لماذا نخاف فقط من السلاح النووي ونهمل البيولوجي؟ ازدياد شعبية التلاعب بالجينات يُنبئ إما بإنقاذ البشرية أو هلاكها

مواقع إلكترونية تبيع فيروسات وأحماضاً نووية، والرقابة الحكومية شبه معدومة، وعلماء تعديل الجينات يسرحون ويمرحون، وكل ما يتطلبه الأمر معدات مخبرية قيمتها 159 دولاراً كافية لصناعة سلاح بيولوجي كارثي. أي مستقبل ينتظر البشرية؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/23 الساعة 19:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/25 الساعة 08:22 بتوقيت غرينتش

مواقع إلكترونية تبيع فيروسات وأحماضاً نووية، والرقابة الحكومية شبه معدومة، وعلماء تعديل الجينات يسرحون ويمرحون، وكل ما يتطلبه الأمر معدات مخبرية قيمتها 159 دولاراً كافية لصناعة سلاح بيولوجي كارثي. أي مستقبل ينتظر البشرية؟

سؤال يجيب عنه العالم الأميركي المتخصص بتعديل الجينات كيوني غاندا لصحيفة The New York Times الأميركية، وهو الذي يدعو لضمان إتاحة الوصول إلى تقنية التعديل الجيني للجميع، بأنه قد ينتهي بكارثة.

ولكن في مراهقته، كان كيوني غاندال بدأ بإدارة مختبر أبحاثٍ مُتطوِّر داخل غرفة نومه في مدينة هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا. وبينما كان أصدقاؤه يشترون ألعاب الفيديو، حصل غاندال على ما يفوق 12 قطعة من المعدات: جهاز تضوُّء (لرؤية الجينات)، وجهاز طرد مركزي، واثنين من أجهزة المدور الحراري؛ سعياً وراء هوايةٍ كانت سابقاً مجال رسالة الدكتوراه في مختبرات متخصصة.

وقال غاندال: "أردت فقط استنساخ الحمض النووي مُستخدماً روبوت المختبر الآلي والتمكن من إنتاج جينومات (طاقم المورثات) كاملة في المنزل".

لم يكن غاندال وحده هو من يحلم بذلك. ففي السنوات القليلة الماضية، تولَّى ما يُطلق عليهم القراصنة الحيويون (البايوهاكر) في شتَّى أنحاء البلد زمام عملية التحرير الجيني بأنفسهم.

وفي ظل انخفاض تكلفة المُعدات المستخدمة بتلك العملية، ومع انتشار المهارة في تقنيات التعديل الجيني، وبالأخص تقنية "كريسبر- كاس9/ Crispr-Cas9″، يُحاول العلماء الهواة إعادة هندسة الحمض النووي بطرقٍ مُدهشة.

وحتى الآن، تخطى العمل بالفعل إخفاقات الهواة. فمنذ عامٍ مضى، حَقَن قرصانٌ حيوي نفسه، في واقعةٍ مشهورةٍ بأحد المؤتمرات بحمضِ نووي مُعدل، على أمل أن يصبح مفتول العضلات (لكنَّ الأمر لم يفلح).

ثورة الجينات في علم الهواة قد تشكِّل يوماً ما كارثةً

وفي وقتٍ سابق من هذا العام (2018)، بمؤسسة Body Hacking Con للرعاية الصحية في مدينة أوستن عاصمة ولاية تكساس الأميركية، حَقَنَ مسؤولٌ في التقنية الحيوية نفسه بمصلٍ كان يأمل أن يكون علاجاً لمرض هربس (أو قوباء وهو مرضٌ جلدي).

لم تؤتِ التجربة ثمارها، وكانت شركته بالفعل بثَّت مباشرة لحظاتٍ لرجلٍ يحقن نفسه بعلاجٍ مصنوع في المنزل لمرض نقص المناعة المُكتسبة (الإيدز)، ولكنَّ نسبة الفيروس تفاقمت لديه.

