في الوقت الذي شد فيه فريق اتحاد العاصمة الجزائري الرحالَ إلى مدينة وجدة المغربية لخوض مباراة إياب نصف نهائي كأس الاتحاد الأفريقي ضد فريق نهضة بركان، كانت وجهة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم "الفاف"، سويسرا بغرض تقديم شكوى ضد قرارات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" بعد أزمة قمصان نهضة بركان.
فقد أكدت وسائل إعلام رسمية جزائرية، الجمعة 26 أبريل/نيسان 2024، أن رئيس اتحاد الكرة، وليد صادي، خط الرحال بمدينة لوزان، قبل أن تُعلن السبت 27 أبريل/نيسان أن صادي وضع فعلاً شكوى لدى محكمة التحكيم الرياضي "TAS-CAS"، للطعن في قرارات "الكاف"، فما هي تفاصيل الشكوى التي قدمتها الجزائر؟
تفاصيل أزمة قمصان نهضة بركان
يوم الأربعاء 24 أبريل/نيسان قرر الاتحاد الأفريقي لكرة القدم أن اتحاد العاصمة الجزائري خسر مباراته في ذهاب نصف نهائي مسابقة كأس الاتحاد الأفريقي أمام نهضة بركان المغربي بثلاثية نظيفة بعد أزمة احتجاز قمصان نهضة بركان.
حيث وجَّه الاتحاد الأفريقي رسالة إلى الاتحاد الجزائري تفيد بأنه "تمت معاقبة نادي اتحاد العاصمة باعتباره خاسراً، وحوّلت لجنة المسابقات القضية إلى لجنة الانضباط لبحث المزيد من العقوبات". وأضافت أن مباراة الإياب ستقام في موعدها في بركان الأحد 28 أبريل/نيسان.
إذ خلقت قمصان نهضة بركان المغربي أزمة سياسية جديدة بين المغرب والجزائر، بعد أن رفضت الأخيرة أن يرتدي الفريق المغربي قميصاً رسمت عليه خريطة المغرب كاملة، واحتجزت الجمارك في مطار الهواري بومدين أمتعة فريق نهضة بركان، بحجة أن "الخريطة ليست شرعية".
مباشرة بعد قرار "الكاف" معاقبة اتحاد العاصمة الجزائري بسبب أزمة قمصان نهضة بركان، بدأ الاتحاد الجزائري لكرة القدم على الفور في سباق مع الزمن من أجل "استعادة حقوق النادي الجزائري"، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية.
حيث قرر الاتحاد الجزائري إحالة الأمر إلى محكمة التحكيم الرياضية للطعن في قرارات "الكاف" بخصوص أزمة قمصان نهضة بركان، وأشارت إلى أن قرارات المحكمة تعتبر نهائية وقابلة للتنفيذ على جميع سلطات كرة القدم في جميع أنحاء العالم.
كما ذكرت مصادر مقربة من "الفاف" لـ"عربي بوست" أن رئيس الاتحاد الجزائري وليد صادي التقى الخميس، بخبراء ومستشارين قانونيين دوليين من أجل إعداد صياغة طلب ضد الاتحاد الأفريقي بسبب ما تعتبره "مخالفة المواثيق والمبادئ"، فما الذي قدمه صادي لمحكمة التحكيم الرياضية الدولية؟
ما الذي طلبته الجزائر من المحكمة؟
حسب ما نشرته وسائل إعلام جزائرية الأحد 28 أبريل/نيسان، فقد أنهى صادي كامل الإجراءات الإدارية والقانونية، وأودع الطعن رسمياً على مستوى محكمة التحكيم الرياضي "تاس" بلوزان ضد قرار هيئات "الكاف" بشأن أزمة قمصان نهضة بركان.
حيث طلب رئيس الاتحاد الجزائري من رئيسة محكمة التحكيم الرياضي بلوزان إحالة ملف القضية على "قاضٍ وحيد" بغرض دراسته والفصل فيه، حسب ما ذكره موقع "الوطن" الجزائري الناطق بالفرنسية.
خلال الحديث بين رئيس "الفاف" ورئيسة المحكمة الرياضية، أشعر وليد صادي رئيس المحكمة بالطابع الاستعجالي للقضية، مؤكداً أن عامل الوقت لا يخدم الاتحادية.
إذ إن الاتحاد الأفريقي يصر على برمجة إياب الدور نصف النهائي والدور النهائي من منافسة كأس "الكاف" رغم اعتراض "الفاف" على قمصان نهضة بركان وطعنها في قرار لجنة استئناف "الكاف" الذي أيد قرار لجنة المسابقات بتمكين نادي نهضة بركان المغربي من ارتدائه رغم تعارضه مع القوانين.
Déclaration de la CAF relative au match de Coupe de la Confédération CAF TotalEnergies USM Alger vs. RS Berkanehttps://t.co/j8xiuEog7V
— CAF Media (@CAF_Media) April 21, 2024
فيما كان رد رئيسة محكمة التحكيم الرياضي، أنها لا يمكن أن تلزم "الكاف" بتجميد مسابقة كأس "الكاف" إلى غاية دراسة الملف لمجرد إيداع طعن من "الفاف"، تفادياً للدخول في مشاكل مالية بسبب الطابع التجاري الذي يربط الممولين والتلفزيونات صاحبة حقوق البث مع الهيئة الكروية القارية.
