العالم سيشهد قريباً تأثيرات خطيرة للاحتباس الحراري.. وقتها ستكون الأعاصير المدمرة والجفاف أمراً عادياً ومتكرراً

بحلول سنة 2300، ستصبح الظواهر المناخية القاسية مثل الأعاصير المدمرة والجفاف الذي يمتد سنوات طويلة، بالإضافة إلى الحرائق الهائلة، شائعة لدرجة أنها لن تكون مهمة لتتصدر عناوين الأخبار وقتها.

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/08 الساعة 13:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/27 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش
drought area cracked soil waiting for rain Man with sea bed and coktail.

بحلول سنة 2300، ستصبح الظواهر المناخية القاسية مثل الأعاصير المدمرة والجفاف الذي يمتد سنوات طويلة، بالإضافة إلى الحرائق الهائلة، شائعة لدرجة أنها لن تكون مهمة لتتصدر عناوين الأخبار وقتها.

أما آخر مجموعة من الأشخاص الذين ظلوا على قيد الحياة بعد الهزات الأرضية التي ضربت المناطق الموجودة بالقرب من خط الاستواء، فسيَحزمون أمتعتهم وينتقلون نحو الأقطاب ذات الكثافة السكانية العالية.

وقد نشرت صحيفة Proceedings of the National Academy of Sciences مقالاً جديداً بعنوان "أبرز 9 طرق يمكن أن ينتهي بها العالم"، تحدثت فيه عن هذه الحالة التي تسمى "حالة الدفيئة"، حيث ترتفع درجات حرارة كوكب الأرض لتصل إلى حدود 4 إلى 5 درجات مئوية (أي 7 و9 درجات فهرنهايت)، وتتجاوز مستويات درجات الحرارة قبل الثورة الصناعية.

كما سترتفع مستويات سطح البحر لتصل إلى حدود 10 إلى 60 متراً، وهو أعلى من مستوياته في الوقت الحالي.

نعم، من الصعب جداً تخيُّل ذلك، لكننا من السهل أن نصل إلى هذه المرحلة.

إذ قال مجموعة من العلماء في هذه المقالة، إن درجات الحرارة ستتجاوز عتبة درجة الحرارة العادية التي لها تأثير في الحفاظ على برودة الأرض، وعند الوصول إلى هذه النقطة، ستقود سلسلة من الظواهر المناخية الكوكب إلى حالة الدفيئة.

وعلى الرغم من أن العلماء لا يعرفون بالضبط ما هي هذه العتبة، فإنهم قالوا إنها قد تكون في حدود درجتين مئويتين (أي 4 درجات فهرنهايت)، وهي تتجاوز مستويات درجات الحرارة في فترة ما قبل الثورة الصناعية، حسب ما نقله موقع Live Science الأميركي.

اممم.. درجتان مئويتان؟ تذكّرنا بأشهر اتفاقيات المناخ الدولية

قد يبدو الأمر مألوفاً، فمستوى درجة الحرارة الذي يبلغ درجتين مئويتين يلعب دوراً كبيراً في اتفاقية باريس للمناخ، وهو اتفاق تم التصديق عليه سنة 2016 من قِبل 179 دولة؛ سعياً لمكافحة تغير المناخ، من خلال الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون (وهو الاتفاق الذي أعلنت الولايات المتحدة انسحابها منه السنة الماضية "2017").

هذا يعني ببساطة أن دول العالم تعاونت من أجل الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض حتى لا تتجاوز درجتين مئويتين، وإبقائها في حدود 1.5 درجة مئوية، وهو ما يفوق مستويات درجات الحرارة ما قبل الثورة الصناعية.

وقد أخبر يوهان روكستروم، وهو المؤلف المشارك في تحرير هذا المقال ومدير مركز Stockholm Resilience، وأستاذ أنظمة المياه والاستدامة العالمية في جامعة ستوكهولم بالسويد، موقع Live Science، بأن "هذا الاتفاق يقدم دعماً علمياً قوياً جداً؛ لذلك يجب أن نتجنب الاقتراب من درجتين مئويتين أو بلوغهما".

الأرض في انتظار عصر دفيء بدلاً من الجليدي؟!

على مدى ملايين السنوات الأخيرة، كانت الأرض تشهد العصر الجليدي كل 100 ألف سنة أو نحو ذلك، وكان آخر مرة غطى فيها الجليد كوكب الأرض، منذ نحو 12 ألف سنة، أما الآن، فهو في فترة ما بين الجليدين والتي تسمى فترة هولوسين. وخلال هذه الدورة، تقوم الأنظمة الطبيعية بإبقاء الأرض باردة، حتى خلال الفترات الدافئة.

لكن العديد من العلماء يقولون إنه نظراً إلى التأثير الهائل للبشر على المناخ والبيئة، يجب أن يُطلق على العصر الجيولوجي الحالي اسم الأنثروبوسين (وهي مأخوذة من كلمة Anthropogenic، التي تعني النشاط البشري).

في حين قال روكستروم إن درجات الحرارة تقترب من درجات الحرارة القصوى خلال دورة ما بين الجليدين، وأضاف روكستروم أنه "إذا استمرت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون دون أي رادع، فإنه لن يعود هناك وجود لدورة ما بين الجليدين؛ ما قد يدفع الأرض إلى عصر جديد يُطلَق عليه (الأرض الدفيئة)".

كما تابع قائلاً: "في الوقت الحالي، وصلت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون جراء حرق الوقود الأحفوري في السنة إلى 40 مليار طن، حيث تقوم المحيطات والأشجار والتربة بامتصاص نصف تلك الانبعاثات. مع ذلك، فنحن بصدد مشاهدة علامات تدل على أننا -نحن البشر- نضغط على النظام البيئي كثيراً، وهو ما يظهر من خلال قطع الكثير من الأشجار وإتلاف عدد كبير من الأراضي، فضلاً عن هدر كميات هائلة من المياه العذبة وإطلاق الكثير من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي".

