إعلان جديد لشركة «جيليت» يثير جدلاً بسبب «الذكورية السامة».. مخرجته امرأة، وحقق ملايين المشاهدات

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/18 الساعة 20:19 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/18 الساعة 20:19 بتوقيت غرينتش

لقي إعلان جديد لشركة جيليت لشفرات الحلاقة Gillette ردود فعل متباينة، بعد أن تخلَّت عن شعارها الذي اتخذته منذ 30 عاماً، وسط دعوات لمقاطعة منتجاتها، من قِبل مشاهير الإعلام والفن في الولايات المتحدة.

وقالت صحيفة The Guardian البريطانية: "أُمطِرت شركة شفرات الحلاقة Gillette بوابلٍ من الإشادات والإساءات معاً بعد تدشينها حملة إعلانية تدعو فيها إلى نوعٍ جديدٍ من الذكورية الإيجابية".

ما الذي أغضب البعض في إعلان جديد لشركة جيليت ؟

كجزءٍ من حركة #MeToo، تعدِّل إعلان جديد لشركة جيليت على شعارها الذي اتخذته 30 عاماً "أفضل ما يستحقه الرجال"، مستبدلةً به شعار "أفضل ما يكونه الرجال".

وتحتوي الدعاية على لقطاتٍ إخباريةٍ عن حركة #MeToo، بالإضافة إلى صورٍ تُبرِز التحيز الجنسي بالأفلام، وفي قاعات الاجتماعات، والعنف بين الأولاد الصغار، في حين يقول التعليق الصوتي: "التنمر، حركة MeToo ضد التحرش الجنسي، الذكورية السامة، أهذا أفضل ما يمكن أن يصل إليه الرجال؟".

وقد انتشر الفيلم، بعنوان "We Believe: The Best Men Can Be"، فوراً كالنار في الهشيم، مسجِّلاً 4 ملايين مشاهدة على موقع YouTube في غضون 48 ساعةً، ولاقى إشادات واسعة، إلى جانب انتقادات غاضبة.

فكتبت بيرنِس كينغ، ابنة أسطورة الحقوق المدنية الراحل مارتن لوثر كينغ: "ليس هذا الإعلان معادياً للذكور، إنه مناصرٌ للإنسانية. وهو يوضح إمكانية تقدُّم الشخصية لأجل تغيير الظروف".

بينما اتهم الممثل جيمس وودز، الحائز جائزة Emmy والمؤيد البارز للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، شركة Gillette بـ "الانضمام إلى حملة (الرجال بشعون)"، وتَعَهَّد بمقاطعة منتجاتها.

وكذلك هاجمت مجلة The New American اليمينية المتطرفة رسالة الإعلان، قائلةً إنها "تعكس كثيراً من الافتراضات الكاذبة"، مضيفةً أن "الرجال هم الجنس الأكثر جماحاً، وهو السبب وراء خطورتهم، ولكن كذلك وراء حيويتهم".

بينما أشاد آخرون بمضمون الفيديو الترويجي

ولكن دنكان فيشر، مدير السياسة والابتكار في منظمة Family Initiative، رحَّب بالنقلة الثورية في رسالة الشركة، وقال إنها تخدم ترسيخ صورةٍ جديدةٍ عن الذكورية الإيجابية، إذ قال: "هناك كثيرٌ من الرجال الراغبين في نُصرة نوعٍ مختلفٍ من الذكورية، ولكن بالنسبة للكثيرين من الرجال، لم يجدوا سبيلاً للتعبير عن ذلك، وما علينا سوى أن نمنحهم صوتاً. بالطبع هذا إعلانٌ صنعته شركةٌ لأجل بيع شفرات الحلاقة، ولكنه يمثِّل محاولةً لتغيير مجرى الحوار".

وعلَّق آخرون بأن حدة ردود الفعل العنيفة تجاه الإعلان تدلُّ على ضرورة الاعتراف على نطاقٍ أوسع بالأضرار التي ألحقتها الذكورية السامة بالرجال والنساء.

لتتحول صفحة الفيلم على اليوتيوب إلى "ساحة معركة"

وجاء من بين الاعتراضات أن فيديو إعلان جديد لشركة جيليت يشير إلى أن معظم الرجال متحرشون جنسيون أو بلطجيةٌ عنيفون، وأنه يُعَدُّ "فضيلةً ظاهريةً" من شركةٍ لا تعبأ حقاً بالقضية، وأن الإعلان يسلب الرجال ذكوريتهم.

وسرعان ما صارت صفحة الفيلم على YouTube ساحة معركةٍ ثقافيةً تكثر فيها الردود السلبية عن الإيجابية على المنصة -التي لاقت انتقاداتٍ لتقاصرها عن الحدِّ من كراهية النساء في تعليقاتها- في حين يقول كثيرٌ من المُعلِّقين إنهم لن يشتروا شفرات Gillette مرةً أخرى.

هذا وقد أصاب الإعلان المذيع التلفزيوني بيرز مورغان بغضبٍ عارمٍ دفعه إلى أن يعلن مقاطعته الشركة، ويخصِّص عموداً صحفياً للتنديد بكونها جزءاً من "العدوان العالمي المثير للشفقة على الذكورية".

إذ كتب بيرز مورغان على موقع تويتر بتاريخ 14 يناير/كانون الثاني 2019: "لقد استعملت شفرات @Gillette طوال حياتي البالغة، ولكن هراء الفضيلة الظاهرية والصوابية السياسية هذا قد يدفعني للتوجه إلى شركةٍ أقل تلهفاً لى تدعيم العدوان العالمي المثير للشفقة على الذكورية.

