آلاتٌ يُمكِنها أن تُظلِم الشمس لإيقاف التغيُّر المناخي.. هل سنضطر لعكس أشعة الشمس صناعياً لحماية الكوكب؟

قد نضطر في المستقبل القريب لخوض محاولة مجنونة، إذ توجد الآن إمكانية متنامية لبناء آلات يُمكِنها، بشكلٍ ما، إظلام الشمس!

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/24 الساعة 22:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/25 الساعة 09:07 بتوقيت غرينتش
Dark Storm clouds over the sea with light beaming through

لا يزال تغيُّر المناخ يُمثِّل معضلةً خطيرة على نحوٍ متزايد. وما زلنا لا نقوم بما يكفي لتقليص هذه المعضلة. لذلك، قد نضطر في المستقبل القريب لخوض محاولة مجنونة، إذ توجد الآن إمكانية متنامية لبناء آلات يُمكِنها، بشكلٍ ما، إظلام الشمس!

توجد الكثير من الاختلافات في ما يُسمَّى بفكرة الهندسة الجيولوجية الشمسية حسب تقرير لموقع Earther، ولكن لها جميعاً نفس الهدف النهائي، وهو استخدام الإيروسول (الهباء الجوي وذرات الغبار الدقيقة) لتغطية غلافنا الجوي بواسطة جسيمات عاكسة من أجل تسريع خفض درجات الحرارة في العالم أجمع.

توجد العديد من النقاشات حول كيفية أن يفيدنا ذلك أو على العكس يتَّخذ ذلك مساراً خاطئاً، ولكنها أقل بكثيرٍ من النقاشات حول التكنولوجيا اللازمة لإنجاح الأمر. إذاً، كيف ستبدو آلاتنا الافتراضية، التي ستتولى تغيير السماء وتنظيم الإشعاع الشمسي؟

ماذا ستفعل أجهزة إظلام الشمس؟

للإجابة على هذا السؤال، نحتاج أولاً أن نفهم ما الذي ستقوم به تلك الأجهزة بالفعل في السماء. لصنع مرآة سماوية ضبابية، قد تتراوح المُكوِّنات المطلوبة من ملح الطعام وأكاسيد الألومنيوم إلى مسحوق غبار الألماس. وبالرغم من ذلك، فأهم العناصر هو الكبريت. وذلك لعدة أسباب، ولكن الأهم من ذلك، هو أننا شبه متيقِّنين من أن ذلك الهباء الجوي سينجح.

من المعروف أن الانفجارات البركانية قد تُطلِق أحياناً كمياتٍ من إيروسولات الكبريت نحو طبقة الستراتوسفير، التي تبدأ عند ارتفاع 12 كم. وبمجرد وصولها إلى هناك، تتحوَّل الإيروسولات إلى قطراتٍ من حمض الكبريتيك العاكس.

البراكين تلطّف حرارة الكوكب.. كيف ذلك؟

نعرف من خلال السجلات الجيولوجية ومشاهداتنا اليوم (طالع على سبيل المثال، انفجار بركان جبل تامبورا، إندونيسيا عام 1815، أو انفجار بركان جبل بيناتوبو، الفلبين 1991) أن الانفجارات البركانية الثرية بعنصر الكبريت يمكنها، لفترةٍ وجيزة، أن تُلطِّف من حرارة الكوكب بمقدار درجةٍ أو أكثر، ويُمكِنها حتى أن تسلب العالم صيفاً أو اثنين. هذا الأمر، ببساطة، هو إدارة طبيعية للإشعاع الشمسي.

يحدّ الرماد والغازات والغبار المتصاعد من البركان من أشعة الشمس القوية ويقلل وصولها لسطح الأرض، إضافة لذلك هناك دراسات عن دور البراكين في التقليل من إنتاج الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

آلات إظلام الشمس.. هل هي براكين صناعية؟

إذاً، كل ما علينا فعله لتأجيل نهاية العالم هو إعادة إنتاج تلك العميلة بشكلٍ صناعي، وهنا تتعقَّد الأمور. ستحتاج الآلات القادرة على إيداع حمولة من غاز الكبريت مباشرةً نحو طبقة الستراتوسفير أن توضع في مواقع مناسبة، وأن تكون مُصمَّمة وفعَّالة بشكلٍ مثالي،  حسب تقرير موقع Earther.

