فيما شاهد العالم روسيا تمطر شباك السعودية، كان بوتين يحرز أهدافاً أكثر ضد شعبه.. بهدوء أصبح الفائز الحقيقي بالمونديال

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/25 الساعة 06:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/25 الساعة 07:00 بتوقيت غرينتش
Soccer Football - World Cup - Group E - Serbia vs Switzerland - Kaliningrad Stadium, Kaliningrad, Russia - June 22, 2018 Serbia fan holds up a photo of Russian president Vladimir Putin before the match REUTERS/Mariana Bazo

عندما كان يتطاير الروس فرحاً بفوز فريقهم الساحق على السعودية في افتتاح المونديال، كان رئيسهم يبدو أكثر هدوءاً منهم وهو يومئ بيديه لضيفه الأمير محمد بن سلمان، ولكنه في الواقع كان يحقق دون ضجة انتصاراً أكبر.

نصف مليون مشجع لكرة القدم سافروا إلى روسيا لمشاهدة منافسات فرقهم الوطنية في كأس العالم FIFA 2018، كما يشاهد مئات الملايين من البشر حول العالم المباريات على الشاشات التي تنقلها من مدن روسية مختلفة، وقد تكون البرازيل أو ألمانيا أبرز الفرق المرشحة للفوز باللقب، ولكن تحدث مفاجآت كثيرة في المباريات.

لكن ما يبدو ثابتاً أن هناك بالفعل شخصاً واحداً سيخرج كفائز مؤكد من كل ذلك، إنه الرئيس الروسي: فلاديمير بوتين

رغم انحدار الفريق الروسي لأسوأ تصنيف على الإطلاق، فإن بوتين سيستفيد من المونديال

لا يتوقع أحد أن يحقق الفريق الروسي أداءً ممتازاً في البطولة ويفوز بالكأس، إذ تضعه تصنيفات الفيفا (FIFA) الرسمية في المرتبة 70 في العالم، وهو أسوأ تصنيف للفريق الروسي على الإطلاق، الذي سقط من المركز 24 الذي حققه حتى عام 2015.

ومع ذلك، تعد كرة القدم رياضة شعبية في روسيا، حيث تتداخل الرياضة والقومية والسياسة بشكل وثيق، وتستخدم كثيراً للتعبئة الوطنية في البلاد، حسب بيتر روتلاند، أستاذ الدراسات الحكومية في جامعة ويسليان الأميركية.

إذ يبدو أن بوتين يفهم قدرة الرياضة على إثارة مشاعر الكبرياء الوطنية، ولم يتوان عن استخدام الأحداث الرياضية بشكل متكرر لتعزيز مكانته الشعبية في وطنه.

شرف استضافة المونديال من الخطاب العاطفي المؤثر إلى فضيحة الفيفا

في عام 2010، فازت موسكو بحق استضافة كأس 2018، وكان الأمر عبارةً عن فيلم ناجح يشبه كثيراً مشروع بوتين الشخصي، حسب وصف التقرير.

فقد سافر الرئيس الروسي إلى زيوريخ بسويسرا آنذاك، وألقى خطاباً عاطفياً يشكر الفيفا (FIFA) على هذا الشرف.

ولكن بعد بضع سنوات، أدت فضائح الفساد إلى إسقاط معظم أعضاء مجلس إدارة الفيفا الذين اتخذوا هذا القرار.

غير أنه بحلول ذلك الوقت، كان قرار منح تنظيم المونديال لروسيا قد دخل حيّز النفاذ، والنتيجة أن بوتين هو أول مستبد يستضيف كأس العالم منذ المجلس العسكري الأرجنتيني في عام 1978.

بالطبع، كان هذا قبل عودة بوتين المثيرة للجدل إلى الرئاسة في عام 2012، وقبل ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014.

والآن، ومع انطلاق كأس العالم، فإن النظرة لروسيا في العالم هي في أدنى مستوياتها على الإطلاق، حسب وصف التقرير.

أما وقد أعادت كأس العالم روسيا للأنظار فإن العقوبات الغربية والمقاطعة البريطانية يبدو أنها ضاعت هباء باستقباله كل هؤلاء الزعماء

أدت تصرفات روسيا في أوكرانيا إلى فرض عقوبات من الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا ونيوزيلندا.

ثم أدى تدخلها في عام 2015، في الحرب السورية إلى عزلها عن بعض الدول العربية، تاركة موسكو مع دائرة من الشركاء الدوليين المتناقصة التي تضم الآن الصين وإيران وفنزويلا.

من غير المحتمل، إذن، أن تحصل روسيا على قدر كبير من الدعم السياسي في الخارج من كأس العالم.

ولكن على الرغم من الجهود البريطانية لتنظيم المقاطعة في أعقاب الهجوم الروسي المزعوم على الجاسوس المنفي، إلا أن بعضاً من السياسيين الدوليين حضروا أو سيحضرون مراسم الافتتاح والختام.

واستقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة الماضية، رئيس كوريا الجنوبية في أول زيارة من نوعها لروسيا منذ 1999، في أحدث سلسلة من الاجتماعات التي رتب عقدها مع ضيوف دوليين على هامش مباريات كأس العالم لكرة القدم، حسب وكالة رويترز.

والتقى رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن بنظيره الروسي في الكرملين، وسيُسافر لحضور مباراة فريق بلاده أمام المكسيك في مدينة روستوف أون-دون غداً السبت.

وقال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين للصحفيين قبل كأس العالم، إن الأمر متعلّق بالدبلوماسية الروسية بقدر ما هو متعلق بكرة القدم.

وقال "سيكون هناك بشكل مستمر الكثير من الرؤساء والمسؤولين لحضور مباريات مختلفة… لن يقتصر الأمر على تبادل العناق والاحتفاء العالمي بالرياضة بل سيكون هناك تدفق مكثف لضيوف على أعلى مستوى".

ومون هو واحد من سبعة على الأقل من كبار الزوار الذين استقبلهم بوتين منذ بداية مباريات كأس العالم الأسبوع الماضي.

ومع ذلك فإنهم لا يهمون بوتين كثيراً، فهناك جمهور واحد في ذهنه يستحق كل هذه الإنفاق

أنفقت الحكومة الروسية أكثر من 13 مليار دولار لبناء الملاعب الجديدة، وتحسين البنية التحتية في 11 مدينة تستضيف المباريات، أي أربعة أضعاف ما أنفقته جنوب إفريقيا عندما نظمت المونديال في عام 2010. ويأتي هذا في أعقاب 40 مليار دولار، والتي يعتقد أن البلاد قد أنفقتها على دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي.

ومع تعرض البلاد للركود الاقتصادي والنبذ ​​الدولي، يستطيع بوتين أن يستخدم الأحداث الرياضية الضخمة مثل الأولمبياد وكأس العالم للإظهار للروس العاديين أن بلدهم لا يزال فاعلاً رئيسياً على المسرح الدولي، في حين يعزز شعورهم بالفخر الوطني.

تظهر الدراسات الاستقصائية أن الروس أكثر احتمالاً من الشعوب الأخرى، في أن يعبروا عن فخرهم بالإنجازات الرياضية لبلدهم.

وفي حالة كأس العالم، حيث من غير المحتمل أن تكون هناك أي انتصارات للاحتفال بالفريق الروسي، فإن مجرد استضافة الحدث سيكون المصدر الرئيسي للكرامة الوطنية، حسب بيتر روتلاند، أستاذ الدراسات الحكومية في جامعة ويسليان.

ولكن الجانب الآخر من روسيا قد ينكشف أيضاً لجماهير كأس العالم كما حدث في الأولمبياد الشتوية  

ومع ذلك، فإن الاستراتيجية الروسية تحمل بعض المخاطر. يمكن للأحداث الرياضية أن تلفت الانتباه إلى الجانب المظلم من البلد المضيف، من الفساد إلى سوء الإدارة إلى انتهاكات حقوق الإنسان.

على الرغم من أن دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي كانت منظمة تنظيماً جيداً ومرت دون أي حوادث عنف، إلا أن الكشف اللاحق عن المنشطات التي ترعاها الدولة أدى إلى الاستبعاد المهين للفريق الروسي من الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018.

لكن يبدو أن بوتين ملتزم بمساره حتى النهاية، إذ قام مؤخراً بترقية وزير الرياضة الذي أشرف على خطة تعاطي المنشطات، فيتالي موتكو، إلى نائب رئيس الوزراء.

أما المكسب الأكبر فسيكون في ساحات أخرى.. إليك ما حدث للضرائب بالتزامن مع المونديال

منذ بدء الدورة، تم وضع خطط لزيادة سن التقاعد وزيادة ضريبة القيمة المضافة، وتخفيض الحد الأدنى للضريبة على المشتريات من تجار التجزئة الأجانب عبر الإنترنت.

إن رفع سن التقاعد لا يحظى بشعبية على وجه الخصوص: فقد حصل التماس ضده على 2.3 مليون توقيع على الإنترنت، حسب وكالة رويترز للأنباء.

واتهم سياسيون معارضون الكرملين باستخدام كأس العالم في روسيا كغطاء لاتخاذ إجراءات لا تحظى بقبول داخلي في الوقت الذي تتجه فيه كل الأنظار نحو النجاحات الرياضية للبلاد، وسط حظر فعلي على الاحتجاجات السياسية.

كما أنه حظر التجمعات التي لا علاقة لها بكرة القدم

ووفقاً لمرسوم رئاسي خاص، فإن جميع التجمعات الكبيرة التي لا علاقة لها بكرة القدم خلال كأس العالم ممنوعة، ما لم يتم الحصول على إذن صريح من السلطات المحلية.

وفي هذه الأثناء، تكتظ شوارع موسكو والمدن العشر الأخرى المضيفة لكأس العالم بجمهور كرة القدم الحفلات.