دع الأولاد يكونوا أولاداً.

دع الرجال يكونوا رجالاً بحق السماء".

ورداً على تغريدات مورغان الغاضبة، غرَّدت الصحفية الإذاعية سوليداد أوبراين، قائلةً: "أطبِق فمك يا بيرز"، في حين تخيلت الكوميديانة الكندية ديفن غرين رد فعل Gillette على سخط مورغان، في دور شخصيتها السيدة بيتي باورز، مغردةً: "إن اعتقاد بيرز مورغان أنه ممثلٌ عن الذكورية الهائجة لهو أمرٌ بديعٌ".

حملة متقنة "إلى حد مدهش"

ويعرض إعلان جديد لشركة جيليت رجالاً يتدخلون لإيقاف شجاراتٍ بين الأولاد ويهاجمون رجالاً آخرين حين يتلفظون بأشياء غير لائقةٍ جنسياً إلى النساء في الشوارع.

ويقول التعليق الصوتي: "نحن نؤمن بما هو أفضل في الرجال: أن تقول ما يصح، وتتصرف كما يصح. بعضهم يفعلون ذلك بالفعل بطرقٍ كبيرةٍ وصغيرةٍ. لكن البعض لا يكفي. لأن الأولاد المشاهدين اليوم سيكونون رجال الغد".

ومن جانبه، وصف خبير العلاقات العامة مارك بوركاوسكي الإعلان بكونه جزءاً من "حملةٍ متقَنَةٍ إلى حدٍّ مدهشٍ"، مضيفاً أنها استمالت جيلاً أصغر سناً على درايةٍ كاملةٍ بقوة تأثير الدعاية والتسويق في المجتمع.

وقال موضحاً: "لم يعد يكفي للشركات أن تبيع منتجاتها وحسب، بل يطالب العملاء بأن يكون لها غرضٌ ما، أن تمثِّل شيئاً ما". وأكمل قائلاً: "الذكورية جزءٌ هائلٌ من دعاية Gillette، وهناك اعترافٌ في هذا الإعلان بأن الجيل الجديد يعيد صياغة مفهوم الذكورية، وأنها لم تعد الفكرة المبتذلة التي كانت عليها في السابق".

ومقصودة من قبل الشركة

وكتبت Gillette، المملوكة لشركة Protecter & Gamble، باستفاضةٍ عن فلسفة الإعلان، قائلةً إن إعلان جديد لشركة جيليت جزءٌ من مبادرةٍ أوسع من الشركة للترويج إلى "ترجماتٍ إيجابيةٍ وقريبة المنال وشموليةٍ وصحيةٍ لمفهوم معنى الرجولة".

وكتبت الشركة على موقعها: "آن الأوان لكي نعترف بأن الشركات، مثل شركتنا، تلعب دوراً في التأثير في الثقافة. بدءاً من اليوم، نتعهَّد بأن نتحدى بفاعلية الأنماط والتوقعات السائدة لما تعنيه الرجولة في كل مكانٍ ترى فيه Gillette. في الإعلانات التي نعرضها، والصور التي ننشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، والكلمات التي نختارها، وأكثر من ذلك بكثير".

ووعدت Gillette كذلك بالتبرع بمليون دولار سنوياً لمدة 3 سنواتٍ إلى المنظمات غير الربحية ذات البرامج "المصمَّمة لإلهام الرجال من كل الأعمار وتعليمهم ومساعدتهم على أن يحققوا (أفضل) ما لديهم ويصبحوا نماذج يحتذى بها للجيل القادم".

يُذكَر أن الإعلان من إخراج كيم غيريغ من وكالة الإنتاج البريطانية Somesuch. وكانت كيم وراء حملة This Girl Can الإعلانية في عام 2015 لصالح هيئة Sport England، و"Viva La Vulva"، وهو إعلانٌ لشركة منتجات التعقيم الأنثوية السويدية Libresse.

ومخرجته امرأة

وقد استاء بعض الناس من الإعلان لأنه من إخراج امرأةٍ، إذ كتب الناقد السياسي الكندي المحافظ عزرا ليفانت: " إعلان جديد لشركة جيليت كتبته نسوياتٌ متعصباتٌ كارهاتٌ ليس أكثر فاعليةً من إعلان سداداتٍ مهبليةٍ كتبه رجالٌ في منتصف العمر… اعتبروني بعد 30 عاماً لست من عملاء الشركة".

ولكن أشاد الكثيرون بالحملة، ومنهم وزارة الخارجية الأيسلندية، ومؤسسة تايلر كليمينتي، المسماة تيمناً بطالبٍ انتحر قفزاً من على سطح بنايةٍ بعد فضح مثليته الجنسية على الإنترنت.

فكتبت وزارة الخارجية الأيسلندية على Twitter بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني: "نحن نؤمن بما هو أفضل في الرجال!"، بينما كتبت مؤسسة تايلر كليمينتي: "شكراً لـ@Gillette على تذكيرنا باستحالة الرجوع إلى الخلف بعد التقدم الذي أحرزناه كمجتمعٍ في مواجهة مشكلة التنمر والتحرش بالآخرين. ساعدونا على نشر هذه الرسالة عن أهمية الاستقامة".

وتتبع هذه الحملة حملاتٍ أخرى من شركاتٍ دوليةٍ كبرى تناولت قضايا اجتماعيةً وسياسيةً. ففي عام 2018، أطلقت Nike حملةً تصدّرها لاعب كرة القدم الأمريكية كولين كابرنيك، الذي تعرض لانتقادٍ من دونالد ترامب على جثوِّه في أثناء عزف النشيد الوطني؛ احتجاجاً ضد العنصرية.