رجل يعيش بمفرده في الغابات منذ 22 عاماً.. شاهد بالصور كيف يقضي يومه

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/01 الساعة 17:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/01 الساعة 19:02 بتوقيت غرينتش

قبل عدة أيام ظهرت صور عديدة تعرض منزل آخر ناجٍ معروف لقبيلة من قبائل غابات الأمازون، عاش بمفرده في الغابات لمدة 22 عاماً.

اشتهر هذا الرجل بلقب "الرجل في الحفرة"، وبقي على قيد الحياة معتمداً على نفسه في ولاية روندونيا النائية في البرازيل، وذلك منذ أن قُتل باقي أفراد قبيلته على يد أصحاب مزارع المواشي الذين استولوا على الأراضي قبل عقدين، بحسب تقرير لصحيفة  Daily Mail البريطانية.

ويقضي الرجل معظم وقته في صيد الخنازير والعصافير والقرود في الغابة، باستخدام الأقواس والسهام، ويعيش في كوخ تحيط به مزارع البابايا والذرة.

وأظهرت الصور التي التُقطت لمنزله رماحاً خشبية وعصِياً من الخشب ربما تُستخدم في الصيد، وأخرى التُقطت لمكانٍ قريب ظهرت فيها حفرةٌ حصل بسببها على لقب "الرجل في الحفرة".

وفقاً للمسؤولين المحليين، فإنَّه يصنع تلك الحفر من أجل صيد الحيوانات، أو للاختباء داخلها أثناء الصيد في غابة الأمازون.

وفي وقتٍ مبكر من هذا الشهر، نُشر مقطع فيديو صوّره مسؤولو الحكومة البرازيلية، يعرض الرجل، وهو في الخمسينيات من عمره، بينما يستخدم فأساً مصنوعة يدوياً ليقطع شجرة بالقرب من كوخه

ويُعتقد أن هناك 113 قبيلة معزولة تعيش في غابات الأمازون، تمكن الخبراء من رصد 27 منها وهم يحاولون تعقب حركاتها.

يعتقد الخبراء من الوكالة البرازيلية لشؤون القبائل الأصلية (FUNAI) أنَّ الرجل كان ينتمي إلى قبيلة مكونة من ستة أفراد، قتل المزارعون خمسةً منهم في التسعينيات.

ووصف الناجون من القبائل الأصلية الأخرى في ولاية روندونيا كيف أطلق المزارعون الغزاة النيران على ظهورهم، أثناء الاستيلاء على أراضيهم في تلك الفترة. وألقت الوكالة باللوم علناً على أصحاب مزارع الماشية بسبب موت عائلة "الرجل في الحفرة".

كيف نجا هذا الرجل؟

وبحسب الصحيفة البريطانية، يُعتقد أنَّه تمكن من النجاة عندما هجم المزارعون ومنتزعو الأراضي على القبائل الأمازونية الأصلية وقتلوهم وطردوهم من الغابات، خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي.

وصرحت الوكالة في إحدى الصحف الإخبارية: "في الثمانينيات، أدى الاستعمار المخالف، وإنشاء المزارع وقطع الأشجار غير القانوني (في منطقة روندونيا) إلى الهجمات المتكررة على القبائل الأصلية المعزولة، التي عاشت هناك حتى ذلك الحين، في عملياتٍ مستمرة انطوت على طردهم من أراضيهم وقتلهم".

وأضافت: "وبعد الهجوم الأخير للمزارعين في أواخر عام 1995، قُتِلَ أفراد المجموعة، التي ذكرت التقارير أنَّها ربما تكونت من عدد صغيرٍ من الأفراد، ويعتقد الموظفون المحليون أنَّهم كانوا ستة أشخاص، وأصبحوا فرداً واحداً فقط. ولم يُعاقب المذنبون أبداً".

تتبع الوكالة سياسةً صارمة تتمثل في ترك المجموعات المنعزلة في المنطقة وشأنها، لذا رصدت نشاط الرجل من مسافةٍ بعيدة منذ أن شوهد للمرة الأولى عام 1996.

إنَّهم لا يعرفون اسمه ولا حتى اسم قبيلته، ولكنهم عملوا على توسيع مساحة منزله في الغابة إلى 8070 هكتاراً (80.7 كم مربع) حتى يتسنى له الحفاظ على أسلوب حياته.

وأُنشئت محمية للقبائل الأصلية عُرفت باسم تانارا في التسعينيات كجزءٍ من الجهود التي تهدف إلى حماية أرضه.

وترك له موظفو الوكالة بعض الأسلحة التقليدية مثل الفؤوس والمناجل، ليعثر عليها دون أن يسمحوا لأنفسهم أن يتمكن من رؤيتهم.

رصد الرجل ما زال مستمراً

ويُجري الخبراء عمليات رصدٍ بانتظام ليعرفوا ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة، وغالباً ما يجدونه يصنع حفراً في الأرض، وهي الحفر التي حصل على لقبه بسببها، من أجل صيد الحيوانات أو الاختباء داخلها.

