الباعة تدربوا على هذه الحيل النفسية على يد خبراء.. هكذا تعرضت سيدتان سويسريتان للاحتيال في متجر مجوهرات بدبي

رغبت السيدتان هانلوره هايزيغ (87 عاماً) وريتا شونبيك، التوجه إلى دبي التي تعتبر من المقاصد السياحية المشهورة عالمياً، مع مجموعة سياحية

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/03 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/03 الساعة 15:34 بتوقيت غرينتش

عرض برنامج "أكتن تسايشن" على القناة الألمانية الثانية مطلع شهر يونيو/حزيران عدداً من المخاطر التي قد تواجه السياح أو المتجهين لبلدان أخرى لقضاء عطلة الصيف، كان بينها حالة لسيدتين سويسريتين، وقعتا ضحية احتيال قام به متجر مجوهرات يديره إيطالي في دبي في شهر مارس/آذار 2017.

ورغبت السيدتان هانلوره هايزيغ (87 عاماً) وريتا شونبيك، التوجه إلى دبي التي تعتبر من المقاصد السياحية المشهورة عالمياً، مع مجموعة سياحية، بعد أن حصلتا على عرض مخفض.

وتقول السكرتيرة السابقة هايزيغ إنها حصلت على سعر خاص للرحلة لأنها كانت مشتركة في إحدى المجلات، وحصلت على عرض مخصص للزبائن المخلصين، ودفعت قرابة 500 فرنك سويسري عوض 1200. وتبين صديقتها الصيدلية المتقاعدة شونبيك التي تعرفت عليها في ناد للتنس منذ وقت طويل، أنها أخبرتها بالعرض وقبلته، سيما وأن الاثنتين كثيراً ما تسافران سوية في رحلات مشتركة.

وضم برنامج الرحلة في دبي تبديل الفندق بعد 3 أيام، وزيارة متاجر في دبي تعرض بضاعة محلية للبيع في طريقهم للانتقال لفندق آخر، وذلك عبر حافلة صغيرة لمنظم الرحلة.

الرحلة إلى متجر المجوهرات

وأخذهم المرشد السياحي إلى متجر مجوهرات، يقع في منطقة صناعية في دبي لم يسمه البرنامج واكتفى بإطلاق "مجوهرات دبي" عليه. وأخبرهم المرشد السياحي بحسب مقطع تمثيلي يجسد الواقعة عرضته القناة بأنهم سيلتقون مجدداً بعد بدء الجولة بـ 50 دقيقة.

وذكرت شونبيك أنه بعد دخولهم ألقى مدير المتجر، أسمته القناة "فاليريو بوسونه"، كلمة. وذكر بوسونه أنه من مواليد إيطاليا، متخصص في الحلي والأحجار الكريمة. وأهدى المدير السيدة السويسرية هايزيغ التي لا يعرفها مسبقاً "هدية ترحيبية صغيرة"، متذرعاً بالقول إنه علم من المرشد السياحي أنها أكبر من في المجموعة.

أليكساندرا داسكالاكس، الخبيرة في مجال التسوق، تقول إنه عندما يحصل المرء على هدية من بائع، يتملك المرء شعور بأنه يتوجب عليه رد شيء له، مشيرة إلى أنه من أحد مبادىء علم الاجتماع المسمى المعاملة بالمثل.

وقدم المدير ما قال إنه حجر كريم خاص، هو التنزانيت، الموجود في تنزانيا وحدها، مدعياً أن آخر منجم هناك يتم استخراج الحجر منه مقبل على الإغلاق، وأن أسعار هذه الأحجار مقبلة على الصعود فحسب، وأن النصيحة التي يقدمها لهم هي إمكانية حصولهم عليها بالسعر القديم في متجرهم.

وتحدثت السيدة شونبيك عن عدم تأثرهم كثيراً بالعرض الذي قدمه المدير، موضحة أنه فيما كانتا تتفرجان على الخزائن (الفترينات) في غرفة العرض، رغم أنها شخصياً ليست مهتمة بالحلي، اقترب منهما موظفان يعملان في مجال البيع في المتجر، أحدهما يدعى توني روجيرو، والداه من باليرمو الإيطالية إلا أنه ولد وتربى في ألمانيا والآخر ماركوس سالفينو.

