ألعاب الفيديو تصاب هنا بالجنون: الصالات العملاقة تستقبل لاعبي “فورتنايت” وتنقل مبارياتهم في بث مباشر للملايين 

حرف L على الجبين مع رفع القدمين يمنة ويسرة، هل شهدت مؤخراًهذه الرقصة الغريبة من أعضاء فريقك الرياضي المفضل على الملعب؟ إنها رقصة الانتصار في لعبة فورتنايت

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/18 الساعة 09:28 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/18 الساعة 09:36 بتوقيت غرينتش

كانوا 4 آلاف شخص في حالة بهجة مجنونة. 

كانوا ينقرون بسرعة رهيبة على أجهزة التحكم ويصرخون بين الفينة والأخرى على الشاشات، بينما كانت قنواتهم على "لايف ستريم" تبث أحداث المباراة لحظة بلحظة؛ ليتابعهم عشرات الآلاف.

بالتوازي مع هذا المشهد، كانت أكياس البطاطس توزَّع والمشروبات الباردة وغيرها من الوجبات الخفيفة لتلبية شهية المتنافسين المتوترين. عالم متكامل من التسلية والترفيه يشرف عليه رجال أعمال ولاعبون سابقون.

كانت ليلة الافتتاح بأوكلاند في أميركا لصالة رياضة إلكترونية جديدة أو esport arena.

شاشات كبيرة ونقل حي وأجواء مثيرة

الرئيس التنفيذي لشركة Allied Esports، وهو مستثمر في Esports Arena، جاد هانيجان، البالغ من العمر 36 عاماً قال إن متوسط عمر اللاعبين هو 25 عاماً، ولم يكونوا مراهقين في الثالثة عشرة من العمر،كما توقع الجميع.

ملأ الحاضرون صالة كبيرة بأرضية مرتفعة لإخفاء مئات الأسلاك، صُممت بشكل مرن لتضم شاشات كبيرة مسرحية للبطولات وأخرى عادية للاعبين أكثر.

وعلى المسرح المتلألئ في أحد جوانب الصالة، جلس اثنان من أفضل اللاعبين للمنافسة، وسط تهليل الجمهور وتعليق المعلقين؛ بل وضع القائمون على المكان ماكينات نفث دخان؛ لإضفاء جو من الحماسة والإثارة.

ومن الغرف الخلفية للصالة، أدار 6 أشخاص استوديو الإنتاج لبث اللعبة مباشرة على شاشات كبيرة، وضمن ذلك، الصوت والإضاءة والرسوم الغرافيكية والقطع المباشر والإعادة الفورية.. تماماً وكأنها مباراة كرة قدم.

وتوجُّه لتحويل المباني القديمة إلى مشاريع استثمارية

هيرب بريس، البالغ من العمر 77 عاماً، هو من صمَّم الصالة، وهي أول صالة للرياضة الإلكترونية له، ولم يكن متأكداً مما يتوقعه من الزبائن. بريس يعمل حالياً على تحويل مبنى تاريخي، مكون من 4 طوابق في سياتل، إلى صالة للرياضات الإلكترونية، بعد النجاح الكبير في أوكلاند، طبقا لتقرير نشرته New York Times.

يأتي الكثير من ذلك الهوس من لعبة واحدة هي فورتنايت  Fortnite

ما هي لعبة فورتنايت؟

حرف L على الجبين مع رفع القدمين يمنة ويسرة، هل شهدت مؤخراً هذه الرقصة الغريبة من أعضاء فريقك الرياضي المفضل على الملعب؟ إنها رقصة الانتصار في لعبة فورتنايت.. شاغلةُ الدنيا الواقعية والافتراضية.

الحديث عن هذه اللعبة تخطى كونها مجرد قصة نجاح أخرى أو لعبة فيديو ذائعة الصيت؛ بل أصبحت اللعبة التي ستنقذ عالم الترفيه والسينما بمشاهيرها المحترفين ونجومية اللاعبين الذين انضموا إلى هذه الصيحة.

