قبل عدة أيام، أعرب الطفل الفلسطيني علي إسماعيل نافذ جبر مشتهى عن أمنيته بزيارة نادي الأهلي المصري، ولقائه حارس المرمى وقائده محمد الشناوي، بعد تعرضه لإصابات بالغة جراء قصف إسرائيلي على قطاع غزة.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، انتشر مقطع مصوّر للطفل علي بعد أن أُصيب بحروق بالغة تسببت في تشوّه وجهه وهو يكشف عن أمنيته بتلقي العلاج في مصر مع أسرته، وأن يتم علاجه هناك، ويتمكن من زيارة النادي الأهلي ومحمد الشناوي.
وقال علي في رسالته المؤثرة: "نفسي ألبس قفازات الأهلي وبوط الأهلي وزي الأهلي، بس بالأخير لبست هاي الكفوف وهالبوط، بحب الأهلي كتير، خدوني أشوف محمد الشناوي قدوتي، خدوني أتعالج وأرجع متل ما كنت، كان شكلي حلو وكلني حلو، وصامد!".
سريعاً، استجاب النادي الأهلي لأمنية الطفل علي، وعبر حسابه على موقع إكس وعلى لسان المدير التنفيذي للمارد الأحمر، أعلن النادي الأهلي: "رسالة ابننا علي وصلت ومحل اهتمام كبير من مجلس إدارة الأهلي". كما قال عضو مجلس إدارة النادي الأهلي، محمد الجارحي، عبر حسابه في منصة فيسبوك: "يا علي صوتك وصل". وأضاف: "تيشيرت الأهلي وقفازات الأهلي موقعين من كابتن محمد الشناوي واللاعبين تكون عندك بإذن الله مع أقرب قافلة للتحالف الوطني، وإن شاء الله تخف، وهجبلك بإذن الله موافقة تيجي مصر وتكمل علاجك وتزور النادي الأهلي، اتمسك بأحلامك زي ما أنت متمسك بأرضك وقضية بلدك، واحنا دايماً معاك".
النادي الأهلي صحابنا
الطفل علي لم يكن أول أهل غزة ذكراً للنادي الأهلي في خضم العدوان الإسرائيلي المستمر. فقبل مقطع الطفل عليّ، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للصحفي الفلسطيني أنس النجار وهو يتابع مباراة الأهلي وفيوتشر في نهائي كأس السوبر المصري 2023. ويسمع في الفيديو أحد زملاء وهو يطلب من الصحفي الاستعداد للعمل، ويذكره أن أمامه 5 دقائق فقط قبل الانطلاق في بث على الهواء مباشرة، بينما يصر الصحفي على مشاهدة لقطات المباراة ليرد عليه زميله: "الأهلي المصري صحابنا".
كان النادي الأهلي من أوائل الأندية العربية الداعمة والمتضامنة مع فلسطين منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. فأصدر النادي الأهلي بياناً ندد فيه بالعدوان الإسرائيلي ومخططات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، كما اتخذ مجلس إدارة النادي الأهلي، برئاسة محمود الخطيب، عدة قرارات أخرى منذ بدء الحرب؛ مثل إعلان الحداد وتعليق بث قناة النادي لعدة أيام وارتداء كل الفرق الرياضية شارات سوداء في الملاعب.
كما دعت الإدارة أعضاء النادي في جميع فروعه للتبرع بالدم لصالح المصابين والجرحى في فلسطين، كما خصص النادي العائد المالي من مباراته مع نادي سيمبا التنزاني في بطولة كأس السوبر الأفريقي لصالح أهل غزة، بجانب إرساله قافلة مساعدات، مكونة من 4 شاحنات.
ومنذ سنوات بعيدة، أصابت حمى تشجيع الأهلي والزمالك شباب غزة. يستهوي قطبا الكرة المصرية؛ الأهلي والزمالك، المزاج الكروي لسكان قطاع غزة أكثر من غيرهما من الأندية العربية. حتى إن التوتر الرياضي يسود المقاهي والشوارع في أيام لقاءات الفريقين. الأمر لا يتوقف فقط عند حدود المتابعة والتشجيع، بل وصل إلى حد إنشاء روابط تشجيع وتخصيص مقرات لها.
ففي قلب مدينة غزة، قام مشجع النادي الأهلي، علاء خالد، بتأسيس رابطة مشجعي النادي الأهلي بفلسطين، وأسس مقراً للرابطة زينه باللون الأحمر وصور اللاعبين. وتجاوز عدد أعضاء الرابطة المحبة لنادي القرن الأفريقي 100 ألف.
كما أقامت الرابطة ندوات وأمسيات، وحفلات تكريم، منها تلك التي حظي بها حارس مرمى النادي الأهلي السابق، الفلسطيني رمزي صالح. وحلم أعضاء الرابطة بزيارة مجلس إدارة المارد الأحمر للقطاع، ووجهوا لهم دعوات للزيارة لكن ذلك لم يحدث حتى الآن.
لماذا تحب غزة النادي الأهلي؟
بجانب الارتباط التاريخي بين مصر وقطاع غزة، هنالك عدة عوامل ساهمت في حب وتشجيع عدد كبير من أهل قطاع غزة للأهلي المصري تحديداً ومتابعتهم للكرة المصرية بشكل عام.
أبرز تلك العوامل، هو أسطورة الكرة المصرية محمد أبو تريكة. حسب صحفيين فلسطينيين، كانت لحظة كشف أبو تريكة النقاب عن قميص "تعاطفاً مع غزة" لحظة مفصلية في علاقة سكان قطاع غزة بالنادي الأهلي. برفعه القميص تسبب أبو تريكة في وقوع عدد كبير من أطفال وشباب قطاع غزة في حب النادي الأهلي.
إلى جانب أبو تريكة، تسبب ارتداء لاعبين فلسطينيين تعود أصولهم إلى قطاع غزة قميص النادي الأهلي وتحقيقهم بطولات رفقته في تشجيع عدد كبير من سكان غزة للمارد الأحمر. مروان كنفاني أحد حراس المرمى التاريخيين للنادي الأهلي كان فلسطينياً من قطاع غزة، والحارس الآخر رمزي صالح من قطاع غزة، بالإضافة إلى اللاعبين محمد سمارة وعماد أيوب.
وبسبب الحدود المشتركة بين قطاع غزة ومصر، يتمكن سكان القطاع من التقاط شارة التلفزيون المصري ومشاهدة مباريات الدوري المحلي بانتظام ما خلق رابطة بين محبي كرة القدم والفرق المصرية. فالأمر لا يقتصر على النادي الأهلي، فلنادي الزمالك أيضاً قاعدة شعبية لا يُستهان بها في القطاع. كما أن عدم انتظام الدوري الفلسطيني بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الأندية الفلسطينية، ساهم في لفت الأنظار أكثر إلى الدوري المصري وفرقه.