اكتشافُ بحيرة مائية على المريخ.. هل يعني هذا وجود حياة على الكوكب الأحمر؟

تعد هذه للمرة الأولى يكتشف العلماء بحيرة مائية كبيرة تحت الغطاء الجليدي على كوكب المريخ. وبما أن المياه هي أساس الحياة.

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/26 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/26 الساعة 13:29 بتوقيت غرينتش
Mars Rover exploring on the planet surface.

أعلن علماء إيطاليون يعملون في بعثة "Mars Express" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، الأربعاء 25 يوليو/تموز 2018، عن وجود بحيرة سائلة تمتد بعرض 12 ميلاً تحت سطح الكوكب -وليست مواقع رطبة مؤقتة كالتي عُثر عليها في السابق- اكتُشفت بواسطة مجسّات رادارية بالقرب من القطب الجنوبي للمريخ.

وتعد هذه للمرة الأولى يكتشف العلماء بحيرة مائية كبيرة تحت الغطاء الجليدي على كوكب المريخ. وبما أن المياه هي أساس الحياة، يُقدم هذا الاكتشاف مكاناً جديداً ومثيراً للبحث عن أي شكل من أشكال الحياة بعيداً عن الأرض.

يقول إنريكو فلاميني، الرئيس السابق لوكالة الفضاء الإيطالية، والذي أشرف على الدراسة، خلال مؤتمر صحفي "لقد اكتشفنا ماءً".

وأضاف لصحيفة The New York Times: "إنه في حالة سائلة، ومالحة، وملاصق للحجارة". وأكد أن "جميع العوامل متوافرة للاعتقاد بوجود حياة هناك، أو بإمكانية استمرارها بمجرد نشأتها على المريخ".

يبدو شكل المياه مشابهاً للبحيرات الجوفية الموجودة على الأرض في غرينلاند، وأنتاركتيكا. على الأرض، تستمر الحياة الميكروكروبية في المياه المتجمدة والظلام في القاع في مثل هذه البحيرات. وقد يكون الجليد على سطح البحيرات المريخية بمثابة درعٍ حامية من الإشعاع الذي يضرب سطح الكوكب.

قال جوناثان لونين، مدير مركز الفيزياء الفلكية وعلم الكواكب في جامعة كورنيل، وهو غير مشارك في هذه الدراسة، إن تحول كوكب المريخ من كوكب مهجور إلى "عالم محيطات" آخر في النظام الشمسي.

وأضاف الدكتور لونين: "أعتقد أنه كلما استكشفنا المريخ أكثر، أصبح الأمر أكثر إثارةً وتعقيداً".

وأضاف أنه لسنوات عدة، كان شعار "تتبع أثر المياه" نغمةً متكررة لوكالة ناسا، وبالطبع لكل الدراسات البشرية للبحث عن الحياة في أي مكان آخر. فبدون المياه، لا توجد حياة. أدى ذلك في السنوات القليلة الماضية، إلى إبداء وكالة الفضاء مزيداً من الاهتمام والبحث باستخدام مجسات الروبوتات المُرسلة إلى أقمار كوكبي المشتري وزحل، مثل أوروبا وإنسيدلادوس، حيث أصبح معروفاً في الوقت الراهن أن المحيطات المالحة تكون موجودة تحت قشرة رقيقة من الجليد، والتي يستطيع علماء بيولوجيا الفضاء البارعين اكتشاف ميكروبات أو مخلوقات أكثر تعقيداً هناك.

ومنذ استطاع البشر استطلاع الفضاء عبر التلسكوبات، كان المريخ هو المكان المفضل لوجود حياة متخيلة، فقد كان بمثابة الفناء الخلفي، حيث تصور عالم الفلك بيرسيفال لويل أنه يستطيع رؤية قنوات، بل حتى مدناً الكبيرة على سطح الكوكب البرتقالي من خلال السياج. في الليالي الأخيرة من هذا الشهر، سوف يظهر هذا الكوكب على هيئة مشكاة حمراء ، على بعد 35784871 ميل عن الأرض -وهي أقرب نقطة يصل إليها منذ 15 عاماً.

هل هناك فرصة لاكتشاف حياة على المريخ؟

إذا كان المريخ في وقت من الأوقات مليئاً بالمياه السائلة، فهل كان أيضاً مزدهراً بالحياة؟ وإذا استطاع رواد الفضاء في يوم ما الهبوط على تلك الرمال الحمراء، فهل سيكتشفون أحافير ميكروبية؟

يقول الدكتور فلاميني إنه على الرغم من أن الاكتشافات الحالية "لا يمكن أن تنبئ بأي شيء. لكننا قد نخمن تلك الظروف، وما إن كانت تلك الظروف جيدة أم لا".

ويؤكد روبرتو أوروسي، المستكشف المشارك في جهاز الرادار، والمؤلف الرئيس للورقة البحثية التي نُشرت يوم الأربعاء في مجلة Science، أنه لم يستطع العلماء قياس عمق هذه البحيرة، ولكنها يجب أن تكون على الأقل على قد من الاتساع أو العمق، كي تتمكن موجات الرادار من الارتداد خلالها.

