بشرى لـ46 مليون مريض حول العالم.. علاج الزهايمر سيكون متاحاً خلال 10 سنوات

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/31 الساعة 14:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/31 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
الشيخوخة والنوم _ iStock

كشفت صحيفة The Telegraph البريطانية أنه يُمكن أن يكون استخدام الحقن لمكافحة تطور و علاج مرض الزهايمر مُتاحاً للمرضى في غضون 10 سنوات، وذلك حسبما تُشير توقعات منظمة أبحاث الخرف الرائدة في بريطانيا.

إذ تقول جمعية الزهايمر، وهي مؤسسة بريطانية مسؤولة عن أبحاث علاج مرض الزهايمر وأمراض الخرف والبحوث غير الربحية، إنَّ سلسةً من الطفرات التي حدثت مؤخراً في مجال العلاجات والأدوية، التي من شأنها تعطيل عمل الجينات الضارة، قادت العلماء إلى "نقطة تحول" في كفاحهم ضد المرض.

علاج مرض الزهايمر خلال عشر سنوات

وعلى مدى عقود، سعى الباحثون دونَ جدوى للتوصُّل إلى علاج مرض الزهايمر الذي يصيب 46 مليون شخص حول العالم، يعتمد على استهداف البروتينات الضارة التي تتراكم في الدماغ.

ومع ذلك، أقنعت النتائج "اللافتة" لتجربةٍ أُجريت حديثاً، والتي تستهدف إيقاف عمل الجينات الضارة التي تُنظِّم البروتينات لدى الأطفال المولودين بمشكلةٍ نادرة في العمود الفقري، العلماءَ أنَّ بمقدورهم اعتماد النهج ذاته في ما يخص الأشخاص الأكثر عُرضة لخطر الإصابة بالخرف.

وفي مقابلةٍ مع صحيفة The Daily Telegraph البريطانية، قال جيمس بيكيت، رئيس البحوث في جمعية الزهايمر، إنَّ حُقناً للعمود الفقري من شأنها وقف انتشار وتطور أشكال مُحددة من المرض يُمكن أن تتوافر في غضون أقل من 10 سنوات.

ولن يُغيِّر العلاج، الذي يستخدم ما يُسمى بـ"المقص الجزيئي"، الشفرة الجينية الأساسية للشخص، بل الطريقة التي تتواصل بها جينات مُحددة معروفة بأدائها دوراً في الإصابة بالخرف.

وسنة 2019 ستكون "نقطة تحول" في العلاج

ومن شأن عقار مثل هذا أن يفيد بالأساس قُرابة 18 ألف شخص في المملكة المتحدة من بين الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة بمرض الزهايمر الوراثي، أي ما يقرب من 2% من إجمالي عدد البريطانيين الذين يُعانون من الأمراض التنكسية، وهي الأمراض التي تؤثر بالأساس على الخلايا العصبية في المخ.

ويضم هؤلاء الأشخاص المصابين بالطور الأول لمرض الزهايمر، والذي يمكن أن يصيب الأفراد في أوائل الثلاثينات من عمرهم. ولا يوجد في الوقت الحالي أي علاجٍ لأيٍ من أشكال المرض.

وقال بيكيت إنَّ "عام 2019 سيكون نقطة تحول في علاجمرض الزهايمر من خلال الجينات المُسببة لأمراض الخرف".

وأضاف: "تكتمل الكثير من قطع الأحجية المختلفة. لدينا كل هذا القدر من المعرفة الجينية، مثلما فعل الباحثون في مجال السرطان قبل 30 عاماً، ونستثمر حالياً في فهمه واستغلاله".

يعرف العلماء في الوقت الحالي 25 نوعاً من الجينات التي تزيد بشكلٍ كبير خطر إصابة الشخص بمرض الزهايمر، مقارنةً بنوعٍ واحد فقط كان مكتشفاً في عام 2012.

من خلال التلاعب بالجينات المسببة للمرض

ويعتقد الباحثون على نحوٍ متزايد أنَّ التعبير عن هذه الجينات يُمكن التلاعب به عن طريق تقنية "كريسبر" (CRISPR) المُختصة بتعديل الجينات، والتي تستغل عمليةً يستخدمها الجهاز المناعي لاقتطاع الحمض النووي (DNA)  للبكتيريا الغَازيِّة أو ما يُعرف بالبكتيريا المُفترسة.

حظيت هذه التقنية برواجٍ واسع النطاق في الشهر الماضي نوفمبر/تشرين الثاني بعدما ادَّعى العالم الصيني، خه جيان كوي، أنَّه استخدمها بغرض المساعدة في إنتاج أول أطفال مُعدلين وراثياً في العالم.  

ومن شأن هذا التطور أن يكون غير قانوني في المملكة المتحدة، وأدانته الأوساط العلمية إدانةً صريحة.

وفي المُقابل، ستأخذ حالات علاج مرض الزهايمر المقترحة شكل "العلاج بالمرسال"، مُستهدِفةً الطريقة التي تُنظِّم بها الجينات نشاط البروتينات الضارة، مثل بروتيني tau و Apo، في الدماغ.

ولا يزال الأطفال المُصابون بضمور العضلات الشوكي، الذين قُدِّم لهم هذا النمط من العلاج، حالياً قادرينَ على المشي ولا يعتمدون على أجهزة التنفس الصناعي، بعد مرور سنواتٍ على الموعد الذي كان متوقعاً أن يُصابوا فيه بحالة وهن.

