حسناً، سأقاطع منتجات التكنولوجيا الأميركية.. ولكن ما هو البديل؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/08/19 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/08/19 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش

هل يمكن مقاطعة التكنولوجيا الأميركية كنوع من الاعتراض على سياساتها؟ السؤال هنا لا يتمحور حول الجانب الأخلاقي من القضية التي يختار دعمها الإنسان، وإنما اعتماد حياة الإنسان المعاصر على التكنولوجيا التي تصدّرها أميركا. هل يمكن العيش من دونها؟

يجيب محرر صفحة التكنولوجيا في صحيفة The Guardian بما يلي: "بالطبع، يمكنك تجاهل العديد من المنتجات الأميركية، ولكنك ستتخلى فقط عن بعض المنتجات الثانوية، دون أن تحقق أي منفعة أخلاقية من وراء ذلك".

فعلى سبيل المثال، هناك أكثر من مليار شخص في روسيا والصين يعيشون حياتهم دون الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.

ولكن، فلنفنّد ما يمكن أن تحققه المقاطعة، وما هي البدائل المتاحة قبل القفز إلى الضفة الأخرى واستكشاف عالم طمست معالمه شركات مثل جوجل وفيسبوك وأبل.

أولاً: مهاجرون سيدفعون الثمن

في الوقت الذي يرغب فيه دونالد ترمب في التضحية بالمهاجرين، عليه أن يعلم أن أكثر من نصف شركات التكنولوجيا الأميركية أسَّسها مهاجرون أو أبناء مهاجرين. فهل فعلاً تريد أن تعاقب هؤلاء الأشخاص على ما يفعله ترمب؟ يجب أن نتذكر دائماً أن الولايات المتحدة دولة كبيرة جداً، في حين أن أغلب الأميركيين لا يحبون ترمب.

ثانياً: ترمب خسر في الولايات الحاضنة لشركات التكنولوجيا

تقع أغلب شركات التكنولوجيا في ولاية كاليفورنيا، على غرار أبل وفيسبوك وجوجل وإنتل وغيرها من الشركات، في حين أن بعضها الآخر يتمركز في ولاية واشنطن مثل أمازون ومايكروسوفت.

وقد خسر ترمب بكلتا الولايتين في الانتخابات الرئاسية بفارق كبير. وتستهدف الدول، التي ترغب في الانتقام جراء التعريفة الجمركية الأميركية الجديدة، منتجات قادمة من الولايات التي تدعم ترمب.

لذا قاطِع الولايات الحمراء.. حيث ربح ترمب

على سبيل المثال، قررت الصين فرض رسوم جمركية على فول الصويا، أما الاتحاد الأوروبي فقرر أن تكون الرسوم الجمركية على شركة Harley-Davidson المصنِّعة للدراجات النارية، وشركة Levi's لصناعة الجينز وكذلك شركة Bourbon whiskey.

ومن ثم، بدلاً من مقاطعة المنتجات التكنولوجية، يمكنك مقاطعة كل ما يتم تصنيعه في "الولايات الحمراء" المساندة لترمب. في هذا الصدد، اقترحت صحيفة "Financial Times" مقاطعة زبدة الفول السوداني.

نبدأ بالأجهزة.. ابحث عن مكان التصنيع والجمع قبل قرار المقاطعة

تُصنع العديد من معدات الحاسوب بالصين، وأغلبها في الشركات التايوانية. وبغض النظر عن العلامة التجارية للحاسوب الذي تعتزم شراءه، فغالباً سيكون عتاده صُنع في شركات مثل Quanta, Compal, Pegatron, Inventec, Foxconn. في الأثناء، تقع شركة أبل وشركة "HP" بولاية كاليفورنيا، في حين تقع شركة Dell بولاية تكساس. ويوجد مقر شركتي Asus وAcer في تايوان، أما Lenovo فهي شركة صينية.

ولكن يمكنك القيام بما هو أفضل من مجرد مقاطعة هذه الشركات، حيث تستطيع شراء حاسوب تم تجميعه في شركات بريطانية، على غرار شركة Zoostorm أو شركة Chillblast، علماً أن أغلب أجزاء ذلك الحاسوب صُنعت في الصين.

