إذا كنت ستسقط عن متن سفينة سياحية في المياه المفتوحة، فهناك أماكن أسوأ من البحر الأدرياتيكي للقيام بذلك في ذروة فصل الصيف.
والبحر الأدرياتيكي هو أحد فروع البحر المتوسط ، ويفصل شبه الجزيرة الإيطالية غرباً عن شبه جزيرة البلقان شرقاً.
تتجاوز درجة حرارة الامتداد المائي الذي يفصل إيطاليا عن شبه جزيرة البلقان 20 درجة مئوية في أغسطس/آب، وتشير الرياح الخفيفة إلى أن البحر يميل إلى الهدوء.
كيف قضت 10 ساعات في البحر بعد سقوطها؟
ووفق صحيفة The Guardian البريطانية، قالت كاي لونغستاف إنها سقطت من مؤخرة سفينة ستار النرويجية المتجهة إلى البندقية في منتصف ليل السبت 18 أغسطس/آب 2018 تقريباً.
وأمضت 10 ساعات في الماء قبل العثور عليها وإخراجها إلى برِّ الأمان.
فلو جرى ذلك في وقت آخر من العام، أو كان في رقعة مائية مختلفة، فلربما انتهت القصة على نحو مختلف للغاية.
العامل الأول: درجة الحرارة
وقال البروفيسور مايك تبتون، خبير النجاة من البحر بجامعة بورتسموث: "يتمثل العاملان الكبيران عند السقوط في الماء في درجة حرارة المياه وحالة البحر، فهما يكملان بعضهما البعض".
ويكون البحر الأدرياتيكي أدفأ في الفترة بين ديسمبر/كانون الأول وأبريل/نيسان؛ إذ تصل حرارته إلى 15 درجة مئوية.
وعند درجة الحرارة هذه، ربما يتمكن المسافر من الصمود لمدة 6 ساعات فقط، أي ما يقرب من نصف الوقت الذي استغرقه إنقاذ لونغساتف.
وحتى في المياه الأكثر برودة من القناة، تظل مدة البقاء أقل.
وفي أشهر الشتاء والربيع تصل القناة بالكاد إلى 10 درجات مئوية. من الصعب البقاء على قيد الحياة لأكثر من ساعتين دون ارتداء ملابس واقية.
ماذا يحصل لو وقعنا في مياه باردة؟
يكمن أحد أسباب بقاء معدلات النجاة أفضل بكثير في البحار الدافئة، في أنها لا تحفز عملية الاستجابة للصدمة التي تتسبب بها المياه الباردة.
ويؤدي غوص الناس في المياه الباردة إلى اللهاث بالإضافة إلى التنفس بشكل سريع ودون سيطرة، ما يجعل الغرق تهديداً أكبر بكثير من تهديد انخفاض درجة الحرارة، إذ لم يعد باستطاعة الجسم أن يحافظ على درجة حرارته الأساسية.
وأضاف تيبتون: "يمكن لاستجابة الصدمة الباردة أن تجعل الناس يبتلعون الماء في اللحظة التي يسقطون فيها، ويمكن أن يصل ذلك إلى لترين أو ثلاثة من المياه، وهو أكثر من الجرعة المميتة للغرق".
وتابع بأن الأشخاص الذين يسقطون من على ارتفاع يمكن أن يتمادوا في ذلك لدرجة أن يبتلعوا المياه قبل أن يكون لديهم وقت للصعود إلى السطح.
العامل الآخر: هدوء المياه
هناك عامل آخر مؤثر في نجاة لونغستاف ألا وهو هدوء المياه.
في الرياح والأمواج، يتحتم على الناس أن يحبسوا أنفاسهم، الذين سُرعان ما يصيبهم التعب.
وقال تيبتون: "إذا كنت في بحر هائج متلاطم الأمواج، عليك أن تعمل جاهداً للحفاظ على أنفك وفمك فوق المياه وإلا سيصيبك الإجهاد ومن ثم تغرق. في هذه الحالة، كان البحر هادئاً تماماً، ولذا يمكنك الاسترخاء في المياه".
وتمكَّنت لونغستاف من النجاة من المحنة بسبب لياقتها التي اكتسبتها من ممارسة اليوغا بالإضافة إلى الغناء لنفسها.
يمكن للياقة البدنية والاتجاه أو الموقف العقلي الإيجابي أن يساعدا بالتأكيد في ذلك، لكن هناك ميزة أخرى تتمثل في كونها أنثى، وبالتالي يكون الجسم مليئاً بالدهون تحت الجلد ما يساعد النساء أن تطفو وتبقى دافئة في المياه.
وأضاف تيبتون قائلاً: "من الصعب أن نجد امرأة لا تستطيع أن تطفو في المياه الهادئة".
العامل الثالث: الظروف الجوية
ولعبت الظروف الجوية دوراً آخراً هاماً في نجاة لونغستاف.
علم طاقم سفينة ستار النرويجية من اللقطات التي التقطتها كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة CCTV عند سقوطها واستطاعوا أيضاً تحديد مكانها الأول في الماء.
وفشلت السفينة في العثور عليها عندما عادت في الظلام، لكن بفضل الرؤية الجيدة في الصباح جرى تحديد مكانها من قبل إحدى سفن خفر السواحل الكرواتية بالقرب من المكان الذي سقطت فيه.
وقال تيبتون: "إذا سقطت في الماء، حاول أن تطفو أولاً. ولا تحاول أو تفعل أي شيء قبل أن تتمكن من التحكم في تنفسك. وتتمثل النصيحة العامة في أن تبقى هادئاً، لأن هذا هو المكان الذي يُرجح العثور عليه فيه".
إقرأ أيضاً..
رائحتك تشبه "التواليت" ولن ترثي مني فلساً.. مذكرات ابنة ستيف جوبز تكشف الوجه الآخر لـ"عبقري" آبل