وقال إن الحسابات الأولية تشير إلى تحتوي على عدة مئات ملايين من الأمتار المكعبة من المياه. أي عشرات المليارات من جالونات المياه.

طُور رادار المريخ المتطور للرصد تحت السطحي والأيونوسفيري -أو ما يطلق عليه مارسيس (Marsis)- على يد العلماء الإيطاليين المشاركين في بعثة مارس إكسبريس، التي دخلت مدار الكوكب عام 2003. وحرصاً على عدم الإضرار بباقي المركبة الفضائية، استغرق الفريق المسؤول عن مارسيس عامين لفتح أذرع الرادار البالغ طولها 130 قدماً (39.624 متر).

بمجرد بداية عمل الرادار، أرسل نتائج غير متسقة وغير مؤكدة للمنطقة القطبية. إلا أن العلماء استطاعوا إيجاد طريقة لإعادة تلك البيانات الأولية غير المعالجة إلى الأرض. فقد اكتشف الرادار منطقة مثلثة المحيط ذات انعكاسات ساطعة عندما مرت المركبة الفضائية مرات عدة في تلك المنطقة. حيث أدى الضغط الشديد على سطح الجليد إلى ارتفاع حرارته. وأشارت النماذج الحاسوبية إلى أن درجات الحرارة سوف تصل إلى حوالي 90 درجة فهرنهايت تحت الصفر (-32,22 درجة مئوية)، وهي درجة أكثر برودة بكثير من درجة انصهار المياه. ما يشير إلى أن تلك المياه مليئة بالأملاح، ما يسمح لها بالذوبان.

يحدث ذلك في منطقة الحوض أيضاً، ما يزيد من الاعتقاد بأن المياه السائلة قد تدفقت إلى هذه المنطقة.

يقول الدكتور أوروسي "تميل المياه إلى التجمع في التضاريس الأكثر انخفاضاً".

وأشار الدكتور أوروسي إلى أن العلماء اختبروا التفسيرات المحتملة الأخرى، كأن يكون جليد ثاني أكسيد الكربون "الثلج الجاف" هو ما يحدث هذه الانعكاسات الساطعة، إلا أن هذه الاحتمالات لم تتطابق مع معلومات الرادار. كانت الإشارات تتطابق مع قياسات الرادار للبحيرات تحت الجليدية في غرينلاند أنتاركتيكا.

وقال: "خلصنا إلى استنتاج مفاده أن التفسير المحتمل الوحيد لهذه الانعكاسات الساطعة، هو وجود ماء في حالة سائلة". بالنسبة لبعض العلماء، لا تُعد الانعكاسات الساطعة للرادار إثباتاً دامغاً.

وأشار ريتشارد زوريك، كبير علماء برنامج المريخ في مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا في مدينة باسادينا بكاليفورنيا، إلى أن البنية المعقدة، والفوضوية في أغلب الأحيان للأسطح الجليدية، قد تؤثر على إشارات الرادار بشكل غير متوقع. وأضاف دكتور زوريك، وهو غير مشارك في هذه الدراسة: "لديك كثير من الأسطح التي تستطيع أن تُحدث إشارات رادارية شاذة". وأضاف: "هذا هو نوع الإشارات التي نتوقع أن تكون صادرة عن مياه سائلة. ولكن، هل هذه هي الطريقة الوحيدة التي تصدر بها مثل هذه الإشارات؟ هذا هو الجزء الأصعب".

وقال دكتور لونين إن كانت المياه في حالة سائلة فإن الملوحة الشديدة سوف تجعل الحياة صعبة الاستمرار في تلك البحيرة، على الأقل بالنسبة لأشكال الحياة الموجودة على الأرض. وأضاف: "ربما يتجاوز مستوى ملوحتها القدر الذي يسمح باستمرار حياة الكائنات التي نعرفها". لكنه يعود ليؤكد أن "وجود ماء في حالة سائلة في الوقت الراهن، أمر مثير للاهتمام وجدير بالدراسة".

درس جون بريسكو، أستاذ الإيكولوجيا في جامعة ولاية مونتانا، الحياة البيولوجية لأنتاركتيكا. وأشار إلى أن سطح القارة المتجمدة قاحل تماماً مثل سطح المريخ، لكنه يصبح أكثر صخباً وعامراً بالحياة كلما اتجهنا لأسفل. عندما كان هو وفريقه يقومون بالحفر على سطح بحيرة متجمدة قبل ثلاث سنوات هناك، اكتشفوا وجود جراثيم. وقال بريسكو إن تلك الجراثيم "لم تر الضوء منذ مئات آلاف السنين". وأضاف: "إنها تتغذى على الصخور للحصول على الطاقة".

وقال بريسكو إنه إذا كان من الممكن حفر ميل في أعماق سطح البحيرة المُكتشفة حديثاً على سطح المريخ، فإنه يراهن أن ثمة حياة هناك أيضاً. وأضاف: "لقد درست الحياة في الجليد لمدة 35 سنة. وكنا نكتشف وجود حياة في أماكن لا يمكن تخيلها حسب تفكيرنا النمطي عن الحياة. لكن كل هذا يتغير".


واقرأ أيضاً..

ليس خيالاً علمياً: هناك مخلوقات ربما عاشت على سطح القمر.. ولكن المفاجأة في موطنها الأصلي