تضاعف عدد كاميرات الهواتف الذكية مؤخراً، وتمكنت من هز صناعة بأكملها قائمة على التقاط الصورة المثالية. وبات الآن بإمكان مستخدم الهاتف الذكي أن يتحول بنقرة زر من إنسان عادي إلى نجم على إنستغرام. ولكن كم كاميرا يحتاج الإنسان على هاتفه؟
تشير أغلب التسريبات المتعلقة بهاتف Samsung الجديد غلاكسي S10 والمتوقع ظهوره بداية العام المقبل إلى أن الهاتف يحتوي على 6 كاميرات؛ 4 في الخلف واثنتان في الأمام.
والحقيقة أنه أمر غير مستبعد، خصوصاً بعدما كشفت Samsung هذا العام عن هاتفها Galaxy A9، والذي يحتوي على 5 كاميرات (4 في الخلف وواحدة في الأمام).
زيادة عدد الكاميرات في الهواتف المحمولة ليس بالأمر الجديد، فهو أمر تتنافس فيه الشركات المصنعة للهواتف الذكية في العقدين الأخيرين.
انتشر كثيراً هاتف Motorola Razr في العام 2008، بسبب جودة صوره آنذاك البالغة 1.3 ميغابيكسل، أما الآن فتتخطى جودة الصور الـ 10 ميغابيكسل.
أكبر عدد كاميرات الهواتف الذكية هنا:
LG V40 ThinQ والذي يضم 5 كاميرات (3 بالخلف و2 بالأمام)
هاتف هاواوي Mate 20 بـ 4 كاميرات (3 في الخلف وواحدة في الأمام).
والسؤال هنا: هل يحتاج المستخدم فعلاً إلى كل تلك الكاميرات في هاتفه الذكي؟ أم أن الأمر كله مجرد لعبة تسويقية؟
للإجابة على تلك الأسئلة تجب الإجابة أولاً على سؤال فائدة الكاميرات والمستشعرات الإضافية في الهاتف الذكي؟
ولكن ما هي استخدامات كل هذه الكاميرات؟
مع ظهور أول هاتف ذكي يحتوي على كاميرات متعددة في الخلف – هاتف HTC Evo 3D في العام 2011 – تغيرت الأسباب التي من أجلها تتم زيادة عدد الكاميرات.
فالفكرة في هاتف Evo هي تصوير صور ومقاطع فيديو بتقنية 3D، وهو أمر كان ذا شعبية كبيرة إلى حد ما في تلك الفترة، خصوصاً مع تزايد مبيعات التلفزيونات التي تدعم خاصية عرض محتوى 3D.
ولكن مع الوقت ومع أفول نجم المحتوى الثلاثي الأبعاد، اختفت فكرة الهواتف الذكية التي تحتوي على أكثر من كاميرتين خلفيتين لبعض الوقت، إلى أن ظهرت من جديد في السنوات الأخيرة.
وحالياً، تتعدد أغراض الكاميرات المتعددة في الهواتف الذكية. ولعل أبرز استخداماتها هو توفير العدسات المختلفة أبعاداً بؤرية مختلفة للتصوير.
وهو ما يعني إضافة عدسة تقريب Zoom أو عدسة عريضة Wide angle جنباً إلى جنب مع العدسة الأساسية، للحصول على أبعاد بؤرية مختلفة.
أبرز الهواتف التي تعتمد هذه التقنية iPhone، والتي تأتي بعدستين، واحدة ببعد بؤري تقليدي والأخرى عدسة بقوة تقريبية 2X.
على أرض الواقع تعتبر الأبعاد البؤرية المختلفة في نفس الهاتف من أكثر الاستخدامات المفيدة للكاميرات المتعددة في نفس الهاتف:
- إمكانية التقاط صورة مقربة لجسم بعيد عنك
- صورة عريضة لجسم قريب منك دون الحاجة إلى التحرك
- تصوير وضع Portrait mode أو الصورة الشخصية
هل تحقق هذه الكاميرات كل هذه الأهداف؟
إلا أنه وفي أغلب الأحوال لا تأتي العدسات الإضافية في الهاتف بنفس جودة التصوير التي تأتي بها العدسة الرئيسية.
ويرجع هذا في أغلب الأحيان إلى توفير النفقات من قبل الشركة المصنعة وصغر المساحة الداخلية في الهاتف.
أما صورة Portrait mode التي يتم فيها عزل الخلفية، فهي مستحيلة لعدسة الهاتف الذكي التقليدية بسبب صغر حجم المستشعر.
