رائحتك كريهه مثل رائحة التواليت، بهذه العبارة عبر الراحل ستيف جوبز مؤسس شركة آبل لابنته برينان جوبز عن رأيه في رائحة مستحضر الورد الذي كانت تضعه، بينما كان على فراش الموت يصارع مرض السرطان.
كشفت برينان عن هذه الواقعة في مذكراتها التي دونتها في كتابها الجديد "Small Fry"، المقرر صدوره في الرابع من سبتمبر/أيلول،وتكشف عن المرة التي أخبرها فيها والدها الملياردير في لحظة غضب بأنها: "لن تحصل على شيء"، بعد أن طلبت منه الحصول على سيارته الـ Porsche عندما يفرغ منها وفق ما جاء في صحيفة The Daily Mail البريطانية.
وعلى إثر ذلك، ردد قائلاً "لن تحصلي على فلس واحد من ثروتي، هل فهمت؟".
تقول ليزا أن والدها خاطبها ذات مرة "بنبرة حادة، وأسلوب فظ"، مشيراً إلى أنه "واحد من أهم الأشخاص الذين سوف تقابلهم في حياتك".
علاقة مضطربة
تطرقت ليزا برينان-جوبز في مذكراتها إلى تفاصيل علاقتها المضطربة بوالدها، التي لم يسبق لها الخوض فيها من قبل، والتي تمت الإشارة إلى البعض منها في فيلم السيرة الذاتية لجوبز الذي أنتج عام 2015، الذي لعب فيه الممثل مايكل فاسبندر دور البطولة.
أشارت إلى أن وجودها في حد ذاته كان يمثل خيبة أمل ووصمة عار بالنسبة لوالدها. وعلى حد تعبيرها، كانت في نظره مجرد "نقطة سوداء في سيرته، نظراً لأن قصتنا لم تكن تتلاءم مع أسطورته وصورته التي لطالما سعى جاهداً إلى تلميعها".
"لقد مثل وجودي فشلاً في سلسلة إنجازاته" تقول، وتضيف "لكن الأمر كان مختلفاً بالنسبة له؛ فكلما تقربت منه تبدد ذلك الشعور بالخجل والخزي. وفي الحقيقة، كان والدي شخصية مهمة على مستوى العالم، وقادراً على الصعود بي إلى أعلى القمم".
إنكاره بنوتها
ولدت ليزا، البالغة من العمر 40 عاماً، سنة 1978، بعد علاقة بين جوبز ووالدتها كريسان برينان، دامت لمدة خمس سنوات. لكن سرعان ما انتهت هذه العلاقة بمجرد حملها. وبعد ذلك، طغى جوّ من الاحتقان على علاقتهما التي انتهت برفع دعوى قضائية خضع بموجبها جوبز إلى اختبار الأبوة، إلا أنه ظل ينكر حقيقة أن ليزا ابنته. وقد وصل به الأمر إلى حد الادعاء بأنه كان "عقيماً"، إلا أنه أنجب ثلاثة أطفال فيما بعد من زوجته لورين باول جوبز.
في نهاية المطاف، تصالح كل من جوبز وابنته ليزا، وقدم لها اعتذاراً عندما كانت في سن التاسعة، ومع ذلك لم تندمل جروحها الناجمة عن تصرفاته تجاهها، وظلت علاقتهما متوترة ومعقدة. وفي مقتطف نشرته مجلة Vanity Fair من كتابها "Small Fry"، كتبت ليزا عن اعتيادها إخبار زملائها في المدرسة عن هوية والدها قائلة: "أنا أخفي سراً، إن والدي هو ستيف جوبز". كما أخبرتهم بأن والدها كان قد نسب أحد أجهزة حاسوب ماكنتوش إليها، بعد أن أطلق عليه اسم "ليزا".
شعور غير متبادل
أفادت ليزا بأنها لطالما تباهت به أمام أصدقائها، قائلة: "والدي مشهور، فهو من اخترع الكمبيوتر الشخصي. كما أنه يعيش في قصر ويقود سيارة بورش مكشوفة. عدا ذلك، يقوم باستبدال سيارته في كل مرة تتعرض فيها للخدش". كما ورد في كتابها "في عدة مناسبات، كنت آمل أن يتعامل معي والدي بنفس الطريقة التي بادرت بالتعامل معه بها، وأن يقوم بالخطوات ذاتها تجاهي، ويكون الأب المتسامح عندما أكون البنت المحبة. وظننت أنه في حال تصرفت كباقي البنات، سيبادلني الحب. لقد كان بوسعنا أن نتظاهر بالمودة، ليتحول ذلك مع الوقت إلى حقيقة. ولو تمكنت من رؤية حقيقة والدي أو حتى أقررت لنفسي بذلك، لعلمت بأن هذا لن يفضي إلى نتيجة، بل كان ليثير اشمئزازه".
