لقد كنت أريد لعب كرة القدم وتسجيل الأهداف فحسب
ظهيرة يوم بارد جاف في مدينة مانشستر، تلقى آندي كول، كبير هدافي مانشستر يونايتد في النصف الثاني من التسعينيات، اتصالاً على هاتفه المحمول من مدير مصرفه، بعد التحية قال له مدير المصرف: "هناك الكثير من الأموال في حسابك يا سيد كول، أهذا هو المكان الذي تريد أن تبقي فيه أموالك؟".
شعر كول بارتباك شديد من السؤال، كان ارتباكاً طبيعياً، فإن لم يضع المرء أمواله في البنك، فأين يضعها، أليس البنك أكثر الأماكن أماناً لحفظ الأموال، ما زاد ارتباك كول هو أن السؤال جاء من مدير المصرف بشحمه ولحمه.
يقول صاحب الأصول الجامايكية: "لقد تربيت على كون المصرف أفضل مكانٍ لحفظٍ الأموال. ولهذا لم أفهم المشكلة في ترك الأموال داخل المصرف، لقد كنت أريد لعب كرة القدم وتسجيل الأهداف فحسب".
كان لكول ما أراد، فقد دك حصون الخصوم بـ265 هدفاً، وكان خبيراً يتقن التعامل مع حراس المرمى، لكنه كان سيئاً في التعامل مع حرّاس الأموال؛ البنوك. عندما دخل أندي كول عالم كرة القدم في نهاية الثمانينيات لم تكن الأموال تتساقط على رؤوس اللاعبين من كل حدب وصوب، دخل كول عالم الكرة بدافع الحب، لقد أغوته كرة القدم واستسلم هو لشركها.
كان العرف في إنجلترا آنذاك أن لاعب كرة القدم المعتزل يجمع ما حصد، ثم يقوم بشراء حانة تفتح أبوابها لعشاق الكرة لمتابعة المباريات وتكون باب رزق له.
كان أندي كول مثالياً.. أكثر من اللازم ربما، لكن هذه المثالية حلّت محلها خيبة الأمل والكثير من الغضب بعد مضي 30 عاماً.
حسب كول نفسه، يشعر جميع اللاعبين الذين يعرفهم بأنهم قد تعرضوا للنهب والنصب خلال مسيرتهم، فلقد تلقوا استشارات مالية سيئة، ومدمرة في بعض الأوقات، لقد تم تضليلهم واستغلالهم. لكنهم أيضاً مسؤولون، فلقد وثقوا في الأشخاص الخطأ، ولم يدركوا أن من وثقوا بهم يستغلونهم مالياً.
ويُعَدُّ كول- والعديد من لاعبي الكرة الآخرين- ضحايا لفضائح، أو إن شئت سمِّها جرائم مالية مجهولة في عالم كرة القدم. عمليات النصب والاحتيال تلك أسهمت في ارتفاع معدلات الطلاق، والاكتئاب، وإفلاس لاعبي كرة القدم، وعلى رأسهم نجوم الجيل الأول من الدوري الإنجليزي الممتاز.
في انتظار حكم الإعدام
فجّر نجم أندية الدوري الإنجليزي الممتاز السابق، المهاجم كريغ بيلامي، قنبلة في وسائل الإعلام بإعلان إفلاسه الرسمي بعد أن خسر كل أمواله وممتلكاته التي جناها من لعب كرة القدم.
بيلامي، صاحب المسيرة الكروية الناجحة، لعب 538 مباراة، وسجل 167 هدفاً وصنع 82، بألوان أندية عريقة: ليفربول ومانشستر سيتي ونيوكاسل يونايتد وغيرها من أندية البريميرليغ.
يعمل بيلامي حالياً مساعداً للبلجيكي فينسنت كومباني، مدرب نادي بيرنلي الذي استطاع العودة للدوري الممتاز، بعد موسم قضاه في دوري الدرجة الأولى "الشامبيونشيب".
بيلامي لا يقامر ولا يشرب الكحول، لكنه قامر بثقته على أشخاص وثق بهم، وخسر كل شيء.
ما أسباب إفلاس كريغ بيلامي؟
أوضح المدرب الصاعد الأسباب التي أدت إلى إعلان إفلاسه المالي قائلاً "أريد تحذير اللاعبين الآخرين، دققوا في كل شيء، وتأكدوا من قانونية عمل مستشاريكم، وعيّنوا جهة مستقلة للضرائب".
