سيدة أعمال ومصممة أزياء ومغنية بوب قبل أن تختفي.. المصير الأسود لغوغوشا ابنة ديكتاتور أوزبكستان

كريموفا أيضاً هي الوحيدة التي لم تحضر جنازة والدها عام 2016 من أفراد أسرتها،  ولم تحضر أياً من الصلوات التي أُقيمت منذ ذلك الحين والتي تجاوزت 35 ألف صلاة لتأبينه. وفي الواقع، فقد اختفت عن المشهد العام منذ عام 2014.

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/05 الساعة 20:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/05 الساعة 20:20 بتوقيت غرينتش

تقوم مجموعة جديدة من مواطني أوزبكستان بزيارة مقبرة الرئيس الراحل الدكتاتور، إسلام كريموف، كل 5 إلى 10 دقائق فيما بين السابعة صباحاً والسابعة مساءً على مدار 7 أيام أسبوعياً، وتقف إجلالاً أمام تابوته الأبيض، مستمعةً إلى الصلوات التي تُتلى تكريماً له.

 

هنا، وبعد انقضاء أكثر من عام منذ افتتاح النصب التذكاري المرصَّع بالحُلي للرئيس كريموف، كانت ابنته جولنارا كريموفا، البالغة من العمر 45 عاماً -أشهر شخصيات أوزبكستان حتى وقت قريب- واحدة من المواطنات القليلات اللاتي لم يزرن النصب التذكاري بعد.

وكانت كريموفا أيضاً هي الوحيدة التي لم تحضر جنازة والدها عام 2016 من أفراد أسرتها،  ولم تحضر أياً من الصلوات التي أُقيمت منذ ذلك الحين والتي تجاوزت 35 ألف صلاة لتأبينه. وفي الواقع، فقد اختفت عن المشهد العام منذ عام 2014.

الضريح محطة أولى في شهر العسل

يقوم العديد من زوار ضريح والدها بزيارته للمرة الثانية أو الثالثة، ويأتي أطفال المدارس للزيارة في مجموعات، ويذهب المتزوجون حديثاً للضريح كمحطة أولى في شهر عسلهم، قبل التوجه لزيارة الصروح التي ترجع إلى القرن الـ15 بميدان رجيستان المجاور، والتي تعتبر من أروع الكنوز المعمارية وسط آسيا.

وقد اضطر السجناء السياسيون الذين تم إطلاق سراحهم خلال الربيع الأوزبكي الذي أعقب وفاة كريموف، إلى المشاركة في التكريم من خلال إجراء زيارة على مدار يومين إلى الضريح كشرط لحصولهم على حريتهم.

وبينما كان العالم بأسره يعتبر إسلام كريموف أحد أكثر الحكام قمعاً ممن ظهروا في أعقاب تفكُّك الاتحاد السوفييتي، يرى العديد من مواطني أوزبكستان أن الزعيم الشيوعي خلال الحقبة السوفييتية هو والد الأمة، الذي قاد البلاد إلى تحقيق الاستقلال ثم واجه الهيمنة الروسية التي تعرضت لها البلدان المجاورة في آسيا الوسطى.

ومع ذلك، فقد انتقلت تلك المداهَنة إلى ابنة كريموف المفقودة. وقال مقصود ختاموف، الذي جاء لزيارة الضريح مع 11 من أفراد أسرته، ومن بينهم 4 من أحفاده: "إنها لا تثير اهتمامنا شخصياً. وهي ليست بذلك القدر من الجمال".

كانت كريموفا وحشود معجبيها على وسائل التواصل الاجتماعي سيعترضون على ذلك بالطبع. ففي قمة مجدها، كانت كريموفا سيدة أعمال ودبلوماسية (سفيرة بلادها إلى إسبانيا) وطالبة بجامعة هارفارد وأماً وعضواً بارزاً في المجتمع. ووفقاً لما جاء بإحدى برقيات السفارة الأميركية التي كشفها موقع ويكيليكس، كانت لصة تصادر الشركات من الآخرين خلال نزواتها، وكانت سلطات والدها تمنحها الحصانة.

وكانت أيضاً مصممة أزياء تمتلك أحد خطوط الأزياء المعروفة باسم "جولي"، وكانت مطربة تقدم أغنيات موسيقى البوب وتحمل اسم الشهرة "غوغوشا".

هل ماتت؟

وذكر ستيف سويردلو، الباحث بـ"هيومان رايتس ووتش" في آسيا الوسطى، والذي أشار إلى أنه وجد أفراد أسرة ابنة الدكتاتور يطلبون منه المساعدة في الكشف عما حدث لها، قائلاً: "إنها امرأة لم تكن تكتفي باهتمام الناس بها، وكانت توجد بكل مكان، ولم يسمع عنها أحد منذ عام 2014".

ويعتقد البعض أن "غوغوشا" قد لقيت حتفها، وليس هناك أي دليل يُثبت عكس ذلك. وقالت إسلاموفا نيلوفار، البالغة من العمر 20 عاماً، والتي كانت تزور ضريح الدكتاتور مع شقيقتيها: "سمعنا أنها ربما تكون قد ماتت". وقالت إحدى الشقيقتين، واسمها زارينا أوديلوفا والتي تبلغ من العمر 25 عاماً: "ليس هناك أي معلومات عنها. ومن المؤكد أنها لم تأت إلى هنا".

وفي يوليو/تموز 2017، خرجت الحكومة الجديدة للرئيس شافكات ميرزيوييف، الذي كان رئيساً للوزراء في عصر كريموف، عن صمتها بشأن كريموفا.

