إذا تسرّبت، كارثة.. فكيف إذاً يتم حماية مكالمات الرؤساء وتبادل المعلومات الحساسة من التجسس والقرصنة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/15 الساعة 06:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/15 الساعة 06:51 بتوقيت غرينتش
Big boss president calling behind desk with american flag in the background.

نسمع كثيراً في نشرات الأخبار اتصالاً هاتفياً بين إثنين أو أكثر من الرؤساء أو كبار المسؤولين في بلدان مختلفة، وتكشف وسائل الإعلام أحياناً بعض تفاصيل المكالمات أو يتم تسريب بعضها، لكن كيف تجري هذه الإتصالات بطريقة يفترض أن تكون آمنة؟

يجبر رؤساء الدول على تبادل معلومات سرية فيما بينهم، ويمكن أن تكون للمحادثات الهاتفية البسيطة نتائج دبلوماسية أو اقتصادية أو سياسية مختلفة. ولكن إذا تسربت البيانات أو نجح قراصنة الويب في مراقبة هاتف أحد القادة، فإن تداعيات ذلك يمكن أن تكون دراماتيكية، حسب صحيفة Le figaro الفرنسية.

ويولي الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، أهمية كبرى لحماية هاتفه الذكي. فخلال سنة 2017، كان ترمب يستعمل هاتف samsung galaxy ace 3، الذي لم يتم تحديثه منذ سنة 2015.

ومع نهاية شهر مايو/أيار، ذكرت مجلة "Politico" أن الملياردير الأمريكي رفض الامتثال لبروتوكول تفتيش جهاز الآيفون الخاص به، حيث كان يملك حينها هاتفين، الأول مخصص لتغريدات تويتر، والآخر لمكالماته الهاتفية.

وأثار هذا القرار قضية "حماية اتصالات ومكالمات الرؤساء والحكومات من القرصنة"، فما هي التدابير المتخذة لتجنب التعرض لمخاطر التنصت والقرصنة؟

وعملت صحيفة "Le Figaro" الفرنسية في هذا التقرير على توضيح التهديدات المحدقة بهواتف زعماء العالم وكيفية حمايتها من التجسس الذي يبدو رهانا صعبا.

بخصوص هذا الأمر، أوضح كاتب الدولة المكلف بالرقميات في فرنسا، منير محجوبي، لصحيفة le Figaro أن "أغلب الهواتف التي نستعملها اليوم هي إما صنع أمريكي أو صيني. وعلى الرغم من أن المشغلين فرنسيين، إلا أنه لا يمكننا أن نعرف بالضبط ما يفعله مصنعو الهواتف في منتجاتهم".

وأضاف محجوبي "لا يمكننا تحمل أي غموض في هذا المجال، لاسيما فيما يتعلق بمسألة تبادل المكالمات على مستوى الدولة".

آمنة لكنها ليست عملية

تكتسب عملية تشفير الاتصالات من وقت لآخر أهمية قصوى لدى رؤساء الدول، وعلى الرغم من أن المصنعين قد طوروا أجهزة آمنة للغاية، إلا أنها تعد متأخرة بعض الشيء مقارنة ببيئة العمل.

ففي الولايات المتحدة، طورت شركة Boeing منتجها Boeing Black وهو هاتف ذكي بشاشة تعمل باللمس، مزود بتقنية التدمير الذاتي إذا وقعت مشكلة.

وفي فرنسا، أصدرت مجموعة Thalès هاتفها الصدفي المؤمن.

وقد طلبت الإدارة العامة للجيوش الفرنسية 14.140 نسخة من هذا الهاتف عقب إصداره. و

من بين مميزات هذا الجهاز أنه قادر على ربط الاتصال بشبكة الاتصال الهاتفي والفاكس تحت مسمى "Rimbaud" (الشبكة الأساسية المشتركة بين الوزارات الموحدة فيما بينها) التي تجمع ما لا يقل عن 4500 مشترك داخل الوزارات.

بين سنتي 2006 و2017، كان جاك شيراك ونيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند يستعملون هذا الجهاز الذي يحافظ على النمط القديم، إلى جانب هواتفهم الشخصية.