تعد "إنتل" لصناعة معالجات الحاسوب الدقيقة شركة أميركية، ولكنها تصنع تلك المعالجات أيضاً في إيرلندا وإسرائيل، وتمتلك عدة مصانع بالصين.

أما المنافس الآخر لشركة إنتل، فهي شركة AMD، وهي أميركية أيضاً. ولكن بعض منتجاتها تُصنع في شركة "TSMC" التايوانية لصناعة أشباه الموصلات، أو بشركة سامسونغ الكورية.

كما يمكنك شراء حاسوبك بمعالج من طراز "ARM"، وهو عبارة عن تصميم بريطاني أنتجته شركة Acorn، التي صنعت الحاسوب المعروف "BBC Microcomputer". وقد اشترت مجموعة SoftBank المصرفية اليابانية تلك الشركة في سنة 2016.

ثم البرمجيات.. للأسف لا مفر من استخدامها إلا قليلاً

لا يمكنك الاستغناء عن أنظمة التشغيل الأميركية، على غرار نظام "ويندوز" لشركة مايكروسوفت أو Mac IOS الذي صممته شركة أبل، أو نظام أندرويد لشركة جوجل، حيث تعد جميع أنظمة التشغيل أميركية الصنع.

وحتى نظام تشغيل توزيعة برمجيات بيركلي أو "BSD"، الذي يعتبر أحد إصدارات نظام التشغيل "يونكس-Unix"، فقد وقع تطويره بجامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي.

وفي حين أن نظام التشغيل GNU/Linux غالباً ما يُعرف على أنه أميركي، فإن فكرته بدأت في فنلندا على يد مهندس البرمجيات لينوس تورفالدس. وعلى الرغم من ذلك، انتقل تورفالدس إلى الولايات المتحدة منذ سنوات، وقد أصبح الآن مواطناً أميركياً. ولحسن الحظ، هناك بعض الإصدارات من نظام التشغيل "لينكس" ليست أميركية، مثل إصدار Ubuntu الذي طورته الشركة الإنكليزية Canonical.

فهناك خيارات أوروبية بديلة

وقد أسس شركة "Canonical" وموَّلها رجل الأعمال الجنوب إفريقي، مارك شاتلوورث، ويقع المقر الرئيسي لها في لندن. ولكن ينبغي ألا ننسى أن إصدار Ubuntu يعتبر تطويراً لإصدار Debian Linux، الذي يعد إصداراً أميركياً. وقد طُوِّر إصدار SUSE Linux في ألمانيا، إلا أن شركة "Novell" الأميركية نسبته لنفسها، وبعد ذلك باعته لشركة Micro Focus البريطانية. ومؤخراً، تم بيعه مرة أخرى إلى شركة EQT Partners السويدية، التي تعتبر مجموعة مساهمة خاصة. عموماً، يعتبر ذلك الإصدار من "لينكس" إصداراً للمؤسسات وليس نسخة استهلاكية.  

بطبيعة الحال، يعد Microsoft Office أميركياً، في حين تعتبر البرمجيات المكتبية LibreOffice ذات أصول أوروبية، حيث كُتب جزء من شيفرتها الأساسية في أوروبا. وقد بدأ استخدام تطبيق StarWriter في ثمانينيات القرن الماضي بألمانيا، وبعد ذلك ظهر على أجهزة الحاسوب التي تنتجها شركة Amstrad البريطانية.

وفي سنة 1999، اشترت شركة Sun Microsystems الأميركية إصدارات Star، وبعد ذلك بسنة جعلت شيفرة StarOffice مفتوحة المصدر.

وأدى ذلك في النهاية، إلى ظهور OpenOffice، الذي كان إصداراً سيئاً للغاية. وفي سنة 2011، نشأت تطبيقات مكتبية منشقة عن OpenOffice، أُطلِق عليها LibreOffice، والتي تعتبر أفضل بكثير.