وأضاف: "أنا من جيل كان يعتمد على ناديه لفعل كل شيء، وأعتقد أن هذا ليس سليماً، لأنه يجعلك هشاً، ولا تعرف شيئاً، وعندما تعتزل تكتشف الواقع الحقيقي، ويجب عليك التعلم لتنجو في الحياة".
عندما بدأ بيلامي لعب الكرة صبياً في نورويتش، كان المال أكبر مخاوفه، كان حذراً منه دوماً. لم يرد أن ينتهي به الحال بكثير من الأموال دون مسيرة كروية مرموقة، كان مستعداً للتخلي عن جني الثروة مقابل المحافظة على مسيرته، كان ينظر دائماً إلى المال على أنه الشيطان، يُشتت أفكاره، يسلُبه الرغبة في الوصول إلى القمة.
عشت السنوات الخمس الأخيرة بشعور من ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، أنتظر فقط من يأتي ويضعني في الزنزانة.
يروي بيلامي أنه كان يشعر بالذنب عندما كان يتصل به أحدهم لطلب مساعدة مالية ويرفض، لأن اليوم هو من يتصل طلباً للمساعدة، لكن ما يحزّ في نفس بيلامي كثيراً هو صديقه الذي كان يقيم معه، وساعده كي يقف على قدميه ثم نهب ماله.
يبدو من المنطقي أن يسلم لاعب الكرة الملف المالي لشخص يثق به، كي يركز على الكرة، لكن هذا لم ينجح مع بيلامي، إذ أعلنت المحكمة إفلاسه مؤخراً وأصبح من دون منزل ولا سيارة ويقيم حالياً في شقة شمال مدينة مانشستر، أجرها له نادي بيرنلي. ويقول بيلامي عن وضعه: "عشت السنوات الخمس الأخيرة بشعور من ينتظر تنفيذ حكم الإعدام، أنتظر فقط من يأتي ويضعني في الزنزانة، إنه شعور من لا يتطلع لشيء في حياته، أنا ممنوع من طلب رهن لشراء منزل أو سيارة. هناك أشخاص يظنون أنني أسرفت في إنفاق المال، لكنني نفذت نصائح استثمارية لم تكن في محلها".
وفتحت الشرطة تحقيقاً مع مستشار سابق لبيلامي، بتهمة تزوير توقيعات وبيع عقارات من دون التسديد للضريبة، لكن بعد 3 سنوات لم تتحول التهم للمحكمة، لأنها "ليست قضية عامة تعود بالنفع على المجتمع".
قصة بيلامي قصة طفل من حي فقير في كارديف، غادر منزله بسن الـ15، وفجأة وجد نفسه يكسب الكثير من المال، تحير وارتبك وسلم إدارة أمواله لآخرين، حتى إنه لم يكن يعرف كم في حسابه البنكي، ولم يشأ أصلاً أن يعرف، كان مشروع استغلال واضح للمتصيدين بسذاجته؛ بل بحمقه على حد ما يصف نفسه.
يواجه 40% من لاعبي كرة القدم شبح الإفلاس
تحدَّث موقع The Athletic لـ20 شخصاً، بينهم عدد من لاعبي كرة القدم، الذين طلب بعضهم عدم الكشف عن هويته للحفاظ على علاقاته. وناقش معهم الموقع الأمريكي الانهيار المالي الذي أثر على الموجة الأولى من نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز، الذين بلغوا ذروة مسيرتهم الكروية في منتصف التسعينيات.
بينما أعلنت مجموعة برلمانية من جميع الأحزاب تدشين مبادرة لمكافحة عمليات النصب على اللاعبين، لأن "الاحتيال الاستثماري في كرة القدم الاحترافية قد بلغ مستويات غير مسبوقة". وستنشر المجموعة تقريراً يسرد القضايا والتوصيات الرئيسية لصناعة كرة القدم قريباً.
وشرح ذلك الأمر نجم أستون فيلا ومنتخب أيرلندا السابق غاريث فاريلي، الذي يعمل محامياً اليوم، قائلاً: "تظهر الكثير من العوامل المحفزة على الاحتيال عندما يبدأ اللاعبون التفكير في الاعتزال. إذ بيعت لهم استثمارات لا تناسب مسيرتهم القصيرة كلاعبي كرة قدم محترفين".
وصف فاريلي هؤلاء اللاعبين بأنهم كانوا ضحايا عمليات نصب مفترسة، خطط لها وطبقها خبراء مرخصون في مجال التخطيط المالي وإدارة الاستثمار.
