فككوها ثم جمعوها ووثّقوا رحلتها إلى روما.. ما قصة شجرة الميلاد؟ ولماذا دفعت Netflix نصف مليون دولار؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/12/10 الساعة 20:55 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/12/10 الساعة 20:55 بتوقيت غرينتش

تحظى شجرة ميلاد روما 2018 باهتمام شعبي كبير، ليس لأنها طقس من طقوس احتفال أعياد الميلاد، وإنما لسبب مختلف كلياً.

فمنذ أسابيع، ينتظر أهل روما بلهفة نَصْب شجرة عيد الميلاد الرسمية بالعاصمة الإيطالية. يريدون التعرف على نوعها وحجمها ومصدرها وزينتها، وأخيراً ما إذا كانت ستعيش لترى صبيحة اليوم التالي!

بدأ الأمر العام الماضي (2017)، عندما شهدت الشجرة كارثة مدوية انتشرت على وسائل الإعلام.

أُطلِق على تلك الشجرة، وهي من نوع أشجار التنّوب الشوحي -التي سقطت أفرُعها فور وضعِها- لَقَب "Spelacchio" أو "Mangy-أي الشجرة الجرباء".

أما السبب، فهو منظرها الرث. سَخِر الناس واستهزؤوا بلا رحمةٍ بتلك الشجرة طيلة موسم العيد.

عمدة المدينة، فيرجينيا رادجي، لم تسلم هي الأخرى من موجة الغضب العارمة التي اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي، وفق ما ذكرته صحيفة New York Times الأميركية.

لذلك، فليس من المستغرب أن تكون شجرة الميلاد لهذا العام (2018) محل تدقيق بشكلٍ خاص.

الصحافة توثق رحلة شجرة ميلاد روما 2018 من المشتل إلى وسط المدينة

ويوم السبت 15 ديسمبر/كانون الأول 2018، من المقرر أن يكون العرض الرسمي للشجرة. ولكن رحلتها -إلى المجد أو إلى العار- قد تمّ تتبعها أسابيع.

في أواخِر شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2018، سافرت مجموعة من المراسلين الجريئين في رحلةٍ مضنية إلى بلدة "شيتيليو-Cittiglio" بإقليم لومباردِيَّا، والتي تبعد 416 ميلاً شمال العاصمة، وبالتحديد إلى مشتلٍ ظلّت هويته مجهولة أسابيع.

وهناك، أرّخ المراسلون عملية قطع شجرة الميلاد وتحضيرها لنقلها إلى روما، والتي شملت فصل الفروع الكبيرة عن الشجرة البالغ ارتفاعها 75 قدماً، ليتم بعد ذلك إيصال تلك الفروع بالشجرة مرة أخرى بعد وصولها للعاصمة.

"تم تفكيكها وإعادة تجميعها كقطعةٍ من أثاث شركة Ikea"!

وكتبت صحيفة Il Messaggero اليومية، التي تتخذ من روما مقراً لها، في مقالٍ بالصفحة الأولى، أن الشجرة "قد تم تفكيكها وإعادة تجميعها كقطعةٍ من قِطع أثاث شركة Ikea".

على الفور، سماها بعض أهالي روما Spezzacchio#، وهي تحريفٌ لفِعل "الكسر – أي كسر شيءٍ ما" في اللغة الإيطالية.

وبشكلٍ غير لطيف، قارنها آخرون بشخصية فرانكنشتاين، بسبب وضع بعض الأشرِطة المعدنية على جِذع الشجرة.

وفي المقابل، فإن شجرة الميلاد الخاصة بالفاتيكان، المضاهية لشجرة مدينة روما في الارتفاع، والتي أُضيئَت رسمياً ليلة الجمعة، أُحضرت إلى روما من إقليم "فريولي فينيتسيا جوليا" قطعةً واحدة.

الإيطاليون يستقبلون الشجرة بهاشتاغات ساخرة

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى ملأت أخبار شجرة الميلاد شبكات التواصل الاجتماعي.

ولكن، يبدو أن الإيطاليين لا يتفقون على هاشتاغ واحد للشجرة.

صحيحٌ أن هاشتاغ Spezzacchio# قد حصل على بعض الزخم، ولكن Speraggio@ ينافسه في الشهرة، وهو تحريفٌ لفِعل "الأمل" في اللغة الإيطالية.

تبنّى هذا الهاشتاغ بعض من يرون أن الشجرة تمثل رمزاً لسعي العمدة راجي للتعويض عن مهزلةِ شجرة العام الماضي.

ويعتبرونها رمزاً لكل مشاكل روما

بالنسبة للعديد من منتقدي عمدة روما، وهي عضوة بحركة النجوم الـ5 الشعبوية، كانت شجرة الـMangy رمزاً لكل مشاكل العاصمة:

  • تراكم القمامة.
  • الحُفر المنتشرة بالطرقات.
  • اشتعال النيران في الحافلات بين الفينة والأخرى.