حسب ما أورده الموقع الجزائري فإن رئيسة المحكمة أكدت أنه في حال إصدار قرار في صالح "الفاف" فإن "تاس" سيلزم "الكاف" بإلغاء نتائج الدور نصف النهائي وربما حتى النهائي وإعادة اتحاد الجزائر إلى المسابقة.
حجج الجزائر للدفاع عن موقفها
فيما قال مصدر "عربي بوست" إن رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم عقد قبل تقديم الشكوى، جلسة حضرها الأمين العام للاتحاد الجزائري، نذير بوزناد، مع محامين يمثلون ثلاثة مكاتب محاماة في كل من فرنسا وإيطاليا وسويسرا.
إذ تم الارتكاز في الشكوى المودعة على مستوى المحكمة الرياضية الدولية، بعد لقاء مع رئيسة المحكمة، على الجانب الرياضي والبُعد السياسي.
بينما قالت وسائل إعلام جزائرية إنه تم إرفاق الشكوى بعدة مواد قانونية، لـ"الكاف" و"الفيفا" والقانون الدولي المشرع لقوانين كرة القدم، وتحديد المواد القانونية التي "تؤكد قطعا منع ارتداء الأندية لقمص تحمل شعارات سياسية"، على حد تعبيرها.
كما تم إرفاق خريطة العالم المعتمدة من طرف هيئة الأمم المتحدة والتي توضح إقرارها بأن ما يسمى بـ"جمهورية الصحراء الغربية ليست بتراب مغربي"، وقضيته لا تزال على طاولة الأمم المتحدة.
تم أيضاً إرفاق الخريطة المعتمدة أيضاً من الاتحاد الأفريقي والذي يعترف بحدود ما يسمى بـ"جمهورية الصحراء الغربية" وبأن أراضيها ليست مغربية، بدليل أن جمهورية الصحراء الغربية عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي.
حسب ما أوردته صحيفة "الخبر" المقربة من السلطات في الجزائر، أنه تم إرفاق صورة لشعار المغرب في ملف ترشحه لاحتضان مونديال 2030، والذي به خريطة المغرب "الحقيقية"، خالية من أراضي الصحراء الغربية على عكس الخريطة المتواجدة في قمصان نهضة بركان.
سوابق في الاتحاد الأفريقي
استدل المحامون في شكواهم أيضاً بعديد من القضايا المشابهة وفيها رفضت "الكاف" اعتماد القمصان لكونها تحمل شعارات سياسية، منها قمصان نادي شبيبة القبائل في نهائي كأس "الكاف" سنة 2021.
حيث زعمت وسائل إعلام جزائرية أن نادي الرجاء البيضاوي المغربي اعترض على ارتداء لاعبي شبيبة القبائل الجزائري قمصاناً كُتب عليها أسماء اللاعبين بالأمازيغية رغم أنها لغة رسمية في الجزائر.
كما استدل المحامون أيضاً بمنع الكاف، سنة 2019، نادي شباب قسنطينة، خلال مباراته أمام النادي الأفريقي بتونس، من ارتداء قميص بشعار مالك النادي، شركة "آبار"، بحجة أن شعار المالك يحمل خريطة الجزائر.
حيث اعتبرت "الكاف" وقتها ذلك القميص على أنه يحمل دلالات سياسية، من جهة، وبأن مجال اختصاص مالك النادي "آبار" هو نفس مجال راعي "الكاف"، وهي شركة "توتال"، وأجبرت الفريق الجزائري على وضع ملصق على شعار مالك النادي خلال المباراة.
حالة مشابهة في كمبوديا
من بين الوثائق المقدمة قرار صادر عن "تاس" في وقت سابق في قضية مشابهة لقضية قمصان نهضة بركان، كان طرفها فريق من كمبوديا لجأ لمحكمة التحكيم الرياضي ضد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
حيث قضت محكمة التحكيم الرياضي لصالح النادي ضد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، بعد أن احتج على السماح لنادٍ منافس من وضع خريطة إقليم متنازع عليه، وهي قضية رافع فيها نفس مكاتب محاماة التي تعاقد معها الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
فيما حرصت مكاتب المحاماة أيضاً على تقديم عديد من القضايا المماثلة والتي أثرت جدلا بسبب "البُعد السياسي" لبعض الأندية وكانت المحكمة الرياضية قد أنصفت أصحاب الطعون ضد قرارات الاتحادات القارية.
حسب صحيفة "الخبر"، فإن شركات المحاماة وجهت رسائل طمأنة للاتحاد الجزائري لكرة القدم، وأكدت أن المحكمة ستجد أمامها كل الحجج والأدلة القاطعة على أن "الكاف" داست على كل اللوائح، بما في ذلك الميثاق الأولمبي، "حين سمحت لنادي نهضة بركان بارتداء قميص لها بُعد سياسي واضح".