يشخص فاريلي المسألة بوضوح، فيقول: "نحن أمام فضيحة في الصناعة (يقصد كرة القدم) شهدت تعاقد بعض اللاعبين مع خبراء في إدارة الاستثمار بسبب اللاعبين الموجودين على قائمة عملائهم بالفعل. الأمر يشبه ما فعله ذئب وول ستريت، وقد حدث كل هذا أثناء تركيز اللاعبين على ما يفعلونه داخل أرضية الملعب، ومحاولتهم تقديم أفضل ما لديهم كلاعبي كرة قدم. وبعكس الاعتقاد السائد عن لاعبي كرة القدم، فقد كانوا يحترمون الأموال التي يجنونها. وكانوا يدركون أن مسيرتهم الكروية قصيرة، لهذا ائتمنوا المستشارين الماليين المرخصين على أموالهم".
يؤمن فاريلي بأن الأمر أكبر من مجرد حوادث فردية، بل ظاهرة أثرت على مئات اللاعبين، حيث قال في تصريحات إعلامية: "نحن نتحدث هنا عن خسائر وديون بقيمة مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية. ومن المستبعد للغاية أن تتمكن (كلاعب كرة القدم) من بلوغ المستوى نفسه من الدخل مرةً أخرى بعد اعتزال كرة القدم".
رغم ظهور تفاصيل الكثير من عمليات الاحتيال على السطح، ما زال الاستغلال المالي مستمراً. في الواقع، يعيش حيتان هذا المجال مرحلة ازدهار بسبب ارتفاع عائدات كرة القدم، ويستطيع هؤلاء الاستمرار في التعاقد مع عملائهم المستقبليين، بناءً على علاقاتهم القائمة مع الشخصيات البارزة حالياً، ولا تدرك تلك الشخصيات البارزة أنها ستُترَك بلا حول أو قوة على الأرجح، وبخيارات تقاضٍ محدودة، بينما سيواصل مستشاروهم جني الأرباح باستمرار تحت كيانٍ مختلف، ولم تختفِ هذه المشكلة لأن أحداً لم يتطرق إليها من قبل مطلقاً.
حسب فاريلي فإن الإحصاءات صادمة في هذا الصدد، إذ يواجه 40% من لاعبي كرة القدم شبح الإفلاس في غضون خمس سنوات من تقاعدهم، بينما يمر 30% بتجربة الطلاق في غضون 12 شهراً من التقاعد. فيما يتعرض 33% لمشكلات تتعلق بالصحة العقلية، ويُمكن للصعوبات المالية أن تُحفز وتُسرّع وتيرة تلك المشكلات.
الأرواح المحطمة
تحدث رئيس سابق لأحد أندية الدوري الممتاز عن الوضع المالي للاعبي كرة القدم في الأيام الأولى من الدوري الإنجليزي الممتاز.
وأوضح الرئيس السابق: "جاءت الأموال الطائلة مع العَقد الثاني لشبكة Sky البريطانية في عام 1996 تقريباً، ولم يكن بعض الوكلاء جيدين، كما كانت لدي قائمتي السوداء الصغيرة التي تُميّز الصالح عن الطالح. بينما كان لدينا لاعب يستمر في التنقل بين الأندية لمجرد أن الوكلاء يريدون التربح على حسابه".
وتتبع طريقة العمل هنا مساراً متشابهاً، حيث يميل الوكلاء السيئون إلى تملُّق اللاعب أو أسرته في سنٍّ صغيرة. ويلعب هؤلاء دور الملاك الحارس الذي يتردد في فتح أبوابه والسماح لأحد بالوصول للاعب، وقد لا يرغب هؤلاء في أن يدقق شخص ما في الشؤون المالية الخاصة بهم أو بلاعبيهم. ما يعني عدم تنبه اللاعبين للمشكلات المحتملة بواسطة مدققين مستقلين، ولا يُدرك اللاعب ما حدث إلّا بعد فوات الأوان في المعتاد.
على سبيل المثال، كان مايكل أبلتون لاعباً في مانشستر يونايتد، وشغل منصب المدير الفني لعدة أندية في دوري كرة القدم الإنجليزي، لم يكن أبلتون طائشاً ينفق أمواله على ملذاته، على العكس من ذلك، كان ذكياً متروياً في اتخاذ قراراته، لكن ذلك لم يمنع وقوعه في شرك عمليات الاحتيال، وهذا هو المرعب في الأمر. يقول: "المُرعب في الأمر هو أنني لم أرَ نفسي كشخصٍ خارق الذكاء، لكنني كنت أمتلك عقلاً راجحاً يُتيح لي اتخاذ قرارات منطقية. ورغم ذلك كنت أحمقَ بما يكفي لكتابة شيكات ضخمة دون نقاش، لمجرد أنني تلقيت نصيحةً بفعل ذلك من مستشارٍ مالي، لقد وثقت به، لكن المرء لا يتعلّم الدرس إلا بعد الوقوع في المحظور.