والتجارب أظهرت "نتائج واعدة"

وبالمثل، أظهرت تجربة العلاج الجيني في كلية لندن الجامعية، التي تهدف لخفض مستويات البروتين الضار لدى المرضى المُصابين بداء هنتنغتون، نتائجَ واعدة كذلك. قال بيكيت: "ما نستخلصه من أحد الأمراض يُمكن أن نُطبِّقه على مرضٍ آخر".

وأضاف: "ستكون هناك وثبة ثقة. فهناك شبكة عالمية من الأشخاص المُصابين بجينات مرض الزهايمر الموروثة في غالبها، وهؤلاء الأشخاص التُعساء راغبون بشدة في المشاركة في تلك التجارب".

وقال كذلك إنَّ الأولوية يجب أن تتمثَّل في اجتذاب علماء تقنية "كريسبر" الذين يعملون حالياً على تطبيقها في مجالاتٍ أخرى، كالخصوبة على سبيل المثال، لتحويل انتباههم نحو الخرف بهدف تحسين دقتها.

وأضاف بيكيت أنَّه بالنسبة لمرض الزهايمر غير الوراثي أو "الفُرادي"، وهو النوع الذي يُصاب به غالبية المرضى والذي عادةً ما يتطوَّر بعد عمر الخامسة والستين، فإنَّ العلاجات الوقائية لا تزال "بعيدة".

غير أنَّه أشار إلى تجربةٍ حالية تستهدف بروتين tau، تنتهي في يناير/كانون الأول عام 2020، باعتبارها أساس محتمل يمكن البناء عليه لمزيدٍ من العلاجات التي يمكن استخدامها على نطاقٍ واسع.

تأتي حالة التفاؤل الجديدة في أعقاب سلسلةٍ من الإخفاقات في ما يتعلَّق بأبحاث مرض الزهايمر خلال السنوات الأخيرة أظهرت فيها التجارب الكبرى نتائج مُخيبةً للآمال.

ففي يناير/كانون الثاني، أعلنت شركة Pfizer الرائدة في صناعة الدواء أنَّها ستنسحب من أبحاث وتطوير عقارٍ  علاج مرض الزهايمر.

يوجد في الوقت الراهن قُرابة 850 ألف شخصٍ في المملكة المتحدة ممَّن يعانون شكلاً من أشكال الخرف.

وسيُصاب حوالي 1 من كل 14 شخصاً ممن تجاوزت أعمارهم الـ65 عاماً بالمرض، فضلاً عن إصابة 1 من بين كل 6 ممَّن تجاوزت أعمارهم الـ80 عاماً.

مرض الزهايمر لا يصيب فقط الشيوخ

في العام الماضي، شُخِّصَ دانيال برادبري (31 عاماً) بإصابته بنوعٍ نادر من مرض الزهايمر الناجم عن طفرة في جينٍ يُطلَق عليه "PSEN1"

وقد وَرث برادبري الجين من والده، أدريان، الذي تُوفي نتيجة إصابته بنفس المرض، في عمرٍ يُناهز 36 عاماً.

يُعاني دانيال مع الحركة وذاكرته قصيرة المدى نتيجةً لحالته الصحية، وهو حالياً غير قادر على القيام بمهام وظيفته السابقة كبستاني. إلى جانب أنَّه يشهد تغييراتٍ في سلوكه وحالته المزاجية.

قالت غوردان، زوجة دانيال التي تعمل مُصوِّرة طبية: "رؤية زوجي مُتوعكاً تفطر قلبي. بالنسبة لدانيال، إنَّه أمرٌ مرهقٌ ذهنياً. دماغه يحتضر، وهو مُستنزفٌ من جرَّاء ذلك. إنَّه نوعٌ من التعذيب النفسي لمن حوله أيضاً، لأنَّهم يرون الشخص الذي يحبونه ينهار".

وهناك احتمالٌ بنسبة 50% أن يكون توأم دانييل وغوردان، لولا وجاسبر، قد ورثا جين PSEN1.

خاصة وأن مرض الزهايمر قد يكون وراثياً

تعتقد غوردان أنَّه إن لم يطرأ شيءٌ جديد في تطور علاج مرض الزهايمر ، فسيُكرِّر التاريخ نفسه ببساطة ويعاني طفلاها.

وتُضيف: "سأقوم برعاية طفليّ اللذين سيُصابان بمرض الزهايمر في أوائل الثلاثينات من عمرهما. قد أفقد عائلتي بأكملها قبل أن أصل لسن التقاعد. هذا شعورٌ مُخيفٌ للغاية بالنسبة لي، إنَّها حقيقةٌ مُخيفة للغاية. أود أن يكون هناك علاجٌ ما متوفر لطفليّ إذا احتاجا إليه".

ويحدو كثيرون من مرضى الزهايمر وأقربائهم الأمل في أنَّ يجري التوصل إلى علاج مرض الزهايمر في نهاية المطاف يقضي على المرض، وليس فقط إلى علاجٍ لإبطائه.

تقول غوردان: "العلاجات جيدة، لكن بالنسبة لي، كوني شخصاً يشاهد شريكه يُعاني من هذه الحالة المرضية ويتعامل معها يومياً، لا شيء أقل من علاجٍ (نهائي) سيفي بالغرض".

تحميل المزيد