تحديث "ويندوز 10" الأخير قد يكون مملاً ولا يتضمن ابتكارات أو تطويرات جذرية، لكن البعض يرى أن شركة مايكروسوفت Microsoft يجب أن ينتابها بشعور رائع تجاه نفسها بسبب هذا التحديث.
فالتحديث الجديد يعالج إلى حدٍّ كبير المشكلات التي نتجت عن التطور في التطبيقات، الأمر الذي جعلها مربكة ومرهقة أحياناً، في حين أن التحديث يسعى للتبسيط، وهذه نقطة تفوقه على أهم منافسيه، كما يشير بيت باشال المحرر المتخصص في أخبار التكنولوجيا في تقرير نشره موقع Mashable الأميركي.
وأعلنت شركة مايكروسوفت عن توفر آخر تحديث لنظام تشغيل ويندوز 10، ويُطلق عليه اسم تحديث ويندوز 10 لشهر أبريل/نيسان 2018 – Windows 10 April 2018 Update.
وكان آخر تحديثين صدرا لنظام التشغيل ويندوز أطلق عليهما تحديث Windows 10 Creators Update (الذي أُعلن عنه في أواخر العام 2016، وصدر رسمياً في أوائل العام 2017)، وتحديث Windows 10 Fall Creators Update (صدر في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2017).
ويتضح من اسميهما تماماً ما هو القصد من تلك الإصدارات، فقد عزَّز كلاهما من أدوات البرامج اللازمة للمبدعين ومنشئي المحتوى، سيما أولئك الذين يعملون في الرسوم الحاسوبية ثلاثية الأبعاد 3D.
ولكن التحديث الأخير يبدو أنه سيحظى بامتنان جمهور مختلف.
تحديث موجَّه للأغلبية التي ظلَّت تعاني في صمت
"قرصنة الانتباه" هذا ما يدور حوله هذا التحديث، حسبما قال يوسف مهدي، نائب مدير شؤون المؤسسات لدى مجموعة ويندوز والأجهزة في شركة مايكروسوفت، أثناء جلسة إحاطة عقدت مع الشركة.
إذ قال يسعى هذا التحديث لتحقيق الميزات التي توفر لك المعلومات التي تريدها بشكل أسرع.
ولكن كاتب التقرير يرى أنه رغم أن هذا هدف عادل بما فيه الكفاية، إلا أنه بعد استخدامه نظام التشغيل هذا لبضعة أسابيع على كمبيوتر محمول من نوع سيرفس لابتوب Surface Laptop، فإنه يعتقد أن تحديث ويندوز 10 أبريل/نيسان 2018، يركز أكثر حول اللحاق بالركب.
فمن الواضح أن معظم الميزات الجديدة هي محاولة لتقديم ما هو متاح بالفعل على نظام تشغيل ماك أو إس MacOS، الذي تطوره وتسوّقه شركة آبل Apple. أي جعل نظام تشغيل ويندوز 10 أكثر اكتمالاً واستقراراً وقابليةً للاستخدام.
ولهذا السبب يجب أن تشعر شركة مايكروسوفت بشعور رائع تجاه نفسها، أو بالأحرى تجاه ويندوز 10، حسب الكاتب.
فالشركة رأت أنه ليس هناك حاجة إلى إجراء بعض التحديثات الجذرية التي تقدم الكثير من الميزات التي لا يريدها المستخدمون، إذ يبدو أنها استفادت من أخطاء أكبر منافسيها.
ففي حين عانت أجهزة كمبيوتر آبل من تراجع متزايد مؤخراً (فقد انخفض تقييم أجهزة ماك بوك برو MacBook Pros التي صدرت في الفترة الأخيرة في تصنيف المراجعين) بسبب قيامها بذلك، فإن أجهزة الكمبيوتر التي تعمل بنظام تشغيل ويندوز تحظى بثناء وافر مرة أخرى، ويُعزى الكثير من ذلك إلى صقل ويندوز 10.
