مغربي توقف في الوقت المناسب فنجا من كارثة إيطاليا.. هكذا سقط العشرات 100 متر بسياراتهم في انهيار جسر عمره 50 سنة

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/15 الساعة 05:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/15 الساعة 06:18 بتوقيت غرينتش
The collapsed Morandi Bridge is seen in the Italian port city of Genoa, Italy August 14, 2018. REUTERS/Massimo Pinca

في الوقت الذي تابع فيه رجال الإنقاذ، الأربعاء 15 أغسطس/آب 2018، البحث عن ناجين تحت أنقاض الجسر المنهار في مدينة جنوى في شمال غرب إيطاليا، بدأ فيه المحققون العمل على كشف الأسباب التي أدت إلى هذه الكارثة، كما بدأت فيه بعض مشاهد الرعب التي عاشها من كان على الجسر لحظة انهياره تتكشف. 

ولقي 30  شخصاً على الأقل مصرعهم، الثلاثاء، بعد انهيار جزء كبير من جسر موراندي خلال تساقط غزير للأمطار؛ لتهوي معه المركبات التي كانت تمر عليه مع سائقيها 100 متر إلى الأسفل فوق خطوط لسكك الحديد، في حادث وصفته الحكومة بأنه "مأساة فادحة".

وأمضى رجال الإنقاذ الليل وهم يبحثون عن ناجين بعد إنارة المكان الذي سقطت فيه أجزاء الجسر وتحولت إلى ركام.

وجاء انهيار الجسر بينما كان يخضع لأعمال صيانة، وفيما كانت منطقة ليغوريا حيث تقع جنوى تشهد أمطاراً غزيرة.

وصرح وزير الداخلية ماتيو سالفيني للصحافيين في كاتانيا في صقلية: "للأسف، فإن نحو 30 شخصاً لقوا مصرعهم، فضلاً عن عدد كبير من الإصابات الخطيرة"، مضيفا: "أشكر رجال الإطفاء والإسعاف والمتطوعين الذين تدخلوا منذ اللحظة الاولى وما زالوا يحفرون لإنقاذ الأرواح".

وقال رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي لاحقاً إن الحصيلة الرسمية تقف عند 25 قتيلاً، لكنها قد ترتفع مع استمرار رجال الإغاثة في عمليات البحث بين الأنقاض.

وقال الرئيس الايطالي سيرجيو ماتاريلا إن "كارثة" أصابت جنوى وإيطاليا بأسرها، مع تحوّل الاهتمام إلى أسباب انهيار الجسر، وتحديد المسؤول في النهاية عن هذه الكارثة.

وقال ماتاريلا في بيان: "الإيطاليون لهم الحق في بنية تحتية حديثة وفعّالة ترافقهم بشكل آمن في حياتهم اليومية".

أما كونتي فأضاف: "يجب فحص كل البنية التحتية في البلاد، لا يجب أن نسمح بحدوث مأساة أخرى مثل هذه مجدداً".

"التعلق بالأمل"

وقال عمال إنقاذ يبحثون بين الأنقاض إن هناك "عشرات" الضحايا، فيما تقوم المروحيات بنقل الناجين على نقالات من الجسر المدمر.

وعلقت سيارات وشاحنات بين الأنقاض، كما تضررت مبان مجاورة بسبب قطع الإسمنت الكبيرة التي سقطت، بحسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية من الموقع.

وصرح مسؤول الإطفاء إيمانويل غيفي لوكالة فرانس برس: "لن نفقد الأمل، لقد أنقذنا أكثر من عشرة أشخاص من تحت الأنقاض".

وقال: "سنعمل على مدار الساعة حتى إنقاذ آخر شخص".

وبينما تساقطت السيارات والشاحنات مع الجسر المنهار، تمكن السائق المغربي عفيفي إدريس (39 عاماً) من التوقف في الوقت المناسب.

تمكن السائق المغربي عفيفي إدريس من التوقف في الوقت المناسب.
تمكن السائق المغربي عفيفي إدريس من التوقف في الوقت المناسب.

وقال لوكالة الأنباء الفرنسية: "شاهدت الشاحنة الخضراء أمامي تتوقف ثم تعود إلى الوراء فتوقفت أيضاً، أقفلت الشاحنة وركضت بعيداً".

وكانت الشاحنة الخضراء حتى وقت متأخر من المساء لا تزال متوقفة قبل مسافة قصيرة من الحافة التي انهار ما بعدها.

ويعتبر انهيار جزء كبير من الجسر وسقوطه على خط للسكك الحديدية في المدينة، أكثر انهيارات الجسور دموية منذ سنوات في البلد الأوروبي المعرّض للأضرار بسبب الزلازل، والذي تعاني بنيته التحتية بسبب الاقتصاد المتعثر.

"من غير المقبول الموت بهذه الطريقة"

أظهرت صور جوية انهيار 200 متر من جسر "موراندي" في منطقة صناعية في غرب جنوى. وقالت أجهزة الإطفاء الإيطالية إن الانهيار وقع عند الظهر (10,00 ت غ).

