نعم، مليون مليار طن من الماس تختبئ تحت أقدامنا لكن العلماء الذين اكتشفوها لا يعرفون كيف نصل إلى هناك

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/19 الساعة 18:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/20 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش

وأخيراً حصل "بعض" الرجال على مرادهم، ووجدوا ما ينتقمون به من معبود النساء: الماس.

إنها دراسة موثّقة بالدليل العلمي تؤكد أن الحجر النادر ليس نادراً ولا نفيساً، بل متوافراً بكثرة على كوكب الأرض.

كوادريليون طن من الماس، عُثر عليها في باطن الأرض، أي الرقم واحد بجانبه 15 صفراً!

لطالما حامت نظريات تتهم تجارة الماس بأنها أكبر خدعة تسويقية في تاريخ البشرية، واليوم تأتي هذه الدراسة لتقتل أي حلم أو أمل باقتناء حجر عمره ملايين السنين، يجسد بين زواياه المثالية قصة حب ورسالة تقول: "تستحقين أغلى ما في هذا الكون"!

ولكن الوصول إلى هذا الكنز ليس بهذه السهولة، الأمر الذي قد يمد في عمر قيمة هذه الأحجار بعضَ الشيء. علماء أميركيون اكتشفوا وجود مليارات الأطنان من الماس، تستقر في باطن الأرض داخل الصفائح التكتونية عند عمق معدله 160 كيلومتراً، ووجدوا أغلب الكمية عند الصفائح الفاصلة، بعضها بين القارات.

ففي هذه الدراسة التي أجريت في 19 يونيو/حزيران الماضي، وأعدها تجمع من جامعات ومعاهد علمية شهيرة، أهمها معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، وجامعة هارفارد، وباحثون من معهد كارنيغي في واشنطن، توصلت في خلاصتها إلى  مؤشرات تؤكد وجود كميات تعادل كوادريليون طن من الماس (أي مليون مليار طن من الماس).

وكوادريليون طن تعني 1 وبجانبه 15 صفراً، أي ما قيمته بسعر اليوم 9 وبجانبه 21 صفراً من الدولارات!

الموجات الصوتية قادت العلماء إلى هذه الكميات المهولة

لنجيب عن هذا التساؤل، نشير في البداية أن هناك أجزاء مستقرة من الغلاف الصخري للأرض تأخذ هيئة كتل صخرية على شكل جبال مقلوبة رأساً على عقب  تسمى الكراتونات.

في الأغلب تكون هذه الكراتونات أقل كثافة وأكثر برودة من بقية الصخور المحيطة بها، ولذلك تصل لها الموجات الصوتية بشكل أسرع، وذلك لأن سرعة الموجات الصوتية تتغير وفقاً للتركيب ودرجة الحرارة وكثافة الصخور والمعادن التي تتكون منها.

عندما استخدم العلماء المجسات وأجهزة قياس الزلازل وتقنيات تعتمد على استخدام الموجات الصوتية المتنقلة عبر القشرة الأرضية، لاحظوا أن الأمواج الصوتية تتحرك بشكل أسرع في قاع الكراتونات، واستمرت التجارب العديدة لمعرفة السر وراء ذلك.

رجَّح العلماء وجود الماس في بعض هذه الكراتونات لعدة أسباب، من بينها أن سرعة الصوت في الماس أكثر بمرتين من سرعته في الصخور الأخرى.  وأوضح أولريش فول، وهو عالم أبحاث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن إحدى خصائص حجر الماس هي السرعة التي تنتقل بها الموجات الصوتية عبره.

وهناك سبب آخر، وهو أن أنابيب الكمبرلايت توجد على حواف الجذور الكراتونية.

 وأنابيب الكمبرلايت كانت الدليل على أن الماس قريب

يتشكل الماس في طبقات الأرض على عمق 150 كم من سطح الأرض أو يزيد، في محيط درجات حرارةٍ عالية يستمدّها من الحمم البركانية الذائبة في باطن الأرض، وضغط عالٍ نتيجة العمق الذي يتواجد به، ومدّة زمنية طويلة تقدر بملايين السنين.

يخرج الماس من باطن الأرض إلى السطح مع الحمم البركانية أثناء انفجار البراكين، وذلك في شكل صخور كبيرة، تحتوي بداخلها على الماس، والذي يدعى باسم "كسينوليثس".

تتسبب هذه الثورات البركانية بوجود قنوات في الطبقات العليا لسطح الأرض، التي تدعى قنوات الكمبرلايت. ولذلك يجد  العلماء أنه من المنطقي العثور على الماس في الكراتونات؛ لأن أنابيب الكمبرلايت توجد على حواف الجذور الكراتونية.

ومن خلال التجارب على بعض الصخور، وجد العلماء أن إحداها احتوت على نسبة مذهلة من 1% إلى 2% من الماس المفيد للكراتونات؛ لأنه يساعدها في البقاء مستقرة ويحافظ عليها من الانخساف.

يفكر العلماء الآن في كيفية الوصول للكنز

تقع هذه الكمية من الماس على بعد يصل من 90 إلى 150 ميلاً تحت سطح الأرض، أي أكثر من 240 كيلومترا، وهي مسافة عميقة للغاية لم تصل إليها أية بعثة تعدين من قبل، ولم تصل حتى لبعد قريب منها!

الحفر إلى هذا العمق أمر مستحيل تقريباً، إلا أن العلماء يرون أن ما تم اكتشافه يثبت على الأقل أن الماس ليس عملة نادرة، بل متواجد بكثرة في صخور تلك الصفائح العميقة.

كما يفكرون في الماس على الكواكب الأخرى!

ولا ينحصر وجود الماس على كوكب الأرض حصراً، إذ اكتشفت علماء الفلك كواكب في الكون الشاسع، كان الماس العنصر الأساسي في تكوينها، مثل الكوكب الصخري الذي اكتشف عام 2012، وأطلق عليه علماء الفلك "كانكري 55"، وهو يدور حول نجم يشبه الشمس على بعد 40 سنة ضوئية.

وفي بحث علمي نشر في (أكتوبر/تشرين الأول 2013) للدكتور كيفن بينز من جامعة ويسكونسن ماديسون، طُرحت فرضية أن تشكل الكواكب مستقبل الاستثمار الفضائي في الماس، فكوكب زحل والمشتري قد يحتويان ماساً مشابهاً لما نملكه على كوكبنا، إلا أنه سيكون أكثر كثافة.

وتوقع البحث وجود أكثر من 10 آلاف طن من الماس، الذي يمكن أن يصل حجمه إلى حجم "كف اليد".

وفي العام 2018، وبعد تحليل بقايا نيزك سقط في السودان عام 2008، اكتشف علماء كميات من الماس يعود مصدرها إلى كوكب مفقود، كان يدور في الماضي حول النظام الشمسي.

وشكَّلت جامعة الخرطوم فريقاً من المختصين لجمع قطع النيزك المتناثرة، والتي يبلغ عددها حوالي 480 قطعة وتزن 4 كيلوغرامات.

ويبدو أن حب المرأة اقتناء هذه الأحجار النفيسة والبراقة لا يصب بعيداً عن حب اكتشاف العلماء تاريخ تكوينها على الأرض وفي السماء، أما الجانب التجاري في الموضوع فيسجد دائماً مخرجاً لبيع مجوهرات ماسية، حتى لو كان مصدرها من خارج المجموعة الشمسية!.

علامات:
تحميل المزيد