5 أشخاص أنقذوا العالم.. أحدهم قرر عدم فعل شيء فأنقذ العالم من حرب نووية

نتعرف في هذا التقرير على أشخاص أنقذوا العالم على طريقتهم الخاصة، وبدون امتلاك قدرات خارقة، فكل ما قاموا به هو التأثير في مجرى أحداث العالم في الوقت الصحيح.

عربي بوست
تم النشر: 2019/01/13 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/01/13 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش

إنقاذ العالم يرتبط في مخيلتنا دوماً بامتلاك القدرات الخارقة؛ إذ يكون العالم على حافة الانهيار ليأتي بطل كمن اعتدنا رؤيتهم على شاشات السينما مثل سوبر مان أو سبايدر مان لينقذ العالم في اللحظة الأخيرة، ولكن من خلال هذا التقرير سنتعرف على أبطال أنقذوا العالم على طريقتهم الخاصة، وبدون امتلاك قدرات خارقة، فكل ما قاموا به هو التأثير في مجرى أحداث العالم في الوقت الصحيح.

جيمس هارسيون: الأسترالي ذو الدم النادر الذي أنقذ حياة أكثر من مليوني شخص

في إحدى مستشفيات أستراليا خلال عام 1951 كان يجب أن يقوم الطفل جيمس هارسيون بعملية إزالة لإحدى رئتيه، ولكن للقيام بالعملية كان يحتاج إلى الكثير من الدم، وبالفعل حصل هارسيون على 13 وحدة من الدم وأجريت العملية بفضل تبرع أشخاص غير معروفين.

في ذلك الوقت قطع هارسيون على نفسه عهداً بأنه سيصبح متبرعاً بالدم، لكن لأنه كان حينها في الرابعة عشرة من عمره ولم يكن يُسمح له قانوناً بالتبرع بالدم حتى يصل لسن الثامنة عشرة، انتظر هارسيون تلك المدة ثم أوفى بوعده، وظل يتبرع بالدم لمنظمة الصليب الأحمر الأسترالية على مدار 60 عاماً بشكل أسبوعي. لكن مهلاً، لم يكن ذلك الفعل وحده هو ما جعل هارسيون بطلاً حقيقياً.

خلال تلك السنوات، كان أطباء أستراليا يواجهون تحدياً كبيراً من أجل معرفة سبب إجهاض آلاف المواليد أو موتهم داخل الرحم وإصابتهم بتشوهات في الدماغ، وبعد إجراء الكثير من التحاليل الطبية تبين أن هؤلاء الأطفال يعانون من فقر دم انحلالي يصيب المواليد الجدد، ولمنعه من الحدوث يجب حقن المرأة الحامل بنوع خاص من الأجسام المضادة.

حينها فتش الأطباء بشكل مكثف عن شخص يحتوي دمه على تلك الأجسام المضادة ووجدوها في دم جيمس هارسيون، بعدها بفترة قصيرة طور الأطباء مصلاً أطلق عليه اسم Anti-D باستخدام البلازما المشتقة من دم هارسيون الذي كان يتبرع به، ووفقاً للصليب الأحمر استُخدمت البلازما المشتقة من دمه لصنع الملايين من حقن الأمصال، وساهم جيمس هارسيون في إنقاذ حياة أكثر من مليوني طفل.

جيمس هارسيون مع توأمين أنقذتهما فصيلة دمه
جيمس هارسيون مع توأمين أنقذتهما فصيلة دمه

ألكسندر أكيموف: الرجل الذي لولاه لكانت تبعات كارثة تشيرنوبل أكثر سوءاً

في ليلة 26 أبريل/نيسان عام 1986 كان المهندس ألكسندر أكيموف يعمل في مناوبته الليلية مع طاقمه الخاص في منشأة تشيرنوبل النووية، إذ كانوا يقومون ببناء وحدتين إضافيتين للمفاعل النووي، كما كانوا يجرون تجربة السلامة الأمنية على الوحدة الرابعة من المفاعل، وفي أثناء التجربة انفجر المفاعل بسبب أخطاء في إجراءات السلامة.