وفي مقابلةٍ أُجريت معه مؤخراً، قال غاندال (18 عاماً)، وهو زميل بحث في جامعة ستانفورد، إنَّه يرغب فقط في ضمان إتاحة الوصول إلى تقنية التعديل الجيني للجميع، مُعتقداً أنَّ الاكتشافات المُستقبلية بمجال التقنية الحيوية رُبما تأتي من العقول التي ليست في الحسبان.

لكنَّه سُرعان ما اعترف بأنَّ ثورة الجينات في علم الهواة قد تشكِّل يوماً ما كارثةً حقيقية.

وأوضح غاندال الأمر، قائلاً: "إنَّ مستوى تنظيم تركيب لحمض نووي ببساطة ليست جيدةً بما يكفي؛ لن تعمل هذه الأنظمة على نحوٍ جيد في ظل اللامركزية، حين يكون بحوزة الجميع جهاز لتركيب الحمض النووي على هواتفهم الذكية".

يوماً ما سيبتكر شخص ما سلاحاً بيولوجياً يهدد البشرية

ولعلَّ أشدَّ ما يبعث على القلق هو أنَّ شخصاً ما في مكانٍ ما سيستخدم التقنية متزايدة الانتشار لتخليق سلاح بيولوجي.

بالفعل، أعاد فريق بحثي في جامعة ألبرتا بكندا تخليق فيروس جدري الخيل المُنقرض نسبياً من الصفر، من خلال تجميع أجزاء صغيرة معاً من الحمض النووي، حصل عليها الفريق في غضون 6 أشهر، بتكلفةٍ بلغت 100 ألف دولار، عن طريق طلبها عبر البريد، دون تدخُّل المسؤولين القانونيين.

اشترى الفريق جزيئات متراكبة من الحمض النووي من شركةٍ تجارية. وبمُجرد أن ألصق الباحثون الجزيئات المكلوبة للحصول على الجينيوم الكامل، حقنوه في الخلايا المصابة بنوعٍ آخر من الفيروسات الجدرية، وبدأت الخلايا في إنتاج جُسيمات مُعدية.

بالنسبة لبعض الخبراء، أنهت التجربة جدلاً استمر عقوداً حول صحة تدمير آخر عينتين من بقايا الجدري بالعالم من عدمه، والمحفوظتين في مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بأتلانتا، وفي مركز أبحاث بروسيا، حيث ثبت أنَّ العلماء الذين يرغبون في إجراء التجارب على الفيروس بإمكانهم تخليقه بأنفسهم.

جامعة كندية تنشر خبرتها في مقال وُصف بأنه "أخرق، وغيرُ مُبرَّر، وخطير"

شمل المقال، الذي نُشر عن الدراسة في الدورية العلمية PLOS One، وصفاً مُفصَّلاً للطرق المستخدمة، وهو أمر ينذر بخطر كبير من وجهة نظر غريغوري كوبلنتز، مدير برنامج الدراسات العليا في الدفاع البيولوجي بجامعة "جورج ماسون"؛ فضلاً عن مجموعة من النصائح والحيل الجديدة لتجاوز العقبات.

وقال كوبلنتز مُعرباً عن قلقه: "بالتأكيد، عرفنا أنَّ الأمر ممكن، وعرفنا أيضاً أنَّ بإمكان كوريا الشمالية بناء سلاح نووي حراري يوماً ما، لكنَّنا سنخاف حين يفعلونها حقاً".

حثَّ بعض الخبراء الدورية العلمية على حذف المقال، الذي وصفه أحدهم بأنَّه "أخرق، وغيرُ مُبرَّر، وخطير". وحتى قبل نشره، ذكر تقريرٌ صادر عن اجتماعٍ لمنظمة الصحة العالمية أنَّ ذلك المسعى "لا يتطلَّب بالضرورة معرفةً بيوكيميائية أو مهارةً استثنائيتَين، ولا تمويلاً أو وقتاً كبيرين".

