من الفوز ببطولة العالم لرفع الأثقال إلى ارتداء ساعة يد عليها صورة بشار الأسد رئيس النظام السوري، استطاعت الروسية ماريانا ناوموفا إثارة الكثير من الجدل حول هذه الشابة التي اختارت لحياتها طريق غير معتاد.
فرغم أن عمرها 19 عاماً فقط، إلا أن هذه الفتاة الروسية استطاعت الوصول ليس فقط إلى لقب بطلة العالم في رفع الأثقال، لكن أيضاً إلى قصور الرئاسة في دول أخرى في مقدمتها سوريا وكوريا الشمالية.
تعد ماريانا ناوموفا واحدة من أبرز رافعات الأثقال الروسيات، وتُعتبر مثالاً بارزاً لما يحدث للفتيات اليافعات في مثل سنها عند ممارسة النشاط الرياضي العنيف واستخدام المنشطات البِنائِيَّة وغيرها من المواد المحظورة.
ناوموفا التي تمارس الرياضة منذ سن 4 أعوام، وتمكنت من تحقيق بطولة العالم عام 2012 في مدينة لاس فيغاس عندما رفعت 90 كغ، وكان عمرها عندها 13 عاماً فقط. هذا الأمر منحها شعبية كبيرة بالولايات المتحدة.
وتعتبر ماريانا أول فتاة تحت سن 18 يُسمح لها بالمشاركة في دورات رفع أثقال محترفة. وفي مارس/آذار 2015 شاركت في بطولة "كلاسيك أرنولد" محققة رقمًا قياسيًا للإناث، رافعة وزن 150 كغ. وبعد البطولة، طلبت من الممثل الشهير أرنولد شوارزنجر أن يكون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وأن يعمل على تطبيع العلاقات الروسية الأمريكية.
زارت سوريا وسلمت رسالة لبشار الأسد
زارت ماريانا ناوموفا سوريا عدة مرات، على الرغم من أن سوريا تشهد نزاعا مسلحا. وفي إحدى رحلاتها إلى سوريا، سلمت ناوموفا إلى الرئيس السوري بشار الأسد، المتهم دوليا باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، هدية من رئيس دونيتسك الشعبية، التي لا تعترف بها أي دولة في العالم، ألكسندر فلاديميروفيتش زاخارتشينكو.
علاوة على ذلك، عبّرت ناوموفا على إعجابها بالرئيس الروسي بشار الأسد في عديد المناسبات.
وحكت ماريانا ناوموفا تفاصيل زياراتها لسوريا خلال حوار مع موقع سبوتنيك الروسي، فقالت إنه في عام 2015، كتبت رسالة للرئيس السوري بشار الأسد، وقامت بزيارة لسوريا قبل بداية العملية العسكرية الروسية بأسبوع.
عام 2013، أنهت زيارتها الثانية إلى سوريا، حيث سافرت عن طريق بيروت لأن الطائرات كانت ممتلئة بالعسكريين ولم يوجد مقاعد شاغرة. استقبلها في لبنان مقاتلو حزب الله بسيارة كبيرة وأوصلوها إلى دمشق.
زارت مدينة حلب ومدينة حمص، وزارت مدارس الرياضة ومدارس أبناء الشهداء، وحضرت بعض المسابقات الرياضية برفع الأثقال والجودو في مدينة حلب.
كما زارت مفتي الجمهورية والبطريرك الكاثوليكي والشيوعيين والقوميين. وتحدثت مع أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري، "أبهرني قولها بأنهم مهما حدث لن يتركوا سوريا وسيبقون صامدين مع الشعب السوري"، على حد تعبيرها.
وقالت إنها ستعمل على تصوير أفلام وثائقية عالية الجودة ستكشف من خلالها الحقيقة عما يجري في سوريا، وستذاع هذه الأفلام على قناة "روسيا 24".
وتحمل ساعة اليد التي ترتديها ناوموفا صورة للرئيس السوري بشار الأسد.
المنشطات هي الطريق
سلوك ماريانا ناوموفا يُعد نموذجا لسلوكيات العديد من الشباب الراغبين في لفت انتباه الآخرين حتى وإن كان ذلك بالاعتماد على وسائل غير صحية، علما وأن لذلك عواقب وخيمة على صحتها في المستقبل.
