تعتبر كرة القدم من أشهر الرياضات في العالم وأكثرها شعبية في العديد من البلدان، إلا أن أحداث مبارياتها قد تصبح غريبة في بعض الأحيان، سواء من قبل اللاعبين أو قد يكن للجمهور دور في غرابتها، لعل أحدث أغرب المباريات في تاريخ كرة القدم نجد مبارات المغرب والأرجنتين في دور المجموعات من أولمبياد باريس 2024.
إذ استطاع المنتخب المغربي بالفوز على الأرجنتيني بهدفين مقابل هدف واحد، إلا أن الغرابة في امتداد المباراة لأربع ساعات، انطلقت المباراة في موعدها على الساعة 16:00 بتوقيت السعودية واستمرت على مدار 90+16 دقيقة إذ استطاع المنتخب الأرجنتيني من تسجيل هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة من الوقت بدل الضائع للمباراة ليقوم على إثرها المشجعون باقتحام أرضية الملعب وتوقف المباراة قبل عودة الحكم للفار ليؤكد وجود تسلسل وإلغاء الهدف الأخير للأرجنتين.
رغم طول هذه المباراة إلا أنها ليسب واحدة من أغرب المباريات في تاريخ كرة القدم، إذ مرت عبر التاريخ 5 مباريات لن تنسى من أذهان عشاق الكرة المستديرة عبر التاريخ.
أرسنال ودينامو موسكو سنة 1945
في أحد الأيام الضبابية الكثيفة بلندن في نوفمبر/ تشرين الثاني 1945، شهد ملعب وايت هارت لين مباراة لا تُنسى بين آرسنال ودينامو موسكو، تحولت إلى أحد أكثر الأحداث الرياضية غرابة. الضباب الكثيف الذي اجتاح الملعب دفع اللاعبين لطلب تأجيل المباراة، لكن الحكم أصر على استمرار اللعب، مما أدى إلى تحول اللقاء إلى مهزلة كروية.
في ظروف شبه معدومة الرؤية، خرجت القواعد من نافذة الملعب حرفيًا، حيث يُزعم أن دينامو موسكو قد لعب بأكثر من 15 لاعبًا في نفس الوقت، في خرق واضح للوائح اللعبة. آرسنال لم يتخلف في الغرابة، حيث عاد أحد لاعبيه المطرودين إلى اللعب دون أن يلحظ الحكم ذلك، في تجاهل تام للبطاقة الحمراء.
الحادثة الأكثر غرابة كانت عندما اصطدم حارس مرمى آرسنال بالقائم، غير قادر على رؤيته بسبب الضباب، مما أدى إلى خروجه من الملعب. يُقال إن أحد المشجعين تقمص دور الحارس ووقف بين الخشبات لبقية المباراة. هذه الأحداث أكسبت المباراة مكانة أسطورية في تاريخ آرسنال، حيث خسر الفريق 4-3 في مباراة كانت نتيجتها أقل أهمية من القصص الشعبية التي خلقتها.
أغرب المباريات في تاريخ كرة القدم في سنة 1976
في يوم لا يُنسى من شهر مارس/ آذار عام 1976، شهدت مباراة كرة القدم بين ليستر سيتي وأستون فيلا على ملعب فيلا بارك واحدة من الأحداث الأكثر غرابة في تاريخ الدوري الإنجليزي. اللاعب كريس نيكول، مدافع أستون فيلا ولاعب منتخب أيرلندا الشمالية، ارتقى إلى العناوين الرئيسية بتسجيله أربعة أهداف في المباراة، ولكن بطريقة لا تُصدق.
افتتح نيكول الأهداف بالنيران الصديقة في الدقيقة 15، حيث ارتدت تسديدة من لاعب ليستر عن رأسه لتهز شباك فريقه. مع ذلك، لم يفقد العزيمة، فقد عوض ذلك بتسجيل هدف التعادل في الدقيقة 40 بعد تدافع في منطقة الجزاء. استمرت الدراما في الشوط الثاني، حيث أضاف نيكول هدفه الثاني لأستون فيلا في الدقيقة 53، لكن مجدداً وبشكل درامي، سجل هدفاً عكسياً آخر في الدقيقة 86 من ركلة ركنية.
هذا الأداء المزدوج الذي شهد تسجيله أهدافًا لكلا الفريقين في مباراة واحدة، جعل من كريس نيكول محورًا لقصص كرة القدم الغريبة. حتى يومنا هذا، لم يتمكن أي لاعب آخر من تحقيق إنجاز مماثل بتسجيل أربعة أهداف لكلا الفريقين في نفس المباراة، مما يجعل هذه الواقعة جزءًا لا يُمحى من تاريخ النادي والدوري.
