استغرق الأمر 10 أشهر، وتطلَّب 17 مليون دولار تقريباً، حتى يقرِّر النيوزيلنديون أنهم لا يريدون علماً جديداً. كان ذلك اكتشافاً مُحرجاً لرئيس الوزراء آنذاك جون كي، الذي استهلك الكثير من الوقت والمال، من خلال إقامة مسابقة وإجراء استفتاءٍ لاختيار وتصميم علمٍ للبلاد. ولكن في العام 2016، وبعد أن وقع الاختيار على أحد المتأهّلين إلى التصفيات النهائية لصنع العلم الجديد، قرَّر 57% من الشعب الاحتفاظ بالعلم القديم.
كان يأمل رئيس الوزراء في أن يميّز التصميم الجديد نيوزيلندا بشكلٍ أكبر عن أستراليا. فهاتان الدولتان تملكان علمَين متطابقين تقريباً. علم نيوزيلندا أزرق اللون، وعليه شعار جاك الاتحاد في أعلى الزاوية اليسرى مع 4 نجوم حمراء وبيضاء إلى الجانب الأيمن. العلم الأسترالي أزرق اللون أيضاً، ويحمل شعار جاك الاتحاد في الزاوية أيضاً، لكنه يحتوي على نجمة بيضاء أسفله وإلى يمينها 5 نجوم بيضاء.
العلمان متشابهان إلى حدٍّ كبير، لدرجة الخلط بينهما في كثيرٍ من الأحيان. ويبدو أنه قد تمّ استبدالهما ببعضهما البعض في احتفال تسليم الميداليات الأولمبية في ريو دي جانيرو في العام 2016.
بعد الاستفتاء الفاشل، بدا أن "دراما العلم" بين البلدين قد تراجعت. ولكن هذا الأسبوع، صرَّح رئيس الوزراء النيوزيلندي وينستون بيترز لشبكة التلفزيون النيوزيلندية أن أستراليا "استنسخت علم نيوزلندا، ويجب أن تغيّر علمها وأن تعترف بحقيقة أننا أول من جاء بهذا التصميم". بيترز، الذي عارض فكرة أن تقوم نيوزيلندا بتغيير علمها، تولَّى رئاسة الحكومة في الوقت الذي أخذت فيه رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن إجازة أمومة.
قضية العلم الأسترالي أعادت إلى الواجهة نزاعاً قديماً بين أستراليا ونيوزيلندا. فقد تمَّ ترحيل أكثر من 1300 نيوزيلندي من أستراليا في السنوات الثلاث الماضية، مع العلم أن أكثر من نصف النيوزيلنديين يعيشون في أستراليا، وفقاً لهيئة الإذاعة الأسترالية.
في العام 2014، غيَّرت أستراليا سياسات الهجرة الخاصة بها، فأصبح بإمكانها ترحيل السكان المقيمين منذ فترة طويلة، في حال فشلوا في اجتياز "اختبار الشخصية"، مما يعني أنه يمكن إلغاء تأشيرات دخول المقيمين الذين لديهم سجلات جنائية معينة. وفي الوقت الراهن، بات عدد النيوزيلنديين من المهاجرين المحتجزين في أستراليا الأكبر مقارنة بأي بلد آخر.
ووفقاً لما ذكرته صحيفة The New York Times، يعدّ نحو 60% من الذين أعيدوا إلى نيوزيلندا في السنوات الأخيرة من الماوري وسكان جزر المحيط الهادئ.
في مقابلة مع شبكة ABC في وقت سابق من هذا الشهر، قال وزير العدل النيوزيلندي أندرو ليتل إن سياسة الترحيل في أستراليا ومعاملة بعض النيوزيلنديين "لا تتفق بالتأكيد مع أيّ قيم إنسانية اعتقدت أن البلدين يتشاركان فيها في يوم من الأيام". وأضاف ليتل، في إشارةٍ إلى الظروف التي تمَّ فيها ترحيل أحد الكيويين: "لم أكن لأرغب أبداً في أن أكون جزءاً من حكومة نيوزيلندية، قد ترحّل أسترالياً يبلغ من العمر 16 عاماً".
أما بالنسبة للتاريخ الذي يقف وراء علمَي الدولتين، يبرز جلياً للعيان أن كليهما يتميزان بوجود شعار جاك الاتحاد كإشارة إلى التاريخ البريطاني المشترك. وترمز النجوم في الجانب الأيمن إلى كوكبة صليب الجنوب، التي يمكن رؤيتها في منطقة جنوب المحيط الهادئ. وقد اعتمدت نيوزيلندا تصميمها الحالي في سنة 1902، ولكن أستراليا لم تتبنَّ نموذج علمها الحالي سوى في العام 1954. ويبدو أن نسخة من تصميمها الحالي للعلم قد رفرف في أستراليا العام 1901. لكن موقع حكومة نيوزيلندا على الإنترنت يزعم أن النسخ الحالية من علم نيوزيلندا قد ظهرت في وقتٍ مبكر من ستينات القرن التاسع عشر، لا سيما على متن السفن التابعة لها.
إقرأ أيضاً…