ويمضي الرجل وقته في قطع الأشجار، وصيد الحيوانات، للحصول على الطعام، والتجول نصف عارٍ مغطى بقطعة من القماش على الخصر فقط.

هنا يعيش رجل الغابات
هنا يعيش رجل الغابات

وقال التاير الجاير، وهو منسق محلي بالوكالة: "هذا الرجل المجهول بالنسبة لنا، الذي فقد كل شيءٍ مثل شعبه وسلسلةٍ من الممارسات الثقافية في حياته، أثبت أنَّه حتى وإن كان وحيداً في وسط الأدغال، فإنَّه من الممكن البقاء على قيد الحياة مع تجنُّب الانخراط مع المجتمع".

أمَّا فيونا واتسون، التي تعمل في المجموعة البحثية Survival International، فقالت لصحيفة The Guardian البريطانية، إنَّ مقطع الفيديو الخاص بالرجل "استثنائي"، نظراً لأرضه المحاطة بمزارع المواشي من كل ناحية.

وتقول مجموعة Survival International، إنَّه من الممكن أن يكون هناك ما يقرب من 300 هندي منعزل يعيشون في منطقة ماساكو في روندونيا، بحسب الصحيفة البريطانية.

لماذا لا تتواصل هذه القبائل مع المجتمع؟

وبحسب المجلة الأميركية، يُعتقد أنَّ الكثير من القبائل اختارت تجنب التواصل مع المجتمع، بناءً على مواجهاتٍ سابقة أسفرت عن تدمير منازلهم في الغابات.

ويقول الخبراء إنَّ القبائل عُرفت بإطلاق السهام على الدخلاء أو الطائرات، أو الانسحاب ببساطة إلى مناطق أعمق في الغابات المطيرة.

وتقول المجموعة، إنَّه مع ذلك تواجه المجموعات الأخرى المنعزلة خطر الانقراض، مع بقاء القليل من الأفراد الذين يمكن عدّهم على الأصابع.

إنَّهم يتعرضون لتهديدٍ متزايد من مشروعات البنية التحتية وبناء الطرق، ويتخلون عن أراضيهم بشكلٍ متزايد، لتجنب الضوضاء والتلوث الذي يصحب تلك المشروعات.

نظراً لتجنب الاتصال بالعالم الخارجي، فإنَّ تلك القبائل عرضةٌ للإصابة بالأمراض مثل الإنفلونزا أو حتى نزلات البرد.

أين تعيش هذه القبائل؟

وتعيش تجمعاتٌ صغيرة بشكلٍ رئيسي في روندونيا، إذ "نجت ولايتا ماتو غروسو ومارانهاو من عمليات الاستيلاء الوحشية على الأراضي عند استهدافها، وقتل سكانها من القبائل، على أيدي الحطابين وأصحاب مزارع المواشي وغيرهم"، وفقاً للمنظمة التي تعمل على حماية حقوق شعوب القبائل.

وقالت مجموعة Survival International: "يجب حماية الشعوب المنعزلة في البرازيل، والإقرار بحقوقهم في الأراضي قبل أن يختفوا إلى الأبد هم والغابات التي يعتمدون عليها".

تمتد غابات الأمازون على مساحة 2.1 مليون ميل مربع، مع وجود مناطق هائلة يُعتقد أنَّها لم تُكتشف بعد.

وفي عام 2016، التقطت طائرة هليكوبتر تطير فوق غابة الأمازون صوراً كشفت عن أفراد واحدةٍ من آخر القبائل المنعزلة في العالم.

عندما ظهرت المروحية لأول مرة على مستوى منخفضٍ منهم، أصابهم  الذعر وفرّوا من ملاجئهم المصنوع سقفها من القش إلى فسحةً للاختباء أسفل أوراق الشجر.

ثم تحلّى الرجال بالشجاعة وأطلقوا وابلاً من السهام البدائية على الدخلاء المزعجين.

الحفر التي اشتهر بها هذا الرجل
الحفر التي اشتهر بها هذا الرجل

ويتواجد الهنود في مجموعاتٍ معزولة في أعماق الغابات، بالقرب من الحدود البيروفية.

وأخبر المصور ريكاردو ستاكرت مجلة National Geographic الأميركية: "التفكير في أننا في القرن الحادي والعشرين ولا يزال هناك أناس ليس لديهم أي اتصال بالحضارة، ويعيشون مثلما عاش أسلافهم منذ 20 ألف سنة، يا له من شعورٍ قوي".

وفي عام 2008، ظهرت مجموعة مذهلة من الصور عرضت رجال قبائل يقذفون الرماح، ويطلقون الأقواس والسهام على طائرةٍ تحلّق فوق رؤوسهم.

كانت بشرتهم ملونة بالطلاء الأحمر الفاتح، وحُلِقَت رؤوسهم جزئياً، وكانوا يسحبون السهام من الأقواس الطويلة، ويطلقونها صوب الطائرة.