وترتبط سلوكيات ناوموفا باستخدام المنشطات التي تؤثر على كامل الجسم، وبشكل خاص على العقل لا سيما وأن الأمر يتعلق بجسد وشخصية أنثى. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر استخدام هذا النوع من المنشطات على النظام الغذائي لماريانا، ما قد ينعكس على جسدها من الداخل والخارج.
وُلدت ماريانا ناوموفا في 22 أبريل/نيسان سنة 1999 في مدينة ستارايا روسيا. ولعل الأمر المثير للاهتمام هو أن مسيرة هذه الرياضية الشابة انطلقت بصفة رسمية منذ أربع سنوات، وذلك عندما انخرطت في ممارسة الأنشطة الرياضية.
عند بلوغها سن العاشرة، بدأت ناوموفا في ممارسة رياضة رفع الأثقال. وبعد سنة كاملة من التدريبات، انطلقت مشاركاتها في المسابقات الرياضية.
وفي سن الرابعة عشرة، تحصلت على أول لقب بعد أن نجحت في رفع أثقال يصل وزنها إلى 60 كيلوغراما. ونتيجة لذلك، أُدرج اسم ماريانا ناوموفا في السجلات الروسية للأرقام القياسية. وفي حقيقة الأمر، لم يشك أحد في تعاطي هذه الرياضية الشابة لمواد محظورة.
بعد خوضها لهذه المنافسات المهمة في روسيا، لفتت ناوموفا أنظار وسائل الإعلام. وبعد أن تحصلت على جوائز، أجرت العديد من المقابلات الصحفية، حيث أشاد العديد من الرياضيين بأدائها.
وبعد بضعة أشهر، ذهبت ناوموفا إلى أوكرانيا، حيث شاركت في مسابقة رفع الأثقال الأوكرانية لتتمكن من رفع أثقال يصل وزنها إلى 62.5 كيلوغراما. وبفضل ذلك، نحتت ناوموفا اسمها في سجل الأرقام القياسية في أوكرانيا.
ومع استمرار الأداء المتميز لناوموفا في مختلف المسابقات التي شاركت فيها، تطور جسدها وأصبحت تملك بعض الخصائص الجسدية الذكورية.
حصلت على شعبية كبيرة في أميركا
في سنة 2012، شاركت ماريانا ناوموفا في مسابقة رفع الأثقال العالمية التي جرت في مدينة لاس فيغاس الأميركية. وفي هذه المسابقة، نجحت ناوموفا في تحطيم رقم قياسي جديد بعد أن رفعت أثقالا يصل وزنها إلى 90 كيلوغراما. وفي السنة نفسها، ظهرت ناوموفا على غلاف مجلة "Powerlifting USA" الأميركية الشهيرة والتي تُعنى برياضة رفع الأثقال.
ظهرت صُور ناوموفا في عدة مجلات أميركية، لقّبتها "بوحش المقاعد الحمراء". وبناء على ذلك، أصبحت هذه الرياضية الروسية تحظى بشعبية منقطعة النظير في الولايات المتحدة الأميركية، ما أتاح لها فرصة توقيع عقد مع علامة تجارية أميركية مختصّة في إنتاج المواد الغذائية الرياضية. وإلى الآن، لا زالت ناوموفا تتلقى أجرا من الولايات المتحدة الأميركية.
لكن فضائح المنشطات طاردتها
وفي وقت لاحق، لاحقت الفضائح الرياضية ناوموفا. ففي فبراير/شباط سنة 2016، تم استبعادها من المشاركة في المنافسات لمدة ثلاث سنوات، وذلك بعد إجراء اختبار الكشف على المنشطات الذي أفضى إلى نتيجة إيجابية.
وبعد ساعات قليلة من تفشي خبر تعاطي ماريانا ماونوفا للمنشطات، صرح نائب رئيس اتحاد رفع الأثقال الروسي أن هذا الخبر كاذب وأن الأمر لا يعدو إلا أن يكون مجرد استفزاز لماريانوفشكا (للتصغير)، ولم تستهلك، الفائزة بأهم الألقاب في رياضة رفع الأثقال، المنشطات.