ويبدو أن الحساب الرسمي لـ Spelacchio، الذي أُنشئ في العام الماضي (2017)، قد استُخدِم هذا العام أيضاً.

وعلى الرغم من كثرة الأوصاف لشجرة العام الماضي، يبدو أن هذا الوصف القديم لم يُنسَ بعد.

عمدة روما تستعين بـNetflix لإنقاذ الموقف

ومؤخراً، نشرَت العمدة راجي تغريدة فخورة تقول فيها: "شجرة spelacchio@ قد عادت إلى روما من جديد"، مستخدمةً صورةً تم اعتمادها من قِبَل Netflix، الراعي الرسمي للشجرة.

أسهمت Netflix بأكثر من 376 ألف يورو (أي ما يُعادِل 428.376 دولاراً) كراعٍ للشجرة.

ويتضمن المبلغ تزيينها بـ60 ألف مصباح، بالإضافة لـ500 كرة حمراء وفضِّية، بعضها يحمل العلامة التجارية لخدمة البث (حرف N) وتشييد منصةٍ لالتقاط صور السيلفي.

والأمن يعيّن حراسة خاصة للشجرة الموعودة

وقد قامت Netflix أيضاً بحملةٍ دعائية للشجرة -"لقد عدتُ من جديد. Spelacchio"- في إشارة ساخرة إلى شجرة العام الماضي.

وكما يليق بنجوم شبكات التواصل الاجتماعي، فقد كان لهاشتاغات Speracchio# وSpezzacchio وSperaggio@ حاشيتها الخاصة.

ويوم الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول 2018، قام أحد وكلاء الدعاية بالإجابة عن تساؤلات بعض الأشخاص الذين قاموا بالتخييم أسفل الشجرة. وتمكن حُرّاس الأمن من إبقاء المتطفلين بعيداً عنها.

كانت التعليقات بشأن الشجرة في شبكات التواصل الاجتماعي إيجابية في معظمها.

فهناك من سرق الشجرة في نابولي

وبالتأكيد، لن يكون الوضع أسوأ من مدينة نابولي، حيث سُرِقت شجرة عيد الميلاد في المعرض الرئيسي للمدينة بعد أقل من 3 أيام على نَصبِها، ما أدى إلى ظهور اسمٍ جديد: Rubacchio#، الذي يشير إلى الكلمة الإيطالية التي تعني "السرقة". (عُثِر على الشجرة بعد بضع ساعات من سرقتها).

أما شجرة هذا العام فوُصفت بـ "القبيحة"

وعلى الرغم من أن جميع المصابيح لم تُعلَّق بعد، كانت الشجرة الجديدة لروما تقترب بالفعل من الاكتمال.

وقفت مجموعة من السُيّاح اليابانيين على جانب الرصيف، وفي حين تلتقط كاميراتهم الكثير من الصور للشجرة، تزاحمَت مجموعة مرِحة من طلاب المرحلة المتوسطة للحصول على لقطة بزاوية جيدة.

كانت هناك امرأة ترتدي ملابس أنيقة وتلتقط صوراً للشجرة، اسمها بِترونيلا (رفضت الإفصاح عن اسم العائلة).

وعلى حد قولها، فإنها لم تكن تلتقط صوراً للشجرة، لأنها أثارت إعجابها بشكلٍ خاص.

إذ أوضحت بِترونيلا:  "أنا أحب الأشجار، لذلك أقومُ بتصويرها؛ لكن هذه الشجرة bruttissimo"، أي قبيحة للغاية.

جاءت بِترونيلا من إقليم "ترينتينو ألتو أديجي" بشمال إيطاليا، حيث تزدهر أشجار الصنوبر. "تلك هي الأشجار بحق"، كما قالت.

وناقدون يقترحون "إدارة المدينة" من قِبل Netflix إذا ما نجحت في مهمتها!

وقال نيكولا إمبيرتي في مقالة له بصحيفة Il Foglio، إن السر في نجاح الشجرة هو اعتمادها على المصادر الخارجية.

وهذا عكس العام الماضي، حيث كانت عملية إعداد الشجرة ممولة محلياً بتكلفةٍ أقل من 50 ألف يورو.

وأضاف نيكولا أن شركةً خارجية كـ Netflix تدرك جيداً "القيمة الدعائية التي يمكن أن تُحَصَّل من مثل هذا الاستثمار".

ونظراً إلى الحالة المؤسِفة لمدينة روما، يقترح نيكولا إعطاء حق "إدارة المدينة كلها لشركة Netflix"!

علامات:
تحميل المزيد