فرغم أن تحديث ويندوز 10 الأخير تدريجي، لكنه يضيف بعض الميزات المطلوبة بشدة، إليك أبرزها:
1- ميزة دعم التركيز Focus Assist: أخيراً يمكنك التخلص من مصدر الإزعاج الأكبر
أخيراً يمكن استعادة البساطة في حياتك، والتخلص من واحدة من أكثر الأشياء إزعاجاً عندما تجلس على جهازك.
فقد تكون أكثر الميزات التي سيُعجب بها المستخدمون على الأرجح هي ميزة Focus Assist.
فإذا كنت مثل الجميع تقريباً، أصبحت تكره مربعات الإشعارات الصغيرة التي تقاطعك على مدار اليوم، يمكنك استعادة الانسيابية إلى حياتك، من خلال إزالة مصادر الإزعاج والارتباك عند محاولة العمل أو الاسترخاء باستخدام هذا الوضع من خلال إعدادات ويندوز.
تتيح لك خاصية Focus Assist الاختيار من بين ثلاثة أوضاع:
1- إيقاف: تعمل الإشعارات بشكل طبيعي.
2- الأولوية فقط: تحصل فقط على الإشعارات من التطبيقات التي أدرجتها في القائمة البيضاء.
3- الإنذارات فقط: لا تحصل على أي إشعارات باستثناء الإنذارات فقط.
باستثناء الوضع رقم 3، فالبقية في الواقع مجرد ادعاء، حسب بيت باشال، إذ لا تزال الإشعارات مستمرة في الظهور، لأنه بينما تقوم خاصية Focus Assist بعمل رائع في منع ظهور مربعات الإشعارات ذات الألوان الداكنة في الجانب الأيسر من الشاشة، فإنها لا تفعل أي شيء فيما يتعلق بإشعارات المتصفح التي تظهر في متصفح جوجل كروم Chrome.
وللأسف فإن الإشعارات التي تظهر عبر المتصفح هي حقيقة واقعة في عام 2018. وبالتالي إما أن تقوم بمنع جميع الإشعارات أو لا.
يمكنك أيضاً تعيين القواعد التلقائية لتمكين نظام Focus Assist من العمل أثناء توقيتات أو أحوال تحددها أنت، بحيث لا تتم مقاطعتك مثلاً خلال قيامك بعرض بواسطة PowerPoint.
ولكن من الأفضل أن يقوم ويندوز بتسهيل تشغيل خاصية Focus Assist عبر النقر سريعاً، على أحد مربعات الوصول السهل التي تظهر عند التمرير السريع على الحافة اليمنى من الشاشة.
2- الجدول الزمني Timeline: يوفر عمليات البحث المضنية
فجأة تكتشف أن العمل الذي تقوم به الآن يحتاج إلى إضافة من صفحة أو ملف كنت تستخدمه به قبل أيام، لتبدأ رحلة بحث مضنية.
لقد حدث ذلك لنا جميعاً: فبينما وأنت في وسط إنجاز عمل ما، قد تدرك فجأة أن العمل الذي قمت به في الأمس، أو اليوم السابق، أو الأسبوع الماضي له علاقة بما تفعله الآن. لذلك، تبدأ في تعقب صفحة الإنترنت التي تعتقد أنها ستفيدك، أو المستند المطلوب أو الأغنية المثالية.
أحياناً تُكلل محاولة البحث هذه بالنجاح، وتجد ما كنت تبحث عنه، وأحياناً أخرى تبوء بالفشل.
نظام تشغيل ويندوز يساعدك الآن على إجراء تلك العملية باستخدام خاصية الجدول الزمني Timeline.
يُمكن الوصول إلى خاصية الجدول الزمني عن طريق الضغط على زر في شريط المهام الذي يحل محل مبدّل التطبيقات الذي "يعرض" النوافذ الفردية التي تفتحها، بحيث يمكنك مشاهدة نسخٍ مصغرة منها جميعاً على الشاشة في آنٍ واحد.
