ضحية النزاع الأسري .. السلطات التونسية تحتجز طفلتين وترفض سفرهما مع والدتهما الألمانية

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/21 الساعة 20:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/21 الساعة 20:12 بتوقيت غرينتش

شهد اليومان الماضيان فصلاً جديداً من نزاع أسري مأساوي بين سيدة ألمانية وزوجها التونسي السابق على طفلتيهما، اللتين أصبحتا ضحية شد وجذب بين والدتهما التي حصلت على حق رعايتهما وحدها في ألمانيا وتونس، ووالدهما الذي يرفض من السجن، الذي يوجد فيه بألمانيا؛ بسبب "خطفه" طفلتيه منذ 3 أعوام، السماح لهما بالعودة مع الأم.

وكانت سلطات مطار تونس قرطاج أوقفت، ليلة السبت 19 مايو/أيار 2018، الأم كاترينا شميت (38 عاماً) والطفلتين هانا (9 أعوام) ومريم (11 عاماً) وشقيقتها وزوجها وصديقهم، عندما حاولوا مغادرة البلاد نحو مدينة فرانكفورت، بالاتفاق مع السفارة الألمانية.

وذكر موقع "بيلد أونلاين" أن الأم كاترينا كانت وحدها في السيارة يوم السبت عندما التقت طفلتيها القادمتين من المدرسة، فنادتهما ووضعتهما في السيارة وتوجهت إلى السفارة الألمانية لدى تونس، ولحقت محامية من تونس بهم إلى هناك.

حصلت كاترينا على إذن بمغادرة البلاد، وجوازي سفر للطفلتين، وذهبوا معاً للمطار في تونس، لكنهم مُنعوا من السفر.

وعبَّرت الأم وشقيقتها الموجودة معها، لوسائل إعلام محلية ،عن شعورها باليأس والخوف مما سيحصل وعدم تمكُّنها من المغادرة، موضحَين أنه تم تجريدهم من جوازات سفرهم، ولا يعلمون ما سيحدث.

وبيَّنت أن السفارة الألمانية قالت لها إن تمتلك كل الوثائق التي تسمح لها بالمغادرة مع الطفلتين، لكن موظفي الأمن في المطار كان لديهم رأي آخر على ما يبدو.

وأوضحت كاترينا أن السلطات التونسية منعت وصول محامية العائلة وموظف السفارة من الوصول إليها. وقالت شقيقتها إن السلطات في المطار لم تعترف بوثيقة السماح بمغادرة البلاد.

وتقول كاترينا: "لديَّ كل الوثائق اللازمة لمغادرتنا البلاد! أنا لا أفهم ذلك. لم أعد أحتمل".

علّقت وزارة الخارجية الألمانية في برلين، بأنها على اتصال مع السلطات المعنية بهذا الشأن.

وبينت الأم لتلفزيون "إن دي إر"، الإثنين 21 مايو/أيار 2018، أنه تمت إعادة جوازات السفر لهم التي تم تجريدهم منها الأحد 20 مايو/أيار 2018، لكن لم يُسمح لهما بمغادرة البلاد.

تأمل الأم وجود حل قريب؛ إذ إنها والطفلتين يريدون فقط العودة للمنزل في هانوفر. وبيَّنت أن العائلة قضت الليلة الماضية في مكان سري بتونس.

ولم تثمر جهود الحكومة الألمانية حتى اليوم أية نتيجة، رغم أن المستشارة أنجيلا ميركل تحدثت عن الأمر مع المسؤولين، خلال زيارتها تونس في ربيع العام الماضي، وفق معلومات وكالة الأنباء الألمانية.

هكذا أقنع والدهما زوجته السابق بأخذهما لتونس

وكان الرجل الذي يحمل الجنسيتين الألمانية والتونسية، قيس ب. (40 عاماً)، قد تمكن من إقناع زوجته السابقة التي تعمل طبيبة، بالسماح له في صيف عام 2015، بأخذ الطفلتين إلى مدينة قصرين التونسية تحت ستار التعرف على لغة وثقافة موطن والدهما، وذلك مدة 6 أشهر بأكملها.

لكن الطفلتين اللتين وُلدتا في مدينة هانوفر الألمانية، لم تعودا منذ ذلك الحين، وتعيشان حالياً مع عائلة والدهما بعيدين عن أبويهما الموجودين في ألمانيا.

وقال قيس مراراً، إنه كان يأمل أن تنتقل الأم إلى تونس بعد أخذه الطفلتين إلى هناك.

وتزور الأم بنتيها مرة في الشهر مدة أسبوع بتونس، إلا اللقاء بهما يتم دائماً بحضور أحد أفراد أسرة زوجها السابق. وباتت الأم تعاني مشكلة في التواصل معهما؛ إذ إن بنتها الصغيرة البعيدة عنها منذ أعوام لا تستطيع تقريباً التحدث بالألمانية، في حين تتحدث الأكبر في العمر الألمانية بلكنة أجنبية.