حيل خاصة يستخدمها الباعة

وبينت شونبيك أنه تم تخصيص بائع لكل فرد من المجموعة السياحية، وقام البائع المُسمى روجيرو بالإشارة إلى قرطيها، مادحاً جمالهما، إلا أنه قال إن عليهما بعض الصدأ وعرض عليها تنظيفهما "دون مقابل وبسرعة" عندهم في الوقت الذي تتفرج فيه هناك.

يعرض البرنامج الطريقة التي قام بها المدير والبائعان بترغيب السيدتين بالحلي والأحجار الكريمة، وتعاملهما معهما بلطف، وكيف دعا أحد البائعين السيدة شونبيك لتنظيف قرطيها، فيما عرض الآخر إطلاع السيدة هايزيغ على حجر التنزانيت عن قرب إلى جانب تقديم فنجان قهوة لها، وهكذا باتتا جالستين في غرفتين منفصلتين.

تقول هايسيغ أن البائع كان ظريفاً وودوداً في حديثه معها، وسألها عن أمور خاصة بها كأين تعيش وعن أحوالها.

واختار البائع المرافق للسيدة شونبيك خاتماً يحتوي على ألماس وقدمه لها لتشتريه، الأمر الذي أثار إعجابها لكنها تكهنت بأن سعره باهظ جداً، فاستدعى البائع مديره للتفاوض، الذي قال إن ثمنه 13 ألف يورو، لكنه سيعرض عليها سعراً خاصاً هو 11 ألفاً، لكنها رفضته لأنها ما كانت لتدفع هذا المبلغ في خاتم، وطالبت بإعادة قرطيها لها متسائلة "ألم يجهزا بعد؟"، إلا أن القرطين اللذين وعدها البائع بتنظيفهما سريعاً لم تتم إعادتهما إليها رغم مرور أكثر من ساعة وسط تذرع البائع بعدم اكتمال تنظيفهما.

التلاعب بالمشترين

تتحدث السيدة السويسرية عن بقائها جالسة هناك مشوشة، وأنها لم تعد تدرك ما يجري بشكل صحيح بعد ذلك، وأنها كانت تريد الخروج من هناك. لكن مدير المتجر قدم لها قطعة فخمة، وأثار اهتمامها مجدداً بالشراء، وكانت طوقاً يتدلى منه حجر تانزانيت، ما أثار إعجابها، وعندما سألت عن سعره أخبرها المدير أنه 25 ألف يورو، فهمت بالمغادرة وطلبت التوجه إلى الحافلة قائلة إن الطوق باهظ الثمن جداً، إلا أن البائع المرافق لها قال إنه ليس هناك مشكلة بالنسبة للحافلة سيتكفلون بإحضار سيارة أجرة لنقلها للمحطة التالية داعياً إياها للبقاء والجلوس مجدداً.

تقول شونبيك إن الوضع كان غريباً، فشعرت بعدم الارتياح، وأنها بقيت وحدها هناك، وغادر الجميع بالحافلة. وهنا طلب منها مدير المتجر أن تفصح عن السعر الذي تراه مناسباً للطوق، فقالت إنه جميل بحق لكن لا يستحق أكثر من 18 ألف يورو، وهنا تظاهر المدير والموظف العامل لديه بأنهما يريدان التنازل في السعر واحتساب المبلغ الذي يقتطعانه لأجلها جزءاً من الدعاية، ووافقا على البيع "استثناء" على حد زعمهما.

وقال المدير إن السعر سيكون كما قالت وستحصل فوق ذلك على القرطين، فقد أشعرها بأنه أعطاها شيئاً مجانياً رغم أن القرطين كانا ملكها.

