يتابعن المونديال وحدهن دون إزعاج من الشباب..

تشجيع بصيغة المؤنث في هذا المقهى المخصص فقط للنساء بطرطوس السورية

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/06 الساعة 16:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/06 الساعة 16:40 بتوقيت غرينتش

بـ"تي شيرت" أبيض يتوسطه عَلم ألمانيا، دخلت شيماء مقهى "الوردة-La rose Café " في مدينة طرطوس السورية، حاملةً عَلماً لفريقها المفضل، واختارت لها مكاناً مريحاً محاطاً بالألوان الزهرية والبنفسيجة وبأثاث أنثوي مريح.

قررت مع صديقاتها القدوم قبل المبارة بنحو نصف ساعة؛ كي تضمن حصولها على طاولة مناسبة، وسط منافسة حادة من بقية الفتيات الطرطوسيات، فأغلبهن يفضلن هذا المقهى بالذات لمشاهدة مباريات المونديال والتصرف براحتهن وهن يتابعن فِرقهن المفضلة ويتغنين بجمال لاعبيهن الوسيمين.

لم تكن شيماء تعلم أن ألمانيا ستغادر المونديال باكراً بهذا القدر، بعد خسارتها أمام كوريا الجنوبية، لكنها كانت مصممة على الصراخ والاستمتاع بالمبارة لأقصى درجة دون أن تشعر بالحرج من أي شاب موجود بقربها، ولا أن تضطر إلى ضبط ردود فعلها خوفاً من انتقادات المحطين.

المقهى الجديد افتُتح مؤخراً في طرطوس بأحد الأحياء الهادئة، وجعله أصحابه مخصصاً للنساء فقط؛ ليكون مساحة خاصة بهن يمارسن به هوايتهن بتدخين النارجيلة ومتابعة الكرة، وحتى التشجيع والهتاف لو أحببن.

فكرة جديدة في طرطوس

يتابعن مبارياتهن، يشجعن ويصرخن بكل راحة
يتابعن مبارياتهن، يشجعن ويصرخن بكل راحة

حينما قررت رشا حامد تأسيس مشروع خاص بها، كانت تبحث عن شيء جديد وغير مألوف في طرطوس حيث تقيم، خطرت لها هذه الفكرة وطرحتها على أحد جروبات الفيسبوك الشهيرة، ورصدت بالفعل أصداء إيجابية وقبولاً من قِبل الكثير من الفتيات اللاتي رحَّبن بالاقتراح.

لم تتردد رشا بعدها كما تصرح لـ"عربي بوست"، وانطلقت في مشروعها لتؤسس مقهىً صغيراً مخصصاً فقط للفتيات. اختارت له ألواناً زاهية مستوحاة من عالم حواء، وأرادت من خلال الديكور والإكسسورات منح السرور لكل من تنوي زيارة هذا المكان، بحيث تشعر بأنها موجودة في غرفتها الخاصة بالفعل.

وحين تسأل رشا عن سبب تأسيس مثل هذا النوع من المطاعم في طرطوس بالذات التي تعتبر محافظة منفتحة نوعاً ما، أوضحت السيدة اللبنانية الجسنية والمتزوجة بسوري، أن فكرتها ليست مرتبطة بالمحجبات فقط أو بالضوابط الاجتماعية والتقاليد، رغم أن من يعملن في المقهى هن من الفتيات عادة، باستثناء أيام الضغط مثل المونديال، ولكن الهدف كان تأمين مجال حيوي خاص بالفتيات في طرطوس يكون خاصاً بهن.

وتضيف أن الشباب يملكون الكثير من المقاهي التي يجتمعون فيها ويدخنون النارجيلة، ويلعبون الورق دون أن يزعجهم وجود الفتيات؛ ومن ثم فالنساء بحاجة لأمر مشابه.

ألوان زاهية مستوحاة من عالم حواء، وديكور يمنح السرور لكل الزائرات
ألوان زاهية مستوحاة من عالم حواء، وديكور يمنح السرور لكل الزائرات

رشا أطلقت مشروعها قبل شهر رمضان بفترة قصيرة، وفوجئت بالنتيجة الإيجابية التي حققها بين الناس، حتى إن الكثير من العائلات باتت تقبل بإرسال فتياتهن للسهر في "مقهى الوردة"؛ لأنهن يعلمن أن المكان مخصص فقط للنساء، ولن يقلقن عليهن من الشباب، خاصة بالنسبة للشابات الصغيرات اللاتي ما زلن في المدرسة.

تشجيع بصيغة المؤنث

مع بدء فعاليات المونديال في روسيا، استبدلت رشا أجواء رمضان وطقوس السحور بالتفاصيل الرياضية، فالحوائط والواجهة تتحدث عن الفرق المشاركة في البطولة العالمية، لتكون النتيجة مفاجأة لها، فقد لاحظت مباشرةً اندفاع الفتيات وحماستهن للحضور، حتى إن المقهى يملتئ بشكل كامل خلال أوقات المباريات ويزداد الضغط بشكل كبير، كما تقول بسعادة.

وتعتقد أن سبب هذا الاندفاع هو شعور الفتيات بأنهن قادرات على التصرف بكل أريحية، ففي هذا المكان يستطعن الهتاف بِحُرية والضحك دون خجل، كما يمكنهن الحزن أو البكاء وحتى الشتم، دون أن يراقبهن أحد في حال خسر فريقهن المفضل أو ربح، "أعتقد أن هذه المساحة من الحرية لم نكن ننعم بها في السابق، وهو ما جذب الكثيرات"، تضيف صاحبة المقهى.

رغم أن خسارة فريقها كانت صادمة، فإن شيماء استطاعت أن تعبر عن حزنها
رغم أن خسارة فريقها كانت صادمة، فإن شيماء استطاعت أن تعبر عن حزنها

وهذه الحرية هي ما تستمتع به بالفعل شيماء، ورغم أن خسارة فريقها كانت صادمة بالنسبة لها، فإنها استطاعت أن تعبر عن حزنها وغضبها من هذه النتيجة وتشارك مع صديقاتها الخيبة.

في حين تمكنت باقي المشجعات من التعبير عن فرحتهن لخسارة ألمانيا؛ لكونها ستخرج من قائمة التحدي أمام فرقهن، ورغم حزنها على هذه النتيجة فإن شيماء ستستمر في القدوم إلى المقهى ومتابعة مباريات الفرق الأخرى، والاستمتاع بأجواء التشجيع والصخب الجميل الذي تُحدثه بقية الفتيات.