عاصفة من الغضب والسخط اجتاحت جموع جماهير الكرة المصرية، بعد إعلان المدير الفني لنادي ليفربول، الألماني يورغن كلوب، أن قائد منتخب مصر محمد صلاح، سيعود إلى إنجلترا للتعافي من الإصابة التي ألمَّت به في مباراة الفراعنة الأخيرة، وأنه – أي صلاح- "قد يعود إلى كوت ديفوار للمشاركة في المباراة النهائية حال تأهل مصر لنهائي كأس أمم أفريقيا".
ويمر المنتخب المصري بموقف لا يحسد عليه، بعد إصابة محمد صلاح، حيث جمع نقطتين فقط في الجولتين الأولى والثانية من دور المجموعات بكأس أمم أفريقيا 2023، وتنتظره مباراة قوية ومصيرية أمام متصدر المجموعة منتخب الرأس الأخضر الذي ضمن التأهل بعدما حصد 6 نقاط.
وفي المباراة التي تنطلق الليلة في تمام الساعة الـ11 بتوقيت مكة المكرمة، لا بديل للفراعنة عن الفوز من أجل حجز مقعد وصافة المجموعة، وتجنب الحسابات المعقدة للتأهل من بوابة أفضل الثوالث.
في هذا التقرير، يطلعكم "عربي بوست" على التفاصيل الكاملة لأزمة إصابة محمد صلاح.
بداية القصة.. شد بالعضلة الخلفية
بدأت أزمة إصابة صلاح ليلة الخميس الماضي، في منتصف الشوط الأول لمباراة مصر وغانا، في الجولة الثانية من دور المجموعات، حيث شعر لاعب ليفربول بوخزة في العضلة الخلفية وحاول التحامل على نفسه حتى نهاية الشوط الأول، إلا أنه لم يستطِع استكمال الشوط، وطلب التغيير في الدقيقة الـ43.
وعقب المباراة مباشرة، تواصل النجم المصري مع مدرب ليفربول يورغن كلوب ليطلعه على تفاصيل إصابته، كما تواصل صلاح مع الجهاز الطبي للنادي الإنجليزي ليشرح حالته وملابسات الإصابة.
وعلم "عربي بوست" أن كلوب اقترح على صلاح العودة لإنجلترا، نظراً لأن الإمكانات الطبية في كوت ديفوار، البلد المستضيف للبطولة، لن تساعد اللاعب على التعافي سريعاً من إصابته.
وبحسب مصدر مطلع في الجهاز الفني لمنتخب مصر، كان يأمل محمد صلاح أن تكون الإصابة بسيطة وأن يعود سريعاً للمشاركة مع منتخب مصر في رحلة البحث عن لقب كأس الأمم الأفريقية الثامن في تاريخ الفراعنة والأول لصلاح.
وبالفعل، أصدر الاتحاد المصري لكرة القدم بياناً في اليوم التالي لمباراة غانا، يوم الجمعة، أعلن فيه أن إصابة صلاح تتمثل في "شد بالعضلة الخلفية"، وأن اللاعب سيغيب عن لقاء الرأس الأخضر الحاسم، ومباراة دور الـ16 حال تأهل كتيبة البرتغالي روي فيتوريا.
وبناء على ذلك التشخيص المبدئي، والمشاورات بين الطاقم الطبي لمنتخب مصر ونظيره الإنجليزي، تقرر مبدئياً إخضاع صلاح لنظام علاجي على هامش تدريبات المنتخب المصري في العاصمة الإيفوارية أبيدجان، ومراقبة تطورات الإصابة وهو ما حدث بالفعل لأكثر من يوم.
قرار العودة لإنجلترا وموقف فيتوريا
لكن، وبعد مشاورات عديدة بين الجهاز الطبي لليفربول من ناحية، ونظيره المصري بقيادة الطبيب محمد أبو العلا، ارتأى الطرفان أن عودة صلاح لاستكمال علاجه في مدينة ليفربول تحت إشراف الجهاز الطبي للنادي، ستكون القرار الأنسب لحالة اللاعب.
إذ اتفق الجانبان على أن استمرار صلاح في العلاج بأبيدجان سيطيل فترة التعافي؛ نظراً للإمكانات الطبية الضعيفة في الدولة الأفريقية، وأن بقاءه لن يفيد المنتخب؛ لأنه بذلك على الأرجح لن يلحق بأي مباراة أخرى للفراعنة في البطولة.