توضح السيدة السويسرية المتقاعدة أنها سألت نفسها حينها كيف يمكن للطوق أن يكون ثميناً هكذا إن كان الخصم كبيراً هكذا، لكنها لم تستطع ببساطة المغادرة ولم تتم إعادة القرطين لها قبل أن توقع عقد الشراء بقيمة 18 ألف يورو على أن تدفع المبلغ خلال شهر.

داسكالاكس، الخبيرة في مجال التسوق، اعتبرت ذلك مناورة تكتيكية ماكرة، عبر فصل السيدتين في البداية عن المجموعة السياحية ثم تجريد إحداهما من قرطيها، ليتملكها شعور فقدان شيء، الأمر الذي يتسبب بوقوعها تحت ضغط وخوف يولدان توتراً، مبينة أن المرء لا يستطيع التفكير بجلاء خلال التوتر.

السعر الحقيقي والسعر المزيف

في الغرفة الثانية كان البائع الآخر يفاوض السيدة هايسيغ على بيع قطعة تنزانيت (5 قيراط)، قيل لها إن ثمنها 20 ألف يورو، ويشرح لها البائع عن مزاياها كحجر جميل إلى جانب سعرها الثابت عكس العملة.

خبيرة التسويق داسكالاكس تشير إلى أن البائع هنا استخدم في البداية دافع الإعجاب بالحجر وتملق الزبونة، قبل أن يحول أسلوبه إلى تحفيز دافع الأمان لديها.

وتمكنت هايسيغ من إنزال السعر حتى 13500 معتقدة أنها حققت مكسباً، واشترت الحجر الذي ستقدمه لابنتها بمناسبة عيد ميلادها الـ 60.

وقامت السيدة بتحويل 3500 يورو من بطاقتها البنكية فوراً. وتضمن العقد إرسال المتجر القطعتين لها بعد دفعها ما تبقى من المال بعد العودة لسويسرا.

اكتشاف الخدعة

وإثر عودة السيدتين بعد يومين لبلادهما حولت شونبيك بقية المبلغ، وعندما سلمها ساعي البريد الطرد لم توقع عليه قبل فتحه ورؤية ما في داخله، وهنا كانت الصدمة، إذ لم يكن الطوق ذلك الذي اشترته في دبي، وكانت الحلقة التي تتدلى منه فقط تلك التي رأتها في دبي.

وعندما قالت للساعي إن ذلك ليس ما طلبته، قال إن لا علاقة له بالأمر وإنه اكتفى ذلك اليوم من هذه النقاشات، مشيراً إلى التهجم عليه في كل بيت يسلم فيه قطعة من ذلك المتجر.

وعندما عرضت القطعة على خبير، قُدرت خسارتها بقرابة 4 آلاف يورو.

على الجانب الآخر قررت السيدة هايسيغ تسليم ما تبقى من المبلغ لساعي البريد الذي سلمها الحجر الكريم كي يرسله. وبينت أنها كانت تريد قبل ذلك تقدير ثمن الحجر قبل الدفع إلا أن ذلك كان يتطلب 3 ساعات، ولم يكن بوسع ساعي البريد الانتظار كل هذا الوقت.

وعندما عرضته على صائغ في نفس اليوم، أخبرها أنه سليم لا تشيبه شائبة، وأن بيانات مواصفاته صحيحة، لكن الصدمة أتت عندما قال لها إن ثمنه الحالي يقدر بقرابة 3500 فرنك سويسري.

وقالت هايسيغ إنها كتبت رسالة تبين فيها أنها تعرضت للاحتيال. واتصل بها شخص من المتجر في دبي وقال لها أن "لديها مشكلة صغيرة"، فأجابته "لا ليست صغيرة بل كبيرة لقد قمتم بالاحتيال علي بقيمة 10 آلاف يورو.. لقد قدرت (الحجر) لدى صائغي".

وأضافت أنه تم سؤالها عن هوية الذي باعها في المتجر وأنه يجب أن تقاضيهم، فردت عليه بأنها لن تتناقش معه بعد الآن بشكل مباشر، وإن كان فعبر محام. لكنها فقدت الأمل في الأمر وتخلت عن ملاحقته.