استثمر أبلتون التعويض الذي حصل عليه بعد النهاية المبكرة لمسيرته الكروية، في أعقاب خضوعه لجراحة نتيجة إصابةٍ خطيرة في الركبة، في مجال العقارات خارج المملكة المتحدة.
لُدِغ أبلتون من العقارات الخارجية قبل الأزمة المالية عام 2008 مباشرة، كان يشتري عقارات غير مكتملة البناء، وكان الرجل الذي وثق به يقوم بتوزيع مواقع تلك العقارات، حيث امتلك عقارين في إسبانيا، واثنين في جمهورية الدومينيكان، وآخر في البرتغال، لكن المشكلة تكمن في أنه فعل ذلك من خلال شركةٍ واحدة. مع الأزمة المالية العالمية عام 2008، انهارت تلك الشركة، ووُضِعَت تحت الحراسة القضائية. بينما كان أبلتون أمام مقرها في آخر طابور الدائنين، وبعدما كان من المستثمرين أصحاب الأصول، أصبح عارياً في وجه الأيام. بالكاد يمتلك الصفر، واضطر للبدء من جديد.
زاد الطين بلة، ما أوصى به مستشار ماليٌّ آخر أبلتون بالتخلي عن الشيء الوحيد الذي كان من المحتمل أن يوفر له بعض الأمان، ألا وهو المعاش التقاعدي الذي كان يتقاضاه من رابطة اللاعبين المحترفين.
وشرح أبلتون تلك الواقعة قائلاً: "لقد أوصاني بنقل معاشي من رابطة اللاعبين المحترفين إلى عقارٍ تجاري. ووثقت أنا فيما اعتبرتها مشورةً منطقية من خبير، فانتهى بي المطاف إلى خسارة معاشي من رابطة اللاعبين المحترفين".
وكان أبلتون قد لجأ إلى هؤلاء المستشارين بناءً على توصيات داخل غرف تبديل الملابس الأندية التي عمل معها.
بينما كانت العواقب وخيمةً على العديد من لاعبي كرة القدم الذين استثمروا بصورةٍ سيئة، ولهذا كان رد فعل فاريلي هو امتهان المحاماة "من أجل محاولة فهم ما حدث لي، لقد تلقيت مشورة مالية سيئة عندما كنت ألعب الكرة، ولا أزال أتعامل مع عواقبها حتى يومنا هذا".
حيث قال لاعب سابق في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد أن استثمر في عقارٍ بولاية فلوريدا: "لا أشعر أنني تلقيت مشورةً مالية، بل أشعر أنني تعرضت للاستغلال المالي، أو تم إعدادي ثم استغلالي بعبارةٍ أخرى. تلقّى بعضنا مشورةً بشراء العقارات خارج البلاد، وعرض عليهم الخبراء صوراً لمواقع في فلوريدا تتمتع بمساحةٍ خاصة للقوارب أمامها، لكن العقارات النهائية لم تكن قريبةً للماء من الأساس".
وأردف اللاعب: "لم يصلهم أي اعتذار، فلا شرف للصوص، وهناك أشخاص أعرفهم اضطروا للتعامل مع فقاعة مزدوجة من العمولات والرسوم الخفية في كل مكان".
كما زلّت أقدام المدافع التاريخي لمانشستر يونايتد غاري نيفيل، المعروف بحيطته الفطرية أيضاً، إذ قال: "تلقيت بعض النصائح السيئة، وخسرت المال في بعض استثماراتي، حيث جنيت المال من عقار في دبي، بينما خسرت المال بسبب عقارٍ في المغرب".
من ناحيته، يقول مهاجم شيفيلد يونايتد وليدز يونايتد السابق، برايان دين، إن البعض يستغلون فترة الازدهار القصيرة المتاحة للاعب كرة القدم المحترف.
وقال دين: "كان الناس يستغلون ذلك الأمر، أتذكر أنني كنت أتسلّم استمارات في يوم الجمعة، مع طلبٍ بتوقيعها في أسرع وقتٍ ممكن، من أجل تسليمها في يوم الإثنين. أي أنك تتسلم الاستمارات في طردٍ خاص صباح السبت، في الوقت الذي يُفترض بك التركيز على المباراة خلاله، ولن يكون لديك الوقت لقراءة الاستمارات، بينما ستتعرض للضغط من أجل التوقيع عليها".