وهنا تدخل صلاح وقاد المناقشات مع الثنائي المسؤول عن بعثة المنتخب، خالد الدرندلي وحازم إمام عضوي اتحاد الكرة المصري، اللذين أبديا مرونة كبيرة في الاستجابة لرغبة اللاعب بالعودة إلى إنجلترا.
كما اجتمع اللاعب بروي فيتوريا المدير الفني لمنتخب مصر، وأوضح له أن الإمكانات الطبية في العاصمة أبيدجان لن تسمح بعلاجه بالشكل الملائم أو عودته في التوقيت المناسب، وأن الرحيل هو الحل الأمثل من أجل محاولة اللحاق بمباراة نصف النهائي.
وأوضح صلاح لفيتوريا أنه في حال تأهل المنتخب إلى الدور الثاني، ونظراً لأنه فقد فرصة صدارة المجموعة، فإن الفريق على الأرجح سينتقل لمدينة سان بيدرو، وهي مدينة صغيرة وفقيرة الإمكانات الطبية، ما سيعطِّل عملية التعافي.
واقتنع فيتوريا بوجهة نظر اللاعب ووافق على سفره إلى ليفربول؛ أملاً في تعافيه السريع قبل مباراة نصف النهائي، حال تأهل الفريق لذلك الدور المتقدم.
وتم الاتفاق بين جميع الأطراف على عودة صلاح، كما تم الاتفاق أيضاً على تأجيل إعلان هذا القرار إلى ما بعد مباراة الرأس الأخضر المصيرية للمنتخب المصري، من أجل فرض المزيد من الانضباط والتركيز على معسكر الفريق.
في هذا السياق، يمكن تفسير تصريحات في المؤتمر الصحفي الخاص بمباراة الرأس الأخضر، أول أمس السبت، بأنها كانت تمهيداً للقرار المتخذ بالفعل، إذ أشار صلاح إلى أن هناك "تنسيقاً" يجري بين المنتخب المصري وليفربول بشأن الإصابة، وأنه سيتم إصدار بيان في هذا الصدد. كما شدد هداف الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم على أن منتخب مصر ليس "منتخب صلاح".
قنبلة كلوب
بعد لقاء ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي، صرح يورغن كلوب المدير الفني لليفربول بأن صلاح سيعود إلى إنجلترا من أجل التعافي، وأن هذا هو الأمر المنطقي.
وأوضح كلوب أن اللاعب إذا تعافى من إصابته في الوقت المناسب فقد يعود إلى كوت ديفوار للمشاركة في المباراة النهائية إذا تأهل منتخب مصر إليها.
وأثار هذا القرار حالة من الغضب العارم على صلاح واتحاد الكرة في الأوساط الجماهيرية المصرية، في ظل أن الإعلان لم يأتِ من جهة رسمية مصرية.
الموقف المصري
كمحاولة لتدارك الموقف من الجانب المصري، سارع اتحاد الكرة فور تصريحات كلوب بإصدار بيان مساء أمس الأحد، أعلن فيه أن صلاح سيسافر إلى إنجلترا لمواصلة رحلة التعافي عقب حضوره مباراة الرأس الأخضر "على أمل لحاقه بالمنتخب في الدور قبل النهائي لبطولة كأس الأمم الأفريقية في حالة التأهل". وهو ما يتعارض مع تصريحات كلوب الذي قال إن عودة صلاح ستكون في الدور النهائي.
فيما كشف مصدر مطلع داخل منتخب مصر لـ"عربي بوست" استياء أعضاء الاتحاد المصري الشديد من يورغن كلوب المدير الفني للريدز، الذي أخلَّ بالاتفاق بين المنتخب وليفربول.
وأوضح المصدر، الذي فضل الحديث دون الكشف عن هويته، أن الاتفاق كان ينص على أن "إعلان سفر صلاح كان من المقرر أن يكون عقب مباراة الرأس الأخضر المهمة والحاسمة"، لعدم التأثير على أجواء معسكر المنتخب قبل اللقاء.
وكشف ذات المصدر أن نادي ليفربول طلب من صلاح العودة قبل اللقاء المرتقب الليلة، لكن النجم المصري فضل البقاء حتى انتهاء المباراة لمساندة زملائه في اللقاء الحاسم.