لا يزال الاستقطاب السعودي لنجوم الكرة العالمية يثير الاهتمام وعلامات الاستفهام والعديد من التساؤلات، حول التوجه الجديد الذي تم تدشينه بداية السنة الجارية بانتداب رونالدو من طرف النصر، وصولاً إلى توقيع بنزيمة وكانتي للاتحاد، وروبين نيفيز وكوليبالي للهلال، في انتظار صفقات أخرى مرتقبة خلال الأيام المقبلة، تحمل أسماء أخرى لامعة، على غرار المغربي حكيم زياش، والكوري الجنوبي هيونغ مين سون، والبرتغالي برناردو سيلفا، ما أثار ردود فعل متباينة في الأوساط الكروية العالمية حول تفاصيل الصفقات، ومَن وراءها والغاية منها، ومدى تأثيرها على الكرة السعودية وسوق الانتقالات في العالم، وإلى أين يريد أن يصل السعوديون بتوجههم الذي أزعج بعض الأوساط الإعلامية والفنية بأوروبا بهذا الخصوص، فراحت تعبر عن سخطها وغضبها من خلال أصوات لم نسمع لها همساً عندما كانت أمريكا والصين تنتهج الاستراتيجية نفسها.
النصر السعودي كان أول المستفيدين من خدمات نجم كبير هو كريستيانو رونالدو، الذي فتح الباب لنجوم آخرين صغار وكبار، كاد يكون من بينهم ليونيل ميسي، الذي فضلت عائلته الحياة في أمريكا على كل العروض المالية السعودية، بينما كانت الحياة في جدة قريباً من مكة والعروض المالية الكبيرة عاملاً مهماً في الخيار الذي قام به الثنائي المسلم كريم بنزيمة ونقولو كانتي، اللذان التحقا بالاتحاد، في حين كان مدافع تشيلسي السنغالي كوليبالي، والدولي البرتغالي روبن نيفيز من نصيب الهلال قادماً من ولفرهامبتون الإنجليزي، في وقت يقترب حارس تشيلسي، السنغالي إدوارد مندي، والبرازيلي روبيرتو فيرمينو من نادي الأهلي، وينتظر أن تلتحق أسماء أخرى بأندية سعودية أخرى سيكون لها نصيب على غرار الشباب والاتفاق، لضمان تكافؤ الفرص بينها والارتقاء بالدوري إلى مستوى تنافسي أكبر.
تمويل الصفقات المدوية يتم بصورة مباشرة من برنامج الاستقطاب، الذي تقوده رابطة الدوري السعودي للمحترفين، بعد مفاوضات تتم بالتنسيق بين الرابطة والرؤساء التنفيذيين لأندية النصر والهلال والاتحاد والأهلي كمرحلة أولى، ضمن مخطط يهدف إلى جعل الدوري السعودي أحد أقوى وأكبر الدوريات في العالم والأكثر جذباً لهواة الكرة والمستثمرين، وللشباب السعودي الممارس والمشجع على حد سواء، ما أدخل الرعب في أوساط كروية أوروبية ترى في المشروع السعودي خطراً على الدوريات الخمسة الكبرى، على رأسها رئيس الاتحاد الأوروبي ألكسندر تسيفرين، الذي اعتبر استراتيجية السعوديين خاطئة، إذ "كان عليهم الاستثمار في الأكاديميات والمدربين وتطوير اللاعبين المحليين" كما أن شراء اللاعبين الذين اقتربوا من نهاية مسيرتهم الكروية ليس هو النظام الذي يطور كرة القدم في السعودية، على حد تعبيره.
جيمي كاراغر، اللاعب السابق لنادي ليفربول ومحلل قناة سكاي سبورتس، وصف الصفقات السعودية بالنزيف، وذهب إلى حد اتهام أصحابها بممارسة غسيل الأموال، في حين طالب نجم مانشستر يونايتد السابق غاري نيفيل بإيقاف عملية انتقال اللاعبين الى الأندية السعودية، بينما عبرت شبكة بي بي سي البريطانية في تقاريرها عن قلقها على مصير الدوريات الأوروبية، ودوري الأبطال، وسوق الانتقالات الذي سيشهد تضخماً في أسعار اللاعبين ورواتبهم، بدخول طرف جديد، وهي أوصاف ومطالبات غريبة، ونوايا ومشاعر حاقدة، لم نشهد لها مثيل من قبل، يريد أصحابها أن يقتصر تطور اللعبة والاستثمار فيها على الأوروبيين دون غيرهم، وتبقى الفرجة حكراً على المسابقات الأوروبية دون غيرها.
أوساط فنية وإدارية سعودية عبرت من جهتها عن دعمها للتوجه السعودي، وصدمتها من ردود الفعل الأوروبية المبالغ فيها، والتي التزمت الصمت عندما كانت أمريكا والصين، وبدرجة أقل روسيا تستقطب النجوم بأموال طائلة، دون أن يكون لها دوري قوي وأندية عريقة تملك قاعدة جماهيرية واسعة كتلك التي تتميز بها الكرة والأندية السعودية، كما أن صندوق الاستثمار السعودي أثبت نجاعته خارج السعودية بنجاحه في إعادة الاعتبار لنادي نيوكاسل، الذي عاد بفضل الاستثمارات السعودية إلى مصافّ الكبار في ظرف وجيز، فبلغ نهائي كأس الرابطة الإنجليزية، وتأهل إلى مسابقة دوري الأبطال الأوروبية على حساب تشيلسي وتوتنهام وليفربول.
طموحات السعوديين لن تتوقف عند الاستقطاب الذي سيستمر دون شك، ليبلغ أوجه خلال الميركاتو الصيفي الجاري، وسيصل دون شك إلى درجة الاستثمار في الأكاديميات المحلية والمواهب السعودية ضمن رؤية طويلة المدى، أما عويل الأوروبيين فلن يتوقف عند الانتقاد والتنديد، بل يتعداه إلى محاولة منع ما يصفونه بالنزيف، ويعتبرونه غسيل أموال واختطافاً لنجوم الكرة، وتحويل وجهة المتعة إلى الشرق بعد أن كانت حكراً على الغرب، وذلك من خلال محاولات الضغط على الاتحاد الأوروبي والاتحاد الدولي لكرة القدم، لسَن قوانين جديدة تحت مسميات وعناوين يتم ابتكارها خصيصاً وعلى المقاس…".
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: [email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.