وقال الأم لصحيفة "دي فيلت"، العام الماضي (2017)، إنها تحدثت مع نائب وزير العدل في تونس، وإن الجميع يخبرها بأن لديها الحق في إعادتهما إلى ألمانيا، لكن ليس هناك من أحد يتحمل المسؤولية أو يفعل شيئاً، لافتة إلى عدم وجود تأثير للقضاء على تلك المنطقة الجبلية في تونس، على حد وصفها.

وذكرت الصحيفة حينها، أن موقف عائلة زوجها السابق منها بات أكثر رفضاً لها؛ لأنهم يحمِّلونها مسؤولية حبسه في ألمانيا. ويرى الزوج قيس نفسه ضحية للقضاء الألماني.

وتحدثت عن زيارة قامت بها، العام الماضي (2017)، لمنزل حموها في القصرين، وكيف فتح لها الباب متسائلاً ما الذي تريده. وكان أول ما قالته الفتاة الأكبر في العمر لوالدتها: "ماما، أريد أن أواصل الذهاب إلى المدرسة في القصرين".

وتحدثت الأم حينها بأنه تم شتمها كأمٍّ سيئة أمام الأطفال، وأنه تم وصم العالم الغربي بالسوء أمام الأطفال، وكيف كان يجلس الجد قرب الطفلتين خلال لقائهم، الذي دامَ نصف ساعة، ويقول لها مراراً وتكراراً، إنهما تريدان البقاء في القصرين.

عودة الأب لألمانيا ودخوله السجن

وكان الأب التونسي قد عاد مطلع عام 20169، لألمانيا لحضور موعد في محكمة الأسرة، فتم اعتقاله والحكم عليه بالسجن، إلا أنه استطاع تهريب رسالة منه إلى أهله بتونس يدعوهم لعدم تسليم الطفلتين لوالدتهما ألبتة، على ما ذكرته صحيفة "هانوفرشه ألغماينة تسايتونغ".

ونقلت صحيفة "بيلد" عن موظف في القضاء، أن قيس هدد زوجته السابقة بالقول: "حتى لو قضيت حياتي كلها في السجن.. لن تري الطفلتين مرة أخرى".

الرجل سيبقى في السجن بألمانيا حتى تبلغ الطفلتان سن البلوغ؛ لأن خطف الأطفال يعتبر من الجرائم التي تعتبر دائمة الأثر حتى عودة الأطفال.

ورفض قيس دعوة قاضيَي الدفاع له في شهر مايو/أيار 2017، ترْكَ الطفلتين تعودان لزوجته السابقة، متذرعاً بالقول إن وضعهما لدى أهله أفضل مما عليه الوضع لدى والدتهما.

وحُكم عليه في شهر أبريل/نيسان 2018 مجدداً، بالسجن 11 شهراً في مدينة هانوفر بولاية ساكسونيا السفلى بتهمة "اختطاف الأطفال"؛ لرفضه إعادة الطفلتين. بعد أن كان قد قضى مسبقاً عامين في السجن.

وقال ينس بوك، المتحدث باسم محكمة هانوفر الإقليمية، إن القاضية أوضحت أن الأب يدَّعي الاهتمام برفاه الطفلتين وأنه يمكنهما عيش طفولتهما بِحُرية وبسعادة، لكنها ترى لدى المدعى عليه التونسي دافع إلحاق الضرر بالمرأة التي تركته، بعد 14 عاماً من الارتباط.

كاترينا التي كانت تدرس الطب، وقيس الذي كان حينها يعمل لدى "ماكدونالدز"، قد تعرفا أحدهما على الآخر في عام 2001، عندما كانا في أوائل العشرينيات من العمر، وأحب أحدهما الآخر، وتزوجا في عام 2008، ثم أنجبا الطفلتين بعد وقت قصير.

تحدثت صحيفة "بيلد" عن حب لم يدُم طويلاً؛ إذ كثرت الشجارات بينهما، وتطور الأمر للاعتداء عليها بالضرب، قبل أن يحصل الانفصال في عام 2015.

"خطف" الأطفال ليس حالة نادرة في ألمانيا

تشهد ألمانيا الكثير من حالات "خطف" أحد الأبوين الأطفال، وفق إحصائيات المكتب الاتحادي للقضاء؛ إذ أظهرت أن 454 بلاغاً سُجلت في عام 2016، عن خطف أحد الوالدين للأطفال خارج ألمانيا أو إلى ألمانيا.

وتحدثت السفارة الألمانية لدى تونس عن علمها بحالة إلى حالتي خطف أطفال سنوياً إلى تونس.

علامات:
تحميل المزيد