خلال إحدى زياراتها إلى منزل جوبز، استجمعت ليزا الشجاعة لتطلب من والدها الحصول على سيارة البورش خاصته، وقالت: "هل يمكنني الحصول عليها في حال لم تعد ترغب فيها؟". فأجابها جوبز، قائلاً: "بالتأكيد لا". وأشارت ليزا إلى أنه "بناءً على ردة فعله الحادة، اعتقدت بأن قصة استبداله لسيارته كلما تعرضت للخدش لم تكن صحيحة فعلاً. وفي الحقيقة، ما كان ينتظرني كان أسوأ".
في تلك اللحظة، تمنيت لو أستطيع العودة بالماضي إلى الوراء وأسحب كلامي، وعند بلوغها المنزل أطفأ والدي المحرك، وحين هممت بالخروج، التفت نحوي، وقال: "لن تحصلي على شيء. هل هذا واضح؟ لا شيء. لن تحصلي على شيء". هل كان يقصد بكلامه السيارة فقط، أم شيئاً آخر؟ لم أتمكن من معرفة ذلك حينها. كان صوته حاداً، وقد شعرت بضيق في صدري. كان ضوء السيارة خافتاً، وعند إيقاف المحرك انطفأت جميع أضواء السيارة ماعدا ضوء أبيض خافت.
كان الظلام يلفنا، وعلمت حينها بأنني قد ارتكبت خطأ فادحاً وكانت تلك مجرد ردة فعله".
تخلت عن فكرة الصلح للأبد
وصفت ليزا تفاصيل إحدى زياراتها الأخيرة لوالدها قبل وفاته بثلاثة أشهر، مبينة أن والدها أكرم راهباً بوذياً برازيلياً، يعرف باسم سيغيو رينبوشي، لجأ إليه جوبز بحثاً عن السكينة والاطمئنان، طلب منها تدليك قدميه. وعندما خلد جوبز إلى النوم ذهبت ليزا في جولة حول المنزل، معتقدة بأنها "تخلت عن فكرة الصلح بينهما إلى الأبد".
قبل أن تغادر، ذهبت ليزا إلى الحمام حيث وجدت رذاذ الوجه المستخرج من الورد فقامت برشه على نفسها. بعد ذلك، ذهبت لرؤية والدها وقالت له: "سأعود لرؤيتك عمّا قريب". وعندما همّت ليزا بالخروج، ناداها والدها وعندما أجابته، قال لها: "إن رائحتك تشبه رائحة المرحاض".
لقد التقى جوبز والدة ليزا سنة 1972 عندما كان يبلغ من العمر 17 سنة، وقد كانا يدرسان في مدرسة هومستيد الثانوية الواقعة بمدينة كوبيرتينو في كاليفورنيا حينها. عندما انفصل الثنائي سنة 1977 كانت كريسان حاملاً، وعندما وُلدت ليزا، رفض جوبز الاعتراف بها. اعتمدت كريسان على نفسها وعملت عاملة نظافة ونادلة وجليسة أطفال في الكنيسة للاعتناء بابنتها. وعندما بلغت ليزا سن السابعة، كانت هي ووالدتها قد غيَّرتا مقر سكنهما 13 مرة.
أنا أهم شخص في حياتك
كتبت ليزا في مذكرتها، أنها أُجبرت على إجراء اختبار الحمض النووي سنة 1980 بموجب أوامر من محامي مقاطعة ماتيو بولاية كاليفورنيا، الذي رفع دعوى تتعلق بمدفوعات نفقة الأطفال ضد والدها. ونتيجة لهذه الدعوى القضائية، أُمر جوبز بدفع مبلغ 385 دولاراً في الشهر، لكنه دفع 500 دولار بدلاً عن ذلك. وبعد 4 أيام من انتهاء هذه القضية، أي في الثامن من ديسمبر/كانون الأول عام 1980، أصبحت شركة Apple مشهورة، وأصبحت ثروة جوبز، بين عشية وضحاها، تتجاوز 200 مليون دولار.
خلال تلك الفترة، زار جوبز ابنته ليزا التي كانت تبلغ من العمر 3 سنوات حينها. وخلال زيارته إياها، سألها جوبز قائلاً: "هل تعرفين من أكون؟". وأضاف جوبز بنبرة صوت وصفتها كريسان بأنها تشبه شخصية "Darth Vader" الخيالية: "أنا والدك". ونوَّه جوبز بعد ذلك قائلاً: "أنا واحد من أهم الأشخاص الذين ستتعرفين عليهم في حياتك". ومنذ أن أصبحت ليزا في سن السابعة، تمكَّن جوبز من زيارتها مرة واحدة في الشهر.
