تحظى تداعيات أزمة إلغاء مباراة سباهان أصفهان الإيراني وضيفه اتحاد جدة السعودي باهتمام إعلامي عربي وسعودي كبير، خاصة فيما يتعلق بمصير النقاط الثلاث أو حتى إمكانية فرض عقوبات على أحد الفريقين أو حتى إعادة المباراة.
إلغاء مباراة سباهان والاتحاد
وقرر اتحاد جدة عدم خوض المباراة التي كانت مقررة يوم الإثنين 2 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على ملعب نقش جهان في مدينة أصفهان، لحساب الجولة الثانية من المجموعة الثالثة لدور المجموعات لدوري أبطال آسيا، بسبب وجود تماثيل قاسم سليماني في ملعب اللقاء.
وحسب البيان الصادر عن الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ فإنه تم إلغاء المباراة لأسباب "غير متوقعة"، على أن يتم النظر فيها من قبل "اللجان المعنية".
وبعد ساعات قليلة من إلغاء المباراة غادرت بعثة اتحاد جدة إيران من مطار أصفهان، من أجل العودة مجدداً إلى مدينة جدة السعودية.
وعلّق خبير اللوائح والقوانين أيمن الرفاعي على موقف نادي الاتحاد بالقول: "إذا وافق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم على انسحاب الفريق، فهذا يؤكد وجود مخالفة ارتكبها منظمو المباراة".
وأضاف في تصريحات أبرزها موقع سبورت السعودي: "في هذه الحالة ربما تكون هناك عقوبة على الفريق المنظم للمباراة (سباهان) أو قد تُنقل إلى ملعب محايد".
وأتم الرفاعي قوله: "كان يتوجب على الاتحاد الآسيوي أن يُعلن إلغاء المباراة بشكل رسمي، وكونه لم يتطرق إلى ذلك فهذا يعني أن هناك مخالفة ما".
من جانبه يؤكد أحمد الأمير، الخبير في القانون الرياضي، أنه سيتم اعتبار نادي سباهان منسحباً، مع منح النقاط الثلاث لفريق الاتحاد، خاصة أن مسؤولي الفريق الإيراني رفضوا إزالة التماثيل التي لها دلالات سياسية.
وقال الأمير لصحيفة سبق السعودية الإلكترونية: "سيُعاقب الفريق الإيراني بخصم نقاط أو بالاستبعاد من البطولة".
أبرز الأزمات في مباريات كرة القدم بين السعودية وإيران
وأعادت هذه الحادثة إلى الأذهان فصولاً من الخلافات والأزمات التي ضربت مباريات الأندية السعودية والإيرانية، والتي تسببت، في مرحلة ما، في نقل جميع المباريات التي تجمع فريقين من البلدين من ملاعبهما إلى أراضٍ محايدة.
واحدة من هذه الأزمات ما حدث بعد مباراة السعودية وإيران التي أقيمت على ملعب أزادي في طهران، يوم 28 مارس/آذار 2009، يومها فاز "الأخضر" بنتيجة 2-1، ليرقص اللاعبون السعوديون بالسيف أمام 100 ألف متفرج؛ ما أثار استفزاز المشجعين.
وردّ فريق ذوب آهن الإيراني بالطريقة نفسها عندما أقصى الهلال السعودي من الدور نصف النهائي لبطولة دوري أبطال آسيا في عام 2010، وحينها سخر الإيرانيون من رقصة السيف أمام المشجعين السعوديين.
وفي مايو/أيار 2011 هتفت جماهير بيروزي بشعارات معادية للسعودية وسياساتها الخارجية أثناء مباراة فريقهم ضد اتحاد جدة بالذات في دور المجموعات، ما أدى إلى وقوع صدامات بين جماهير الفريق وعناصر الشرطة الإيرانية، التي أجبرت بعضهم على ترك مكانهم في المدرجات، فيما أُصيب مشجعان إيرانيان بجراح خطيرة.
أكبر هذه الأزمات انفجرت بعد قرار المملكة العربية السعودية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وذلك في يناير/كانون الثاني 2016، وبعدها بأيام قليلة سارعت الأندية السعودية إلى مخاطبة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ومطالبته بإقامة مباريات الأندية بين البلدين على ملاعب محايدة.
وأشار السعوديون في طلبهم إلى أنهم كانوا يتعرضون لمضايقات قبل تلك الأزمة؛ ما يعني أن هذه المعاناة ستتضاعف بعدها، وفق ما رأى عبد الرحمن بن مساعد الرئيس الأسبق لنادي الهلال.
حينها قررت لجنة المسابقات في الاتحاد الآسيوي، خلال اجتماع عُقد في العاصمة القطرية الدوحة، أن مباريات فرق البلدين ستُلعب على ملاعب محايدة في حال استمرت الأزمة السياسية بين البلدين حتى يوم 15 مارس/آذار 2016.
ومع بقاء الوضع على حاله أعلن الاتحاد الآسيوي موافقته رسمياً على نقل المباريات، وطلب من الاتحادين السعودي والإيراني تحديد ملاعب محايدة لاستضافة مباريات أنديتهما.
ووقع اختيار السعوديين على دولتي قطر والإمارات لاستضافة مباريات أنديتهم، وبالتحديد ملاعب نادي الغرافة وسحيم بن حمد بنادي قطر في الدوحة، بالإضافة إلى ملعب النادي الأهلي بدبي، فيما طلب الإيرانيون لعب مبارياتهم البيتية في العاصمة العُمانية مسقط وفي إمارة دبي.
واستمر الأمر على هذا الحال حتى قرر الاتحاد الآسيوي، يوم 4 سبتمبر/أيلول 2023، إلغاء قرار إقامة المباريات على ملاعب محايدة، وعودة السعودية وإيران إلى استضافة المواجهات المباشرة بين أنديتهما على ملاعبهما.
وكان ذلك إحدى ثمار القرار بعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والذي تم يوم 10 مارس/آذار 2023، حيث جرى الاتفاق أيضاً على إعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية في غضون شهرين.
وأقيمت مباراة بيرسيبوليس الإيراني وضيفه النصر السعودي على ملعب أزادي يوم 19 سبتمبر/أيلول 2023، وسارت بشكل طبيعي دون أية مشاكل، بل على العكس حظيت بعثة "العالمي" باستقبال رسمي وشعبي بأفضل طريقة ممكنة.