فشلوا بتوريطه في علاقة جنسية فكسروا ذراعه.. سر اعتداء طلاب بريطانيين على زميلهم السوري المتفوق

أثار شريط فيديو يُظهر تعرُّض شاب سوري بمدينة هيدرسفيلد البريطانية، للضرب والخنق والإيهام بالغرق من قِبل زميله البريطاني، استياء وغضباً شديدَين بعد انتشاره

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/28 الساعة 15:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/28 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
الشاب السوري تعرض لاعتداء وحشي/ شبكات اجتماعية

أثار شريط فيديو يُظهر تعرُّض شاب سوري -يدعى جمال (16 عاماً)- في حرم مدرسة "ألموندبيري" المجتمعية بمدينة هيدرسفيلد البريطانية، للضرب والخنق والإيهام بالغرق من قِبل زميله البريطاني، استياء وغضباً شديدَين بعد انتشاره على نطاق واسع على شبكات التواصل الاجتماعي ووصول عدد مشاهديه للملايين.

وقال المهاجم الذي أوقعه أيضاً: "سأغرقك!"، قبل أن يرش الماء على وجه جمال، الذي أفلت أخيراً منه وابتعد وهو مضمّد الذراع، دون تدخُّل أحد من الطلاب الموجودين في المكان.

وجاء الهجوم الظاهر في الفيديو، ضمن حملة تنمر عنصرية لفظياً وجسدياً طالت جمال داخل المدرسة وخارجها من قِبل مجموعة من زملائه، وبعد فترة من محاولة المعتدي ومجموعة من رفاقه توريط جمال في علاقة جنسية مع طالبة، أو نسب اعتداء جنسي إليه، وفشلهم في ذلك، الأمر الذي بلّغت العائلةُ الشرطةَ به، ثم قيامهم بالاعتداء عليه بالضرب؛ ما أدى إلى كسر ذراعه، بحسب ما ذكره موظف مختص بشؤون الهجرة والاندماج، على صلة وثيقة بالعائلة السورية، لـ "عربي بوست"، والذي أوضح أن جمال يبرر هذه الحملة ضده بتفوقه دراسياً على نحو خاص.

رغبوا في إذلاله فانتشر الفيديو

وتم تصوير الفيديو المتداول حالياً، قبل قرابة شهر من وقت وقوع الحادثة، من قِبل المجموعة نفسها ونشروه على تطبيق سناب شات؛ رغبة منهم في إذلال الشاب السوري، كما أوضح الموظف، لكنه انتشر يوم الثلاثاء 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، على وجه التحديد، بمنصات التواصل الاجتماعي؛ ما أدى إلى تحرك السلطات.

ورغم الإصابة القوية التي تعرض لها جمال، وإبلاغ المدرسة والشرطة بها، استمرت المجموعة المعتدية عليه في الدوام بالمدرسة كأن شيئاً لم يكن في البداية! ثم تم فصل الشاب المعتدي من المدرسة لاحقاً، لا سيما بعد توكيل العائلة محامياً.

ليس جمال وحده .. شقيقته أيضاً

ولا تقتصر مأساة العائلة السورية على ما جرى لابنها جمال، إذ تعرضت شقيقته أيضاً للتنمر.

وقامت طالبات صديقات للمجموعة المعتدية على جمال، بملاحقتها في مرحاض المدرسة والتحرش بها، ثم كسر نظارتها؛ ما دفعها لمحاولة قتل نفسها بجرح معصمها بقطعة زجاج من نظارتها المكسورة، إلا أنها لم تنجح لحسن الحظ، وتم إسعافها.

وأوضح الموظف، الذي فضل عدم ذكر اسمه، لـ "عربي بوست"، أن المجموعة المعتدية "حوَّلت حياة جمال إلى جحيم، بتهديده بالقدوم لمنزله وضربه هناك، ووضع عائلته أيضاً في حالة قلق دائم".

وذكر محامي العائلة السورية أنه تم الإبلاغ عن جميع حالات التنمر والاعتداء لموظفي المدرسة، الذين -على الرغم من ملاحظتهم الأحداث- فشلوا في حماية هؤلاء الأطفال من الأذى المستمر.

توجيه تهمة الاعتداء للشاب

وكانت غالبية منشورات حساب المعتدي المفترض على جمال بموقع فيسبوك تعج بالشتائم والتهديدات الموجَّهة إليه منذ يوم الثلاثاء، لا سيما تلك التي لا يُخفي تعاطفه فيها مع حركة "بريطانيا أولاً" اليمينية المتطرفة والناشط تومي روبنسون، بحسب ما اطلع عليه "عربي بوست".

وكذلك، كان حال حساب والدته على فيسبوك، التي شاركت عليه أيضاً أحد فيديوهات اليميني المتشدد "روبنسون" المذكور.

الأمر الذي دفع البعض لاعتبار الاعتداء على جمال ليس تنمراً، بل "اعتداء ذو دافع سياسي".

وأحاطت الشرطة بمنزل الشاب المعتدي، مساء الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018؛ نظراً إلى قدوم عدد كبير من سكان المدينة المستائين إلى هناك، حيث خشيت السلطات -فيما يبدو- من تعرضه لمكروه. وذكر موقع "ديلي ميل" أن هذا جاء بعد أن تمت مشاركة عنوانه على شبكة الإنترنت، وتم توجيه تهديدات له ولعائلته.

