عدم تحرِّي الدقَّة يجلب على أكبر صحيفة بريطانية شكوى بسبب تقرير أثار ردودَ فعل واسعة بلندن

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/25 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/25 الساعة 11:28 بتوقيت غرينتش

أيَّدت منظمة معايير الصحافة المستقلة شكوى تم تقديمها ضد صحيفة The Times، حول تغطيتها لحضانة فتاة صغيرة في شرقي لندن.

وقالت صحيفة The Guardian البريطانية أن منظمة معايير الصحافة المستقلة نشرت إشعار قرار المحكمة على الصفحة الرئيسية للإصدار المطبوع يوم الأربعاء 25 أبريل/نيسان 2018.

 وتعود القصة إلى تاريخ أغسطس/آب 2017، عندما ذكرت صحيفة The Times، أن "فتاة مسيحية بيضاء"، قد تعرَّضت لمحنة شديدة بعد منح حضانتها لأسرتين مسلمتين في تاور هامليتس بالعاصمة البريطانية لندن، لفترة بلغت 6 شهور.

رواية أخفت بعض التفاصيل

القصة التي روتها الصحيفة البريطانية سرعان ما اتَّضح أن المزاعم الأولية قائمة على رواية من جانب واحد، حيث ظهرت بعض التفاصيل الأخرى، ومن بينها أن جدة الفتاة –التي ستؤول حضانة الفتاة إليها في النهاية– كانت مسلمة ولا تتحدث الإنكليزية بالأصل.

وقدَّم مجلس تاور هامليتس شكوى بحقِّ المقال، الذي نشر بالصفحة الرئيسية لإصدار الصحيفة، بتاريخ 30 أغسطس/آب، وتم تخصيص الصفحة الرئيسية الثالثة لهذه القصة ذاك الأسبوع، والتي ذكرت بها الصحيفة أن أحد القضاة قد أصدر حكماً ضد المجلس، فحواه أن تنتقل حضانة الفتاة البالغ عمرها 5 سنوات في ذلك الحين من الأسرة المسلمة إلى جدتها. وفي الواقع، كان المجلس قد طلب أن تودع الفتاة في حضانة جدتها.

خرق قاعدة تحري الدقة

وتحت عنوان "منظمة معايير الصحافة المستقلة تؤيد شكوى ضد صحيفة The Times"، ذكرت الصحيفة أن الجهة الرقابية المنظمة للصحافة أقرَّت خرق المقال للقاعدة الأولى من مدونة قواعد ممارسة مهنة المحررين، التي تتعلق بتحري الدقة.

 واعتبر قرار المنظمة، الذي تم نشره بالكامل بالصفحة الثانية من الصحيفة، ذلك المقال "تشويهاً" للقضية.

 ونصَّ القرار على ما يلي: "وجدت لجنة الشكاوى بمنظمة معايير الصحافة المستقلة أن المقال يعطي انطباعاً بأن القاضية قد وجدت أن المجلس قد أخفق في قرار إيداع الفتاة، ولذلك السبب "تنقل" الطفلة من حضانتها الحالية إلى حضانة جدتها. وأقرت اللجنة أن ذلك كان تشويهاً".

 "كان الانطباع الذي يثيره المقال في الأذهان هو أن قرار القاضية يمثل نتيجة تتنافى مع تقييم صاحب الشكوى لاحتياجات الطفلة في تنظيم الحضانة. ولم يكن ذلك هو ما قرَّرته المحكمة، أو ينطوي على ما قرَّرته المحكمة".

 ومع ذلك، لم تجد منظمة معايير الصحافة المستقلة أن تجاهل صحيفة The Times في مقالها لحقيقة أن جدة الطفلة ذات خلفية مسلمة يرقى إلى إخفاق في تحري الدقة.

 وطلبت المنظمة من صحيفة The Times نشرَ قرارها بالصفحة السادسة من عددها، وعلى موقعها الإلكتروني، حتى يظهر ضمن النصف الأول من مقالاتها على موقعها الإلكتروني لمدة 24 ساعة.

 أثيرت الضجَّة المحيطة بالطفلة المعروفة بوثائق المحكمة باسم AB، جراء مقال تم نشره بالصفحة الأولى من صحيفة The Times، بعنوان "طفلة مسيحية تُجبر على الخضوع لرعاية أسرة مسلمة"، بتاريخ 28 أغسطس/آب.

القضاء يتَّخذ خطوات للرد على الصحف

ووفقاً لتقارير سرية صادرة عن السلطات المحلية، وصف مشرف الخدمات الاجتماعية الطفلةَ أثناء بكائها ومطالبتها بعدم العودة إلى حضانة تلك الأسرة، نظراً "لأنهم لا يتحدثون الإنكليزية".

 وتضمن التقرير صورةً للفتاة في صحبة امرأة يُذكر أنها تتولى رعايتها وترتدي ملابس إسلامية.

ونشرت صحيفة Daily Mail القصة على صفحتها الأولى في اليوم التالي، بعنوان "غضب أعضاء البرلمان جراء إجبار فتاة مسيحية على تبني أسرة مسلمة لها".

 ونشرت المحررة السابقة بموقع Mail Online كاتي هوبكنز صورة على الصفحة الرئيسية، تساءلت بها "مَن هو المسؤول في تاور هامليتس عن الانتهاكات التي تتعرض لها هذه الفتاة الصغيرة؟"

 ولم تنشر صحيفة Daily Mail وموقع Mail Online صورة للفتاة بهذه القضية. وبدلاً من ذلك، تم استخدام صورة أرشيفية لأسرة مسلمة لتوضيح القصة على إصدارها المطبوع والإلكتروني. ولكنهما غيَّرا الصورة لتغطية وجه المرأة بحجاب.

 واتَّخذت خاتون سابنارا وهي قاضية محكمة الأسرة، خطوة نادرة الحدوث بأن نشرت قرار المحكمة الذي يتضمَّن تفاصيل تتعارض مع الرواية الأصلية للقضية.

 وتم الكشف عن أن جدة الطفلة لأمها مسلمة غير ممارسة لشعائر الديانة.

 واتَّضح أن الجدة لا تتحدث الإنكليزية، حيث ينصُّ القرار على أنها تحتاج إلى ترجمة للوثيقة. وأعربت الجدة عن رغبتها أيضاً في "العودة إلى بلادها ورعاية الطفلة هناك".

 مجلس المدينة هو من يتلقَّى الإهانات

ومن المفهوم أن مسؤولي رعاية الطفلة المشار إليهم بالقضية قد شعروا بالاضطراب الشديد والانزعاج جراء تلك التقارير، وتلقَّى مجلس تاور هامليتس مكالمات هاتفية مهينة.

وذكر ويل تاكلي، المدير التنفيذي لمجلس تاور هامليتس "شعرنا أنه من الضروري أن نتقدم بالشكوى للدفاع عن دور رعاية الأطفال وحماية الأطفال بها، بالإضافة إلى دعم مجتمعاتنا المتنوعة".

 "كانت لدينا مخاوف كبيرة منذ البداية، بشأن صحة الادعاءات حول دور الرعاية. وعلى سبيل المثال، تمثّل أحد الادعاءات في أنهم لا يتحدثون الإنكليزية، رغم أن ذلك هو أحد الشروط الرئيسية لأي دور رعاية أطفال.

 "وجدت التحقيقات في كافة الادعاءات المنشورة بمقال صحيفة The Times، التي تم إجراؤها في وقت لاحق، أن تلك الادعاءات لا قيمة لها".