سرق من المتجر وتوسّل للمحكمة أن تحبسه.. رجل فعلها في إنكلترا بسبب إجراء حكومي، فهل تتحول إلى ظاهرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/17 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/17 الساعة 12:08 بتوقيت غرينتش

يبدو غريباً أن أحداً ما يفعل كل ما بوسعه لكي يدخل السجن، لكن هذا ما فعله حقاً رجل مشرّد في إنكلترا، سرق شوكولاته من أحد المتاجر، وأقر بفعلته بعينين دامعتين أمام هيئة المحكمة، قائلاً إنها جريمته ليدخل السجن؛ علّه يتلقى المساعدة هناك.

وكان واين ديلون يتوسل للمحكمة الابتدائية لمدينتي ويغان ولي، بمقاطعة مانشستر الكبرى الإنكليزية كي تعاقبه بالحبس، قائلاً إنه لا يحصل خارج السجن على المساعدة التي يحتاجها ليتعافى من إدمانه على الهيروين والكوكايين، بحسب ما ذكرته صحيفة The Independent البريطانية، الخميس 16 أغسطس/آب 2018.

وقال خبراء للصحيفة إن هذه القضية تنبئ بظاهرةٍ جديدةٍ مثيرةٍ للقلق، حيث يرتكب مئات المدمنين الجنح، في محاولاتٍ يائسةٍ للوصول إلى خدمات إعادة التأهيل المتاحة داخل السجون، والتي لم تعد متاحةً خارجها بسبب إجراءات التقشف، وفقاً لادعاءات جمعية علاج الإدمان التكافلي.

كان ديلون، البالغ من العمر 39 عاماً، الذي يعيش في حي أشتون بمدينة ميكرفيلد بمقاطعة مانشستر، قد سيقَ أمام المحكم على خلفية محاولته الخروج من أحد متاجر سلسلة تيسكو ومعه كمية من الشوكولاته تبلغ قيمتها 40 جنيهاً إسترلينياً (50 دولاراً تقريباً).

المحكمة حققت أمنيته!

وقال المحامي الموكل بالدفاع عنه، نِك ووسي، في جلسة الاستماع التي عُقِدَت يوم الإثنين 14 أغسطس/آب الجاري: "قال لي إن الطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها الحصول على المساعدة هي أن يُزَج به في السجن".

وأضاف أنه ليس من المألوف "أن يقف محامي دفاع مطالباً بسجن موكله"، وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن هيئة المحكمة حقّقّت أمنية ديلون، وحكمت بحبسه مدة 7 أسابيع.

المحكمة قضت بسجن ديلون 7 أسابيع
المحكمة قضت بسجن ديلون 7 أسابيع

وقال كريس جادج المدير الاستراتيجي لجمعية علاج الإدمان التكافلي: "لا يمكن أن يكون هذا النوع من القضايا نادر الوقوع بأي حالٍ من الأحوال"، مضيفاً: "لم أود أن أقدِّم تقديراً حول عدد القضايا مثل هذه، لكننا نسمع عن حالاتٍ مشابهةٍ تتكرَّر بشكلٍ متزايدٍ، كل أسبوعٍ، في كل أنحاء البلاد. هذه إجراءاتٌ استثنائية يتخذها أشخاصٌ في ظروفٍ استثنائيةٍ".

وأشار جادج إلى أن قطاع خدمات مكافحة الإدمان وإعادة التأهيل يعاني من تخفيضاتٍ هائلةٍ في مخصصاته خلال السنوات العشر الأخيرة، وقد أثَّرَ هذا على الخدمات التي تُقدَّم لأولئك الذين هم في أمسِّ الحاجة إليها. وكالعادة تقع المعاناة الأكبر على عاتق المهمشين والمنبوذين.

ورغم أنه يصعب الحصول على أرقامٍ دقيقةٍ لحجم التخفيض في مخصصات مثل تلك الخدمات على مستوى البلاد -لأن التمويل يأتي من قطاعاتٍ حكوميةٍ مختلفةٍ، ويُوزَّع على مستوى السلطات المحلية- تُظهِر الأرقام أن تلك المخصصات قد انخفضت في بعض المناطق إلى أقل من النصف.

مصائب تنتظر الخارجين من السجن

في مدينة بريستول، انخفض الإنفاق على العلاج وإعادة التأهيل من 12.9 مليون جنيه إسترليني عام 2013 (16.4 مليون دولار) ليصل هذا العام إلى 4.5 مليون جنيه إسترليني (5.7 مليون دولار). وخفضت بلدتي غيتسهيد وسيفتون كذلك ميزانيتيهما بهذا الخصوص بنسبة 51٪ في نفس الفترة.

وعلَّق جادج قائلاً: "يرى الناس السجن على أنه أفضل الحلول، وذلك غير صحيحٍ؛ لأن المخدرات منتشرةٌ بشدةٍ داخل السجن، ومن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، أن تتعافى بالداخل"، وأضاف: "تصبح في حلقةٍ مفرغةٍ".

وأوضح جادج أن كل من يصارع الإدمان يجب أن يكون قادراً على العثور على المساعدة بالخارج، ويقول: "فقدت بعض الجمعيات موظفيها وتمويلها، لكنها لا تزال موجودةً ومخلصةً لمساعدة الناس على استعادة حياتهم".

وأضاف: "نصيحتي هي أن تستخدم محرك بحثٍ لتعثر على مركز الخدمات المحلي، ثم تتواصل معهم؛ لأنهم يستطيعون مساعدتك، وسيفعلون.. الإدمان يمكن هزيمته".

وقالت هيلين بيريسفورد، من جمعية ناكرو الخيرية، التي تقدِّم الدعم للمُدانين السابقين بعد مغادرتهم السجون، إنه كانت هناك فرصةٌ ضئيلةٌ لمساعدة الناس كيلا يعودوا إلى السجن مرةً أخرى، لكن هذه الفرصة تضيع.

وأوضحت قائلةً: "يخرج الناس من السجون وهم بطبيعة الحال يبحثون عن بداياتٍ جديدةٍ. لكنهم يصطدمون فوراً بمجموعةٍ من المشكلات مثل إيجاد مساكن، أو وظائف، أو حتى مساعدات. وسرعان ما يقعون في أنماط السلوك التي اعتادوا عليها".

وأضافت: "كثيراً ما ينشدون دعماً أو علاجاً لمشاكل تتعلَّق بصحتهم الذهنية، أو بالإدمان، لكن الحصول على الحد الأدنى من هذا وسط المجتمع قد يكون بعيد المنال. ربما يُتركون على قوائم انتظارٍ طويلةٍ للغاية. أما في السجن فإن تلك المساعدة جزءٌ من روتينهم اليومي؛ لذلك فمن المفهوم أن يعتبروه خيارهم الأفضل، فيما هو ليس كذلك أبداً بطبيعة الحال".