، زاعمين أن إميلي سبانتون وافقت على ممارسة الجنس.

تتمحور الصدمة في فرنسا حول تفاصيل القضية وكذلك فكرة أن هذه المزاعم لا تستهدف وحسب أية ضباط شرطةٍ وإنما سمعة هذه الوحدة رفيعة المستوى من الشرطة.

وأشارت مجلة L'Express الفرنسية إلى أن القضية قد "سمَّمت" قوة شرطة باريس لقرابة الخمس سنواتٍ وكادت تقضي تماماً على فرقة البحث والتدخل.

وقد خاض فريق إميلي القانوني معركةً لأجل محاكمة الشرطيَّين بعد أن قرر القضاة المحققون ألا توجد قضيةٌ تستلزم البت، نظراً لوجود "تضارباتٍ" في شهادتها. وبعد تدخل المدعي العام في باريس، بَطُل هذا القرار في الاستئناف.

ومن جانبهم، اقترح الزملاء في الشرطة أنه بما أن إميلي كانت تغازل الشرطيَّين وتقبِّلهما أثناء الأمسية -كما يُزعَم- فقد اعتقدا بأنها سترضى بفعل المزيد. إذ صرح أحد الشرطيين لمجلة L'Express: "كانت غلطتهما أن تركا الحقيقة تظهر شيئاً فشيئاً بسبب خوفهما من العواقب على عائلتيهما ومهنتيهما. وأدى هذا إلى التشكيك في مصداقيتهما".

وصرَّح محامي إميلي بأن القضاة قد سافروا إلى كندا لاستجواب أسرتها وأصدقائها و"التعمُّق" في حياتها الشخصية، ولكن لم يفعلوا الأمر ذاته مع المتهمين.

يُعَدُّ مبنى القسم السادس والثلاثين مكاناً للحقيقة والخيال. يُعرَف المبنى بين أفراد الشرطة ببساطةٍ باسم "36"، وقد خُلِّدت سمعته الأسطورية بفضل شخصية المحقق ميغريه التي ابتكرها الكاتب جورج سيمنون وبفضل الأفلام الفرنسية. أما بالنسبة لأفراد الشرطة في عالم الواقع، "36" هو الدرجة الأعلى في سلم الارتقاء المهني.

وكان المبنى -المُلحَق بقصر العدل- هو مقر قوة شرطة باريس منذ 1913، حين كانت الشرطة تطارد المجرمين على ظهر الخيل أو الدراجات، حتى 2017، حين انتقلت إلى مبان أحدث.

وادَّعت إميلي، التي كانت تعمل سمسارة عقارات، إنها كانت تتناول المشروبات في Le Galway، وهي حانةٌ أيرلنديةٌ قرب مبنى 36، ونحو منتصف الليل وافقت على الذهاب إلى مقر الشرطيَّين.

وقالت: "شرحا لي أن قسم الشرطة قد ظهر في الأفلام وهيَّآ لي أنه شيءٌ أود رؤيته".

حتى المترجم عفيف اللسان وقف عاجزاً عن التخفيف من حدة عنف الشهادة عمَّا حدث بعد أن دخلت إميلي الغرفة 461. إذ قالت إميلي: "كان أحدٌ ما يُقحِم نفسه في فمي. جامعني أحدٌ ما. ثم أحدٌ آخر. وحين انتهى الأمر، جمعت أغراضي، لكني عجزت عن فتح الباب. وجُرجِرت إلى مكتبٍ آخر وحدث كلُّ شيءٍ مرةً أخرى".

وأوضحت إميلي أنها تذكر اغتصابها على يد 3 رجالٍ بحدٍّ أقصى، ولكنها قالت إنها لا تعرف هوية الثالث. وفسَّرت ذلك لهيئة المحلفين بأنهم قد أخذوا منها نظَّارتها فلم تستطع الرؤية بوضوحٍ.

"استسلمت وحسب، أردت للأمر أن ينتهي … أبقيت عينيَّ مغمضتين".

وأصرَّت على أنها لم تكن "بحالةٍ تصلح للموافقة" على أيِّ شيءٍ. وتقول إنها بعد أن غادرت المبنى عقب مرور 90 دقيقةً، حافية القدمين من دون سروالها الداخلي، أخبرت الحراس على البوابة بأنها اغتُصِبَت فردُّوا عليها بأن "تعود إلى دارها".

وقد عُثِر على حمض نووي لكلا المتهمَين في ثوب إميلي الداخلي. وعُثِر على حمضها النووي على ثوب أنطوان ك الداخلي. ولم يُعثَر على مطابقةٍ لحمضٍ نوويٍّ خاصٍّ برجلٍ ثالثٍ.

وقد حذف المتهمان جميع الرسائل والفيديوهات من تلك الليلة من على هاتفيهما، ولكن قالت رسالةٌ وُجِدَت على هاتف أحد الزملاء: "إنها تحب الجنس الجماعي، أسرع".

وعندما سأله المدعي العام يوم الجمعة 18 يناير/كانون الثاني إذا كان "من المعتاد أن تصطحب الشابات إلى مكتبك"، ردَّ أنطوان ك بقول: "على الإطلاق". وقال إن الغرفة 461 هي مكتبه واعترف بأن ممارسة الجنس فيه كانت "اشتهاءً من نوعٍ ما". وقد عاد كلا الرجلين للعمل في قوة الشرطة. وفي حال إدانتهما بالجريمة، فهما بصدد الحكم بالسجن لمدةٍ تصل إلى 20 سنةً.

وبعد مطالعة تقريرٍ طبيٍّ عن إصابات إميلي، سأل رئيس القضاة، ستيفان دوشمان، إميلي سبانتون عما تتوقَّعه من المحكمة. فجاء ردها: "إنما أريد اتخاذ موقفٍ ومواجهة هذين الرجلين على رؤوس الأشهاد. ثم أريد المضيَّ قدماً، وَطَي هذه الصفحة".

علامات:
تحميل المزيد