قضية اختطاف طائرة عجز الـ”إف بي آي” عن حلها طيلة 45 عاما.. تعرف على قصة “الرجل الغامض” الذي اختفى في الجو

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/25 الساعة 20:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/25 الساعة 20:40 بتوقيت غرينتش

في واحدة من أكثر عمليات الاختطاف إدهاشاً في التاريخ، والتي تعود إلى 44 سنة خلت، قصة دي بي كوبر المذهلة، التي عجز مكتب التحقيقات الفيدرالي عن حلها طيلة 45 عاماً، قبل أن يستسلم سنة 2016 ويغلق القضية، التي كان بطلها هو أكبر لغز حير مكتب التحقيقات كما أثار دهشة المحققين الهواة في الولايات المتحدة.

في 24 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1971، أي قبل 47 عاماً من اليوم، جلس كوبر في المقعد 18c على متن الطائرة "بوينغ 727″، وبدا متأنقاً في بدلة سوداء وقميص أبيض مكوي ورابطة عنق سوداء بها دبوس مصنوع من عرق اللؤلؤ.

وحسب تقرير لصحيفةThe Telegraph  البريطانية دي بي كوبر أشعل سيجارة وطلب مشروب البربون والصودا قبل أن يكشف عن قنبلة في حقيبته ويهدد بتفجير الرحلة رقم 305 لشركة، حسب تقرير  Northwest Orient للخطوط الجوية، المتجهة من مدينة بورتلاند إلى مدينة سياتل بالولايات المتحدة.

200 ألف دولار وأربع مظلات وشاحنة وقود، مطالب الخاطف

ثم ما لبث أن حذر كوبر أحد أفراد طاقم الطائرة من أنه ينتوي اختطافها، وأوضح مطالبه: 200 ألف دولار (ما يساوي حوالي 1.2 مليون دولار في وقتنا الحالي) من "العملات الأميركية القابلة للتداول"، وأربع مظلات (مظلتان أساسيتان وأخريان احتياطيتان) وشاحنة وقود تكون متأهبة في مطار سياتل.

ولم تكن عملية اختطاف الطائرة التي نفذها كوبر بالأمر الاستثنائي للغاية، لا سيما في فترة السبعينيات حينما كان أمن الطيران لا يضاهي مستوى الأمن اليوم، لكن ما أعقب ذلك لم يسبق له مثيل في تاريخ الجرائم ورحلات السفر بالطائرات.

جدير بالذكر أنه لم يُلقَ القبض على ذلك الرجل حتى الآن. وكذلك لم تُحَل القضية إلى اليوم. ففي عام 2016 أغلق مكتب التحقيقات الفيدرالي القضية رسمياً؛ مما دفع عدداً من المحققين الهواة، أُطلِقَ عليهم اسم كوبريتس (نسبة إلى كوبر)، إلى تولي القضية.

ومؤخراً، خلال الشهر الجاري نوفمبر/تشرين الثاني، زعم شخص ما، رفض الإفصاح عن هويته، أنه تمكن من حل اللغز، وإن لم يكن أول من يزعم ذلك.

على أي حال، أين وصلنا؟ هاتف الطيار مطار سياتل ليخبرهم بمطالب كوبر، التي وافقت عليها السلطات كما هو متوقع. وصرَّح رئيس خطوط Northwest Orient الجوية، دونالد نيروب، بتقديم الفدية وأعطى تعليمات لطاقم الطائرة بالتعاون بشكل كامل مع كوبر.

 تجدر الإشارة عند هذه النقطة إلى أنَّ دي بي كوبر ليس الاسم الحقيقي للخاطف. فقد اشترى التذكرة باسم دان كوبر، ولكن نتيجة لسوء فهم عجيب، أطلقت وسائل الإعلام عليه اسم دي بي كوبر، ومنذ ذلك الحين وهذا الاسم ملتصق به.

إطلاق سراح كل الركاب باستثناء طاقم الطائرة

وفي مطار سياتل، تسلَّم كوبر 10 آلاف ورقة نقدية غير متسلسلة من فئة الـ20 دولاراً (صنع مكتب التحقيقات الفيدرالي ميكروفيلماً لكل منها) إضافة إلى المظلات. لكنَّه رفض الحصول على مظلات عسكرية وفضَّل المظلات الخاصة بالمدنيين التي تُفتَّح عن طريق حبل الإطلاق.

وفور حصوله على كل ما يريد، سمح كوبر للركاب والطاقم باستثناء الطيار ومساعد الطيار ومهندس الطيران ومضيفة الطيران بالمغادرة، ثم حدد بإيجاز ما تنطوي عليه خطته. إن لم تكن قد أحرزت ذلك بالفعل، أراد كوبر القفز بالمظلة من الطائرة للهروب.

وبدأ الرجل الأنيق، الذي وصفته مضيفة الطيران تينا ماكلو بأنَّه كان "لطيفاً نوعاً ما" و"هادئاً ورصيناً"، مفاوضاته مع طاقم الطيران. لقد أراد أن تحلق الطائرة إلى الجنوب الشرقي صوب مدينة مكسيكو العاصمة ببطء وعلى ارتفاع منخفض قدر الإمكان دون توقف.

وطالب بأن تحلق على حد أقصى 10 آلاف قدم (3.04 كم تقريباً). يُذكر أنَّ الطائرات تحلق عادةً على ارتفاع 36 ألف قدم (10.9 كم تقريباً). ثم أمر بإنزال عجلات الهبوط، وتثبيت الأجنحة عند زاوية 15 درجة، وخفض الضغط في قمرة القيادة.

لكن أين اختفى دي بي كوبر؟

وبعد مشاورات قليلة، وافق كوبر على تغيير وجهته المقصودة إلى مدينة رينو في ولاية نيفادا؛ نظراً لتعذر وصول الرحلة إلى المكسيك في ظل ظروف الطيران تلك.