تأمين الهواتف الذكية على نطاق واسع

يبدو أن تأمين أجهزة المستخدمين هو الحل الأفضل للرؤساء والقادة.

واستعمل باراك أوباما جهاز بلاك بيري مجهز ببرمجية SecurVoice. ولكن لسوء حظه، بعد أن ولى عهد البلاك بيري، استغرق أوباما عدة سنوات حتى يتمكن من إتقان استعمال جهاز الأندرويد  وجهاز الآيفون.

صرح باراك أوباما في برنامج "Tonight Show" بأنه "بعد أن سلموني الهاتف، أخبروني بأنه لا يمكنني التقاط الصور، ولا كتابة الرسائل أو إرسالها لأسباب أمنية. كما أكدوا لي أن الهاتف معطل وغير صالح الآن، ولا يُمكنني أن أنزل عليه مقاطع موسيقية. بعبارة أخرى، كان هذا الهاتف شبيها بذاك الذي يمتلكه أطفال الثلاث سنوات …".

لقد اتبع نفس الخيار مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عند وصوله إلى الإليزيه.

ومُنح هاتفا من نوع Samsung Galaxy S7 Edge، مزودا بنظام حماية Orange Cyber Defense، ومجهز بتقنية CryptoSmart التي طورتها شركة Ercom بالاشتراك مع مختبر سامسونج للأبحاث والتطوير.

وأفاد منير محجوبي بأن "جميع الوزراء مزودون بهواتف محمولة آمنة، تحتوي على تطبيقات مشفرة. وتم التصريح لهذه التقنية التي طورتها شركة Ercom من طرف الوكالة الوطنية لحماية الأنظمة المعلوماتية".  

لا يمكن للرئيس الفرنسي مشاركة صور هاتفه أو تجربة لعبة Candy Crush Saga الجنونية، وقد خُصص هاتفه فقط للتواصل بشكل آمن، حيث يتم تشفير تبادل الرسائل الصوتية أو القصيرة من حين إلى آخر عن طريق مفتاح تشفير وحيد. أما في حال ضياع الهاتف أو سرقته، فيمكن لشريحة خاصة موجودة تحت غطاء الجهاز تدمير البيانات عن بُعد.

وضع بروتوكولات الأمان

مع ثلاثين مسؤولاً في أمانة الدولة للشؤون الرقمية، يجري حاليا اختبار بريد إلكتروني مشفر مطور من قبل الحكومة.

ويهدف هذا المشروع إلى استبدال استخدام النواب والوزراء لتطبيقي تليغرام الروسي والواتساب الأمريكي. ومن المتوقع أن يتم الكشف عن بريد حكومي جديد خلال هذه الصائفة. وبيَن منير محجوبي أن "هذا البريد لم يكن مكلفا أبدا، لأنه يستخدم المصدر المفتوح.

وتطلب تحسين دليل استخدام هذا البريد بضع ساعات من العمل من قبل مطورين من داخل الحكومة".

كما صرح منير محجوبي بأنه يتم "التوجه بشكل منتظم للغاية إلى الإدارة العامة للأمن الداخلي لضمان عدم تعرض هواتفنا للاختراق". بالإضافة إلى ذلك، تفرض مصالح الأمن الداخلي "تدابير أمنية مشددة، حين يزور رئيس الدولة أو الوزراء أو مستشاريهم بلدانا معينة. ويُطلب منا أحيانًا عدم حمل هواتفنا معنا والمغادرة بجهاز مؤمن للغاية توفره لنا الدولة.

وتتبع الحكومات في الصين أو إسرائيل، سياسة عقاب ورقابة صارمة للغاية على مجال الاتصالات".

وعلى الرغم من الصيت الذي تحظى به الهواتف الذكية ذات الشعبية الواسعة بين صفوف قادة العالم، إلا أن استخدامها محظور حين يتعلق الأمر بالملفات الحساسة.

ويُفيد منير محجوبي بأنه "بالنسبة للمواضيع ذات صلة بمجال الدفاع السري، فلا يُمكن تبادل أي معلومة عبر الهواتف المحمولة الخاصة بالوزراء أو مساعديهم. لهذا السبب، نواصل استخدام الهواتف الثابتة والأجهزة الذكية المتقدمة للغاية والشبكات الداخلية".