علماء يؤكدون أن صناعة فيروس قاتل ليست بهذه السهولة

لكنَّ الباحث الرئيسي بالدراسة ديفيد إيفانز، المُختص في علم الفيروسات بجامعة ألبرتا، قال إنَّه أخطر العديد من سلطات الحكومة الكندية بمبادرته لمكافحة الفيروسات الجدرية، ولم يبدُ منها أي اعتراض.

يتَّفق العديد من الخبراء على أنَّه سيكون من الصعب على علماء الأحياء الهُواة من أي مكان في العالم تصنيع فيروس قاتل من تلقاء نفسهم، ولكن في ظل تزايد عدد القراصنة الذين يبادلون أكواد الحاسوب بأكواد الحمض النووي، ومع ازدياد تطوُّر مهاراتهم- يخشى خبراء الأمن الصحي من تنامي احتمالية سوء الاستخدام.

لذا ينبغي أن يخضع كل شخصٍ يُمارس علم الجينات للإشراف

من جهته، قال الباحث بجامعة هارفارد والرائد في علم الأحياء التخليقي، جورج تشيرش: "إطلاق شيء فتّاك، أصبح أمراً يُحتمل حدوثه أي يوم في وقتنا هذا، ربما اليوم. يركّب الأشخاص البراغماتيون ببساطة، بكتيريا الجمرة الخبيثة المُضادة للأدوية، أو فيروس الإنفلونزا ذا القابلية العالية على الانتقال. وبعض طُرق تخليق تلك الأشياء مُتاحة عبر الإنترنت".

وأضاف: "إذا كان الناس يرغبون فعلياً في حَقنِ أنفسهم بالهرمونات لزيادة حجم عضلاتهم، فبإمكانك تخيُّل استعدادهم لاختبار أشياء ذات مفعول أكبر. ينبغي أن يخضع كل شخصٍ يُمارس علم الأحياء التخليقي للإشراف، ويجب الاشتباه في كل من يمارس تلك التجارب دون ترخيص".

السلطات مترددة في كبح الابتكار العلمي والملكية الفكرية

تتردَّد السلطات بالولايات المتحدة في اتخاذ إجراءاتٍ يُمكن أن تكبح الابتكار أو تمس بالملكية الفكرية. فالقوانين التي تُنظّم التقنية الحيوية لم يتم تحديثها منذ عقود، مما أجبر المنظمين على الاعتماد على أُطرٍ قديمة لتنظيم التقنيات الحديثة.

هذا الإطار التنظيمي المُرقَّع، ووجود وكالاتٍ عدة تُشرف على أنواع مختلفة من الأبحاث، تركا فجواتٍ ستتَّسع فقط مع تقدُّم التقنيات المُستخدمة.

يخضع الباحثون الأكاديميون لفحصٍ دقيق حين يسعون للحصول على تمويلٍ فيدرالي لـ"الأبحاث ذات الاستخدام المزدوج": التجارب العملية التي يمكن من الناحية النظرية استخدامها لأغراض الخير أو إحداث الضرر. ولكن، ما يفوق نصف التطوير والأبحاث العلمية في البلاد يجري تمويلها من مصادر غير حكومية.

التمويل الخاص مفتوح وبلا رقابة

وفي عام 2013، استقطبت مبادرة لتخليق نبات مُشعٍّ باستخدام الهندسة الوراثية ما يقارب نصف مليون دولار من خلال موقع Kickstarter، وهو موقع تمويل جماعي مُتعدد المصادر.

وفي هذا الصدد، قال ويليام سو، المُختص في التدابير المُضادة الحيوية لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي: "فعلياً، لا توجد رقابة حكومية على هؤلاء الذين لا يحصلون على تمويلٍ فيدرالي أو حكومي".

وعوضاً عن ذلك، تعتمد الوكالة على القراصنة الحيويين أنفسهم لإصدار التنبيه حيال السلوك المُشتبه فيه، على حد قوله.