هي مزيج من ألعاب البناء والقتال والبقاء على قيد الحياة في لعبة واحدة. يتنافس فيها اللاعبون بشكل فردي أو جماعي، وقد يصل الأمر إلى منافسة مدينتين، وربما بلدين في المستقبل!

وحتى هذه اللحظة، أمضى اللاعبون على موقع Twitch أكثر من 451 مليون ساعة، خلال العام الماضي (2017) فقط، يراقبون أشخاصاً آخرين يلعبون فورتنايت.

بدأت اللعبة على الأجهزة المتعارفة مثل "بلاي ستيشن" و"إكس بوكس" وغيرها، تتيح للاعبين داخل مكان وزمان واحدٍ التواصل والمخاطبة عبر الميكروفون، ويحق لصاحب الساحة أن يطرد من يشاء ويضم من يشاء. يتم التنافس والقتال لينتصر مقاتل واحد في نهاية المطاف.

صالات الفورتنايت تنقذ مراكز التسوق

هذا على المستوى الفردي. أما على مستوى أشمل وأكبر، فأصبحت اللعبة تجمع الآلاف في ساحة قتال واحدة؛ ما دفع بعض أصحاب الرؤى الاستثماريين إلى تجهيز صالات كبيرة بالشاشات والأجهزة؛ ليتمكن الحاضرون من اللعب جنباً إلى جنب. أصبح اللعبون هم النجوم الجدد، والألعاب هي -بطريقة أو بأخرى- الأفلام الجديد.

هذه الظاهرة بدأت بأميركا، وتعد محاولة لإنقاذ مراكز التسوق الكبرى، التي تعرضت في الفترة الأخيرة لتراجع عدد المتسوقين، لأسباب عدة؛ منها مثلاً، تراجع القوة الشرائية وانتشار مفهوم التسوق أونلاين؛ إذ بدأ أصحاب المراكز بإعطاء التراخيص لإنشاء هذه الصالات بدلاً من فتح متاجر بقالة جديدة أو حانات.

لا يقتصر الأمر على لعبة فورتنايت وإن كانت تفوقت على غيرها. فمثلاً، تزداد شعبية بطولات ألعاب الفيديو الاحترافية مثل League of Legends.

ويشاهد عدد كبير من المهتمين البث المباشر للاعبين وهم يلعبون (حطمت لعبة فورتنايت الرقم القياسي في ذلك)، ويدخلون على موقع يوتيوب للحصول على محتوى مسلٍّ يرتكز على أداء مشاهير اللاعبين، بدلاً من مشاهدة الأفلام أو المسلسلات.

تَلَقَّى محتوى لعبة فورتنايت وحده 2.4 مليار مُشاهدة على موقع يوتيوب خلال شهر فبراير/شباط 2018فقط، وفقاً لموقع Tubular Insights. لذلك، فإن من يحب ممارسة ألعاب الفيديو يحب أيضاً مشاهدة الآخرين يتنافسون عليها والتعلم منهم.

لأن المتعة في اللعب جنباً إلى جنب وليس فقط من المنزل

في أميركا، على سبيل المثال، يبلغ عدد اللاعبين 150 مليون لاعب، يريدون الخروج من منازلهم والجلوس بعضهم بجانب بعض، متلاصقين، ومتقاربي وحدات التحكم أو أجهزة الريموت. كما يودون أن تكون الإضاءة هادئة، وأن تقدَّم وجبات خفيفة؛ بل الأكبر سناً يرغبون في بعض المشروبات الكحولية، ويرغبون في حانات متكاملة مليئة بالمشروبات؛ لأنهم لم يعودوا مراهقين.

السينما لم تعد مكاناً كافياً للتسلية

في عام 2017، وصلت نسبة مشاهدي السينما إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاماً، في حين بلغ عدد المشاهدين الذين انضموا إلى مشاهدة مغني الراب الكندي دريك وهو يلعب فورتنايت 638 ألف شخص.