أثناء إجراء التجربة تلقى أكيموف تحذيرات من بعض أفراد طاقمه أن هناك خللاً ما، لكنه لم يصدق الأمر وتجاهل تلك التحذيرات عن غير عمد وهو أمر سيقوم بالتعويض عنه مقابل حياته.

أعلن أكيموف حالة الطوارئ، ولكن بحلول ذلك الوقت كان المفاعل قد انفجر بالفعل وتسربت منه مستويات هائلة من الإشعاعات النووية، وعوضاً عن إخلاء المكان، اختار أكيموف أن يبقى هو وجميع طاقمه في المنشأة إذ شغلوا مضخات مياه الطوارئ من أجل إغراق المفاعل النووي.

وبسبب انقطاع مصدر الطاقة بعد الانفجار قام أكيموف وأفراد طاقمه بضخ مياه الطوارئ يدوياً إلى المفاعل، ونتيجة لبقائهم في المناخ السام داخل منشأة المفاعل النووي دون أي معدات تحميهم من الإشعاعات لقي أكيموف ورفاقه مصرعهم في خضم مجهودهم للتخفيف من وطأة الكارثة وبالفعل نجحت محاولاتهم في إنقاذ حياة الكثيرين ولولاهم لكانت الإشعاعات النووية انتشرت على نطاق أوسع بكثير مما حدث في الواقع.

 ألكسندر أكيموف
ألكسندر أكيموف

هينريتا لاكس: الخلايا التي قتلت صاحبتها وأنقذت الملايين

في أحد أيام عام 1951 قصدت هينريتا لاكس مستشفى جونز هوبكينز بولاية ماريلاند الأمريكية وذلك بعد أن لاحظت وجودة كُتلة متضخمة قرب عُنق الرحم لديها، وبعد أن فحصها الأطباء تبين أنها مصابة بسرطان الرحم، وخلال الخمسينيات لم يكن هناك علاج لمرض السرطان، ولذا ازدادت حالة لاكس سوءاً وماتت بعد سبعة أشهر من دخولها المستشفى، لكن قصتها لم تنته عند هذا الحد.

في المتوسط، تموت مليونا خلية داخل جسم الإنسان في كل ثانية، وأحياناً تقرر بعض الخلايا ألا تموت، فتظل تتكاثر وتتكاثر وهو ما يُعرف باسم مرض السرطان، وعادة تموت الخلايا السرطانية بعد موت الشخص بعدة أيام، لكن خلايا السيدة لاكس لم تمت وظلت تنمو وتتضاعف بوتيرة غير مسبوقة وبشكل خرج عن السيطرة.

أرسل الأطباء حينها عينات من خلايا لاكس إلى مختلف علماء الطب في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية وقد أُطلق على هذه الخلايا اسم HeLa في إشارة إلى الحرفين الأوّلين من الاسم الأول والثاني للسيدة هنريتا لاكس.

توالت بعد ذلك الاستخدامات المتعددة لتلك الخلايا وحُققت عشرات الإنجازات في عالم الطب بسبب خلايا لاكس مثل لقاحات شلل الأطفال وفيروس الورم الحليمي البشري وفيروس زيكا في مراحله الأولى، وأطفال الأنابيب وبحوث مرض الإيدز وبحوث مرض السرطان، كما أُرسلت خلايا لاكس مع فئران التجارب البيضاء إلى الفضاء من أجل اختبار ما يمكن أن يحدث للخلايا البشرية في حال انعدام الجاذبية، ووضع العلماء بعضاً من تلك الخلايا بالقرب من مواقع اختبار ذرية من أجل اختبار آثار الأشعة النووية على الخلايا البشرية.

ويمكن القول بأنه لا يوجد شخص على وجه الأرض لم يستفد من خلايا السيدة لاكس، ولهذا اعتبرها العلماء من أعظم الاكتشافات في تاريخ البشرية.