وقد جاء جوبز لزيارة ابنته وهو يركب سيارة بورشه مكشوفة، وكان يأخذ كلاً من ليزا وكريسان في جولة للتزلج بالعجلات في ضواحي الحي، حينها كان الثنائي يحاولان إصلاح ما انكسر في علاقتهما. وكتبت ليزا أنها "كانت تنتظر قدومه وتفكر في الوقت الذي ستمضيه معه"، لكن خلال الساعة الأول من لقائهما أحسَّت بأن هناك "مسافة غريبة" بينهما. وأضافت ليزا قائلةً: "لم يتكلم كثيراً. لقد كانت هناك فترات طويلة من الصمت، تسيطر عليها أصوات أزيز وتصادم أحذية التزلج. لقد شعرت بنظراته إليّ في العديد من المرات، لكن عندما ألتفت إليه كان يبعد نظره عني".
لا أزال أشعر بالفخر تجاهه
أكدت ليزا في مذكرتها، أنه على الرغم من ذلك كله، لا تزال تشعر بالفخر بأنها ابنته. وأشارت إلى أن علاقتها به كانت تشبه "الهوية السحرية، لقد كانت بمثابة دعم في كل مرة أشعر فيه بأنني غير مهمة، وكان ذلك الإحساس يشبه إلى حد ما دافعاً بداخلي لأقدّم الأفضل؛ ومن ثم وجدت طريقة لترجمة كل ذلك".
حاولت ليزا مراراً وتكراراً أن تحصل على اعتراف من والدها جوبز بأن الحاسوب الذي يحمل اسم "Lisa Macintosh" قد سمي على اسمها. وقد سبق أن طلبت منه ذلك مرة، لكنه رفض. في المقابل، اعترف جوبز بهذا الأمر عندما بلغت ليزا سن الـ27، حين كانت تمضي عطلتها في فيلا بجنوب فرنسا يمتلكها بونو، مغني فرقة الروك الإيرلندية U2. خلال الغداء، قام بونو بتوجيه بعض الأسئلة لجوبز عن السنوات الأولى من إنشاء شركة Apple، وما إذا كان الحاسوب يحمل اسم ابنته أم لا. فأجاب جوبز مؤكداً الأمر. صُدمت ليزا حينها وأخبرت بونو قائلة: "هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها أبي بذلك، شكراً لسؤالك".
خلال عام 2013، وبعد مرور سنتين على وفاة جوبز، نشرت كريسان مذكرتها التي تحمل عنوان "The Bite in the Apple: A Memoir of My Life With Steve Jobs". وفي هذا الكتاب الذي لم يحظَ بإطراء كبير، ادَّعت كريسان أن النجاح قد حوَّل جوبز إلى "شيطان"، وأنها أصبحت "أداةً لقسوته". وخلال سنة 2005، بعثت كريسان برسالة إلى جوبز، تطالبه فيها بمنحها 30 مليون دولار لتأمين نفسها وابنتها كتعويض لها عن اعتنائها بابنتَيهما.
كما اتهمت كريسان سلوكه بالمشين بعد أن أنكر أُبوَّته لابنته، وأكدت أن "المال يمكن أن يكون بمثابة حل للصلح". كما كتبت كريسان في إحدى الرسائل التي أرسلتها إلى جوبز، قائلةً: "أعتقد أن الاحترام وتسوية المواضيع العالقة يمكن تحقيقهما عن طريق المال، إنه أمر بسيط". لكن جوبز رفض طلبها وأجاب على رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بها بصفة مقتضبة، قائلاً: "لا أتفاعل كثيراً مع الابتزاز، ولن أكون طرفاً فيه".
في الواقع، لم تكن كريسان المرأة الوحيدة التي أغضبها سلوك جوبز غير المقبول. فقد سبق أن قالت تينا ريدز، أول امرأة أحبَّها جوبز، إنها عندما وجدت وصفاً لحالة اضطراب الشخصية النرجسية في دليل للأمراض النفسية، قامت بتشخيص جوبز كحالة نموذجية لذلك. وفي مرحلة ما، كتبت ريدز على الممر الذي يفضي إلى غرفة نومهما العبارة التالية: "يصبح الإهمال نوعاً من أنواع الإساءة".
وقد أغضب جوبز كذلك لورين باول عندما تقدَّم لها ولم يكشف عن الأمر عدة أشهر. وعندما قررت ترك المنزل، اشترى لها جوبز خاتماً. وفي إحدى المقابلات، قال والتر إيزاكسون، كاتب سيرة حياة جوبز الرسمية: "لم يكن جوبز دافئاً؛ بل كان شخصاً غامضاً وعدائياً وهشّاً للغاية. وفي بعض الأحيان، كان لئيماً جداً مع الأشخاص".
اقرأ أيضاً
ميغان ماركل تحتفل بأول عيد ميلاد لها وهي دوقة.. وهذه أول هدية تتلقاها