صنع المنتخب العراقي، بقيادة أيمن حسين، الحدث في القارة الآسيوية، بتحقيقه العلامة الكاملة في دور المجموعات من بطولة كأس آسيا 2023، والتي تستضيفها دولة قطر، وتقديمه أداء استثنائي.
العلامة الأبرز في المشوار العراقي في البطولة الآسيوية حتى الآن، كانت الانتصار التاريخي على المنتخب الياباني في الجولة الثانية من دور المجموعات (2-1). أقيمت المواجهة على استاد المدينة التعليمية، وشهدت ميلاد نجم عراقي جديد، تلتف حوله الجماهير العراقية من مقاعدها في المدرجات؛ المهاجم أيمن حسين، الذي أحرز هدفي العراق في المباراة.
أيمن حسين عطّل الكومبيوتر
بهدفيه، نجح أيمن حسين في إلحاق الخسارة الأولى بمنتخب اليابان في دور المجموعات من البطولة الآسيوية بعد 26 مباراة خاضها الكومبيوتر الياباني دون خسارة. فضلاً عن تحقيقه الفوز الأول لبلاده على المنتخب عينه منذ عام 1982.
حسين سرق القلوب بتسجيله هدفي الانتصار لـ"أسود الرافدين" في الشوط الأول من عمر المواجهة، خاصة أنه سجل الهدف الثاني وهو مصاب، وقد غادر الملعب عقب الهدف تاركاً مكانه لزميله مهند علي، الشهير بـ"ميمي".
في المؤتمر الصحفي الذي عُقد عقب اللقاء، انهالت الدموع من عيون أيمن، علل المهاجم الأمر بإصابته بالأنفلونزا، لكن النجم العراقي السابق والمحلل الكروي الحالي، نشأت أكرم، قال إن دموع أيمن حسين تُعبّر عن "قهّر الرجال، نظراً لما تعرض له من تنمّر وضغط وإساءة خلال مسيرته الكروية".
لم يتوقع المحللون ولا الجماهير تألق أيمن حسين، بل طال الجهاز الفني للمنتخب العراقي الكثير من الهجوم والنقد بسبب اعتماده على أيمن حسين أساسياً. لكن مهاجم نادي القوة الجوية، وهداف الدوري العراقي لكرة القدم الموسم الماضي والحالي، أسكت المنتقدين، وأثبت أنه خير قائد للعراق في مشوارها الآسيوي. وكيف لا وهو متصدر ترتيب هدافي البطولة بـ5 أهداف أحرزها في دور المجموعات.
تلتف الجماهير العراقية حول منتخبها ونجمها حسين، بغية تكرار سيناريو 2007 عندما نال رفاق القائد يونس محمود البطولة التي أقيمت حينها في 4 دول؛ هي فيتنام وتايلاند وإندونيسيا وماليزيا.
لكن، قبل أن تضعه الجماهير في مقارنة مع قائد العراق التاريخي، يونس محمود، هناك الكثير من الكواليس والخفايا في حياة أيمن حسين لا يمكن أن نمر عليها مرور الكرام.
طفولة أيمن حسين العصيبة
ولد أيمن حسين عام 1996 في مدينة الحويجة، بمحافظة كركوك الشمالية. فتح عينيه على الدنيا ليجد الاحتلال الأمريكي، فألف أزيز الرصاص وصوت الانفجارات قبل أن يألف صوت ارتطام الكرة بالجدران. في عام 2008، كان أيمن حسين مجرد طفل، لكن الفاجعة الأكبر في حياته لم تمهله. تعرض والده للقتل على يد تنظيم القاعدة، ذلك لرفضه التخلي عن عمله في الجيش العراقي.
روى حسين لقناة سامراء تفاصيل الفاجعة: "اتصلنا بوالدي لطلب شيء منه للبيت، فأجابنا أحد الأشخاص وقال إنه في المستشفى، لم أصدق في البداية وقلت لأخي إنه كاذب، تحدثت والدتي بعدها مع أحد الأشخاص وعلمت أن الأمر حقيقي، تنظيم القاعدة هدده عدة مرات وطالبه بترك الجيش العراقي لكنه رفض، أحد عناصره أطلق عليه رصاصة في قلبه وقد استُشهد قبل وصوله المشفى. للأسف لم يستطع أن يعيش ليراني نجماً في ملاعب كرة القدم".
لم تكن تلك الفاجعة الأخيرة في حياة نجم القوة الجوية، بل كانت البداية فحسب. قصة أيمن حسين هي تجسيد للمأساة العراقية التي يعيشها أهل الرافدين منذ عقود. عقب مقتل والده، تعرض الأخ الأكبر لحسين، الذي كان بمثابة أب له، لعملية خطف على يد تنظيم داعش ولم يُستدل على مكانه حتى الآن.
ولذات القناة روى أيمن حسين: "أخي الأكبر تولى مسؤولية العائلة بعد استشهاد والدي، وقد كان يعمل في الجيش العراقي كذلك. دخلت عناصر داعش دهوك في يوم ما واختطفوا أخي وسيارته ولا نعلم عنه أي شيء حتى الآن، وبعد دقائق قُصف بيتنا ودُمر كله".
تألق عربي ومحلي
لم يقتصر تألق أيمن حسين على الأندية العراقية، بل امتد ليشمل الساحة الدولية، حيث خاض تجارب احترافية ناجحة في تونس، المغرب، قطر، والإمارات. وعلى الرغم من الأزمات الشخصية القاسية التي واجهها، بما في ذلك فقدان والده الذي قُتل على يد تنظيم القاعدة في عام 2008، واختطاف شقيقه الأكبر على يد تنظيم داعش واستمرار فقدانه حتى الآن، فقد استطاع حسين البروز كلاعب مهم في صفوف المنتخب العراقي والأندية التي مثلها.
بعد مسيرة طويلة في الخارج شملت اللعب مع نوادٍ مرموقة؛ مثل الصفاقسي التونسي، أم صلال والمرخية القطريين، الجزيرة الإماراتي، والرجاء البيضاوي المغربي، عاد أيمن إلى ناديه القديم، القوة الجوية. وقد أحدثت عودته فارقاً كبيراً، مما جعله يتربع على عرش الهدافين في الدوري العراقي بعشرة أهداف، مؤكداً مكانته كواحد من أفضل المهاجمين في العراق، ومواصلاً تقديم أداء استثنائي يليق بمكانته في الكرة العراقية.