وكانت هناك نقطة خلاف أخرى، ألا وهي أنَّ كوبر أراد ترك الباب الخلفي مفتوحاً مع خفض السلم، لكن مسؤولي شركة Northwest Orient قالوا إنَّه ليس من الآمن أن تقلع الطائرة والسلم مُمَدَد. ولم يوافق الخاطف، لكنه رضخ في النهاية، وقرر أن ينزله بنفسه فور التحليق في الهواء.

وبعدها بساعتين، أقلعت الطائرة وعلى متنها 4 أفراد من الطاقم وكوبر. ثم لحقتها طائرتان مقاتلتان، إحداهما تحلق أعلاها والأخرى أسفلها حتى لا يتمكن كوبر من كشفهما.

وفور التحليق في الهواء، أخبر كوبر تينا أن تنضم إلى الطاقم في قمرة القيادة وأن تبقي الباب مغلقاً. وفي تمام الساعة الثامنة مساءً، أي بعد مرور 20 دقيقة من انطلاق الرحلة، أشار ضوء التحذير على لوحة القيادة إلى إنزال السلم الخلفي.

وبعد فترة وجيزة لاحظ الفريق تغير في ضغط الهواء، مما يدل على أنَّ الباب الخلفي مفتوح. وعند الساعة 8:13 مساءً، تعرض الجزء الخلفي من الطائرة إلى اهتزاز؛ مما أجبر الطيارين على إعادة ضبط توازن الطائرة.

وبعد ذلك بساعتين، هبطت الطائرة في مطار رينو. وأحاطت بها القوات الحكومية من نواب مدير الشرطة وضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي ثم نزل الطاقم عن الطائرة بيد أنه لم يكن هناك أي أثر لكوبر.

قفزته حيرت مكتب التحقيقات الفيدرالي

وأعقب ذلك شن حملة هائلة لملاحقة الخاطف، شملت الانتقال من منزل لآخر بحثاً عنه، ومحاكاةً للرحلة دفع خلالها ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي مزلاجاً يبلغ وزنه 90 كجم من الطائرة لتقليد قفزة كوبر، ثم إجراء مسح جوي على نطاق واسع.

ومع أنَّ الموقع التقديري لهبوط كوبر كان يُعتقَد أنه قريب من بحيرة ميروين بواشنطن، لم يُعثَر على أي أثر له هناك.

وظن مكتب التحقيقات الفيدرالي في البداية أنَّ كوبر لم ينجُ من القفزة. وفي هذا الصدد، قال لاري كار، المحقق الخاص بمكتب التحقيقات الفيدرالية والذي ترأس التحقيقات في هذه القضية منذ بدايتها عام 2006 وحتى نهايتها: "اعتقدنا في بادئ الأمر أنَّ كوبر كان قافزاً محترفاً، بل ربما كان جندي مظلات.

ثم خلصنا بعد سنوات من التحقيق إلى أن ذلك لم يكن ببساطة حقيقياً. إذ لم يكن لأي جندي مظلات متمرس أن يقفز في ظلام الليل الحالك والسماء تمطر والرياح تهب بسرعة 200 ميل/ساعة، وهو لا يرتدي سوى حذاء لوفر ومعطف واق من المطر. كان ذلك بكل بساطة مخاطرة كبيرة للغاية".

ولم يترك وراءه أدلة تساعد المحققين على تعقبه

وكانت الأدلة الوحيدة التي عثر عليها مكتب التحقيقات الفيدرالي هي دبوس رابطة العنق الذي كان يرتديه كوبر، و66 بصمة، ومظلتين تركها على متن الطائرة؛ إذ ترك كوبر عن طريق الخطأ المظلتين الرئيسيتين اللتين حصل عليهما من السلطات، وأخذ بدلاً منهما مظلة احتياطية تجريبية غنمها من الصفقة.

وفي عام 1980، عثر طفل عمره ثماني سنوات على ثلاث رزم من أموال الفدية عند ضفة نهر كولومبيا الرملية، النابع من مدينة فانكوفر. وأكد مكتب التحقيقات الفيدرالي أنَّ تلك الأموال هي من بين التي أعطيت لكوبر -عبارة عن رزمتين كل واحدة بها 100 دولار وثالثة بها 90 دولاراً. ولم يُعثَر على المزيد من أموال الفدية، مع أنَّ الأرقام التسلسلية ظلت على الشبكة قيد البحث العام.

لكن بعد مرور 46 عاماً ظهرت أدلة مدهشة!

وبرغم إغلاق مكتب التحقيقات الفيدرالي لملف القضية في 2016، وافقت الوكالة في العام الماضي على تفحص "قطعة مطاطية غريبة مدفونة" يُعتقَد أنها جزءٌ من مظلة كوبر.

وعُثِرَ على تلك القطعة في كومة من التراب في جبال إقليم الشمال الغربي الهادئ، وقد أثارت مرة أخرى مشاعر الدهشة التي صاحبت تلك القضية، مع أنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالية لم ينبس ببنت شفة منذ ذلك الحين.

ولا توجد مساحة كافية هنا لسرد النظريات المختلفة والمؤامرات التي تحيط بتلك القضية الغامضة، بما في ذلك أحدثها، على أنه من المحتمل أنَّ يكون كوبر، أياً كانت هويته الحقيقية، لا يزال على قيد الحياة وهارباً إلى الآن.

وفي عام 1972، أي العام التالي لعملية الاختطاف، حاول نحو 15 شخصاً تكرار مخطط كوبر، لكن كل المحاولات باءت بالفشل وألقي القبض عليهم جميعاً.

علامات:
تحميل المزيد