ويشارك دين في التحقيق البرلماني من أجل مساعدة غيره من اللاعبين.
إذ يقول: "أنا مسؤول أمام اللاعبين المحطمين الذين أعرفهم، والذين يعانون فعلياً بسبب هذه المشكلة، لقد فقدوا منازلهم وانهارت زيجاتهم، لمجرد أنهم وثقوا في الأشخاص الخطأ، ونتحدث في المعتاد عن أشخاص كان صيتهم ذائعاً للغاية آنذاك، ويُعدُّون من المستشارين الماليين المرخصين".
وتابع قائلاً: "أعرف شخصياً عدداً من اللاعبين الذين فكروا في الانتحار بسبب هذه المشكلة، ولا أريد رؤية التاريخ يكرر نفسه، أو رؤية المزيد من الأرواح المحطمة".
لا شك أن واحدةً من المشكلات الكبرى كانت تتمثل في الاستهداف واسع النطاق للاعبين داخل غرف تبديل الملابس، وذلك من أجل الاستثمار في مخططات إنتاج الأفلام أواخر العقد الأول من القرن الجاري، حيث إن الاستثمار في برنامج شراكات الأفلام الحكومي، منذ أواخر التسعينيات وحتى أواخر العقد الأول من القرن الجاري، نجح في جذب الكثير من أصحاب الدخل المرتفع حتى خارج عالم كرة القدم.
وروّج المستشارون المرخصون بشكلٍ نشط لهذا البرنامج، الذي كان مصمماً لتقديم إعفاءات ضريبية للمستثمرين بهدف زيادة الاستثمارات في صناعة الأفلام والتلفزيون. لكن المؤسف هو أن التداعيات غير المقصودة لهذه المخططات كانت ارتفاع معدل ممارسات البيع السيئة والاحتيال على المستثمرين.
حيث قال بين ريس، المخطط المالي المعتمد ومحامي الاحتيال الاستثماري في مكتب Keller Postman Solicitors، إنه شهد "ممارسات سيئة ممنهجة عند بيع" مخططات الأفلام للاعبي كرة القدم. وأسفر هذا الأمر عن "مشكلات خطيرة تهدد الحياة".
وأردف ريس: "يخسر هؤلاء العملاء منازلهم وزيجاتهم، ويواجهون العوز، ويحاولون الانتحار، ويتم نقلهم إلى المستشفى في بعض الحالات، ولا بد من فتح تحقيق في هذا الأمر، وتقديم الدعم المناسب لأولئك اللاعبين قبل أن نشهد سلسلةً من المآسي".
وتابع ريس قائلاً: "كانت تلك المخططات مصنفةً كمنتج مالي يجب ألا يُباع سوى للمستثمرين المخضرمين ضمن عمليةٍ منظمة للغاية، لكن تلك المخططات بيعت للاعبي كرة القدم الذين لم يكونوا مجهزين لفهم مخاطرها، أو التعامل مع الأذيال الطويلة لتلك المخططات بمجرد تقاعدهم في سنٍّ مبكرة نسبياً".
ثم أضاف ريس: "وما زاد الطين بلة هو أن بعض العملاء الذين دُفِعوا بالاحتيال لدخول تلك المخططات كانت تصلهم خصومات ضريبية بفضل استثماراتهم، لكن تلك الخصومات تم استثمارها في استثمارات لاحقة تشوبها شائبة الاحتيال والإجرام أيضاً. ونتيجةً لذلك، لم يحصل العديد من عملائي على أي عائد ضريبي ملموس من تلك المخططات، وخسروا الكثير من المال في تلك الاستثمارات اللاحقة الاحتيالية. بينما يجدون أنفسهم اليوم ملاحقين من قبل هيئة الإيرادات والجمارك البريطانية، لسداد أموال طائلةٍ لم يستمتعوا بها من الأساس".
فيما يقول أليكس سوبيل، عضو المجموعة البرلمانية من جميع الأحزاب: "يتلقى من خَدعوا النظام وتعمّدوا التهرب من الضرائب المعاملة نفسها التي يتلقاها المستثمرون الأبرياء، الذين تم الاحتيال عليهم وسرقة خصوماتهم الضريبية أو تزوير توقيعاتهم على سبيل المثال. ونتيجة ذلك هي دمار شامل وحقل ألغام قانوني".
– أجزاء من هذا الموضوع مُترجمة عن موقع The Athletic الأمريكي.