وصرح دانيلو تونينللي، وزير النقل والبنى التحتية الإيطالي، على موقع تويتر: "أتابع بخوف كبير ما حدث في جنوى وما يبدو أنه مأساة فادحة".

وتعهّد سالفيني بمحاسبة المسؤولين عن الحادث.

وقال: "أتعهد أمام الإيطاليين بتحديد مسؤوليات كارثة غير مقبولة، لأنه ليس من الممكن العمل والموت بهذا الشكل عام 2018".

نحو 30 شخصاً لقوا مصرعهم في الحادث.
نحو 30 شخصاً لقوا مصرعهم في الحادث.

وأضاف: "لقد عبرت هذا الجسر مئات المرات، لكنني الآن سأبذل كل ما في وُسعي لأحصل على أسماء المسؤولين السابقين والحاليين. من غير المقبول الموت بهذه الطريقة في إيطاليا".

وأوضح أن "هناك مناطق في إيطاليا بحاجة إلى أن تكون آمنة، وإذا كانت هناك التزامات خارجية تمنعنا من إنفاق الأموال التي تحتاجها لسلامة المدارس والطرق السريعة، فسيتعين علينا طرح سؤال حول الاستمرار في احترام هذه الالتزامات أو وضع سلامة الإيطاليين فوق أي اعتبار آخر، من الواضح أنني اخترت الخيار الثاني".

ولم يعرف على الفور سبب الكارثة، رغم أن أجهزة الأرصاد الجوية في منطقة ليغوريا، أصدرت تحذيراً من عاصفة صباح الثلاثاء.

وقالت هيئة الطرق على موقعها إن "أعمال صيانة كانت تجري عند قاعدة الجسر"، مضيفة أنه تم إرسال رافعة إلى الموقع للمساعدة في أعمال الإنقاذ.

أمطار غزيرة وأعمال صيانة

وقال وزير الداخلية المسؤول عن أجهزة الشرطة والإطفاء: "نحن نتابع الوضع لحظة بلحظة"، وقدم الشكر لأجهزة الطوارئ على استجابتها السريعة.

المسؤولون الإيطاليون وصفوا الحادث بالمأساة الكبيرة.
المسؤولون الإيطاليون وصفوا الحادث بالمأساة الكبيرة.

وقال متحدث باسم جهاز الإطفاء لـ "فرانس برس"، إن الجزء المنهار سقط على خط للسكك الحديدية على مسافة 100 متر أسفل الجسر، وإن سيارات وشاحنات سقطت مع الجسر.

وذكرت أجهزة الطوارئ على تويتر: "رجال الإطفاء يعملون معنا كما تم إرسال فرق إنقاذ وكلاب بوليسية".

تاريخ انهيارات

قال رئيس بلدية نيس الفرنسية، على بُعد 200 كلم غرب على طول الساحل، إنه سمح لرجال إطفاء من المدينة بمساعدة أقرانهم في جنوى.

وأعرب رئيس المفوضية الأوروبية جان – كلود يونكر في بيان عن "تعاطفه العميق وتعازيه الحارة لعائلات وأصدقاء القتلى وللشعب الإيطالي".

كما بعثت المستشارة الالمانية أنغيلا ميركل بتعازيها.

أمضى رجال الإنقاذ الليل وهم يبحثون عن ناجين
أمضى رجال الإنقاذ الليل وهم يبحثون عن ناجين

وكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على تويتر، أن فرنسا "تقف إلى جانب إيطاليا في هذه المأساة ومستعدة لتقديم كل الدعم الضروري".

تقع جنوى البالغ عدد سكانها نصف مليون، بين البحر وجبال شمال غرب إيطاليا، وتكثر فيها الجسور العلوية والأنفاق؛ نظراً لوعورة تضاريسها.

استكمل بناء جسر موراندي في العام 1967، ويمر من فوق عشرات خطوط السكك الحديدية والمنطقة الصناعية.

وكان أحد المصانع الواقع بجانب أحد أعمدة الجسر مباشرة فارغاً الثلاثاء بسبب عطلة رسمية، ويبدو أنه أصيب بأضرار طفيفة.

وقال أيبو توري (23 عاماً) ويعمل مترجماً: "أعيش في الجوار، أعبر الجسر مشياً على الأقدام كل يوم.. ولم أكن واثقاً في الجسر؛ لأنني كنت أسمع دائماً أصواتاً عندما كانت الشاحنات تمر فوقه".

وأضاف: "عندما سمعت أنه انهار، لم يفاجئني ذلك".

يعتبر الحادث حلقة جديدة من سلسلة انهيارات لجسور في إيطاليا المعرضة للنشاط الزلزالي، والتي انعكست حالة الركود الاقتصادي على بنيتها التحتية بشكل عام.

في مارس/آذار العام الماضي قُتل شخصان عند انهيار طريق علوي بالقرب من أنكونا على ساحل الأدرياتيكي.

 

علامات:
تحميل المزيد