أيّها الآباء، انتبهوا قبل أن يصبح أطفالكم مصابين بالسمنة.. لا تقعوا في الخطأ الذي وقع فيه سكان البحر المتوسط

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/24 الساعة 20:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/25 الساعة 08:32 بتوقيت غرينتش

دقّ مختصون ناقوس الخطر بخصوص ارتفاع معدلات السمنة ببلدان البحر الأبيض المتوسط، وذكرت منظمة الصحة العالمية أن حمية البحر المتوسط قد اختفت بين الأطفال في اليونان وإسبانيا وإيطاليا، وأفادت المنظمة أيضاً بأن الأطفال في السويد أكثر التزاماً -على الأرجح- بتناول الأسماك وزيت الزيتون والطماطم (وهي أبرز مكونات حمية البحر المتوسط) من نظرائهم في الدول الجنوبية بقارة أوروبا.

وحسب صحيفة The Guardian البريطانية، فإنه على سبيل المثال في قبرص، يعاني 43% من الفتية والفتيات الذين تبلغ أعمارهم 9 سنوات زيادة الوزن أو السمنة، وكذلك تتخطى نسبة نظرائهم المصابين بالسمنة في اليونان وإسبانيا وإيطاليا حاجز الـ40%. ومن المفارقات أنَّ دول البحر المتوسط التي نُسِبت إليها هذه الحمية الغذائية الشهيرة والتي من المفترض أن تكون الأصحَّ بدنياً في العالم لديها أسمن أطفال بأوروبا.

تغيُّرات العادات الغذائية

وقال جواو بريدا، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأمراض غير المُعدية ومكافحتها بأوروبا، إنَّ الحلويات والأطعمة السريعة والمشروبات السكرية حلَّت محل الحِمية الغذائية التقليدية التي تعتمد على الفواكه والخضراوات والأسماك وزيت الزيتون.

وقال بريدا في المؤتمر الأوروبي للسمنة الذي عُقِد في العاصمة النمساوية فيينا: "لقد اختفت حمية البحر المتوسط ​​للأطفال في هذه البلدان ولم تعد موجودة. أمَّا الأطفال القريبون منها فهم السويديون. لقد اختفت حمية البحر المتوسط ​​ونحن بحاجةٍ إلى استعادتها".

وأضاف أنَّ الأطفال في جنوب أوروبا يأكلون القليل من الفاكهة والخضراوات ويشربون الكثير من المشروبات الغازية السكرية وغيرها من المشروبات الحلوة، ويتناولون وجباتٍ خفيفة بين الوجبات، ويأكلون الحلوى، ويستهلكون الكثير من الملح والسكر والدهون في طعامهم، وبالكاد يتحركون. وقال: "الكسل البدني يُعد من أهم المشكلات في بلدان جنوب أوروبا؛ إذ يحتاج الرجل الستيني في جزيرة كريت إلى 3500 سعرة حرارية؛ لأنَّه كان يصعد الجبل وينزل منه".

وذكرت الصحيفة البريطانية أنَّ البلدان التي لديها أدنى مستوياتٍ لبدانة الأطفال هي طاجيكستان وتركمانستان وكازاخستان، ولكنَّ هذه الدول الثلاث تمر بمرحلة "تحوُّلٍ غذائي"، باتجاهها نحو حِمية غذائية غربية قد تُغيِّر الصورة. ويستهلك الأطفال في طاجيكستان كمياتٍ كبيرة من المشروبات الغازية السكرية بالفعل.

وتُعَد نسبة سمنة الأطفال منخفضةً كذلك في فرنسا والنرويج وإيرلندا ولاتفيا والدنمارك؛ إذ تتراوح بين 5% و9%، وتبلغ النسبة في إيرلندا 20%، بينما لم تُساهم المملكة المتحدة ببياناتٍ في الدراسة، ولكن يعاني طفلٌ من بين كل 3 أطفال تقريباً في سن الحادية عشرة (أي في سن الانتهاء من المرحلة الابتدائية في التعليم) بالمملكة المتحدة زيادة الوزن أو السمنة.

معدلات مقلقة

الزيادة الهائلة في السمنة لدى الأطفال تفوق جميع التوقعات العلمية السابقة، وأصبحت تشكل تهديداً كبيراً لصحة الأطفال. "فقد أصبح للوزن الزائد والبدانة بُعد وبائي، وتجب مكافحتهما من قِبل المجتمع والسياسيين"، حسب بيان لمؤسسة صحة الطفل الألمانية.

ويقول الدكتور برتولد كوليتسكو الخبير المتخصص في عملية الأيض الغذائي بمستشفى الأطفال الجامعي في ميونيخ ورئيس مؤسسة صحة الطفل: "لقد زاد معدل زيادة الوزن والسمنة لدى الأطفال والمراهقين أكثر من 8 أضعاف في السنوات الـ20 الماضية، وهو الأمر الذي له عواقب وخيمة على صحة الأطفال المتضررين".

ويأتي هذا الرقم المذهل بعد تحليل نحو 416 دراسة، شملت أكثر من 160 مليون طفل ومراهق من 200 بلد؛ إذ ارتفعت نسبة البدناء من 0.7% في عام 1975 إلى 5.6% في عام 2016 بصفوف الفتيات ومن 0.9% إلى 7.8% في صفوف الفتيان.

ووفقاً لمؤسسة صحة الطفل الألمانية، فإن للسمنة أسباباً متعددة مثل: الإعلانات المغرية للأطعمة غير الصحية، وسهولة الوصول إلى الأطعمة والمشروبات الحلوة، والاستخدام الهائل لوسائل التواصل الحديث كالهواتف الذكية والهواتف المحمولة وما يرتبط بها من عدم ممارسة الرياضة؛ ومن ثم تعزيز زيادة الوزن، حسبما كتبت المؤسسة على موقعها.  

لكنَّ الخبر السار، تقول صحيفة The Guardian البريطانية، هو أنَّ دول البحر المتوسط تحاول معالجة المشكلة وتُحقِّق بعض النجاح في خفض معدلات البدانة بين الأطفال. فعلى سبيل المثال، يتناول ثلاثة أرباع أطفال إيطاليا الفاكهة على الأقل يومياً أو في معظم الأيام. وقال بريدا: "ثمة تقدُّم؛ يدركون أنَّ هناك مشكلة ويحاولون فعل شيء ما".