لا يزال يحدث ذلك، ولكن يوجد الآن شريط تمرير على الجانب الأيمن، يتيح لك الانتقال لأسفل لعرض النشاطات التي قمتَ بها خلال الأيام والأسابيع السابقة، ويوضح لك ما كنتَ تفعله في أي يوم محدد.
إنها فكرة رائعة، وخاصة أن الزر المنزلق والملصقات الواضحة التي تدل على الأيام والتواريخ أكثر سلاسة من خاصية Time Machine، التي تقدمها شركة آبل في أجهزتها العاملة بنظام ماك (من الجدير بالذكر أنها لا تقوم بفعل الشيء نفسه، لأن الغرض الأساسي من خاصية Time Machine هو عمل نسخة احتياطية من النظام/ استعادة البيانات، لكنها أقرب خاصية منطقية لها).
ويبلغ مدى إعجاب الكاتب بخاصية الجدول الزمني إلى حد أنه يقول: لن أمانع على الإطلاق إذا سرقت شركة آبل بعض الميزات المفيدة من ويندوز 10 مثل ميزة الجدول الزمني.
يبدو أن هذه الخاصية تحابي الجادين في عملهم فقط
المشكلة أن كل ما يتم العثور عليه أثناء التمرير خلال أيام العمل الكثيرة، كانت المواقع التي يتم زيارتها باستخدام متصفح مايكروسوفت إيدج Microsoft Edg.
كما أن تطبيقات ويندوز 10 الأساسية، مثل تطبيق Deezer، الذي يتيح لك الاستمتاع بسماع الأغاني، لم تظهر في الجدول الزمني، الأمر يعد مخيباً للآمال.
في حين ظهرت تطبيقات مثل محرر نصوص وردباد Microsoft Wordpad، وتطبيق الرسام Paint، ولكن لم يظهر أي شيء آخر.
بالنسبة لأولئك الذين يستخدمون برنامج مايكروسوفت أوفيس Microsoft Office باعتباره برنامج التشغيل اليومي الخاص بهم، سوف يحبون ميزة الجدول الزمني، ولكن أي شخص يحب أن يخلط بين بيئات أنظمة العمل الخاصة به، حتى ولو قليلاً سيأسف على ما لا تقدمه تلك الميزة، بدلاً من تقدير ما تستطيع تقديمه بالفعل.
3- المشاركة مع الجوار Nearby sharing: فعالياتها مرتبطة بالزمن
يفاخر مستخدمو Apple عادة بخاصية AirDrop، والآن أصبحت Microsoft لديها خاصية Nearby sharing (المشاركة مع الجوار). ومن خلال ذلك، يمكنك مشاركة الملفات والارتباطات مع أجهزة الكمبيوتر القريبة.
ولكن أجهزة الكمبيوتر المجاورة ستحتاج أيضاً إلى تشغيل Windows 10 April 2018 Update، وبالتالي فعاليتها مرتبطة بانتشار هذا التحديث، وهو أمر سيزيد مع انتشار هذه النسخة من ويندوز 10.
4- الأوامر الصوتية: تحسنت وتوسعت ولكن الحرب الباردة يبدو أنها تؤثر عليه
طريقة إصدار الأوامر عن طريق الصوت شهدت تحسناً أو من المفترض أن تتحسن.
وفقاً لشركة مايكروسوفت، فإن خاصية إصدار الأوامر عن طريق الصوت تعمل الآن في نظام تشغيل ويندوز في أي حقل نصي- بشكل أساسي أينما تريد أن تُملي النص، فقط ضع مؤشر الماوس الخاص بك في ذلك المكان، واضغط على مفتاح شعار Windows + H، وسوف يحول الكمبيوتر كلامك إلى نص مكتوب.