وأخرى صينية باشتراكات سنوية

كما يمكن استخدام البرنامج الذي طوَّرته شركة "Kingsoft"، أي "WPS Office" على اعتباره بديلاً آخر. تعد "Kingsoft" شركة صينية الأصل تُعنى بتقديم خدمات مجانية (مع خاصية الإعلانات)، واشتراكات (تبلغ أقساطها السنوية نحو 29.99 دولار) وإصدارات مسبقة الدفع (مقابل 79.99 دولار)، وهي عبارة عن حزمة من برمجيات مكتبية مكونة من 3 أجزاء، مشابهة تماماً لإصدارات "مايكروسوفت".

يمكنك أيضاً استخدام متصفح "Opera " أو "Vivaldi"، ويعد كلاهما من بين المتصفحات الجيدة. وقد شارك في تطوير كل منهما المبرمج الآيسلندي جون فون تيتزشنر، بالنرويج. في الوقت الراهن، باتت إحدى المجموعات الصينية تدير متصفح "Opera". وعلى غرار العديد من المتصفحات البديلة، يعتمد كل من متصفح "Opera" "وفيفالدي" على شيفرة مفتوحة المصدر تابعة لمتصفح "جوجل كروم".

وأخيراً الخدمات.. يمكن تغيير الإيميل ومواقع الخرائط وحتى الموسيقى

يمكنك دوماً الانتقال إلى استخدام خدمات بريد إلكتروني ليست مطوَّرة في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، يمكنك اعتماد الخدمة الألمانية "GMX Mail"، أو خدمة "Fastmail"، التي يقع مقرها الرئيسي في أستراليا.

كما ستمدُّك خدمة "Here WeGo" بخرائط رائعة. وقد طوَّرت هذه الخدمة شركة "نوكيا" عقب استحواذها على شركة "Navteq" الأميركية، التي أصبحت تدار من أمستردام. كما تعد خدمة بث الموسيقى، التي تُعرف "بسبوتيفاي"، في المتناول، حيث طُورت أيضاً في السويد.

استبدل واتساب بـ"Line" وجوجل بـStartPage

أما بالنسبة للمراسلة، فيمكنك اعتماد تطبيق "لاين"، الذي تديره شركة يابانية تابعة لإحدى شركات الإنترنت الكورية الجنوبية، كبديل آخر. وبالنسبة للأشخاص الذين يتمتعون بذاكرة قوية، فلا يزال برنامج "آي سي كيو" نشطاً. طُوِّر هذا البرنامج في إسرائيل، ثم بِيع لشركة "AOL" بالولايات المتحدة، أما الآن فأصبح تابعاً لعملاق الإنترنت الروسي "Mail.Ru".

فضلاً عن ذلك، يمكنك محاولة استبدال محرك البحث "جوجل" بمحرك البحث الوصفي "StartPage"، الذي يضمن لك الخصوصية. وتم تطوير هذا المحرك في نيويورك، ليقع شراؤه لاحقاً من قبل شركة "Ixquick"؛ ومن ثم من قِبل إحدى الشركات الهولندية. ومع ذلك، يستمد "StartPage" نتائج البحث الذي يجرى على صفحته من محرك "جوجل".

من جهة أخرى، يمكنك تجربة أي من محركات البحث التالية، "Yandex" أو "Qwant" أو "Swisscows". وتعد "ياندكس" شركة روسية متعددة الجنسيات مدرجة ضمن بورصة "ناسداك". أما Qwant، فهي شركة فرنسية، في حين أن شركة Swisscows سويسرية الأصل. ويعتمد كلاهما محرك البحث التابع لشركة مايكروسوفت "Bing"، في العديد من عمليات البحث التي يقوم بإجرائها، على الرغم من أن فون تيتزشنر أكد أن "Qwant" يعد "أول محرك بحث أوروبي يقوم بتطوير تقنية فهرسة الويب الخاصة به".

أما مواقع التواصل الاجتماعي.. فبديلها روسي وصيني!