ورفضت سلطات موسكو، استناداً للمرسوم، منح الإذن يوم الخميس 21 يونيو/حزيران 2017 لثلاثة احتجاجات منفصلة لإصلاح نظام التقاعد، كانت قد خططت لها حركات المعارضة السياسية في الأسبوع الأول، من يوليو/تموز الماضي.

إذن هذا هو الوقت المناسب للتغطية على القرارات المثيرة للجدل

عندما تتركز البلاد كلها على حدث رياضي كبير، فإن هذا هو أفضل وقت للتدبير وتفعيل الإجراءات المثيرة للجدل بهدوء تام، هكذا يقول إيليا ياشين، وهو سياسي معارض ومرشح لمنصب عمدة موسكو.

ويقول ياشين لرويترز "كان يمكن أن تكون مثل هذه الإجراءات هي أهم الأخبار في أوقات أخرى غير كأس العالم".

وأضاف ياشين "بدأ رئيسنا عمله في الأجهزة الأمنية، واتخذ قرارات غير شعبية على غرار العمليات السرية"، معتبراً أن المرسوم بشأن التجمعات العامة يشكل سابقة خطيرة وهو غير دستوري برأيه.

لم يرد الكرملين على طلب للتعليق من وكالة رويترز. بينما حكمت المحكمة العليا بأن مرسوم كأس العالم قانوني.

وقد تقدم زعيم المعارضة ألكسي نافالني، الذي أطلق سراحه من السجن منذ ما يزيد عن أسبوع، بعد أن صدر حكم ضده لمدة 30 يوماً بتهمة الاحتجاج غير المرخص الشهر الماضي، بطلبات رسمية لتنظيم مظاهرات، يوم 1 يوليو/تموز في 20 مدينة روسية لا تستضيف مباريات كأس العالم.

وقال كيرا يارميش، السكرتير الصحفي لـ"نافالني"، إنه حتى الآن، تم قبول أربعة، وستجري ثمانية في مناطق خاصة، حيث لا تتطلب الاجتماعات العامة الموافقة، ورفض ثلاثة.

وإذا كنت لا تصدق كل ذلك..  فإليك ما حدث في يوم المباراة الافتتاحية

لطالما طرحت الحكومة الروسية فكرة رفع سن التقاعد كوسيلة لتخفيف الضغط على المالية العامة من شيخوخة السكان وتقلص القوى العاملة.

ولكنها كانت في السابق تتجنب القيام بذلك، ويرجع ذلك جزئياً إلى عدم شعبية أي إجراء سيمس شرائح من السكان تعتبر تقليدياً قاعدة الرئيس فلاديمير بوتين.

وفي حديثه حول هذا الموضوع في عام 2005، قال بوتين: "مثل هذا القرار لن يتم اتخاذه، وليس عندما أكون رئيساً".

ولكن في يوم 14 يونيو/حزيران 2018، وهو يوم المباراة الافتتاحية للبطولة بين روسيا والمملكة العربية السعودية، قال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف إن الحكومة تريد زيادة سن التقاعد إلى 65 سنة من 60 سنة، وللنساء إلى 63 من 55 سنة، حسب وكالة رويترز.

أهداف في مرمى الفريق السعودي وأخرى في مرمى الشعب الروسي

"البلد كله يحتفل بانتصارين كبيرين من الفريق الروسي (لكرة القدم)، هذا ما ورد في مقال رأي نشر في صحيفة "موسكو كومسوموليتس" يوم الأربعاء.

وكتبت الصحيفة "لكن هذه الفرحة تضعف من الأهداف التي سجلتها الحكومة الروسية ضد شعبها تحت غطاء كأس العالم".

إذ لم تقتصر الأمور يوم المباراة الافتتاحية على موضوع رفع سن التقاعد، فقد اقترحت الحكومة أيضاً رفع ضريبة القيمة المضافة من 18% إلى 20%. قد تضيف هذه الخطوة 1.5 نقطة مئوية للتضخم، وفقاً لنائب أول رئيس الوزراء أنطون سيلانوف.

وقالت وزارة المالية الروسية يوم الإثنين، 18 يونيو/حزيران 2018، إنها ستبدأ اعتباراً من الأول من يناير/كانون الثاني 2019، في فرض ضرائب على جميع المشتريات من تجار التجزئة الأجانب على الإنترنت بأكثر من 200 يورو (176 جنيهاً إسترلينياً). في السابق، كانت عمليات الشراء التي تزيد قيمتها عن 1000 يورو تخضع فقط للضريبة.


وإقرأ أيضأً..

جعل الشباب لا يهتمون بالسياسة، والدولة تحتكر وسائل الإعلام.. 5 أشياء فعلها بوتين كي يكسب حُبَّ الشعب له

ما سرُّ ظهور محمد بن سلمان علناً إلى جانب بوتين في افتتاح مونديال روسيا؟.. صحيفة فرنسية: هذه أهداف كل من الزعيمين

تحميل المزيد