لذا فإن الهاتف يستخدم كاميرتين ببعدين بؤريين مختلفين، بالإضافة إلى تقنيات الذكاء الصناعي من أجل خلق تأثير وصورة مشابهة لما تنتجه الكاميرات الاحترافية.
ويعد ذلك الاستخدام حالياً الأكثر شيوعاً بين مصنعي الهواتف الذكية، خصوصاً مع تزايد شعبية ذلك النوع من الصور بين المستخدمين.
وماذا عن تقنيات الأبعاد الثلاثية؟
استخدامات أخرى للكاميرات المتعددة وفرتها شركة هواوي في السنوات الماضية.
إذ أضافت كاميرا إضافية في هواتفها من فئة "ميت" ذات مستشعر أبيض وأسود للعمل على تحسين جودة الصور الملتقطة بالمستشعر الرئيسي الملون.
كانت الفكرة واعدة نظرياً، إلا أنها لم تنجح على أرض الواقع، مما دفع هواوي إلى إيقاف إنتاجها.
كما ظهرت بعض الهواتف التي تحتوي على أكثر من كاميرا من أجل التطبيقات الثلاثية الأبعاد، وتطبيقات الواقع المعزز، مثل هواتف مشروع Tango من جوجل أو هاتف RED Hydrogen One.
وبالنظر إلى الأسباب والاستخدمات تلك نجد أن أغلبها تتحقق بوجود كاميرتين خلفيتين فقط.
ولعل أفضل دليل على ذلك هواتف iPhone والتي تقدم واحدة من أفضل تجارب التصوير في الهواتف الذكية بالاعتماد على كاميرتين خلفيتين فقط وواحدة أمامية.
ومثلها هواتف سامسونغ من فئات S و Note، واللذين يقدمان واحدة من أفضل تجارب التصوير بالاعتماد على كاميرتين خلفيتين.
لماذا تتميز صور هواتف جوجل؟
شركة جوجل من جهتها نحت منحى مختلف تماماً عن كل الشركات الأخرى.
ففي الوقت الذي احتوت أغلب الهواتف الجديدة على كاميرتين على الأقل من الخلف، ظهرت هواتف جوجل من سلسلة Pixel جميعها منذ جيلها الأول Pixel 1 في العام 2015 وحتى Pixel 3 في العام 2017 بكاميرا واحدة خلفية فقط.
ورغم هذا، قدمت جوجل عبر تلك الكاميرا الوحيدة أفضل تجربة تصوير دون منازع في عالم الهواتف الذكية.
اعتمدت بشكل كبير على ما برعت فيه دائماً، وهو الذكاء الصناعي والبرمجيات.
إذ رأت جوجل أنها تستطيع الاستغناء عن الكاميرا الإضافية في الخلف في مقابل تطوير برمجيات تحل محل تلك الكاميرا. وكانت النتيجة هي الأفضل بين كل المنافسين.
ولكن ما كان ينقص كاميرا هواتف Pixel من جوجل طول الوقت هو الأبعاد البؤرية المختلفة، وهو ما حاولت جوجل تحقيقه هذا العام مع هاتف كاميرا Pixel 3.
طورت تقنية تقريب رقمي خاصة بها تزعم أنها تستطيع منافسة تقنيات التقريب البصري الموجودة في الهواتف الأخرى. ولكن النتيجة النهائية لتلك التقنية حتى الآن تعتبر متوسطة.
ما هو العدد المناسب إذاً؟
يمكن الاستنتاج أن زيادة عدد الكاميرات الخلفية عن كاميرتين هو نوع من أنواع الحيل التسويقية إلى حد ما.
فأغلب الهواتف التي تقدم أفضل نتائج (iPhone, Samsung, Pixel) تحتوي على كاميرا أو كاميرتين خلفيتين فقط.
في حين أن الهواتف التي تحتوي على 3 و4 كاميرات خلفية لا تقدم نتائج أفضل.
ويجدر التنويه إلى أن زيادة عدد الكاميرات في الهواتف يؤدي إلى تقليل المساحة داخل الهاتف، مما يؤثر على سعة البطارية أو إلغاء منفذ 3.5 كما رأينا في الكثير من الهواتف الجديدة.
وحتى نرى نتيجة مختلفة مع هاتف يحتوي على أكثر من كاميرتين خلفيتين، لا يُنصح بأن يكون عدد الكاميرات هو المعيار الأهم عند شراء الهاتف الذكي.