لن يفطر المسلمون الجدد وحدهم في هولندا

إفطار من أجل غزة ووجبات مجانية للمسلمين الجدد.. رمضان هولندا صيام 19 ساعة

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/06 الساعة 15:06 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/07 الساعة 10:25 بتوقيت غرينتش

 تمر أماليا مديرة مدرسة لتعليم اللغة بين فصول إحدى المدارس المعنية بتعليم الهولندية، ضمن برنامج الاندماج، فتجده وقد بات شبه خاوٍ من الطلاب. والسبب نحن في شهر رمضان.

19 ساعة من الانقطاع عن الأكل والشرب ربما كانت سبباً في تغيب الطلاب عن دروسهم بسبب عدم التركيز والتعب الشديد خلال ساعات النهار مع الصيام لوقت طويل، الأمر الذي تراه "أماليا" ليس مبرراً لانقطاعهم عن الدروس، لأن الطقوس الدينية لا تتعارض مع الواجبات اليومية، لاسيما أن هولندا تحرص على التسريع من عملية الاندماج بين الطلاب والمجتمع، خصوصا أن عدداً كبيراً منهم من المسلمين.

يحاول المسلمون في هولندا وخلال شهر رمضان التوفيق بين أعمالهم ودراستهم، مع عدم الإخلال بالطقوس الدينية خلال الشهر، نورس علي وهو لاجئ فلسطيني ويعمل كمستشار تقني في وزارة البنية التحتية الهولندية، يرى أن هذا الاستخدام من البعض لهذا الشهر في غير محله، وحسب تعبيره أنه "علينا كلاجئين أو مقيمين جدد في هولندا مسؤولية كبيرة، وهي الاندماج مع المجتمع الهولندي، مع ضرورة المحافظة على تقاليدنا وديننا، وإن كان على الآخرين أن يلتزموا بواجبهم بنسبة 100%، فعلينا القيام بواجباتنا اليومية وممارسة أعمالنا بنسبة 120%  وخصوصاً في رمضان.

محاولات للتأقلم

ويضيف "حثنا ديننا على العمل كما العبادة، وإني أجد أن الصيام لا يؤثر على الجهد اليومي للإنسان، بالرغم من الصعوبة التي تتخلل أول أيامه من حيث التأقلم على البرنامج اليومي الجديد، إلا أن هذا لا يعني أن الشهر كله يكون كذلك".

وبينما بات السؤال عن الطقوس الرمضانية والتفاصيل اليومية العائدة عليه، ضمن المواضيع الرائجة في الوقت الراهن في هولندا، يجد نورس، الشعب الهولندي بسيطاً ومتفهماً للمغزى والهدف من الفروض التي يمارسها المسلمون في شهر رمضان، بينما يكون سؤالهم في أغلب الأحيان عن القدرة عن الامتناع عن شرب المياه، ويقول: "يعجبني جداً حين يعتذر زملائي في العمل مني بعد أن يعرضوا عليّ المشاركة في الذهاب لتناول طعام الغداء، فيما أحاول أن أفسر معتقداتي وواجباتي الدينية".

 

الأمر الذي يوافقه عليه كثير من المهاجرين واللاجئين، إذ يقرون بحالة التعاطف التي يجدونها من الهولنديين والود المتبادل، وخاصة خلال شهر رمضان، بالرغم من التصريحات التي دائماً ما يطلقها قادة بعض الأحزاب اليمينية، والتي تحرض على العرب الموجودين في هولندا.

لا يقتصر الاهتمام بشهر المسلمين، وطقوسه على الهولنديين كأفراد، بل ومؤسسات كذلك، إذ إن التلفزيون الهولندي قد خصَّص نشرة أسبوعية باسم "نشرة رمضان"، يعرض فيها تجربة شخصيات مشهورة للصيام ليوم واحد، وقدرتهم على التحمل، إضافة لاستعراض أخبار تتعلق بشهر رمضان في هولندا والعالم.

ويستعرض البرنامج خلال التجربة مرحلة التحضير لبدء الصيام، والاستيقاظ ليلاً لتناول وجبة السحور، والعودة للنوم، ومن ثم التوجه للعمل، ومقاومة المغريات من طعام وشراب بطريقة مرحة، ويشرح اللوازم الأخرى المرافقة له، وأخيراً الشعور الناتج عنه.