تُقدَّر كميات الإيروسول التي ستنشرها بمئات الأطنان. وبعكس انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، التي تظل قائمة لعقودٍ أو قرونٍ من الزمن، فإن الكبريت يختفي من الغلاف الجوي في غضون سنواتٍ قليلة. ستتمكَّن حينها آلات تنظيم الإشعاع الشمسي من الحفاظ على الدرع بشكلٍ دائمٍ ومستمر.

ومع القليل تجارب الاختبارات الميدانية المحدودة التي حدثت في الماضي، فإن تصميمات الآلات التي تتطابق مع هذه المعايير ليست بعيدة عن مفاهيم العصر الحاضر التقنية، من التكنولوجيا القابلة للطفو حتى الصواريخ الباليستية.

كيف نرسل الغازات العاكسة إلى الأعلى؟

قال إيان ستيمبسون، محاضر كبير في الجيوفيزياء في جامعة كيلي البريطانية، لموقع Earther الأميركي: "أعتقد أن إرسال غاز الكبريت إلى طبقة الستراتوسفير يمكن تخيُّله بواسطة القذائف المدفعية، أو البالونات الجوية المرتفعة، أو الطائرات".

ظهرت فكرة القذائف المدفعية بشكلٍ بارز في دراسةٍ صَدَرَت عام 2009، وتنظر في عددٍ من طرق تنظيم الإشعاع الشمسي، ولكن يمكن الرجوع بها إلى منشورٍ قد أصدرته الحكومة الأميركية عام 1992 حول هذا الموضوع.

وباستخدام البنادق البحرية – كما يسميها التقرير – سنحتاج إلى إطلاق ما يقرب من 8000 قذيفة نحو السماء يومياً، للوصول إلى تغطيةٍ كافية. الأمر الذي سيتكلَّف حوالي 30 مليار دولار سنوياً، وهي تكلفةٌ باهظة للغاية، حسب تقرير موقع Earther.

ودرس الباحثون مشروع حقن جزيئات طبقة الستراتوسفير للعمل على الهندسة المناخية (سبايس)، وهو نتاج تعاون جامعات بريستول وكامبريدج وأوكسفورد وإدنبره، بعض آلات تنظيم الإشعاع الشمسي الأغرب.

وكان مقترحه الأول، هو ربط أنبوب مرن، ذي ضغط مرتفع، ببالون ضخم مملوء بكمياتٍ هائلة من الهيليوم أو الهيدروجين، من أحد طرفيه، وبمضخةٍ من الطرف الآخر، حتى يصل إلى ارتفاع 25 كم نحو طبقة الستراتوسفير.

تقترح إحدى الرؤى المغايرة لهذه الفكرة، استخدام مضخة تمتد من خلال برج طويل وثابت. ولكن مشروع "سبايس" اختار منطاداً بدلاً من ذلك، مما يسمح للنظام أن يكون متنقلاً.

صواريخ أو منطاد أو أنبوب أو طائرات لإرسال الغاز العاكس لأعلى

هناك عدة حلول أغلبها ذات خلفية عسكرية.

يمكن أن يتم ذلك عبر مقذوفات تشبه الصواريخ يتم إطلاقها لطبقات الغلاف الجوي العليا، ويمكن أن يكون الأمر عن طريق البالونات ذات الارتفاع الهائل عبر تحميلها بمركبات الكبريت وإطلاقها بالأعلى.

ويمكن أن يتم التفكير في أسراب من طائرات الهندسة الجيولوجية، لكن معظم الطائرات حالياً لا تحلق في طبقة الستراتوسفير وحتى التي تنجح في ذلك لا تستطيع حمل حمولة من أطنان الكبريت.

لكن يمكن أن تكون هناك جهود لتطوير طراز خاص من الطائرات لأداء هذه المهمة مثل العمل على تعديل طائرات التزوّد بالوقود وتحميلها بالكبريت وجعلها تطير في الستراتوسفير.

سيضمن لنا غلاف الكبريت إبطاء الاحتباس الحراري، أو إيقافه إن استمر. وبالرغم من ذلك، فإن الدراسات تختلف في الآثار الجانبية التي قد تنتج عن إدارة الإشعاع الشمسي، وتبقى التغيُّرات الضخمة في طريقة الترسيب غامضة بشكل خاص، وربما مقلقة.

أياً كان رأيك في تلك الآلات، فمن الواضح أن العقبات التكنولوجية، والبيئية، والمجتمعية التي يجب أن نتغلَّب عليها لنشر الآلات، باهتةٌ مقارنةً بسؤالٍ واحد: ماذا يخيفنا أكثر؟ سماء مليئة بطائرات تضخ غاز الكبريت، أم تغيُّر سريع في المناخ؟