يصعب إيجاد بديل مناسب لخدمات المواقع الاجتماعية. لكن، يمكنك اللجوء إلى "Vkontakte"، وهو موقع روسي تديره شركة "Mail.Ru" أيضاً. كما يمكنك اللجوء إلى المنصة الاجتماعية "Taringa!"، التي تم إطلاقها في الأرجنتين، والتي تحظى بشعبية واسعة في الأوساط الناطقة باللغة الإسبانية. وفي حال كنت تتقن اللغة الصينية، ستجد العديد من الخيارات.

تكمن المشكلة الحقيقية في أنه حتى وإن تمكنت من تجاوز حواجز اللغة، فمن غير المرجح أن يستخدم أفراد عائلتك أو أحد من أصدقائك أياً من هذه الشبكات الاجتماعية؛ نظراً إلى كونهم يفضِّلون استخدام الفيسبوك أو/وإنستغرام.

في الصين الحاجة أُمُّ اختراع كل شيء

خلف جدار الحماية العظيم، تمكنت الشركات الصينية من استنساخ أو تحسين الخدمات التي تقدمها الشركات الأميركية. والآن، تتصدر 3 شركات صينية قائمة كبرى 10 شركات إنترنت في العالم، حيث تعد كل من شركة بايدو، وAlibaba، وTencent نظيراً لجوجل وأمازون وفيسبوك على التوالي.

كما يوشك أن يصل مجموع قيمتها السوقية إلى تريليون دولار. ومع ذلك، لا تتمتع هذه الشركات سوى بعدد قليل نسبياً من المستخدمين في كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، باستثناء الطلاب والسائحين الصينيين.

في حال كنت تتحدث الصينية، يمكنك عندئذ استبدال محرك جوجل بـ"بايدو". إلى جانب تشغيل ثاني أكبر محرك بحث في العالم، توفر "بايدو" متصفحاً وشريطاً للأدوات، بالإضافة إلى خرائط، وخدمة التخزين السحابي، وشبكة اجتماعية ("Baidu Space").

فضلاً عن تشغيلها خدمة بث الموسيقى والعديد من الخدمات الأخرى. إلى جانب ذلك، توفر "بايدو" مساعداً شخصياً ذكياً (يُعرف باسم "Baidu Duer")، كما أن الشركة بصدد العمل على تطوير سيارة ذاتية القيادة.

"علي بابا" بمواجهة Amazon وebay.. استفِد من المنافسة

تعد شركة Alibaba نظيراً ومنافساً لكل من Amazon ،eBay وPayPal. وتحظى الشركة باثنين من الأسواق الإلكترونية الضخمة عبر الإنترنت؛ ألا وهما "Taobao" "وTmall"، بالإضافة إلى AliExpress للمستخدمين الدوليين. كما تدير خدمة دفع "AliPay"، وخدمة بريد إلكتروني ومراسلة، فضلاً عن سحابة والعديد من الخدمات الأخرى.

أما شركة Tencent، فهي عبارة عن تكتل عملاق انطلق عبر خدمة رسائل مستوحاة من برنامج ICQ (تُعرف باسم QQ)، التي تدير حالياً تطبيق WeChat، وهو تطبيق متعدد الوظائف تم تطويره في الصين. وتشمل عروضها خدمة مطابقة لـ"تويتر" (Tencent Weibo)، وشبكة اجتماعية (Qzone)، بالإضافة إلى محرك بحث ومتصفح، وخدمة دفع رقمية (Tenpay)، وبنك على الإنترنت (WeBank)، فضلاً عن أكبر خدمة بث موسيقي في الصين. كما تشمل ألعاب الفيديو التي قامت بتطويرها لعبة WeGame، وLeague of Legends، إلى جانب مشغل ألعاب فيديو يعمل على برنامج Windows 10.

وعكس غيرها، تقدِّم Tencent تطبيق QQ International لمستخدميها الدوليين. كما يمكنك تنزيل تطبيقات WeChat على هواتف Android وApple الذكية، على الرغم من أن تعليقات المستخدمين الأخيرة تشير إلى أن التطبيق قد لا يستحق عناء التجربة. ولا يزال أمام Tencent أشواط طويلة قبل أن تتمكن من اكتساح السوق البريطانية.

علامات:
تحميل المزيد