من جهته، قال توماس إنغلسبي، مدير مركز جونز هوبكنز للأمن الصحي في مدينة بالتيمور: "أعتقد حقاً أنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي يبذل قصارى جهده بما يملكونه. ولكن، إذا كنت تريد حقاً القيام بمثل هذه الأبحاث، فليس هناك ما يمنعك".

التجارب السرية تتم بإشراف الـFBI

عقد مكتب التحقيقات الفيدرالي صداقاتٍ مع مختبرات لمخترقين حيويين، من بينها مختبر Genspace بحي صن سيت بارك في بروكلين. وخلف باب فولاذي تصعب رؤيته، في شارعٍ تزدحم جدرانه برسوم الغرافيتي، يتجمَّع المخترقون الحيويون في مرحلة التدريب -ويضمون موسيقيين، ومهندسين ومتقاعدين- للحصول على دوراتٍ تدريبية في الهندسة الوراثية.

يتعلَّم المشاركون في معسكر "Biohacker Boot Camp" المهارات التقنية الأساسية لاستخدامها في مشاريع محلية قائمة على علم الوراثة، مثل تخليق طحالب مُشعة.
وقال مايكل فلاناغان، قائد إحدى الفرق التدريبية، في درسٍ حديث: "إنَّ الخطين الحلزونيَّين المتداخلَين هما الصورة الأكثر شهرةً في القرن العشرين، وربما تنافسه فقط سحابة الفِطر".

يُماثل مدخل مختبر Genspace غُرف النوم الجامعية؛ أريكةٍ مريحة، وفرن ميكرويف، وثلاجة صغيرة. لكنَّ المختبر نفسه فخمٌ: يحوي طابقين تحيط بهما جدران مصنوعة من الطوب الأبيض، ومناضد مثيلة لتلك الخاصة بالمطابخ التجارية، مُعلَّمة بملاحظات، وبرفوف شاهقة تحتوي على أوانٍ زجاجية وكواشف كيميائية.

يُعدُّ ذلك تطويراً كبيراً لمختبر Genspace؛ إذ اعتاد دانييل غروشكين، أحد المؤسسين، استضافة التجارب البكتيرية في غرفة معيشته فوق قطع البيتزا والمشروبات الكحولية.

انتقلت المجموعة فيما بعد إلى عقار مُستأجر للمبدعين: صانعي الروبوتات، ومصممي الملابس من المواد العضوية، وصانعي الكعكات المُصغَّرة. شيَّدت مختبراً مؤقتاً باستخدام أبواب قديمة معززة بطبقات مانعة لدخول الحشرات. وكان غروشكين هو من تواصل مع مكتب التحقيق الفيدرالي.

أخبر المحققين سلفاً بأنَّه: "ربما يستدعيكم الناس؛ لأنَّنا أشخاصٌ غير مُصنفين على أننا علماء، ولكن نمارس التجارب العلمية في مبنى قديم غير صالح. لا نُدير مختبراً لتصنيع المخدرات، ولسنا أداةً للإرهاب البيولوجي".

عالم جريء فتح المجال للهواة لإرضاء فضولهم وحبهم للاستكشاف

أصبح غروشكين رائداً في إدارة مخاطر القرصنة الحيوية، ويرجع هذا جزئياً إلى إدراكه أنَّ السماح للهواة بالتلاعب في الكائنات الحية أمرٌ أشبه بـ"متجر للحيوانات الأليفة" أكثر من كونه "فضاءً للقرصنة".

كما وضع القواعد الاسترشادية للمختبر، ومنَعَ وجود العناصر الحيوية المُعدية فيه، وقبَلَ منحة تُقدَّر بنحو 500 ألف دولار لوضع الممارسات الآمنة لنحو 24 مختبراً مماثلاً في شتَّى أنحاء البلاد.

معظم تلك المُختبرات أفادت بأنَّها لم تلقَ الكثير من الترحاب من قِبَل مكتب التحقيقات الفيدرالي. وفي أحيانٍ كثيرة، تكون عاقبة انتهاك إرشادات السلامة هي ببساطة، خسارة العضوية بالمختبر.