هينريتا لاكس
هينريتا لاكس

نورمان بورلوغ: أبو الثورة الخضراء الذي أنقذ العالم من مجاعة محققة في الستينيات

بعد تخرجه من جامعة مينيسوتا الأمريكية في تخصص علم الغابات وأوبئة النباتات والجينات، حصل بورلوغ على وظيفة في شركة DuPont  الكيميائية عام 1942، وعمل أثناء الحرب العالمية الثانية على المكونات الكيميائية التي استخدمت في الحرب، ولكن البروفسيور الأمريكي إلفين سي ستاكمان الذي كان يدرس لبورلوغ في الجامعة أقنعه خلال عام 1944 بالالتحاق بمشروع مكافحة الجوع في المكسيك التابع لمؤسسة روكيفلير.

وهناك عكف بورلوغ على دراسة سلالات القمح وذلك بهدف الوصول لأنواع مختلفة منها تلائم المناخ في المكسيك وتكون قادرة على مقاومة الأمراض والفطريات وخاصة مرض صدأ ساق القمح.

وخلال تلك الفترة الزمنية توصل الباحثون إلى طريقة لتحقيق إنتاجية عالية من القمح عبر إعطائه أسمدة كيماوية، ولكن هذه الاستراتيجية لم تنجح فعند مستوى معين من إعطاء السماد كانت رؤوس بذور القمح تكبر وتصبح ثقيلة مما يجعل أعواد القمح تسقط ويفسد المحصول.

وبعد الكثير من الدراسات الميدانية التي قام بها بورلوغ وفريقه، توصل إلى إنتاج القمح القزم وكانت النتائج مبهرة؛ إذ أنتجت رؤوس بذور القمح الكثير من الحبوب دون أن تسقط وعلى نفس المساحة من الأرض أصبح إنتاج القمح أربعة أضعاف ما كانت تنتجه نفس المساحة في السابق، وبسبب إنجازه الكبير فاز بورلوغ بجائزة نوبل للسلام خلال عام 1970، ووصفته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بأنه أبو الثورة الخضراء التي أنتجت وفرة لم يسبق لها مثيل من أجل تلبية احتياجات العالم من الغذاء، ولولا إنجاز بورلوغ لدخل العالم في مجاعة كبرى بسبب نقص الغذاء.

نورمان بورلوغ
نورمان بورلوغ

ستانيسلاف بيتروف: الرجل الذي أنقذ العالم من خلال عدم القيام بأي شيء على الإطلاق

يُحكى أنه في ليلة 26 سبتمبر/أيلول عام 1983 وفي قاعدة الإنذار الاستراتيجية جنوب موسكو تلقى الضابط السوفيتي ستانيسلاف بيتروف من نظام المراقبة عبر الأقمار الصناعية إنذاراً بأن الولايات المتحدة أطلقت صواريخ باليستية عابرة للقارات صوب بلاده.

تبعاً للتعليمات كان يجب على بيتروف أن يبلغ القيادة بذلك فوراً خاصة أن الاتحاد السوفيتي كان يخشى من هجوم نووي أمريكي مفاجئ في فترة شديدة التوتر من الحرب الباردة؛ فخلال هذا الشهر أسقط الاتحاد السوفيتي طائرة ركاب أمريكية كانت متوجهة إلى كوريا الجنوبية بعد اشتباهه بأنها طائرة تجسس.

وعوضاً عن إبلاغ السلطات اختار بيتروف الصمت واتبع حدسه بأن الإنذار كاذب فلو كانت الولايات المتحدة تنوي مهاجمة الاتحاد السوفيتي فلن تفعل ذلك بخمسة صواريخ نووية كما ذكر الإنذار ولكنها ستمطر موسكو بمئات الصواريخ خاصة وأنها تملك أكثر من 20 ألف رأس نووي وبسبب قرار بيتروف بتجاهل الإنذار وبعدم القيام بأي شيء على الإطلاق، أنقذ العالم من حرب نووية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.