وفي يونيو/ حزيران من نفس السنة، جاء اختبار المنشطات الذي أجرته ناوموفا سلبيا، علما وأنها رفضت قبل ذلك بسنتين الخضوع لاختبارات الكشف عن المنشطات. وعلى ضوء هذه المعطيات، تم حل كل القضايا المتعلقة بتعاطي ماريانا للمنشطات بأعجوبة ودون حدوث أية مشاكل.
حالة نفسية سيئة جعلتها تخاطب زعيم كوريا الشمالية
في الواقع، من الصعب تحديد التاريخ الذي تغيرت فيه حياة ماريانا ناوموفا . فعلى الأرجح، بدأ ذلك خلال سنة 2011، أي عندما انخرطت ناوموفا في "النادي الرياضي للحزب الشيوعي". وعلى إثر ذلك، انضمت ناوموفا إلى منظمة لينين الرائدة ثم إلى رابطة لينين الشبابية الشيوعية الروسية.
وفي منتصف سنة 2014، أصبحت الحالة النفسية لماريانا ناوموفا سيئة إلى درجة أنها أرسلت رسالة إلى رئيس كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، الذي قرأ بدوره الرسالة واهتم بما كتبته هذه الرياضية حتى أنه وجه لها دعوة لزيارة بلاده. وإلى حد الآن، لم يتم الكشف عن تفاصيل لقاء ماونوفا بالرئيس الكوري الشمالي.
أنشطة يعاقب عليها القانون في أوكرانيا
ومنذ نهاية سنة 2014، تتالت زيارات ناوموفا غير الشرعية لجمهورية دونيتسك الشعبية، التي لا تعترف بها أي دولة في العالم، وذلك عبر الحدود الأوكرانية. والجدير بالذكر أن ألكسندر فلاديميروفيتش زاخارتشينكو يسيّر هذه الدولة، فيما يتولى الأوكراني دينيس بوشيلين منصب مندوب جمهورية دونيتسك.
وتنْدرج الأنشطة السرية لماريانا ناوموفا في إقليم أوكرانيا، تحت طائلة القانون الجنائي، الذي يصنف هذا النوع من الأنشطة في خانة الجرائم الخطيرة، علما وأن هذه الشابة تمارس أنشطة تتعلق بالأسلحة. وعلى العموم، ستتحمل ماريانا ناوموفا مسؤولية ممارسة هذه الأنشطة أمام القانون.
تدعم زعيم الشيشان أيضاً
كما أعلنت ماريانا ناوموفا دعمها للأنشطة الرياضية التي يمارسها أطفال غروزني والتي تندرج تحت قائمة الرياضات القتالية، حيث تمكن أبناء رمضان أحمدوفيتش قديروف من هزيمة كل منافسيهم.
في المقابل، يذكر أنه تم انتقاد هذه الأنشطة القتالية بشكل واسع من قبل العديد من الأشخاص المتميزين برجاحة العقل وذوي الاختصاص، على غرار المصارع والسياسي الروسي فيدور إميليانينكو، الذي رفض ممارسة الأطفال لمثل هذا النوع من الأنشطة الرياضية في مثل هذه السن.
انتقادات كبيرة لأنشطتها الرياضية
ولا يفوتنا التذكير بأنه تم منع نشر مقاطع الفيديو، التي تقدم عروضا قتالية بين الأطفال على مواقع التواصل الاجتماعي على غرار الفيسبوك، بموجب قرار من المحكمة، وذلك نظرا لما تحتويه على مشاهد عنف قد تضر بالقصّر.
وبناء على ذلك، لم يكن جديرا بماريانا إقحام نفسها في هذه المسائل السياسية. وعموما، كل ما يجب قوله هو أنه كان المفترض أن تكون شابة في سن ماريانا ناوموفا على مقاعد الدراسة أو أن تقوم ببعض الشؤون الأخرى التي تتماشى مع جنسها وسنها.
أما الأنشطة التي تقوم بها، فهي لا تتماشى مع وضعها وقد تكون خطيرة، خاصة مع نقص الخبرة والوعي لدى ماريانا. ولا يمكن إلقاء اللوم فقط على الشابة التي بدأت مسيرتها المهنية كبطلة لرفع أثقال لتشتهر وتقتحم فيما بعد سراديب السياسة المظلمة. في المقابل، يجب إلقاء اللوم على والديها اللذين لم يقوما بدورهما على أكمل وجه كأولياء لشابة في هذا السن.