«نعمل بينما يُحيط بنا الغاز المسيل للدموع».. يطوّرون ألعاب الفيديو في مناطق حرب

تطوير ألعاب الفيديو وظيفةٌ أصعب مما قد يظن الناس، وقد أدَّى نمط الحياة الحديث والضغوط الحياتية إلى اضطرار العاملين إلى العمل المستمر لإنجاز مهام ضخمة في وقت ضئيل لكنَّ بالنسبة إلى رشيد أبوعيدة، المبرمج الفلسطيني الذي يصمِّم ألعاب فيديو في وقت فراغه، ثمَّة تحديات إضافية أصعب بكثير

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/24 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/25 الساعة 12:14 بتوقيت غرينتش
ألعاب فيديو من فلسطين وسوريا

إنَّ تطوير ألعاب الفيديو وظيفةٌ أصعب مما قد يظن الناس، وقد أدَّى نمط الحياة الحديث والضغوط الحياتية إلى اضطرار العاملين إلى العمل المستمر لإنجاز مهام ضخمة في وقت ضئيل لكنَّ بالنسبة إلى رشيد أبوعيدة، المبرمج الفلسطيني الذي يصمِّم ألعاب فيديو في وقت فراغه، ثمَّة تحديات إضافية أصعب بكثير، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.

بدلاً من أن تلعب، قد تقتل في أي وقت!

إذ يقول أبوعيدة: "العيش هنا في رام الله أو في غزة أمرٌ صعب. في أيِّ لحظةٍ يُمكنك أن تُقتَل في الشارع، فهناك دائماً سلاحٌ محشوٌّ بالرصاص ومصوُّب إلى رأسك. أنا أعمل في المكتب برام الله، لذا عادةً حين تندلع اشتباكاتٌ بالقرب منا، نعمل والغاز المسيل للدموع يحيط بنا، ونحن نبكي. ونسمي ذلك "العمل تحت الضغط".

كل الناس يعملون تحت ضغط، لكن هنا ضغوط مختلفة

أبوعيدة هو مُصمِّم لعبة "ليلى وظلال الحرب"، وهي لعبة قصيرة للهواتف المحمولة، يساعد فيها البطل زوجته، وابنته ليلى، للهروب من غزة. ولعبة ليلى خيالية، لكنَّ بها أحداثاً حقيقية، كالهجمات على المدارس، ومقتل 4 أطفال يلعبون على الشاطئ. وحين صدرت اللعبة على متجر تطبيقات أبل، رفضت أبل تصنيفها لعبةً، وهو امتداد لواقعة سابقة أظهرت أنَّ أبل تفضِّل أن تكون الألعاب تافهة.

تنتهي اللعبة بموت ليلى. ويقول أبوعيدة: "سأكون غشاشاً لو جعلت النهاية مختلفة. هذا هو ما يحدث حقاً، وهذا هو ما أريد أن يعرفه الجميع".

إنَّ أبوعيدة نفسه أبٌ لأربعة أطفال. وأحياناً حين يحتضن أحدهم بين ذراعيه تُداهمه ذكرياتٌ لمشاهد الآباء الفلسطينيين الآخرين وهم يحملون جثث أطفالهم. حين ترك أطفاله يلعبون لعبة ليلى، سألوه: "لماذا يقتلونها؟ إنها لم تقترف ذنباً". ويقول أبوعيدة: "لم أستطع الإجابة. لقد صمَّمت اللعبة، وليست لديَّ إجابة لذلك".

رحلته في الهروب من سوريا عبر لعبة جديدة

ويريد عبدالله كرم، وهو لاجئ سوري يعيش في النمسا، أيضاً أن يلعب الأطفال لعبته. في لعبة Path Out، وهي مغامرةٌ مُسلسَلَةٌ مبنية على سيرته الذاتية، طوَّرتها شركة Causa Creations، يقود اللاعبُ كرمَ خلال هروبه من سوريا. يؤدِّي كرم في اللعبة دور البطل، وإضافةً إلى ذلك يظهر كرم في مقاطع فيديو برُكن الشاشة، على طريقة أصحاب الفيديوهات على موقع يوتيوب، وهو يسرد الأحداث ويشرح السياق. وتجعل تعليقاتُه الساخرة مثل "ها أنت ذا، متَّ ثانيةً" نبرةَ لعبة Path Out أخفَّ من لعبة ليلى.

يقول كرم: "أردنا أن نتشارك مع اللاعبين منظوراً يجعلهم يضحكون، رغم أنَّ الموضوع جاد للغاية. أردنا أن ننشئ صلةً بيننا وبينهم".

في اللعبة، كرم عمره 18 عاماً، وهو يهرب من سوريا بناءً على طلب والديه، ليتجنَّب الانضمام إلى الجيش. ويقول كرم: "يمكنك أن ترى كيف كنت طفلاً. فمثلاً، حين قالوا لي: "احزم أهم أغراضك"، قلت لهم: "أيمكنني أن آخذ معي جهاز إكس بوكس خاصتي؟".

في الحلقة الأولى من Path Out، تتطوَّر المهام من البحث عن مصباح حين تنقطع الكهرباء إلى الانتقال عبر الحدود، والتعامل مع الألغام، وتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقد أراد كرم والمطوِّرون استخدام العلاقة بين اللاعبين وبطل اللعبة لمساعدتهم على فهم حياة اللاجئين.

ويقول كرم: "لهذا جعلنا اللعبة مجانية. كي نتشارك هذا المنظور ونقول للجميع إنه مهما كان تصوُّركم عن اللاجئين سيئاً، فإليكم تصوُّر آخر".