أصبح المقطع الصوتي القصير المعد إلكترونياً هو أكثر الموضوعات التي أحدثت انقساماً بين مرتادي الإنترنت منذ الجدل المثار حول الرداء الذهبي/الأزرق الذي انتشر في العام 2015.
يبدو أنَّ المقطع الصوتي "المخادع"، الذي ظهر لأول مرة على موقع ريديت، لا يقول سوى كلمةٍ واحدة، لكن مصدر الخلاف الغاضب هو ما إن كانت هذه الكلمة هي "ياني" أو "لوريل".
وبحسب ما نشرت صحيفة صحيفة The Guardian البريطانية، يقول البروفيسور ديفيد أليس من كلية علم النفس بجامعة سيدني الأميركية إنَّ تردد كلمتيّ ياني/لوريل هو مثال على "الحافز المُلتَبَس إدراكياً" مثل مكعب نيكر أو خداع الوجه/المزهرية.
يضيف أليس: "يمكن رؤيته بطريقتين، وغالباً ما يتأرجح العقل ذهاباً وإياباً بين التفسيرين، ويحدث هذا لأنَّ الدماغ لا يستطيع أن يختار تفسيراً نهائياً".
وتابع قائلاً: "إذا كان هناك قليل من الغموض، فإنَّ الدماغ يلتزم بتفسير إدراكي واحد. وفي هذا المثال، من المفترض أن يكون تردد كلمتيّ ياني/لوريل غامضاً، لأنَّ كل صوت يحتوي على توقيت ومحتوى طاقة مماثل، لذا فإنَّ الأمر محير من حيث المبدأ".
ويضيف: "كل هذا يهدف إلى تسليط الضوء على مدى أهمية الدماغ بصفته مترجماً نشطاً للمدخلات الحسية، وبالتالي فنحن نفاجأ بأنَّ العالم الخارجي أقل موضوعية مما نرغب في تصديقه".
إذا سمعتِ "ياني" فهذا ما يعنيه
يقول أليس إنَّه بالنسبة له، وبالنسبة للكثيرين غيره على الأرجح، يصدر عن الفيديو كلمة "ياني" دون أي لبسٍ أو غموض.
ويشرح أليس أنَّ هذا التأكد ربما يعود إلى سببين: الأول هو سنه، فعند بلوغ 52 عاماً تتأثر حساسية الآذان تجاه الأصوات عالية التردد، وهي نتيجة طبيعية للشيخوخة.
وثانياً، هناك اختلاف في طريقة النطق بين محاولة الكمبيوتر محاكاة لكنة أميركا الشمالية لكلمتيّ ياني ولوريل، وبين طريقة نطق الكلمتين في اللكنة الأسترالية أو البريطانية الطبيعية.
ويدعم لارس ريك الأستاذ المساعد في علوم السماع والعلوم العصبية الإدراكية بجامعة ماستريخت الهولندية هذه الحجة. ففي حواره مع مجلة فيرج، يفترض ريك أنَّ "السر يكمن في التردد الصوتي.. لكنَّ الأمر يتعلق جزئياً بآليات عمل أذنيك أيضاً، وما تتوقع أن تسمعه".
ويقول عن ذلك: "معظم الأصوات، بما في ذلك صوت حرفي اللام والياء، وهما ضمن حروف الكلمتين المعنيتين، تتكون من عدة ترددات في وقت واحد. ربما تكون ترددات حرف الياء قد ازدادت حدة في النسخة الإلكترونية، فيما انخفضت حدة ترددات حرف اللام".
ويفترض البروفيسور هيو ماكديرموت من معهد بيونيكس في ميلبورن أنَّه على الرغم من أنَّ تردد الجهاز الذي تستمع إليه له تأثير واحد معين، فهناك "الكثير من العوامل المختلفة التي تؤثر فيه".