وقد نجح ذلك إلى حدٍّ كبير، حسب الكاتب، باستثناء عندما حاول تنفيذ ذلك في برنامج معالجة الكلمات جوجل دوكس، أو مستندات جوجل Google Doc باستخدام متصفح كروم.
في هذه الحالة، حصل على رسالة مفادها أن "إصدار الأوامر عن طريق الصوت غير مدعوم بشكل كامل في هذا التطبيق".
ولكنه يقول عندما فتحت نفس البرنامج -جوجل دوكس- باستخدام متصفح مايكروسوفت إيدج، لم يواجه الويندوز مشكلة في سماعي وتحويل الكلمات إلى نص. ربما يعزا ذلك إلى بعض مواطن الخلل أثناء تجربتي لتلك الخاصية، أو مجرد أضرار جانبية ناجمة عن الحرب الباردة الدائرة بين شركتي مايكروسوفت وجوجل، الأمر الذي لا يفيد أحداً على الإطلاق؟.
وإذا أصرَّت تلك الخاصية على عدم العمل لشهور من الآن، فسنعرف الإجابة بشأن مسؤولية هذه الحرب الباردة، (تعمل خاصية الإملاء في نظام التشغيل ماك الخاص بأجهزة آبل بشكل جيد على متصفح كروم).
5- أشياء صغيرة بفائدة كبيرة: تحسن في التركيز والإنتاجية
تقدم شركة مايكروسوفت بعض التحسينات الإضافية التي تهدف إلى المساعدة في تحسين الإنتاجية والتركيز.
إذ يحتوي متصفح مايكروسوفت إيدج على وضع ملء الشاشة الجديد لقراءة الملفات بصيغة PDF والكتب.
كما يمكنك استخدام خاصية التعبئة التلقائية لبيانات تعريف بطاقة الائتمان الآمنة لطرق الدفع في المتصفح، ويمكنك أخيراً -بعد طول انتظار- كتم الصوت في علامات تبويب المتصفح الفردية.
هل نجحت الرسالة الأساسية لهذا التحديث؟
هل هم بالفعل يكنّون الحماس اللازم لتحسين تجربة المستخدم؟ نعم، فقد تطور نظام تشغيل ويندوز 10 مقارنة بما كان عليه عندما صدر لأول مرة منذ ثلاث سنوات.
فهو يتميز بشاشة لمس رائعة، التي تجعل المرء يفتقدها عندما يستخدم نظام تشغيل ماك الذي لا يعمل باللمس، فالأمر يشبه تلك الفترة عقب العودة إلى المنزل بعد قضاء عطلة طويلة ونسيان أن المنزل يخلو من ثلاجة صغيرة أو شرفة بها مقاعد الحديقة كتلك التي تميز أماكن السكن بالمنتجعات.
الأهم أن معظم الأشياء التي تحتاج إليها يومياً أصبحت موجودة في إعدادات الويندوز، فقد أصبحت بيئة أكثر سلاسةً، هذا هو التقدم.
الإحباطات: ليس الملل هو المشكلة الكبرى ولكن تحسين الأداء مع بعض المنافسين
لذلك على الرغم من أنه ما زال يتعين على شركة مايكروسوفت القيام بالمزيد من العمل (خصوصاً فيما يتعلق بتحسين الأداء مع متصفح كروم التابع لجوجل).
فقد أصبح ويندوز 10 مكتملاً أكثر من أي وقت مضى. بخاصية اللمس الممتازة، ومتصفح مايكروسوفت إيدج الذي صار كامل الميزات (حتى وإن كانت هناك مساحة إضافية لإدراج المزيد من التحسينات).
قد يكون تحديث أبريل/نيسان 2018 في معظمه تدريجياً ومملاً إلى حدٍّ ما، وذلك لأن ويندوز 10، الذي أصبح الآن ناضجاً بصورة كاملة، لا يحتاج إلى الكثير من التحسينات ليكون جيداً.