مباراة بربادوس وغرينادا سنة 1994
لعل من أغرب المباريات في تاريخ كرة القدم التي لم يسبق لها مثيل ضمن منافسات كأس الكاريبي عام 1994، تميزت مواجهة باربادوس وغرينادا بتحولات درامية وقرارات تكتيكية غير معتادة، حيث دخلت اللعبة تحت شروط قانونية استثنائية. القاعدة المطبقة في البطولة، والتي تنص على أن الهدف الذي يُسجل في الوقت الإضافي يعد بمثابة هدفين، كانت المحرك الرئيسي للأحداث اللاحقة.
كانت باربادوس بحاجة إلى الفوز بفارق هدفين للتأهل إلى الدور النهائي، وبعد تقدمهم 2-0، زاد الأمر تعقيدًا بتسجيل غرينادا هدفًا في الدقيقة 83، مما جعل النتيجة 2-1. في خطوة غير مسبوقة، قامت باربادوس بتسجيل هدف ضد مرماها لجعل النتيجة 2-2 ودفع المباراة نحو الوقت الإضافي للاستفادة من القاعدة المذكورة.
هذا التصرف دفع غرينادا لاتخاذ إجراءات غير تقليدية خلال الدقائق الأخيرة من المباراة، حيث حاول الفريق تسجيل الأهداف في كلا المرميين، سواء لتحقيق الفوز أو للحفاظ على فرص التأهل بتحقيق الهدف المطلوب. من جانبها، وجدت باربادوس نفسها في موقف دفاعي مزدوج، حيث كانت تحاول منع أي أهداف من الدخول إلى مرماها.
في النهاية، نجحت باربادوس في تأمين المباراة والتقدم للوقت الإضافي، حيث سجلت الهدف الذهبي، محققة الفوز المطلوب بفارق الهدفين وتأهلت إلى النهائيات. الجدل الذي أثير حول هذه المباراة تمحور حول استغلال القواعد بطريقة قد تخالف روح اللعب النزيه، لكن الفيفا أكدت أن باربادوس لم تخالف أي قوانين رسمية.
أشار مدرب غرينادا، جيمس كلاركسون، إلى أنه بالرغم من القرارات الفنية، شعر بأن فريقه قد عومل بشكل غير عادل. ومع ذلك، أظهرت هذه المباراة كيف يمكن للقواعد أن تؤثر بشكل جذري على استراتيجيات اللعب وسلوك الفرق، وأصبحت جزءًا من تاريخ كرة القدم كمثال على التكتيكات الاستثنائية والأحداث الغير متوقعة.
مباراة أديما وستاد أولمبيك دو ليميرن 1998
في مباراة تعد من بين الأكثر غرابة في تاريخ كرة القدم، سجلت نتيجة 149-0 رقمًا قياسيًا غير مسبوق في المنافسات الرياضية، لتصبح الأعلى في تاريخ كرة القدم التنافسية. هذه النتيجة الفريدة جاءت نتيجة لمبادرة فريق ستاد أولمبيك دو ليميرن بتسجيل الأهداف في مرماهم احتجاجًا على ما اعتبروه قرارات تحكيمية مجحفة في المباريات السابقة.
رداً على هذا التصرف غير المسبوق، اتخذ الاتحاد المدغشقري لكرة القدم إجراءات تأديبية صارمة. تم إيقاف مدرب الفريق، زاكا بي، لمدة 3 سنوات وعوقب أربعة من لاعبيه الأساسيين بالإيقاف حتى نهاية الموسم. وشملت العقوبات المدافعين ماميسوا رازافيندراكوتو ومانيترانيرينا أندريانياينا، إلى جانب اللاعب نيكولا راكوتواريمانانا والحارس دومينيك راكوتوناندراسانا، مع منعهم من دخول الملاعب لنفس الفترة. فيما تلقى باقي اللاعبين إنذارًا ولم يتم معاقبة حكم المباراة.
يذكر محللون رياضيون أن هذه الحادثة تعكس التحديات التي يمكن أن تواجهها الرياضة عندما تتداخل العواطف مع القواعد المهنية، مشيرين إلى أهمية العدالة في التحكيم لضمان نزاهة المنافسات الرياضية.