يُترك مرتكب هذه الانتهاكات ليمارس تجاربه مُنفرداً، لكنَّه يبقى محاطاً بالآلاف من الحماسيين المُحتشدين عبر الإنترنت في مجموعاتٍ على موقع فيسبوك، وقوائم البريد الإلكتروني، وصفحات موقع "ريديت".

زاينر.. العالِم الذي أجرى الأبحاث على نفسه

يجد العديدون إلهامهم في جوسيا زاينر، العالِم في وكالة ناسا، الذي اشتُهر بكونه قرصاناً حيوياً يُثبِّت كاميرا بجبهته ويُجري تجارب على نفسه من داخل مرآبه. إنَّه الرجل الذي حاول جعل عضلاته أكبر حجماً.
قال زاينر، الرئيس التنفيذي لمشروع القرصنة الحيوية الناشئ والذي يحمل اسم The Odin، لمُتابعيه على موقع يوتيوب في إحدى الليالي الصيفية: "إنَّه مُجرد شريط تغليف لاصق"، وغمغم بشتائم عندما سلخ الطبقة العُليا من جلدِ ساعده بالشريط اللاصق. وأضاف: "هذا هو اليوم الأول من تجربتي لإخضاعي للهندسة الوراثية".
وفي لقاء إعلامي، أقرَّ زاينر بأنَّه من الممكن تصوُّر وقوع حادثة -وليست جريمة مُتعمَّدة بالطبع- بين مُتَّبعي خُطاه من القراصنة الحيويين.
وقال: "أعتقد أنَّ باستطاعتي إدراك لماذا لا يسمحون للعامة بالوصول إلى فيروس الإيبولا. الخطر هو، في حال كان الهواة يختبرون على الإيبولا واحترقت منازلهم، فيستمكَّن الفيروس بطريقةٍ ما من الانتشار".
وحتى زاينر كان مُتخوِّفاً من الحركة التي ساعد في بدئها من الأساس؛ إذ يخطط لإدخال الضفادع الحيَّة في تجارب الهواة، التي تعتمد تقنية "كريسبر" لتشجيع الآخرين على إجراء التجارب على الحيوانات بدلاً من أنفسهم أو الآخرين.
وقال: "ليس لدي أدنى شكٍ في أنَّ شخصاً ما سيتعرَّض للأذى، يحاول الناس التفوق بعضهم على بعض، وهو ما يجري بصورةٍ أسرع من قدرة أي منا على التخيل.. لا يمكن التحكم في هذا تقريباً. إنَّه أمرٌ مخيف!".

سباق الأسلحة البيولوجية

لو أراد قرصان حيوي شرير أن يصنع سلاحاً بيولوجياً من الصفر -سلاحاً فتاكاً يمكنه الانتقال من مضيف إلى آخر، وقادراً على الوصول إلى ملايين الأشخاص، وغير مُقيَّد بوقتٍ أو مسافةٍ- فربما يبدأ ببعض التسوق عبر الإنترنت.

تملك إنترنت وبطاقة ائتمان؟ يمكنك شراء فيروسات عبر هذا الموقع. يعمل موقع يحمل اسم Science Exchange، على سبيل المثال، عمل الموقع الدعائي Craigslist، لكن باختلاف وحيد أنَّه للحمض النووي.

يربط الموقع بين أي شخص تقريباً لديه إمكانية الدخول إلى شبكة الإنترنت وبطاقة ائتمانٍ ويصله بالشركات التي تبيع جزيئات الحمض النووي المُستنسخة.

عادة ما يشتري غاندال، الزميل بجامعة ستانفورد، مثل هذه الجزئيات، لكن غير الخطرة منها فقط. يقول إنَّه لا يصعب التوصل لحلول للتعامل مع الشخص الذي يحمل نيةً سيئة.
سيتمكَّن القراصنة الحيويون في القريب العاجل من التخلي عن تلك الشركات كلياً، من خلال استخدام طابعة جينيوم شاملةً: جهاز يشبه بدرجة كبيرة طابعة الحبر. وعوضاً عن استخدام النموذج اللوني CMYK، تستخدم الطابعة الجديدة قواعد الحمض النووي!