 

ويدور نقاش حالياً حول تضمين ألعاب الفيديو بأولمبياد باريس في عام 2024 كرياضة معترف بها، وفق ما نشرته صحيفة The New York Times.

الخبيرة في تحويل هذه الألعاب إلى أرباح صافية

لا يكتمل الحديث عن ألعاب الفيديو دون التطرق إلى Faze Clan، وهي منظمة أميركية للرياضة الإلكترونية تتنافس في الألعاب Call of Duty، وCounter-Strike: Global Offensive، وOverwatch، وPlayerUnknown's Battlegrounds، وTom Clancy's Rainbow Six Siege، وFIFA، وFortnite Battle Royale.

يتعدى عملها نطاق المنافسة إلى استثمار مهارات لاعبيها المحترفين لإنتاج فيديوهات تنتشر بسرعة على شبكة الإنترنت لتحقق أرباحاً. وطبعاً، لعبة فورتنايت تطغى على إنتاجهم في الفترة الحالية. مثل هذا الفيديو عن "احذر هذه الرقصة" والمستوحى طبعاً من رقصات شخصيات فورتنايت الافتراضية.

لذا، فإن مهمة لاعبي FaZe Clan أن يكونوا لاعبين ممتازين، وأن يذيعوا بثاً حياً لألعابهم، وأن يشاركوا العديد من مقاطع الفيديو الخاصة بألعابهم. هدف يوم عملهم هو الخروج بـ3 أو 4 مقاطع فيديو.

وقال جيمي جيلينك، المدير التنفيذي في FaZe Clan، ومسؤول محتوى سابق بـPlayboy: "سيقوم جيف (أحد اللاعبين) بعمل 5 مقاطع فيديو ممتازة لهواة ثم يصرخ في الميكروفون، ينجح هذا بشكل جيد للغاية".

وأوضح: "لا تؤدي الصناعة مهمتها بشكل جيد، الأفراد الذين يماثلونني في العمر أو أكبر -والذين يسيطرون على الكثير من روح العصر- ما زالوا يعتقدون أن اللاعبين هم أشخاص غرباء الأطوار".

"نملأ فراغاً لا يعرف الناس أنه موجود"

أما مالك FaZe Clan لي ترينك، والبالغ من العمر 50 عاماً، فيقول: "إن تجربة الألعاب غنية جداً وبالغة العمق، فهي تفي بالوعد، في حين لم تفلح الأفلام على نحو متزايد في الوفاء بالوعد، نحن ننشئ نشاطاً تجارياً يملأ فراغاً لا يعرف الناس حتى بوجوده".

ويرى ترينك اللاعبين الذين يبثون لعبهم مباشرةً كنوع جديد تماماً من الترفيه السائد. ومثل كل جيل من مقدمي وسائل الترفيه، سيحتاجون إلى قصورهم الخاصة.

الألعاب الجماعية تعيد المجتمع من جديد إلى حالة التواصل

وإلى جانب الأسباب الاجتماعية، توجد أسباب عملية تدفع اللاعبين إلى زيارة هذه الصالات. فالألعاب متطورة ومُعقدة للغاية، لدرجة أنها يمكن أن تكون حِملاً زائداً على وصلات المنزل.

وتسبَّب منقِّبو العملات الإلكترونية في ارتفاع سعر المعدات الجيدة، مثل كروت الغرافيك التي يستخدمها اللاعبون لزيادة سرعة معالجة حواسيبهم.

قال لويجينو جيغانتي، البالغ من العمر 27 عاماً، والذي افتتح مركز ألعاب يُدعى Waypoint Cafe على الجانب الشرقي الأدنى من نيويورك أواخر العام الماضي (2017): "نحن نشهد ولادة الألعاب الاجتماعية، التي تعيد المجتمع للعب مرة أخرى. ويمكن تلخيص الأمر بأننا ما زلنا نلعب بشكل منفصل، لكننا معاً".