أعلن مكتب المدعي العام في العاصمة طشقند إدانتها بالتهرب الضريبي، وابتزاز الأموال والأسهم من الشركات الأوزبكية الكبرى، وسرقة ممتلكات الدولة، وصدر الحكم ضدها بتحديد إقامتها.

لم يكن هناك تفسير لما يعنيه ذلك، ولكن من المفترض أنه أحد أشكال الإقامة الجبرية. ومع ذلك، أضاف البيان أنها قد ظلت بالسجن، حيث تم اعتقالها بتهمة جنائية أخرى، بينما كانت السلطات تسعى لاستعادة أكثر من 1.62 مليار دولار من الأصول المسروقة خارج البلاد.

ولم يردَّ مكتب المدعي العام، في الأسبوع الماضي، على طلب كتابي بالحصول على معلومات عن قضيتها. وذكر مسؤولون حكوميون آخرون أنهم لا يستطيعون مناقشة قضيتها أو قضية أحد كبار مساعديها، وهو جيان أفاكيان، الذي تم إيداعه بالسجن أيضاً.

ويبدو أن معظم المواطنين الذين يزورون مقبرة والدها يريدون نسيان أمر كريموفا؛ ويرفض بعضهم مناقشة أمر ابنة الرئيس السابق على الإطلاق.

وقال جمشيد أيوب جانوف، صاحب أحد المطاعم (من وادي فيرجانا)، والذي كان في طريقه لإجراء زيارته الثانية إلى الضريح: "ربما تواجه بعض المتاعب مع بعض الناس، وربما لم يسمحوا لها بالحضور إلى هنا. لا ندري". وقام بتغيير موضوع المناقشة، قائلاً: "لم يكن هناك رئيس دولة مطلقاً كرئيسنا الراحل".

حتى المشاهير فشلوا

وقبل أن تقع كريموفا في تلك الأخطاء، كانت هناك مؤشرات بأن أصدقاءها المشاهير لم يستطيعوا حمايتها. ويُذكر أن والدها الدكتاتور قد ضربها في أثناء مشاحنة عائلية عام 2013، واتهمت كريموفا والدتها وشقيقتها الصغرى "لولا" علناً بممارسة الشعوذة ضمن ممارسات أخرى. (كانت لولا تيلييفا تواجه متاعب خاصة بها، وقد استقالت مؤخراً من منصبها كسفيرة لبلادها إلى منظمة اليونيسكو).

ثم تم إغلاق حساب كريموفا على موقع تويتر. ورُفض السماح لعلامتها التجارية "جولي" بالمشاركة في عروض الأزياء بنيويورك؛ لأن الملابس كانت مصنوعة من القطن الأوزبكي، الذي يتم إنتاجه بالسخرة. وحتى إن جمالها، الذي كانت كثيراً ما تتفاخر بها، يبدو أنه هجرها، حيث لجأت إلى زيادة جرعات البوتوكس. وبعد ذلك، تم القبض عليها عام 2014، حيث ذكر أفراد أسرتها أن أقاربها ومحاميها لا يعرفون عنها شيئاً منذ ذلك الحين.

وذكر سويردلو من "هيومان رايتس ووتش"، أنه سمع عنها من خلال زوجها السابق منصور مقصودي، الذي كان يريد الكشف عما حدث لها، وكان ذلك أمراً يثير الدهشة.

إذ كان مقصودي، وهو أميركي من أصول أوزبكية وأفغانية ويعيش في نيويورك، يواجه قضية طلاق ومعركة حضانة عام 2002 ضد كريموفا حينما كانت تتمتع بالنفوذ والسلطة. وقد خسر شركة كوكاكولا التي يمتلكها في أوزبكستان، وشهد عملية ترحيل أقاربه، البالغ عددهم 24، من أوزبكستان إلى أفغانستان، بغض النظر عن الجنسية التي يحظون بها، بينما سُجن اثنان آخران من أقاربه.

لا يبدو أي من زوار ضريح كريموف مهتماً أو قلقاً على مصيرها. وقالت مامورا عبد الرحموفا، البالغة من العمر 34 عاماً: "ليس لدينا أي معلومات عن جولنارا كريموفا، ولا نهتم بالحصول على أي معلومات عنها. لم نحصل على زعيم في عظمة إسلام كريموف منذ عهد تامرلين".

ورغم عظمتها، لا تعد مقبرة كريموف فاخرة على غرار بعض الآثار الشاهقة الفسيفسائية  في سمرقند والتي ترجع إلى عصر الإمبراطور الأوزبكي العظيم تامرلين. ومع ذلك، فإنها تقع بالقرب من تلك الآثار وتتصل بها بمتنزه وجسر يؤدي إلى رجيستان، يُعرف حالياً باسم طريق إسلام كريموف. وكان في الماضي يُعرف باسم تامرلين.

ويطلب ابن كريموفا، واسمه إسلام على اسم جده، حق اللجوء السياسي في بريطانيا، حيث كان يعيش ويستكمل دراسته الجامعية؛ وقد شكا من احتجاز أمه بمعزل عن العالم الخارجي، دون حق الحصول على الدفاع.

وقال خلال حوار له مع هيئة الإذاعة البريطانية: "لا أتفهم كيف لا يمكنهم الرد على تساؤل بسيط خلال القرن الحادي والعشرين: أين جولنارا؟!".

علامات:
تحميل المزيد