وربما هذا هو التفسير الآخر
وقال: "عندما يكون الدماغ غير متيقن من شيء ما، فإنَّه يستخدم الإشارات المحيطة لمساعدتك على اتخاذ القرار الصحيح. ما يعني أنَّك إذا استمعت إلى محادثة تجري حولك ذُكر فيها اسم لوريل، لما سمعت كلمة ياني".
وأضاف: "يمكن للتجارب الشخصية أيضاً أن يعطي تفضيلاً غير واعٍ لاسمٍ دون الآخر. فربما أنت على معرفةٍ بكثير من الأشخاص الذين يحملون اسم لوريل، ولا تعرف أي شخص يُدعى ياني.
ويعتقد ماكديرموت أيضاً أنَّ الإشارات البصرية ربما لعبت دوراً كذلك، إذ قال: "لعلك لاحظت أنَّ كلا الاسمين يظهران على الشاشة دون أي سياق أو معلومات أخرى. هذا يجبر الدماغ على الاختيار بين هذين الخيارين تحديداً".
وتابع قائلاً أنه "إيهام لا مفر منه، لكن في الحقيقة يمكنك سماع كلا الصوتين في كلتا الحالتين".
هذا هو التسجيل الأصلي
في مجلة ناشيونال جيوغرافيك، زعم براد ستوري العامل بمختبر علوم الصوت والفيزياء في جامعة أريزونا أنَّ التسجيل الأصلي كان يحمل اسم "لوريل"، لكن لأنَّ المقطع الصوتي غير واضح، فإنَّه يترك مجالاً للارتباك والتفسيرات المختلفة.
أجرى ستوري تجربة بتسجيل صوته الشخصي وهو ينطق الاسمين، ووجد أنماطاً صوتية أخرى مشابهة لياني ولوريل.
وأضاف المعلقون عبر الإنترنت نظرياتهم الخاصة عن سبب سماع الأشخاص كلمتين مختلفتين في المقطع، وأشاروا إلى أنَّها تختلف باختلاف مستوى التردد وارتفاع الموجة الصوتية ونوع السماعات المستخدمة لتشغيل المقطع.
وفقاً لأحد مستخدمي موقع تويتر، الذي لديه خبرة في التعامل مع برنامج Earth Vessel Quotes، فإنَّ مقدار الصوت الجهوري (Bass) الصادر عن جهاز الصوت يمكن أن يكون له تأثير كبير.
تزيد الترددات المنخفضة من فرصة سماعك اسم "لوريل"، بينما قد تبدو لك الترددات الأعلى أنَّها أشبه باسم "ياني".
كتب أحد المستخدمين على ريديت: "إذا خفضت الصوت كثيراً، فيوف يختفي صوت الجهير وستسمع كلمة ياني، أما إذا رفعت مستوى الصوت وشغلته على سماعاتٍ قادرة على قراءة الذبذبات المنخفضة (أي سماعات مختلفة عن سماعات الهاتف المحمول) فسوف تسمع كلمة لوريل".
ويدعم هذا الفيديو الذي نشره مستخدم آخر على موقع تويتر، أليكس ساد، هذه النظرية بإظهار مزيج الصوت وهو يتحرك من "ياني" إلى "لوريل" عبر ترددات مختلفة.
Despite objective proof I still think it's #Laurel pic.twitter.com/RcJpZZncRC
— Alex Saad (@XeSaad) May 15, 2018
فيما تكهَّن آخرون بأنَّ الفرق ربما يعتمد على عمر المستمع، أو فسيولوجيا الفرد. فمع تقدمك في العمر، يبدأ نطاق السمع في التدهور، مما يجعل بعض الترددات المرتفعة صعبة أو مستحيلة. ويمكن لهذه العملية أن تبدأ من سن 25.
غرد أحدهم ساخراً: "ساعدوني، هل ينطق هذا الرداء بياني أم لوريل؟"، مشيراً إلى الرداء الذي حيَّر لونه الكثيرين.
guys help me out, does this dress say yanny or laurel pic.twitter.com/Tl2lfZKYBS
— Alex Zalben (@azalben) May 15, 2018