وبينت أنها كتمت قصة الحجر ولم تخبر ابنتها التي اشترته في الأساس لأجلها. من جانبها قالت شونبيك إنها لم تخبر أحداً أيضاً، لأنها لا تريد أن تبدو غبية بالنسبة لأحد، مبينة أن ما فعلتاه كان غبياً، ولا تتفهم كيف قامت بذلك لأنها ليست بذلك الشخص الذي يقوم بالأشياء بشكل عفوي.

تقول السيدة هايسيغ إنهما الملامتان فيما حصل لهما.

تقنيات البيع والناحية النفسية

خبيرة التسويق داسكالاكس تشير إلى أن جميع تقنيات البيع المستخدمة في هذه الواقعة، كقواعد "المعاملة بالمثل" وقلة المعروض من البضاعة، وبناء التعاطف وممارسة السلطة على الآخر، فعالة جداً من الناحية النفسية، يكاد المرء لا يستطيع الإفلات منها، مضيفة أنه حتى وإن كان المرء مدرباً جيداً على ذلك، فأنها تنطلي عليه، ويمكن أن تحدث مع الجميع.

وعندما سأل مذيع البرنامج السيدتين المتواجدين في الاستوديو عن سبب عدم خروجهما ببساطة من المتجر، قالت شونبيك إنها ببساطة لم تستطع القيام بذلك، مشبهة الأمر بمسرحية، مشيرة إلى أنه لو كانت امتلكت القرطين لفعلت ذلك.

وذكرت الخبيرة داسكالاكس عندما سُئلت عن المكر الممارس في هذه الحيلة، أن البضاعة كانت عادية لأن الأمر يتعلق بحلي حقيقي، لكن البائعين يعتاشون من هامش الربح، لذا طلبوا سعراً مبالغاً فيه، مذكرة بأنه في وضع استثنائي كهذا كالتواجد خارج البلاد في وضع غير معتاد لا يمتلك المرء شعوراً بالقيمة الحقيقية للبضاعة، فيقنع نفسه بأنه سيكون السعر مناسباً وستكون البضاعة جيدة، خاصة عندما يبدو البائعون ذوي سلطة، في إشارة إلى المماطلة في إعادة القرطين لإحداهما ودعوتها للجلوس مجدداً، مضيفة أن المرء لا يستطيع التهرب، وهو الأمر الماكر.

وبين المذيع أن التفاصيل توحي أن كل شيء كان مدروساً، وأنه قد تم تدريب البائعين من قبل محترف على نموذج للمجريات. وأكدت خبيرة التسويق أن ما جرى كان مدروساً، وأنهم قاموا بالتأكيد بالتدريب عليه.

ونصحت بأن يقوم المرء بكسب الوقت وعدم الاستعجال في الشراء، وأن أهم خطوة تكمن في الخروج من الوضعية التي يضع البائع المرء فيها والقيام بفاصل لكي يستطيع المرء التفكير بجلاء، كالادعاء بالحاجة الملحة للذهاب إلى الحمام، والبحث عبر الهاتف عن قيمة البضاعة المعروضة على الإنترنت لمعرفة قيمتها الحقيقية.

ونصحت الخبيرة الألمانية أيضاً بالثبات على رفض شراء البضاعة في جولات التسوق مهما ألح البائع، وإلى عدم الانفصال عن المجموعة التي قدم المرء معها، ووضع حد أعلى لقيمة الغرض المرغوب بشرائه وذلك قبل دخول المحل.

وأوضحت أنه عند تقديم هدية صغيرة للمرء يستطيع المرء تقبلها، لأنه أمر معتاد في وقتنا الحاضر، لكن يجب أن يدرك الزبون أنه لا يتوجب عليه شراء شيء، لأنه تلقى هذه الهدية ولا يتوجب عليه إعادة الهدية.

يمكن المشاهدة عبر هذا الرابط بدءاً من 01,07,48 (المشاهدة متوفرة حتى نهاية حزيران/يونيو 2018 فقط)

علامات:
تحميل المزيد