كما أوقفت الشرطة إحدى سياراتها قرب منزل العائلة السورية أيضاً.

مدير المدرسة يؤكد عدم التسامح مع هذا السلوك

ونقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن مدير المدرسة، ترفور بوين، زعمه أن أمان الطلاب ورفاههم "يتخذان أهمية فائقة بالنسبة لهم"، واصفاً ما جرى بأنه "حادثة خطيرة جداً".

وأضاف أنه ليس بوسعهم التعليق أكثر من ذلك، وهم يدعمون الشرطة في التحقيق، لكنه يريد أن يكون واضحاً بأنهم لا يتسامحون مع السلوك غير المقبول من أي نوع كان في مدرستهم، على حد ادعائه.

التحقيقات والتحويل إلى المحاكمة

وذكرت الشرطة المحلية، الثلاثاء، أنها تحقق في تقرير عن هجوم عنصري شديد حصل بالمدرسة المذكورة، في الساعة الواحدة ظهراً من يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وأكدت الشرطة، الأربعاء 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، توجيه تهمة الاعتداء إلى الشاب الظاهر في الفيديو المتداول، وأنه سيظهر في محكمة لليافعين بالوقت الملائم، مضيفة أنها حققت أيضاً مسبقاً في الواقعة، التي قيل إنه ذراع جمال كُسرت خلالها في السابع من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، داعية إلى عدم مشاركة الفيديو، لأنها قد تضر بسير الإجراءات الجنائية في المستقبل، وفق ما نقل عنها موقع "الإندبندنت".

صدمة وتضامن كبير من مشاهير

ووصف مقدم البرامج التلفزيونية جيرمي فاين مقطع الفيديو بأنه "محطم للقلب"، داعياً إلى مساعدة الضحية.

واعتبر البرلماني باري شيرمان، على حسابه بموقع تويتر، الفيديو "صادماً"، قائلاً إنه يدعم العائلة منذ أن تم لفت انتباهه إليها أول مرة، مشيراً إلى أنه وبحسب ما فهمه من السلطات، فإن المدرسة اتخذت إجراءات قوية في هذا الصدد.

وطلب مقدم البرامج التلفزيونية لدى "بي بي سي"، جيك هامفري، من شيرمان معرفة النادي الذي يشجعه جمال، كي يرسل إليه رحلة مدفوعة التكاليف إلى مباراة.

كما قال حارس نادي هدرسفيلد تاون الذي يلعب في الدوري الإنكليزي الممتاز، إنه يريد إظهار حبه بدعوة جمال وعائلته ليكونوا ضيوفه في مباراة للفريق.

جمع عشرات آلاف الجنيهات من متعاطفين مع العائلة

ومع انتشار فيديو الواقعة وتعاطف الكثيرين من مشاهديه مع الشاب السوري وعائلته، بدأ شخص مجهول حملة تبرع للعائلة على "غو فند مي"، لتتدفق عليها الأموال وتصبح ضمن "تريند" الموقع، ويصل المبلغ حتى كتابة هذه الأسطر إلى قرابة 62 ألف جنيه إسترليني.

وبدا مفتتِح الحملة غير ذي صلة بالعائلة السورية، إذ كتب لاحقاً على صفحة الحملة، أن الموقع طلب منه معلومات إضافية، للتأكد أن المال سيصل للأناس المعنيِّين بها، موضحاً أن صديقه الذي يعمل بالأعمال الخيرية في هيدرسفيلد، وضمن ذلك تقديم المعونة للاجئين، على تواصل مع العائلة، وأعلمهم بأمر الحملة، على حد زعمه.

وأشار إلى أنه يخطط لإضافة الأوصياء على جمال ليكونوا مستفيدين من مجموع الأموال المتبرع بها، ويعمل مع شخص من الموقع للتأكد من وصول المال لهم، مبينا المبلغ الذي يهدف إلى جمعه يزيد تباعاً، حيث كان المبلغ في البداية 15 ألف جنيه إسترليني، وأصبح الآن 75 ألفاً.

وأكد الموظف المقرب من العائلة لـ "عربي بوست"، الثلاثاء 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، أن الأب لم يكن يعرف شيئاً عن هذه الحملة، وأنه غير راضٍ حتى عن فتح باب التبرع، لا سيما أن العائلة ليست بحاجة للمال.

العائلة خرجت من سوريا قبل الحرب

وعائلة جمال من مدينة حمص، خرجت من البلاد قبل الانتفاضة السورية والحرب، إلى لبنان؛ خوفاً على حياتهم، بعد اختطاف النظام السوري عدداً من أفراد عائلته، وتعرضهم لتعذيب مروع تسبب في استشهاد أحد أفراد العائلة، بحسب محاميه.

وبقيت العائلة هناك حتى عام 2016، عندما انتقلوا للعيش في هيدرسفيلد بالمملكة المتحدة عبر برنامج الأمم المتحدة لإعادة التوطين اللاجئين.

وذكر الموظف المختص بالاندماج الذي يعمل مع العائلة السورية، أن الأب كان يعمل بالمقاولات في لبنان، وسبق أن طالب بعودته إلى هناك، لدى رفض جلب والدته إلى بريطانيا أيضاً كما تم وعده سابقاً.

تحميل المزيد