ويضيف روكستروم أن "العلماء يخشون من أنه إذا ما وصلنا إلى مشارف درجة حرارة معينة، فسيترتب على هذه العوامل الطبيعية انعكاسات، وستصبح الأرض (ساخنة بصفة ذاتية)، وسينجرُّ عن ذلك إطلاق الغابات والتربة والمياه كميات ثاني أكسيد الكربون التي تخزنها".

كما شدد روكستروم على أنه "عندما يصبح كوكبنا مصدراً لانبعاث غازات الاحتباس الحراري، وكذلك نحن البشر، يمكن لك أن تتخيل كيف ستتسارع الأمور بشكل كبير في الاتجاه الخاطئ".

العديد من نقاط التحول

في حين دعم روكستروم وفريقه البحوث الموجودة حول ردود الفعل المختلفة للطبيعة، واستنتجوا أن العديد منها يمكن أن يعتبر بمثابة "عوامل حاسمة"، أي عند ظهور عامل واحد، تتبعه العديد من العوامل الأخرى.

وتمتلك الطبيعة آليات لردود الفعل، مثل قدرة الغابات المطيرة على خلق الرطوبة والمطر الخاصة بها، الأمر الذي يُبقي الأنظمة الإيكولوجية في حالة توازن.

وحيال هذا الشأن، قال روكستروم إنه في حال تعرضت الغابات المطيرة لارتفاع متزايد في درجات الحرارة وعمليات إزالة الغابات، فستصبح هذه الآلية أضعف تدريجياً.

وأشار روكستروم إلى أن الوصول إلى نقطة تحوُّل معينة، يمكن أن يتسبب في تغير اتجاه آلية ردود الفعل التابعة للطبيعة، وتتحول الغابات المطيرة من محرك للرطوبة إلى مصدر لجفافها، وفي نهاية المطاف، تتحول الغابات المطيرة إلى السافانا.

وعند وصولها إلى هذه المرحلة، ستطلق الغابات غازات ثاني أكسيد الكربون، ما قد يصبح بدوره جزءاً من سلسلة يمكنها التأثير على العمليات الطبيعية الأخرى حول العالم، على غرار التيار المحيطي وظاهرة "إل نينيو-El Niño". وتشمل نقاط التحول الأخرى ذوبان الجليد الدائم وفقدان الجليد البحري في أثناء الصيف بالقطب الشمالي، فضلاً عن فقدان الشعاب المرجانية.

نداء عالمي للمساعدة.. وأميركا تهرب!

في حين أشار روكستروم إلى أن "أول وأهم هدف يجب أن يتمثل في وقف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل تام بحلول سنة 2025". لكنه أكد أن ذلك لن يكون كافياً؛ حيث إنه "يتعين على العالم بأَسره أن يبدأ في مشروع كبير، ليضمن استدامة جميع القطاعات"؛ حتى نستطيع تجنُّب نقاط التحول هذه.

وذكر روكستروم أن هذه الخطوة يمكن اعتبارها تحدياً، خاصة أن البلدان، في جميع أنحاء العالم، أصبحت ذات نزعة قومية بشكل متزايد. وبدلاً من التركيز على أهداف وطنية ضيقة، يجب أن يعمل العالم بشكل جماعي على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كإنشاء صناديق استثمار يمكنها مساعدة الدول الأكثر فقراً التي لا تملك الوسائل لخفض هذه الانبعاثات كما تفعل الدول الأكثر ثراء.

وأضاف روكستروم قائلاً: "هذا ما يعني أنه من الناحية العلمية، يبدو من غير المقبول أبداً انسحاب بلد مثل الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ؛ نظراً إلى أننا نحتاج، الآن وأكثر من أي وقت مضى، مشاركة جميع الدول في العالم للتخلص من ثاني أكسيد الكربون من أجل ضمان كوكب مستقر".

وقد أخبر مايكل مان، وهو أستاذ بارز في علم الأرصاد الجوية بجامعة ولاية بنسلفانيا، والذي لم يشارك في هذه الدراسة، موقع Live Science، عبر البريد الإلكتروني، بأن "هذه الدراسة لا تتضمن أي بحث جديد، لكنها تستند إلى الأبحاث الموجودة مسبقاً".

وحيال هذا الشأن، قال أستاذ علم الأرصاد الجوية إنه "وفي ضوء ذلك، يقوم مؤلفو هذا البحث، من وجهة نظري، بتقديم حالة موثوقة تؤكد أننا من المرجح، وفي ظل غياب جهود مكثفة على المدى القريب للتخفيض من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أن نواجه تغيراً مناخياً خطيراً ولا رجعة فيه، في غضون عقود معدودة".

أووف! يجب علينا إذاً إنقاذ العالم قبل أن يحترق بأبنائنا وأحفادنا!


اقرأ أيضاً..

أعلى درجة حرارة بتاريخ إفريقيا تُسجل بمدينة عربية.. حطمت الأرقام المسجلة لدى منظمة الأرصاد العالمية بأشد أجوائها سخونة

الثورة الصناعية تسببت به والثورة التكنولوجية ستنقذه.. مكافحة التغير المناخي تبدأ من عندك

درجات الحرارة سبب في زيادة معدلات الانتحار.. دراسة تكشف دور التغيُّرات المناخية في زراعة البؤس قبل الإقدام على الموت

"تسريب" عميق تسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض وجعل الكوكب صالحاً للعيش

تحميل المزيد