شراء معدات تعديل الجينات أيضاً بـ159 دولاراً فقط

ويوجد بالفعل جهازٌ مشابه مُخصص للمختبرات المؤسسية يحمل اسم "BioXp 3200″، ويُباع بنحو 65 ألف دولار. ولكنَّ القراصنة الحيويين يمكنهم البدء من المنزل باستخدام الشكل الأولي للحمض النووي (DNA Playground) التي تنتجها مختبرات Amino، وهي أفران للجينات يسهل استخدامها وتقل تكلفتها عن ثمن جهاز لوحي "آيباد".

يوجد أيضاً مجموعة أدوات التعديل الجيني بتقنية كريسبر الخاصة بمختبر The Odin مقابل 159 دولاراً.

وهذه المغامرات إما أن تنقذ البشرة وإما أن تهلكها

وقد تُشكِّل أدواتٌ مثل هذه خطراً حين ينتهي بها الحال في الأيدي الخاطئة، لكنَّها ساعدت أيضاً غاندال في بدء مستقبل مهني واعد.

في عمر الـ11، اشترى كتاباً عن علم الفيروسات من معرض للكتب بكنيسة. وقبل أن يُصبح كبيراً بما يكفي للحصول على رخصة قيادة، كان يُلح على والدته ليسافر للحصول على وظيفة بحثية في جامعة كاليفورنيا بمدينة إرفاين.

بدأ غاندال ارتداء القمصان الحمراء من ماركة بولو فقط؛ لتجنُّب الالتهاء باختيار الملابس. وانتهج تصرفاتٍ عبثية في المدرسة الثانوية –إذ كان يُصحح شرح مدرسي الأحياء- وطُردَ من معرض العلوم المحلي؛ لما اعتُبر تهوُّراً في إجراء اختبارات الهندسة الوراثية بالمنزل.

وقال غاندال إنَّه بالكاد حصل على شهادة المدرسة الثانوية، ورُفضَ من كل الكليات التي تقدَّم للالتحاق بها تقريباً، ولكنَّه حصل فيما بعد على وظيفة في الهندسة الحيوية بجامعة ستانفورد.

ويعلق غاندال على وظيفته بالجامعة قائلاً: "يبدو هذا مثيراً للسخرية، بعد أن رفضوا التحاقي بها كطالب".

نتقل غاندال للعيش بمدينة مدينة إيست بالو ألتو –وبحوزته 14 قميصاً أحمر اللون من ماركة بولو- في منزلٍ مع 3 أشخاص من غير المُختصين في علم الأحياء، والذين لم يلحظوا كثيراً أنَّ الحمض النووي يجري استنساخه في زاوية غرفة نومه.

وتتمثَّل مهمته بجامعة ستانفورد في بناء مجموعة من المواد الوراثية للاستخدام العام. وبالنسبة لزملائه من القراصنة الحيويين، يُعد هذا مسعى نبيلاً.
وبالنسبة لخبراء الأمن الحيوي، فهو مجازفة كبيرة.

وما أخطر من السلاح النووي إلا آخر بيولوجياً

وقال لورانس غوستين، وهو مستشارٌ في حركة التأهب لمواجهة الإنفلونزا الوبائية يعمل لصالح منظمة الصحة العالمية: "يوجد بالفعل اثنان من الأشياء فقط بإمكانهما القضاء على 30 مليون شخص من على وجه الأرض: سلاحٌ نووي، أو آخرٌ بيولوجي".

وأضاف غوستين: "بطريقة ما، تخشى الحكومة الأميركية وتستعد للسلاح الأول فقط، لكنَّها ليست ببعيدة عن الأخير. هذا يُحيُّرني".

تحميل المزيد