سنة 2008 مباراة إف سي فيتيبسك ونافتان نوفوبولوتسك
في واحدة من أكثر المواقف غرابة في تاريخ كرة القدم البيلاروسية، أدار الحكم سيرجي شموليك مباراة في الدوري الممتاز بين نافتان وفيتيبسك وهو في حالة سُكر، مما أثار جدلاً واسعًا واستنكارًا في الأوساط الرياضية. شموليك، الذي بقي معظم المباراة في دائرة الوسط، قدم مشهدًا غير معتاد أثار دهشة وسخرية المتابعين، بما فيهم بيرندت ستانج، مدرب المنتخب الوطني البيلاروسي في ذلك الوقت، الذي عبر عن استغرابه من رؤية حكم مخمور في ملعب كرة قدم.
تطورت الأحداث بسرعة بعدما لاحظ اللاعبون والمدربون سلوك الحكم، مما دفع إلى إخراجه من الملعب. الاختبارات الطبية التي أجريت لشموليك في وحدة الملعب الطبية كشفت عن مستويات عالية من الكحول في دمه، بمقدار يعادل تقريباً شرب كأس من الفودكا.
في تحول لاحق، دافع شموليك عن نفسه بالقول إنه كان يتناول مسكنات للألم بسبب إصابة في العمود الفقري، وأنه توجه إلى الوحدة الطبية بمبادرة منه، حيث أكد الخبراء أنه كان يعاني فعلاً من مشاكل في العمود الفقري.
ومع ذلك، وعلى الرغم من تفسيرات شموليك، قرر الاتحاد البيلاروسي لكرة القدم إيقافه عن التحكيم بناءً على الأحداث التي وقعت خلال المباراة، مع تأكيد من متحدث باسم الاتحاد على أن القرار جاء بعد انتهاء التحقيقات الرسمية. هذه الحادثة بقيت مثالاً للمشكلات التي يمكن أن تنجم عن إهمال القواعد الأساسية للسلوك المهني في عالم الرياضة.
مباراة لم تتجاوز الدقيقة
في عام 1998، شهدت كرة القدم لحظة فريدة من نوعها عندما استمرت إحدى المباريات لمدة ثلاث ثوانٍ فقط، مما جعلها تُعتبر أقصر مباراة في تاريخ هذه الرياضة، وهو أمر يثير الدهشة عادةً عند السماع به.
كانت المباراة بين منتخبي إستونيا واسكتلندا ضمن تصفيات كأس العالم لعام 1998، وأُقيمت في ملعب "تالين إنيرجي" بالولايات المتحدة الأمريكية. وقعت هذه الحادثة النادرة بسبب مشاكل في الإضاءة في الملعب، حيث طُلب من الفيفا تقديم موعد المباراة بخمس ساعات. لكن رفض منتخب إستونيا هذا القرار، بسبب خسارتهم للإعلانات التلفزيونية.
رفض المنتخب الاستوني حضور المباراة في الموعد الجديد المحدد من قبل الفيفا، مما أدى إلى حضور المنتخب الاسكتلندي وحدهم إلى الملعب. وبعد دخول لاعبي إسكتلندا إلى الملعب لمدة ثلاث ثوانٍ فقط، أعلنت لجنة التحكيم نهاية المباراة. تم تأجيل المباراة لاحقًا وإعادتها في ملعب محايد، حيث انتهت بنتيجة تعادل سلبي.
هذه الحادثة تظل علامة فارقة في تاريخ كرة القدم، تُبرز التحديات التي تواجهها الرياضة على مدار تنظيم الأحداث الكبرى.
إلغاء المباراة بعد انتهاء وقتها
بينما قد تبدو جملة "هدف في الدقيقة 90" مألوفة في عالم كرة القدم، فإن قصة إلغاء مباراة في الدقيقة 89 تظل حدثًا نادرًا وغريبًا. حدث هذا بالضبط في عام 2018، خلال مباراة جمعت بين فريقي باوك وأيك أثينا من اليونان، والتي توقفت قبل دقيقة واحدة من نهايتها.
في تلك المباراة، اقتحم إيفان سافيديس، رئيس نادي باوك الروسي، الملعب في الدقيقة 89 احتجاجًا على قرار حكم المباراة بإلغاء هدف لصالح فريقه. هذا الهجوم المفاجئ دفع السلطات للتدخل وتهدئة الوضع، حيث قرر لاعبو الفريق المنافس مغادرة الملعب لتجنب التصادم مع رئيس النادي.
نتيجة لذلك، تم إلغاء المباراة، والتي كانت على وشك الانتهاء، ولم تُعاد لاحقًا. كما أعلنت الحكومة اليونانية عن تعليق الدوري إلى أجل غير مسمى، مما أضاف بُعدًا إضافيًا إلى هذا الحادث الغريب في تاريخ كرة القدم.