رمضان بلون مختلف

"لمست الاختلاف بعد قدومي لهولندا في رمضان، ولم أعد أشعر خلال يومي بالجوع أو بالعطش، لانخفاض درجات الحرارة عنها في بلادنا، إلا أن النهار طويل جداً، وهذا ما يجعل المرء يشعر بنقص كبير في طاقته وتركيزه"، يقول نورس الذي يصل إلى منزله قبل ساعة أو ساعتين من وقت الإفطار، لينتهي اليوم بعد الافطار بصلاة التراويح في منزله مفتقداً كما يقول لأدائها في المسجد كما كان حاله في سوريا، التي كان يعيش فيها قبل اندلاع الثورة السورية، ومفتقداً للكثير من الطقوس الرمضانية في دمشق، حيث التنوع في الموائد والمشروبات المتنوعة بين التمر الهندي وعرق السوس، وحلويات رمضان الشامية كالناعم والمعروك والبقلاوة.

إفطار مجاني

تتجلى جماليات هذا الشهر بالنسبة لكثيرين في التجمعات العائلية على المائدة، والروح المشتركة التي تجسدها طاولة الإفطار الرمضاني، وتُطرح العديد من المبادرات لإقامة ما بات يعرف بموائد الرحمن، وفعاليات كثيرة تؤدي الغرض ذاته، ومنها في هولندا عرض أعلنه مطعم كيوسك التركي في مدينة روتردام، يقدم فيه إفطاراً مجانياً لمعتنقي الإسلام حديثاً.

مدير وصاحب المطعم هاكان ديفيليوغو، الذي يفتح أبوابه قبل موعد الإفطار خلال شهر رمضان، قال لعربي بوست "إن العرض يهدف لأن يجد معتنقو الإسلام أنفسهم في جو عائلي في وقت الإفطار، بدلاً عن أن يكونوا وحيدين في غرفهم أو بيوتهم، فنعطيهم فرصة للخروج والتمتع بتناول وجبة مع الآخرين، وهذا ما يعنيه أن المسلمين يشكلون عائلة واحدة"، ويقدم المطعم لزواره وجبات رمضانية خاصة أيضاً، منها الحساء والمشاوي التركية، والبقلاوة، ويسوده جو مسائي على ضفاف إحدى بحيرات روتردام، مع تجمع لمسلمين من سورينام وإندونيسيا ومن سوريا والمغرب وتركيا، على صوت أذان المغرب.

ويخصص المطعم ريعه يوم السبت الأخير في رمضان، لينضم إلى الحملة العالمية التي بدأت الشهر الماضي، بعنوان "إفطار من أجل غزة" لدعم الشعب الفلسطيني.

عيد السكر

تشترك هولندا وبلجيكا في تسمية "عيد السكر"، وهو يوم كسر الصيام، عندما يحيي فيه المسلمون انتهاء شهر رمضان الكريم، وبدء أول أيام عيد الفطر، وتعود تسمية يوم العيد بـ"عيد السكر"، أو "العيد الصغير" للترجمة الحرفية من اللغة التركية، وخاصة أن المسلمين الأتراك يعتبرون من أوائل المهاجرين إلى هولندا، بينما ترسخ النسبة الأكبر للمسلمين المهاجرين من المغرب العربي.

وتظهر الكثير من المطالبات والآراء في الشارع الهولندي، لاعتبار أول أيام عيد الفطر السعيد عطلةً رسمية للدوائر والمؤسسات الهولندية، وبرزت إحداها في مقال رأي في عام 2017، أعدته البروفيسورة كريستا أنبيك المحاضرة في علم اللاهوت بجامعة "فو" بأمستردام، وأستاذة فلسفة الحياة في قسم العلوم الإنسانية في جامعة أوترخت، مع اللاهوتيين بيتر نيسين وجوست جوزيلاير، وتقديم مقترح بالاستعاضة عن ثاني أيام "عيد العنصرة" أو "عيد الخمسين" (عيد ديني مسيحي)، في جدول العطلات الوطنية وإعلانه يوم عيد رسمي للمسلمين في هولندا، كبادرة للتآخي، وهو الأمر الذي تمناه نورس بأن يحظى على يوم للعطلة والاحتفال مع عائلته بنهاية الشهر الكريم، "أتمنى أن تكون هناك عطلة رسمية مخصصة لعيد الفطر، لأنه يمثل بشكل رئيسي حالة تقبل الآخر".

وبدأت على الصعيد ذاته، الدعوات من الفعاليات الثقافية والدينية في هولندا لمهرجانات واحتفالات عيد السكر للعام الحالي 2018، والتي ستقام في أيام 15 و16 و17 من شهر يونيو/حزيران الجاري، في أغلب المدن الهولندية.

علامات:
تحميل المزيد